• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة بعدما حجوا وضحوا
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    فاحشة قوم لوط عليه السلام (6) التحول الجنسي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حديث: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الصلاة على سجادة خوف العدوى من الإنفلونزا
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    {فأسرها يوسف في نفسه...} {نفقد صواع الملك}.. ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    الطلاق.. والتلاعب فيه.. وخطره
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

الصحابي عبد الله بن حرام

الصحابي عبد الله بن حرام
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/10/2017 ميلادي - 3/2/1439 هجري

الزيارات: 66441

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصحابي عبد الله بن حرام

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدينِ...أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقوا اللهَ - عبادَ اللهِ - وَقُومُوا حَقَّ الْقِيَامِ بَدينِ اللَّهِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوكَّلَ عَلَيهِ كَفَاهُ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ حَفِظَهُ مِنَ الشُّرُورِ وَحَمَاهُ، وَمَنْ أَخْلَصَ لَهُ بَلَّغَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ غَايَتَهُ ومُنْتَهَاهُ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ أَمْرِهِ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ إِذَا لَقِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].


أيُّهَا الإخوةُ الكِرامُ... لقدْ خَلقَ اللهُ للمعَالِي رِجالاً، فاخْتَارَهُمْ لِحَمْلِ دِينِهِ، وتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ، أَكْرَمَهُمُ اللهُ بأَنْ اسْتَعمَلَهُمْ في الْحَقِّ وللحَقِّ، ومَاتُوا مِنْ أَجْلِ ذَلكَ، أَكْرَمَهُمُ اللهُ في دُنْيَاهُمْ بأَنْ أَصْلَحَ لَهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ فَقَرَّتْ بِهِمْ أَعيُنُهُمْ، وأَكْرَمَهُمْ في الآخرةِ بِجنَّتِهِ ورِضَاهُ.

مِن هؤلاءِ الرِّجَالِ الذينَ حَمَلَوا هَمَّ الدِّينِ، ومَاتُوا في سَبِيلِهِ، صَّحَابِيٌّ جَلِيلٌ، هُوَ عَبْدُاللهِ بنُ عَمْرِو بنِ حَرَامِ بنِ ثَعْلَبَةَ الأَنْصَارِيُّ، والَدُ جَابِرِ بنِ عَبدِاللهِ، أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، شَهِدَ بَدْراً، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ.

يَقولُ ابنُهُ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "أَنَا، وَأَبِي، وَخَالِي، مِنْ أَصْحَابِ العَقَبَةِ" رواهُ البخاريُّ.


لَمْ يحفَظْ لنَا التَّارِيخُ كَثِيرًا مِن حَياةِ عبدِاللهِ، وإنَّمَا حَفِظَ لنا التاريخُ مَوَاقِفَ قَليلةً عن وَفَاتِهِ، مَواقِفَ قليلةً لكنَّهَا مُشَرِّفَةً، رُبَّمَا لا يَعرِفُ بعضُ شَبَابِنَا أنَّه صَحَابِيٌّ، ولاَ يَعرِفُ كَثيرٌ منَ النَّاسِ مَواقِفَهُ وحُبَّهُ للهِ ورَسولِهِ، ولا يَهُمُّه أنْ يَعرِفَ النَّاسُ عَنه، الْمُهِمُّ أَنَّ اللهَ اطَّلَعَ مِنهُ علَى خَيرٍ وصَلاحٍ.

كانَ لعبدِاللهِ بنِ حَرامٍ رضيَ اللهُ عنهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ هو جَابِرٌ رضيَ اللهُ عنهُ، ولَهُ تِسْعُ بَنَاتٍ، فَلمَّا حَضَرَتْ غَزوةُ أُحُدٍ؛ يَقولُ جَابِرٌ: قَالَ أَبِي: "أَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ فِي أَوَّلِ مَنْ يُصَابُ غَداً، فَأُوْصِيْكَ بِبَنَاتِي خَيْراً".


فَلَمَّا بَدَأتِ المعرَكَةُ والْتَحَمَ القِتَالُ كَانَ عَبدُاللهِ أَوَّلَ شَهِيدٍ؛

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: "قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُاللهِ أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ أَحْمَرَ، أَصْلَعَ، لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ، وَكَانَ عَمْرُو بنُ الْجَمُوحِ طَوِيْلاً، فَدُفِنَا مَعاً عِنْدَ السَّيْلِ، فَحَفَرَ السَّيْلُ عَنْهُمَا، وَعَلَيْهِمَا نَمِرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَ عَبْدَاللهِ جُرْحٌ فِي وَجْهِهِ، فَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَأُمِيْطَتْ يَدُهُ، فَانْبَعَثَ الدَّمُ، فَرُدَّتْ، فَسَكَنَ الدَّمُ. قَالَ جَابِرٌ: فَرَأَيْتُ أَبِي فِي حُفْرَتِهِ كَأَنَّهُ نَائِمٌ، وَمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ سِتٌّ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً، فُحُوِّلاَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَأُخْرِجُوا رِطَاباً يَتَثَنُّونَ"... نَعَمْ.. لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنهُ شَيءٌ بَعدَ أَكثرَ مِن أَربعِينَ سَنَةً؛ وصَدَقَ رَبُّ العَالَمِينَ إذْ يَقُولُ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].


لَمَا مَاتَ عَبدُاللهِ رَضيَ اللهُ عَنهُ أَرَادُوا أَنْ يَدْفِنُوهُ فِي الْمدِينَةِ؛ يقولُ جَابِرٌ رضي اللهُ عنهُ: أُصِيبَ أَبِي وَخَالِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءتْ أُمِّي بِهِمَا قَدْ عَرَضَتْهُمَا عَلَى نَاقَةٍ، فَأَقْبَلَتْ بِهِمَا إِلَى المَدِيْنَةِ، فَنَادَى مُنَادٍ: ادْفِنُوا القَتْلَى فِي مَصَارِعِهِم، فَرُدَّا حَتَّى دُفِنَا فِي مَصَارِعِهِمَا.

فَلْتَشْهَدِ الأرضُ التي مَاتُوا عَليهَا...لِتَشْهَدْ لَهُمْ عِندَ اللهِ أَنَّ أرْوَاحَهُمْ مَا أُزْهِقَتْ إلا للهِ، وأنَّ دِمَائَهُمْ مَا سَالَ إلا للهِ، وأنَّ نُفُوسَهُمْ مَا فَارَقَتْ أبْدَانَهُمْ إلا للهِ؛ لِسَانُ حَالِهِمْ يَقُولونَ لِرَبِّهمْ: "خُذْ مِنْ دَمَائِنَا حتَّى تَرْضَى".


عبادَ اللهِ... لَمَّا رَأَى جَابِرٌ أَبَاهُ قَدْ سُجِّيَ بالثَّوبِ قَتيلاً.. رَآهُ مُمَدَّدًا تَسِيلُ مِنهُ الدِّماءُ، لَمْ يَتَمَالَكْ نَفْسَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِليهِ نَظَرَاتٍ أَخِيرةً في هذِه الدُّنيَا، أرادَ أنْ يُصَافِحَ وَجهَهُ إلى أنْ يَلقَاهُ عندَ رَبِّهِ؛ يَقُولُ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَنْهَانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ".


لَقَدِ اهْتَمَّ جَابِرٌ لَموتِ أَبيهِ حَتَّى بَانَ الْهَمُّ والْحَزَنُ علَى وَجْهِهِ فَلَقِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟"

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: "أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟"، قلت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]، أخْرَجهُ التِّرمذِيُّ وابنُ مَاجَهْ.


فَلْيَنْعَمْ عَبدُاللهِ بَتكْلِيمِ رَبِّهِ ورِضَاهُ، ولْيَسْعَدْ في جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ والأرضُ.

مَاتَ عَبدُاللهِ.. وحَفِظَ اللهُ له ذُريَّتَه.. ماتَ عبدُاللهِ.. وقَضَى اللهُ دَينَهُ؛ فعن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنهُ قالَ: أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِنْ دَيْنِهِ فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا، فَقَالَ: «صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ»، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِيَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ، كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ"، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا. أخرجهُ البُخَارِيُّ.


أيُّهَا الإِخوةُ... لقدْ نَالَ عبدُاللهِ بنُ حَرَامٍ وأصْحَابُهُ الذينَ ضَحَّوْا بأرواحِهِمْ رَخِيصةً في سبيلِ اللهِ، نَالُوا مَكَانةً عَظِيمةً، وأَجرًا جَزِيلاً، وفَضْلاً وَاسِعًا؛ حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلَّمَا ذَكَرَ أَصحَابَ أُحُدٍ تَمَنَّى أَن لَو مَاتَ مَعهُمْ؛ فقدْ رَوَى الإمامُ أَحمدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أنَّه سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: "وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي غُوْدِرْتُ مَعَ أَصْحَابِ فَحْصِ الجَبَلِ". يَعنِي: قُتِلْتُ مَعَهُم...


وَلِمَ لاَ يَتَمَنَّى؟! وهُو القَائِلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصحَابِهِ: "لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَشْرَبِهِمْ وَمَأْكَلِهِمْ، وَحُسْنَ مَقِيلِهِمْ قَالُوا: يَا لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَنَا، لِئَلا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاءِ الْآيَاتِ عَلَى رَسُولِهِ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 169 - 173].

فحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وأَلْحَقَنَا اللهُ بهِمْ علَى خَيرٍ، وجَمَعَنَا ووالِدِينَا بهِم في جَنَّتِهِ ودَارِ كَرامَتِهِ، والحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، والعَاقِبةُ للمتقينَ، ولا عُدْوانَ إلا علَى الظَّالِمِينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ... أمَّا بَعدُ:

إخوةَ الإسلامِ... لقدْ سَمِعْنَا سِيرةَ بَطلٍ من أبطالِ الإسلامِ، لا نَعرِفُ عنهُ إلاَّ التَّضحِيةَ والْبَذْلَ، أفَلا نَستطِيعُ أنْ نُضَحِّيَ بأوْقَاتِنَا للهِ؟.. ألا يَستطِيعُ الرَّجلُ أنْ يَتركَ مَا حَرَّمَ اللهُ لأجلِ اللهِ؟.. أَلاَ يَستطِيعُ المرءُ أنْ يُواظِبَ على مَا أُمِرَ بهِ للهِ؟


ألا يَستطِيعُ الرِّجالُ مَنْعَ نِسَائِهِمْ مِنَ التَبرُّجِ والسُفُورِ واختِلاطِهنَّ بالرِّجَالِ للهِ وفي اللهِ؟!

ألا يَستطِيعُ شَبابُنَا تَركَ الغناءِ للهِ؟ والعِفَّةَ عنِ اللهوِ والمعازفِ للهِ؟

بلَى واللهِ نستطيعُ ونَستطِيعُ.. ولكنْ أينَ عَزيمَةُ عبدِاللهِ بنِ حَرَامٍ فينَا، أينَ تَضحِيَتُهُ وبَذْلُهُ عَنَّا وعَن شَبَابِنَا؟!

إنَّ كلَّ مَا بَذلْنَاه وما سَنبذُلُهُ لَهو أقلُّ بكثيرٍ مِن بَذلِ النُّفوسِ والْمُهَجِ، والتي ضَربَ عبدُاللهِ بنُ حَرَامٍ رضي الله عنه بسَهْمٍ وافِرٍ فِيهَا، فنسألُ اللهَ أَنْ يُلْحِقَنَا بالصالحينَ، وأنْ يَجعلَنَا مِن عِبادِهِ المحسنينَ.


اللهمَّ ارْضَ عَن عَبدِكَ عَبدِاللهِ بنِ حَرَامٍ وآلِهِ، واغْفِرْ لَهُمْ، وأَلْحِقْنَا بِهِمْ علَى خَيرٍ، واجْمَعْنَا بهِم فِي جَنَّتِكَ ودارِ كَرامَتِكَ، معَ الحبيبِ المصطَفَى صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ.

اللهمَّ اغفرْ لنا في جُمْعَتِنَا هذه أجمعينَ، اللهمَّ إنا نسأَلُكَ الإيمانَ والعفوَ عمَّا مَضَى وسَلَف وكَانَ.. مِنَ الذنوبِ والآثامِ والعصيانِ، اللهم إنَّا نسأَلُكَ لَباسَ العافيةِ والتقوَى.. وأن توَفِّقَنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.

اللهم إنَّ لَنَا في أجوافِ اللُّحُودِ آباءً وأمهاتٍ.. وإخواناً وأخواتٍ.. وأحبابًا مُسلِمينَ ومُسلماتٍ.. اللهمَّ آنِسْ في تلكَ البقاعِ وَحْشَتَهُمْ، وارْحَمْ اللهمَّ تحتَ الثَّرَى غُرْبَتَهُمْ، وارحَمْنَا اللهمَّ إذا صِرْنَا إلى ما صَارُوا إليهِ.

اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وخذْ بناصِيَتِه إلى البرِّ والتقوَى، وارزقه البطانةَ الصالحةَ التي تدلُّه على الخيرِ وتأمرُه بهِ.

اللهمَّ انْصُرْ جُنُودَنَا فِي الحَدِّ الجَنُوبِيِّ يَا ربِّ العَالَمِينَ.. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موقف الصحابية عمرة بنت رواحة
  • خطبة عن الصحابية أم سليم
  • الصحابي وائل بن حجر رضي الله عنه
  • الصحابي ثابت بن الضحاك

مختارات من الشبكة

  • صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صحابة منسيون (6) الصحابي الجليل: خريم بن فاتك الأسدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صحابة منسيون (4) الصحابي الجليل: إيماء بن رحضة الغفاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صحابة منسيون (1) الصحابي الجليل: خفاف بن ندبة السلمي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله عنه على النصرانية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • عقيدة المسلم تجاه الصحابة: 50 معتقدا من القرآن عن الصحابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حجية مرسل الصحابي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصحابي عبدالله بن الحارث بن جزء بن معد يكرب(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • ترجمة الصحابي الصعب بن جثامة بن قيس بن ربيعة الليثي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصحابي الحسن بن علي بن أبي طالب(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب