• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قراءات اقتصادية (64) الاقتصاد المؤسسي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التقادم في القضايا المدنية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قصة التوكل والمتوكلين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة عن صدق الرعيل الأول

خطبة عن صدق الرعيل الأول
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/1/2018 ميلادي - 16/4/1439 هجري

الزيارات: 21878

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن صدق الرعيل الأول

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عبادَ اللهِ - فإنَّ التقوَى مِفتَاحُ السَّعَادَةِ والسُّرُورِ، ومَرْكِبُ النَّجَاةِ والْعُبُورِ، والتِّجَارةُ التي لَنْ تَبُورُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الزمر: 61].

 

أيها الإخوةُ: إنَّ الإِنْسانَ مَأْمُورٌ دَائِمًا وَأَبَدًا أَنْ يَسْعَى فِي تَرْبِيَةِ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَزْكُوَ بِهَا حَتَّى يَصِلَ إِلَى دَرَجَةٍ يُرْضِي فِيهَا رَبَّهُ؛ امْتِثَالاً لِقولِهِ جلَّ وعَلا ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10].

 

والْمُتَأَمِّلُ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى يَجِدُ أَنَّ الأَمرَ بِتَزْكِيَةِ النُّفُوسِ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ؛ فَقَدْ نَزَلَ عَلَى الْمُسْلِمينَ فِي مَكَّةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14]، ولِتَزْكِيَةِ النُّفوسِ أَرسلَ اللهُ الرُّسُلَ وأَنْزَلَ الْكُتُبَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

وَلَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ أَنْ يَصِلَ إِلَى هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ حَتَّى يَتَحَصَّنَ بِخُلُقٍ عَظِيمٍ أَلَا وَهُوَ الصِّدْقُ.. الصِّدْقُ ليسَ فقط فِي الْقَوْلِ - مع أن هَذَا نَوْعٌ مِنْ الصِّدْقِ مَطْلُوبٌ وَمَرْغُوبٌ - بل هُو أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ؛

إِذْ يَدْخُلُ الصِّدْقُ أَبْوَابًا عَظِيمَةً كَالنِّيَّةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْعَمَلِ، والاتباعِ وامتثالِ أَمرِ اللهِ ورسُولِهِ.

 

ونَحنُ اليومَ مَع صُوَرٍ مُشرِقَةٍ مِن حَيَاةِ الصَّحابَةِ في الصِّدقِ؛ فقدْ جَاءوا للهِ ولرسولِهِ صَادقينَ، لَمْ يَعرِفِ التَّاريخُ لِصِدقِهِم مَثيلاً، مُمْتَثِلِينَ في ذلكَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

فهَذا أَبُو بكرٍ الصديقُ رضي اللهُ عنه لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِيَ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ أَنْتَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ.

 

ثُمَّ قَالَ لَهُ: "أَسْلِمْ". فَأَسْلَمَ. رواه أَحمدُ. نعَم.. أتى بأَبيهِ مَع كِبَرِ سِنِّهِ؛ لأنَّ محبَّةَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وتعظِيمِهِ أَكبرُ مِن مَحبَّتِه وتعظِيمِهِ لأَبيهِ؛ وهذِه لا تَدلُّ على شَيء كَدَلالَتِهَا على صِدقِ المحَبَّةِ وقُوةِ الاتِّباعِ.

 

تَصدَّقَ أبو بكرٍ بمالِهِ كُلِّهِ صِدْقًا معَ اللهِ وصِدْقًا معَ رَسولِه صلى الله عليه وسلم، وتَوكلاً على الحيِّ الذي لا يَموتُ؛ يَقولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟"، قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ...

 

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا. رواهُ أبو داودَ.

 

بَل وَصَلَ مِن صِدْقِ حُبِّهِ أنَّه لمَا صَبَّ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّبَنَ في طَريقِ هِجرَتِهِ قالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، "فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ". ما هذه المحبَّةُ التي جَعلَتْهُ لا يَترُكُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ وقَد رَضِيَ وطَابتْ نَفسُه وتَيقَّنَ أنَّه ارْتَوَى.

 

وهذَا طَلْحَةُ بنُ عبيدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَدَقَ فِي طَاعَتِهِ واتِّباعِهِ ومحَبَّتِهِ للهِ وَرَسُولِهِ.. ولَقَدْ فَعَلَ مُوجِبَاتِ دُخُولِ الْجِنَانِ وَالْبُعْدِ عَنِ النِّيرَانِ؛ وَلِذَا بَشَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ وَهُوَ لَا يَزَالُ يَدُبُّ عَلَى الْأَرْضِ لصِدقِهِ معَ اللهِ ورَسولِهِ.

 

فعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دِرْعَانِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَأَقْعَدَ طَلْحَةَ تَحْتَهُ، فَصَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الصَّخْرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

ومِنَ الصِّدقِ معَ اللهِ ورسولِهِ في القولِ والفِعلِ: ما ذَكرَه ابنُ هِشَامٍ عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَمَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَكَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ الْيُمْنَى السُّفْلَى، وَجَرَحَ شَفَتَهُ السُّفْلَى، وَأَنَّ عَبْدَاللَّهِ ابْن شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ شَجَّهُ فِي جَبْهَتِهِ، وَأَنَّ ابْنَ قَمِئَةَ جَرَحَ وَجْنَتَهُ فَدَخَلَتْ حَلْقَتَانِ مِنْ حَلَقِ المِغْفَرِ فِي وَجْنَتِهِ، وَوَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُفْرَةٍ مِنْ الْحُفَرِ الَّتِي عَمِلَها أَبُو عَامِرٍ لِيَقَعَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، فَأَخَذَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَفَعَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ حَتَّى اسْتَوَى قَائِمًا، وَمَصَّ مَالِكُ بْنُ سِنَانٍ الْخُدْرِيُّ الدَّمَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ازْدَرَدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَسَّ دَمِي دَمَهُ لَمْ تُصِبْهُ النَّارُ"، وأمَّا أَبو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقدْ نَزَعَ إحْدَى الْحَلْقَتَيْنِ مِنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ، ثُمَّ نَزَعَ الْأُخْرَى، فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ الْأُخْرَى، فَكَانَ سَاقِطَ الثَّنِيَّتَيْنِ.

 

ومِن أَعظَمِ صُورِ الصِّدقِ مَا فَعلَهُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ فإنه لَمَّا كانَ يَومُ بَدرٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ"، قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟

 

قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟" قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا"، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلمٌ.

 

ولِئنْ كانَ هذا هو حَظُّ الرِّجالِ مِن الصِّدقِ، فإنَّ للنِّساءِ أيضًا صَفَحَاتٍ مُشرِقَةً وسُطُورًا مُشَرِّفَةً؛ فقدْ روَى ابنُ هِشَامٍ عنْ أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قالت: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ عُمَارَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ، فَقَالَتْ: خَرَجْتُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَأَنَا أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَمَعِي سِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ...

 

فَانْتَهَيْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، وَالدَّوْلَةُ لِلْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، انْحَزْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُمْتُ أُبَاشِرُ الْقِتَالَ وَأَذُبُّ عَنْهُ بِالسَّيْفِ وَأَرْمِي عَنِ الْقَوْسِ، حَتَّى خَلَصَتِ الْجِرَاحُ إلَيَّ، قَالَتْ: فَرَأَيْتُ عَلَى عَاتِقِهَا جُرْحًا أَجْوَفَ لَهُ غَوْرٌ، فَقُلْتُ: مَنْ أَصَابَكِ بِهَذَا؟ قَالَتْ: ابْنُ قَمِئَةَ، أَقْمَأَهُ اللَّهُ! لَمَّا وَلَّى النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ يَقُولُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَا نَجَوْتُ إنْ نَجَا، فَاعْتَرَضْتُ لَهُ أَنَا وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأُنَاسٌ مِمَّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَنِي هَذِهِ الضَّرْبَةَ وَلَقَدْ ضَرَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ضَرْبَاتٍ، وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ كَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ.

 

للهِ دَرُّهُمْ على هذا الصِدْقِ... هَذا هُوَ الصِدْقُ مَعَ اللهِ في النيةِ.. هَذا هُوَ الصِدْقُ معَ اللهِ في القَولِ.. هَذا هُوَ الصِدْقُ معَ اللهِ في العَمَلِ؛ صَدقُوا اللهَ فصدَقَهُم ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 23، 24].

 

نسألُ اللهَ أن يجعلَنَا مِن الصادقينَ في القولِ والعملِ.. والحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ الْحَسَنُ وَالثَّناءُ الْجَمِيلُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا... أمَّا بَعْدُ:

أيها المؤمنونَ: إنْ مِن أَعظمِ صُورِ الصِّدقِ: الصِّدقُ في المحبَّةِ، فعِندمَا يُحبُّ الإنسانُ رَبَّهُ ويُحبُّ نبِيَّهُ، تَجِدُهُ صَادِقًا معهُما في مَحبَّتِهِ، فَلا حَلالَ عِندَه إلاَّ مَا أَحلَّهُ اللهُ ورسولُهُ، ولا حَرامَ إلاَّ ما حَرَّمَهُ اللهُ ورسولُهُ، ولا مَحبوبَ لَديهِ إلاَّ مَن أَحبَّهُ اللهُ ورسولُهُ، ولا مَكروهَ إلا مَنْ كَرِهَهُ اللهُ ورسولُهُ..

 

فأينَ المسلمونَ مِن هَذِه المَواقفِ.. أينَ مَن يتُركونَ الصلاةَ عَن هذا الصِّدقِ؟

أين مَن ينامونَ عَن الفجرِ عَن هذا الصِّدقِ؟ أينَ مَن يشاهدونُ ويَسمعونَ الحرامَ ويتركونَ أَهلِيهمْ وبناتِهِم للشاشاتِ عن هذا الصِّدقِ؟! أينَ أَنتُم أيُّها الصادقونَ.. أَين أَنتُم يا مَن تُحبُّونَ اللهَ ورسُولَه..

 

إننَّا لا نُريدُ مِن أَنفسِنَا أَكثرَ مِن أنْ نَصدُقَ مَعَ اللهِ في أنفُسِنَا وأولادِنا ونسائِنَا ومَن نَعولُ، أنْ نَصدُقَ فيمَا أُمِرْنا بهِ، أنْ نَصدُقَ اللهَ فيما مَا حَرَّمَ علينَا، أنْ نَصدُقَ اللهَ وَنكونَ عِبادَ اللهِ الصَّالحينَ المُخبِتِينَ.

 

فاللهمَّ إنَّا نَسألُكَ صِدقًا لا يُخَالِطُهُ كَذِبٌ، ويَقِينًا لا يُخالِطُهُ شَكٌّ ولا رَيبٌ.

نَسْأَلُ اللهَ تعَالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا فِيهِ مَرْضَاتُهُ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ والسَّيْرِ علَى هَدْيِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.

اللهمَّ وَفِّقْ ولي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بناصيته لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.

اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي مَشَارِقِ الأَرضِ ومَغَارِبِهَا، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وأَنْتَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله نموذج من الرعيل الأول
  • نماذج من فاعلية الرعيل الأول

مختارات من الشبكة

  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة آفات على الطريق (2): الإسراف في حياتنا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 7:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب