تشكيل محاكم الاستئناف

تشكيل محاكم الاستئناف

وتتكون محكمة الاستئناف من رئيس وعدد كاف من النواب ورؤساء الدوائر والقضاة (المادة 6/1 سلطة قضائية). ويجري العمل بالمحكمة طبقا لنظام الدوائر، وذلك من أجل زيادة نشاط المحكمة، وتشكل كل دائرة من ثلاثة قضاة (المادة 6/2 سلطة قضائية)، وهو التشكيل الذي يصدر به الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف.

وتشغل محاكم الاستئناف أو كما يطلق عليها محاكم الاستئناف العالي، طبقة مستقلة في تدرج المحاكم فلا يشاركها في هذه الحالة أية محكمة أخرى، حيث تعلو من حيث التدرج الرأسي كلا من المحكمة الجزئية والمحكمة الابتدائية، ولا تنعقد الا باعتبارها محكمة ثاني درجة فقد اسند إليها نظر الطعون التي ترفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية كمحكمة أول درجة، والقاعدة في تحديد اختصاص محاكم الاستئناف، أن ما يرفع من استئناف عن أحكام المحاكم الابتدائية ينعقد الاختصاص به لمحكمة الاستئناف التي تقع هذه المحاكم في دائرتها الإقليمية دون غيرها من محاكم الاستئناف الأخرى.

والأصل أن تنعقد محاكم الاستئناف في المقار المحددة لها، ويجوز انعقادها في أي مكان آخر في دائرة اختصاصها، أو خارج هذه الدائرة عند الضرورة، بقرار يصدر من وزير العدل بناء على طلب رئيس المحكمة (المادة 6/3 سلطة قضائية) ونظر الاتساع النطاق الإقليمي لمحاكم الاستئناف، فقد أجاز القانون تأليف دائرة استئنافية بصورة دائمة في احد مراكز المحاكم الابتدائية بقرار يصدر من وزير العدل بعد أخذ راي الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف (المادة 6/4 سلطة قضائية).

اختصاصات محاكم الاستئناف:

أخذ المشرع المصري بنظام التقاضي على درجتين فأوجد محاكم الدرجة الأولى. سميت كذلك لأن النزاع حينما يعرض لأول مرة لا يمكن عرضه إلا على هذه المحاكم. وهذه المحاكم في مصر على طبقتين: الطبقة الأولى هي المحاكم الجزئية، والطبقة الثانية هي المحاكم الابتدائية.

والأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى تقبل بشروط معينة الطعن فيها بالاستئناف. ويرفع الاستئناف إلى المحكمة الابتدائية مشكلة بهيئة استئنافية إذا كان الحكم المطعون فيه صادرا من المحاكم الجزئية، كما يرفع الاستئناف إلى محكمة الاستئناف العليا إذا كان الحكم المطعون فيه صادرا من المحاكم الابتدائية باعتبارها محاكم درجة أولى.

وعلى ذلك يلاحظ أن المحاكم الابتدائية تعمل بصفتين، الصفة الولي باعتبارها محاكم درجة أولى تعرض عليها القضايا لأول مرة لتفصل فيها، كما تعمل بصفة ثانية باعتبارها محاكم استئناف حينما يرفع إليها الطعن بهذا الطريق في الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية. أما المحاكم الجزئية فهي دائما محاكم من الدرجة الأولى أي أنها لا تختص بنظر طعون الاستئناف، ومحاكم الاستئناف العليا هي دائما محاكم من الدرجة الثانية أيا أنها لا تختص إلا بنظر طعون الاستئناف. ومع ذلك يجوز أن يعرض على المحاكمة الجزئية طعون بالمعارضة أو التماس إعادة النظر، كما يجوز أن يعرض على المحاكم الاستئنافية العليا كذلك طعون بالمعارضة أو التماس إعادة النظر، وكذلك الحال بالنسبة للمحاكم الابتدائية. ويوجد بمصر ثمان محاكم استئنافية وتتوزع هذه المحاكم على القاهرة، الإسكندرية، طنطا، المنصورة، أسيوط، الاسماعلية، قنا، بني سويف.

ويتبع هذه المحاكم مجموعة من المحاكم الابتدائية لا يجوز الطعن في أحكامها بالاستئناف إلا أمام المحكمة الاستئنافية التي حدده المشرع. مثال ذلك محكمة استئناف الاسكندرية يرفع أمامها الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في الاسكندرية ودمنهور. ومحكمة استئناف المنصورة يتبعها محاكم المنصورة الابتدائية، والزقازيق الابتدائية، ودمياط الابتدائية وبنها الابتدائية، وهكذا بالنسبة لجميع محاكم الاستئناف، وتعتبر هذه التبعية نوعا من أنواع الاختصاص المحلي المتعلق بالنظام العام الذي لا يجوز مخالفته. وتشكل هذه المحاكم من ثلاثة مستشارين.

ويعتبر نظام الطعن بالاستئناف تجسيدا لنظام التقاضي على درجتين، حيث يستطيع المتقاضي أني عرض نزاعه على محاكم أول درجة، فإذا لم يرضى بالحكم الصادر ضده، أمكنه عرض ذات النزاع مرة ثانية أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة الأولى لكي تعيد الفصل في ذات النزاع مرة ثانية إذا ألغت الحكم المطعون فيه. ويحقق مبدأ التقاضي على درجتين دوره العلاجي عن طريق قيام قاضي ثاني درجة بإصلاح الخطأ الذي قد يوجد في قضاء أول درجة. وقد تمارس محكمة الدرجة الثانية دورا رقابيا قط على قضاء أول درجة، بحيث إذا أخطأ هذا الأخير أكتفت محكمة الدرجة الثانية برصد هذا الخطأ وإحالة الدعوى مرة ثانية إلى قاضي أول درجة.

والنتائج المترتبة على ذلك:

أ- الطعن بالاستئناف لا يكون إلا مرة واحدة.

ب- الطعن لا يكون إلا أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم.

ج- لا يجوز رفع الدعوى مباشرة أمام محكمة الدرجة الثانية.

د- لا يجوز لمحكمة الاستئناف التعرض لموضوع النزاع إذا كانت محكمة أول درجة لم تفصل فيه[1].

المحاكم الاستئنافية كقاضي درجة واحدة:

وعلى عكس ما يقضي بهم بدا التقاضي على درجتين، فإن التقاضي يمكن أن يكون على درجة واحدة بالنسبة للدعاوي قليلة القيمة والأهمية، التي تصدر في حدود النصاب الانتهائي لمحاكم أو درجة (م 42، 47، 219/1 مرافعات). ويكون التقاضي في هذه الحالة على درجة واحدة. كذلك فإنه يكون للخصوم عرض منازعاتهم مباشرة أمام المحاكم الاستئنافية دون اشتراط أن يكون قد سبق نظرها أمام محاكم أول درجة، ومن هذا القبيل، طلبات رد القضاة التي تختص بنظرها محكمة الاستئناف (م 153/3 مرافعات معدلة بالقانون 23 لسنة 1992)، ودعاوي مخاصمة القضاة (م 495/3 مرافعات)، وملحقات الطلب الأصلي التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة، وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات (م 235/3 مرافعات)، وطلبات رجال القضاء والنيابة المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية، التي تخص أي شأن من شئونهم، وكذلك طلب التعويض عنها. ويعهد إليها كذلك بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء والنيابة العامة أو لورثتهم (م 83 سلطة قضائية).

ورغم تعلق مبدأ القاضي على درجتين بالتنظيم القضائي وتعلقه بالنظام العام على نحو لا يجوز مخالفته، فلا يجوز الاتفاق على أن يكون الحكم غير قابل للاستئناف، لكن المشرع خرج على هذا الأصل، رغبة في تشجيع الخصوم على وضع حد للمنازعة بينهم وسعيا وراء سرعة استقرار الحقوق، فأجاز للخصوم الاتفاق على اعتبار حكم محكمة أول درجة انتهائيا لا يجوز استئنافه (م 219/1 مرافعات)، وعلى الحق في الطعن على عدم قبول المحكوم عليه للحكم الصادر ضده (م 211 مرافعات)، ويكون قبوله للحكم بمثابة تنازل عن حقه في الطعن، وفي هذه الحالات يكون التقاضي على درجة واحدة.