• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة بعدما حجوا وضحوا
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    فاحشة قوم لوط عليه السلام (6) التحول الجنسي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حديث: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الصلاة على سجادة خوف العدوى من الإنفلونزا
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    {فأسرها يوسف في نفسه...} {نفقد صواع الملك}.. ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    الطلاق.. والتلاعب فيه.. وخطره
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

أخبار الكهان والمنجمين إشكالات وأجوبتها

أخبار الكهان والمنجمين إشكالات وأجوبتها
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2020 ميلادي - 10/5/1442 هجري

الزيارات: 16513

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخبار الكهان والمنجمين

إشكالات وأجوبتها

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَخْلِصُوا لَهُ فِي أَعْمَالِكُمْ؛ فَإِنَّ أَرْزَاقَ الْبَشَرِ وَآجَالَهُمْ بِيَدِهِ، وَإِنَّ شَقَاءَهُمْ وَسَعَادَتَهُمْ بِقَدَرِهِ؛ فَمَنْ لَقِيَهُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ سَعِدَ أَبَدًا، وَمَنْ لَقِيَهُ بِالْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ شَقِيَ أَبَدًا ﴿ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 81- 82].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: عِلْمُ الْغَيْبِ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ مُتَضَافِرَةٌ، وَاخْتِصَاصُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ عَقِيدَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ؛ لِمَا يَقْرَؤُهُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ؛ نَحْوَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 59]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ ﴾ [يُونُسَ: 20]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [النَّمْلِ: 65].

 

وَأَقْرَبُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ؛ فَالْمَلَائِكَةُ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ: ﴿ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 31- 32] وَلَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ لَأَجَابُوا لَمَّا سُئِلُوا.

 

وَأَمَّا الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَيَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ عَلَى يُوسُفَ لَا يَعْلَمُ مَا خَبَرُهُ، وَهُوَ ثَمَرَةُ فُؤَادِهِ. وَلَمَّا جَاءَ الْمَلَائِكَةُ لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ذَبَحَ لَهُمُ الْعِجْلَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ لَا يَأْكُلُونَ، وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿ سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾ [هُودٍ: 77]، فَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ حَتَّى أَخْبَرُوهُ وَقَالُوا: ﴿ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ﴾ [هُودٍ: 81].

 

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ الرُّسُلِ قِيلَ لَهُ: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 188].

 

فَهَذَا أَصْلٌ مَتِينٌ عَظِيمٌ فِي مُعْتَقَدِ الْمُؤْمِنِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مُسْتَقِرًّا مَكِينًا، لَا تُزَحْزِحُهُ الشُّبُهَاتُ، وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا التَّخَرُّصَاتُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ لِعِبَادِهِ، وَقَالَهُ مَلَائِكَتُهُ وَرُسُلُهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَكَيْفَ تُزَعْزِعُهُ أَكَاذِيبُ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ وَتَخَرُّصَاتُهُمْ؟!!

 

وَقَدِ ابْتُلِيَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي عَصْرِنَا هَذَا بِالْجَهْلِ وَتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ، فَمَا يُسْتَضَافُ عَرَّافٌ أَوْ كَاهِنٌ فِي وَسِيلَةٍ إِعْلَامِيَّةٍ إِلَّا تَهَافَتَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ فِي خَاصَّةِ أَنْفُسِهِمْ، وَيَعْجَبُونَ مَنْ تَنَاوُلِهِ لِلشُّئُونِ الْعَامَّةِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ وُقُوعِهَا، فَتَقَعُ كَمَا أَخْبَرَ عَنْهَا حَسَبَ رَأْيِهِمْ، وَيَتَنَازَعُ قَلْبَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَا يَرَى مِنْ حَذَاقَةِ الْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ، وَمَا اسْتَقَرَّ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ جَهْلِهِ بِكَيْفِيَّةِ وُصُولِ الْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ إِلَى ذَلِكُمُ الْخَبَرِ الَّذِي خَفِيَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى وَقَعَ فَصَدَّقُوهُ.

 

وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ يُخْبِرُونَ الْمَرْءَ عَنْ أُمُورٍ حَدَثَتْ لَهُ فِي الْمَاضِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ؛ لِيَصْطَادُوهُ بِهَا، ثُمَّ يُخْبِرُونَهُ عَمَّا يَنْتَظِرُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِكَلَامٍ فَضْفَاضٍ عَامٍّ يَصْلُحُ أَنْ يَقَعَ لِأَيِّ إِنْسَانٍ، وَرُبَّمَا كَذَبُوا عَلَيْهِ بِبَعْضِ التَّفْصِيلَاتِ؛ لِيُدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَيْهِ؛ وَلِيُكَثِّرُوا زَبَائِنَهُمْ وَالْمُتَّصِلِينَ بِهِمْ. وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَاضِي لَيْسَ غَيْبًا مَحْضًا، بَلْ هُوَ غَيْبٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْبَشَرِ، لَكِنْ يَعْلَمُهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ وَقَعَ، وَمِمَّنْ يَعْلَمُهُ قَرِينُ الْإِنْسَانِ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَمَا مِنْ إِنْسَانٍ إِلَّا لَهُ قَرِينٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَقَرِينُ الْعَبْدِ يُخْبِرُ الشَّيْطَانَ الَّذِي يَتَعَامَلُ مَعَهُ الْكَاهِنُ أَوِ الْعَرَّافُ بِبَعْضِ مَاضِيهِ لِيَصْطَادَهُ بِهِ، وَيَظُنَّ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْمُسْتَقْبَلَ بِعِلْمِهِ لِلْمَاضِي فَيُصَدِّقُهُ وَهُوَ كَذَّابٌ.

 

وَأَمَّا الْإِخْبَارُ عَنِ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَأَخْبَارِ السَّاسَةِ وَالدُّوَلِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ الَّتِي فُتِنَ النَّاسُ بِبَعْضِ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ فِيهَا؛ كَالْإِخْبَارِ عَنْ كُبَرَاءَ يُعْزَلُونَ، أَوْ حُرُوبٍ تَقَعُ، أَوْ أَوْبِئَةٍ تَتَفَشَّى، أَوِ اقْتِصَادٍ يَكْسُدُ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ غَيْبًا مَحْضًا، وَعِلْمُهُمْ بِهِ يَكُونُ بِطَرِيقَيْنِ:

الطَّرِيقُ الْأُولَى: تَوَقُّعٌ يَتَوَقَّعُونَهُ بِحَسْبِ مَا يَصِلُهُمْ مِنْ أَخْبَارِ قُرَنَاءِ السَّاسَةِ وَأَعْوَانِهِمْ، مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَى عَامَّةِ النَّاسِ، وَلَوْ وَصَلَ إِلَى عَامَّةِ النَّاسِ لَتَوَقَّعُوهُ كَمَا يَتَوَقَّعُهُ الْكَاهِنُ وَالْعَرَّافُ، وَقَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ اسْتِشْرَافًا لِلْمُسْتَقْبَلِ بِمَعْلُومَاتِ الْحَاضِرِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُحَلِّلُونَ لِلْأَخْبَارِ مِنْ تَوَقُّعَاتٍ بِحَسْبِ مَا لَدَيْهِمْ مِنْ مَعْلُومَاتٍ.

 

وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى: أَنَّهُ عَنْ طَرِيقِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ؛ فَإِنَّ شَيَاطِينَ الْجِنِّ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ، وَتَلْتَقِطُ الْكَلِمَةَ مِنْ مَقَادِيرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تُلْقَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالْقَدَرِ، ثُمَّ يُوحِي الشَّيْطَانُ بِالْكَلِمَةِ إِلَى الْكَاهِنِ أَوِ الْعَرَّافِ، فَيُرَدِّدُهَا عَلَى مَسَامِعِ النَّاسِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ يَتَنَبَّأُ بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَعَلَّامَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْخَبَرِ الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَتَهُ مُفَصَّلًا، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِكَلِمَةٍ مِنْهُ أَوِ اسْمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ فَيَقُولُ: يُعْزَلُ مَسْئُولٌ كَبِيرٌ، وَلَا يُسَمِّيهِ، فَإِذَا سَمَّاهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْدُثُ لَهُ بَلْ يَقُولُ: يَتَرَدَّدُ اسْمُ فُلَانٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِنِّيَّ حِينَ اسْتَرَقَ السَّمْعَ لَمْ يَخْتَطِفْ إِلَّا كَلِمَةً أَوْ جُمْلَةً، وَلَمْ يَخْتَطِفِ الْخَبَرَ كَامِلًا، ثُمَّ يَأْتِي الْكَاهِنُ الَّذِي يَتَنَبَّأُ بِالْمُسْتَقْبَلِ، فَيَصِيغُ تَنَبُّؤَهُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَوِ الْجُمْلَةِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهَا عُمُومَاتٍ لَا تُفِيدُ شَيْئًا، وَالدَّلِيلُ أَنَّهُ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 221 - 223]، قَالَ الطَّبَرِيُّ: «يُلْقِي الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ، وَهُوَ مَا يَسْمَعُونَ مِمَّا اسْتَرْقُوا سَمْعَهُ مِنْ حِينَ حَدَثَ مِنَ السَّمَاءِ، إِلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ بَنِي آدَمَ»، وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الدَّجَّالِ ابْنِ صَيَّادٍ الْيَهُودِيِّ، حِينَ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ: اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. «أَيْ: لَا تُجَاوِزُ قَدْرَكَ وَقَدْرَ أَمْثَالِكَ مِنَ الْكُهَّانِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ مِنْ إِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ كَلِمَة وَاحِدَة مِنْ جُمْلَةٍ كَثِيرَةٍ، بِخِلَافِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ يُوحِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ مَا يُوحِي فَيَكُونُ وَاضِحًا كَامِلًا».

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَا يُلْقِيهِ مُسْتَرِقُ السَّمْعِ عَلَى الْكَاهِنِ أَوِ الْعَرَّافِ الَّذِي يَدَّعِي عِلْمَ الْغَيْبِ هُوَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ؛ وَلِذَا لَا يَكُونُ خَبَرًا كَامِلًا؛ كَإِخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَنِ الْغَيْبِ الَّذِي يُوحِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إِلَيْهِمْ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴾ [الْجِنِّ: 26- 27]. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ [الْأَنْعَامِ: 112]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 121]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «هُمَا وَحْيَانِ، وَحْيُ اللَّهِ، وَوَحْيُ الشَّيْطَانِ، فَوَحْيُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَحْيُ الشَّيْطَانِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾».

 

وَإِنَّ مِنَ الْخَطَرِ الْعَظِيمِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ، أَوْ يَسْتَمِعَ إِلَى أَحَادِيثِهِمْ عَمَّا يَدَّعُونَهُ مِنْ عِلْمِ الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ يُشَاهِدُ بَرَامِجَهُمْ فِي الْفَضَائِيَّاتِ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْقَلْبِ بِالشُّبْهَةِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْمَعُهُ فَيُصَدِّقُهُ فِيمَا يَقُولُ فَيَحْبَطُ عَمَلُهُ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ مُشَاهَدَةِ بَرَامِجِ التَّنَبُّؤَاتِ، الَّتِي يُسْتَضَافُ فِيهَا الْكُهَّانُ الدَّجَاجِلَةُ؛ حِمَايَةً لِلْقَلْبِ مِنَ الزَّيْغِ، وَحِفْظًا لِلتَّوْحِيدِ مِنْ نَقْضِهِ أَوْ نَقْصِهِ، وَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأُسْرَةِ أَنْ يَرُدَّ عَنْهَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ؛ حِمَايَةً لَهُمْ مِمَّا يَسْتَوْجِبُ الْعَذَابَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من الكهانة والكهان
  • الذهاب إلى السحرة والكهان
  • الفرق بين السحر والكهانة والتنجيم والعرافة وحكم كل منها
  • حكم الكهانة وإتيان الكهان
  • أكاذيب المنجمين ودجلهم

مختارات من الشبكة

  • الحسن البصري - أخباره وأشهر أقواله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أدب التثبت في الأخبار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • زعموا وسمعنا.. ونقل الأخبار..(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مخطوطة إخبار الأحياء بأخبار الإحياء(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب أخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي (ت 646هـ / 1248م)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • مخطوطة إخبار المستفيد بأخبار خالد بن الوليد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب أخبار البحتري لمحمد بن يحيى الصولي (ت 335هـ / 946م)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب لابن عذاري المراكشي(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • الإعجاز العلمي في القرآن بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الثامن: كن مبشرا وإياك والتعسير والتنفير(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب