• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    العلاقات الزوجية والأسرة المسلمة (PDF)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    السكينة وسط الضجيج: تأملات شرعية في زمن الصخب ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    إلى كل مشتاق لتحسين الأخلاق (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الخليل عليه السلام (12) دعوات الخليل في سورة ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الحلقة الأولى: بداية رحلة السعادة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    سورة ق في خطبة الجمعة وأبرز سننها الكونية ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    التقنيات الحديثة والتحكم في المطر
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)

آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2025 ميلادي - 9/5/1447 هجري

الزيارات: 294

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آيات كونيَّة مَرئيَّة ومَنسِيَّة


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى – مُبَيِّنًا مَظَاهِرَ قُدْرَتِهِ، وَمُعَدِّدًا بَعْضَ نِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ لِيُقَرِّرَ هَذِهِ النِّعَمَ، فَيُلْزِمَهُمْ شُكْرَهَا: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾ [النَّبَأِ: 6-16].

 

وَالْمَعْنَى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مُذَلَّلَةً لِلنَّاسِ مُمَهَّدَةً يَسْتَقِرُّونَ عَلَيْهَا وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا؟ وَجَعَلْنَا الْجِبَالَ مُثَبِّتَةً لِلْأَرْضِ؛ حَتَّى لَا تَضْطَرِبَ بِأَهْلِهَا، وَخَلَقْنَاكُمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا؛ لِيَحْصُلَ التَّزَاوُجُ بَيْنَكُمْ، وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ رَاحَةً لَكُمْ مِنْ تَعَبِ سَعْيِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ بِالنَّهَارِ، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ غِطَاءً يُغَطِّيكُمْ بِظَلَامِهِ، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ لِسَعْيِ النَّاسِ فِي مَصَالِحِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ، وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ، وَجَعَلْنَا شَمْسًا مُضِيئَةً شَدِيدَةَ التَّوَقُّدِ، وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّحَابِ مَاءَ الْمَطَرِ الْغَزِيرَ؛ لِنُخْرِجَ بِهَذَا الْمَطَرِ أَنْوَاعَ الْحُبُوبِ وَالنَّبَاتَاتِ، وَبَسَاتِينَ أَشْجَارُهَا كَثِيرَةٌ مُلْتَفٌّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ[1].

 

فَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِرَاشًا لِلنَّاسِ، وَذَلَّلَهَا لَهُمْ؛ لِيَسْتَقِرُّوا عَلَيْهَا، وَيَنْتَفِعُوا بِهَا؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 22]؛ ﴿ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 48].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: هَذِهِ الْجِبَالُ الْمُثَبِّتَةُ لِلْأَرْضِ، فَلَا تَضْطَرِبُ بِأَهْلِهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [النَّحْلِ: 15].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّاسَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا؛ لِيَحْصُلَ التَّزَاوُجُ بَيْنَهُمْ، وَيَخْرُجَ النَّسْلُ مِنْهُمْ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرُّومِ: 21]؛ ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 49].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: هَذَا النَّوْمُ الْقَاطِعُ لِحَرَكَةِ النَّاسِ، فَتَحْصُلُ بِهِ الرَّاحَةُ مِنْ تَعَبِ السَّعْيِ وَالْأَعْمَالِ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 47].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: هَذَا اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ غِطَاءً لِلنَّاسِ، يَتَغَشَّاهُمْ سَوَادُهُ، وَتُغَطِّيهِمْ ظُلْمَتُهُ؛ كَمَا يُغَطِّي الثَّوْبُ الْبَدَنَ، وَهَذَا النَّهَارُ الْمُتَجَلِّي لِلْخَلْقِ، فَاسْتَضَاءُوا بِنُورِهِ، وَانْتَشَرُوا فِي مَصَالِحِهِمْ، يَطْلُبُونَ أَرْزَاقَهُمْ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ [اللَّيْلِ: 1، 2]؛ ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 47]؛ ﴿ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴾ [النَّازِعَاتِ: 29].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَنَى فَوْقَنَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَالصَّلَابَةِ وَالْإِحْكَامِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴾ [النَّازِعَاتِ: 27، 28].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: هَذِهِ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ؛ بَلْ هِيَ شَدِيدَةُ التَّوَقُّدِ وَالْإِضَاءَةِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نُوحٍ: 16].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: هَذِهِ السُّحُبُ الْمُثْقَلَةُ بِمَاءِ الْمَطَرِ، الْمُنْصَبِّ عَلَى الْأَرْضِ بِتَتَابُعٍ وَكَثْرَةٍ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ﴾ [الرُّومِ: 48]؛ ﴿ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ﴾ [عَبَسَ: 25].

 

وَمِنَ النِّعَمِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَنْسِيَّةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَ بِهَذَا الْمَطَرِ أَنْوَاعَ الْحُبُوبِ، مِمَّا يَأْكُلُهُ النَّاسُ – كَالْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ، وَالذُّرَةِ، وَالْأَرُزِّ – وَأَخْرَجَ بِهَذَا الْمَطَرِ أَنْوَاعَ النَّبَاتَاتِ، مِمَّا يَكُونُ قُوتًا لِلْأَنْعَامِ وَالدَّوَابِّ – كَالْحَشِيشِ وَالْعُشْبِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9]؛ ﴿ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عَبَسَ: 27-32]. وَأَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْمَطَرِ بَسَاتِينَ وَحَدَائِقَ، أَشْجَارُهَا كَثِيرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ، مُلْتَفٌّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ؛ لِكَثْرَتِهَا، وَتَقَارُبِهَا، وَتَدَاخُلِ أَغْصَانِهَا، ﴿ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾[2].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَعْظَمِ الْفَوَائِدِ وَالْحِكَمِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ:

1- جَعَلَ اللَّهُ الْأَرْضَ مِهَادًا، فَهِيَ مُمَهَّدَةٌ لِلْخَلْقِ: لَيْسَتْ بِالصُّلْبَةِ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُونَ حَرْثَهَا، وَلَا الْمَشْيَ عَلَيْهَا إِلَّا بِصُعُوبَةٍ، وَلَيْسَتْ بِاللَّيِّنَةِ الرَّخْوَةِ الَّتِي لَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا، وَلَا يَسْتَقِرُّونَ فِيهَا، وَلَكِنَّهَا مُمَهَّدَةٌ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ.

 

2- جَعَلَ اللَّهُ الْجِبَالَ أَوْتَادًا لِلْأَرْضِ، بِمَنْزِلَةِ الْوَتَدِ لِلْخَيْمَةِ؛ وَهَذِهِ الْأَوْتَادُ لَهَا جُذُورٌ رَاسِخَةٌ فِي الْأَرْضِ؛ كَمَا يَرْسُخُ جِذْرُ الْوَتَدِ بِالْجِدَارِ، أَوْ وَتَدُ الْخَيْمَةِ فِي الْأَرْضِ؛ وَلِذَلِكَ تَكُونُ صُلْبَةً قَوِيَّةً، لَا تُزَعْزِعُهَا الرِّيَاحُ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ قُدْرَةِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ.

 

3- خَلَقَ اللَّهُ الْأَزْوَاجَ أَصْنَافًا مَا بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى: وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، وَأَسْوَدَ وَأَحْمَرَ، وَشَقِيٍّ وَسَعِيدٍ، فَهُمْ أَزْوَاجٌ مُخْتَلِفُونَ عَلَى حَسَبِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ؛ لِيَعْتَبِرَ النَّاسُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ هَؤُلَاءِ الْبَشَرَ الَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَمِنْ أَبٍ وَاحِدٍ، عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْمُتَنَوِّعَةِ الْمُتَبَايِنَةِ[3].

 

4- أَنَّ النَّوْمَ قَاطِعٌ لِلتَّعَبِ، يَقْطَعُ مَا سَبَقَهُ مِنَ التَّعَبِ: وَيَسْتَجِدُّ بِهِ الْإِنْسَانُ نَشَاطًا لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ الرَّجُلَ إِذَا تَعِبَ، ثُمَّ نَامَ، اسْتَرَاحَ وَتَجَدَّدَ نَشَاطُهُ، وَهَذَا مِنَ النِّعْمَةِ، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [الرُّومِ: 23].

 

5- جَعَلَ اللَّهُ هَذَا اللَّيْلَ عَلَى الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ اللِّبَاسِ لِلَابِسِهِ: كَأَنَّ الْأَرْضَ تَلْبَسُهُ، وَيَكُونُ جِلْبَابًا لَهَا، وَلَا يَعْرِفُ هَذَا إِلَّا مَنْ صَعِدَ بِالطَّائِرَةِ، وَكَانَتِ الشَّمْسُ غَائِبَةً عَنْ سَطْحِ الْأَرْضِ، فَتَبْدُو الْأَرْضُ كَأَنَّمَا كُسِيَتْ بِلِبَاسٍ أَسْوَدَ[4].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ فَوَائِدِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ:

6- وَجْهُ الِامْتِنَانِ فِي جَعْلِ اللَّيْلِ لِبَاسًا، أَنَّهُ سَاتِرٌ يَسْتُرُ مِنَ الْعُيُونِ: أَنَّ مَنْ أَرَادَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ؛ فَلْيَقُمْ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّ، وَمَنْ أَرَادَ هَرَبًا مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ تَبْيِيتًا لِعَدُوٍّ؛ فَاللَّيْلُ يَصْلُحُ فِيهِ ذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ﴾ [الْقَمَرِ: 34]، وَمَنْ أَرَادَ الرَّاحَةَ وَالْسَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ؛ فَفِيهِ الرَّاحَةُ وَالسُّكُونُ وَالْسَّتْرُ، وَيَنْدَفِعُ عَنِ الْإِنْسَانِ بِاللَّيْلِ أَذَى التَّعَبِ الْجِسْمَانِيِّ، وَأَذَى انْتِقَادَاتِ الْبَشَرِ لَهُ.

 

7- جَعَلَ اللَّهُ النَّهَارَ وَقْتًا مُهَيَّأً لِلْمَعَاشِ، مُشْرِقًا مُنِيرًا، مُضِيئًا: لِيَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَالذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ لِلْمَعَاشِ، وَالتَّكَسُّبِ، وَالِتِمَاسِ الْأَرْزَاقِ، وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

 

8- نِعْمَةُ اللَّيْلِ رَاجِعَةٌ إِلَى الرَّاحَةِ وَالْهُدُوءِ، وَنِعْمَةُ النَّهَارِ رَاجِعَةٌ إِلَى السَّعْيِ: لِأَنَّ النَّهَارَ يَعْقُبُ اللَّيْلَ، فَيَكُونُ الْإِنْسَانُ قَدِ اسْتَجَدَّ رَاحَتَهُ، وَاسْتَعَادَ نَشَاطَهُ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ مُخْتَلِفِ الْأَعْمَالِ[5].

 

9- وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ بِالشِّدَادِ؛ لِكَوْنِهَا قَوِيَّةً مُحْكَمَةً: فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 47] فَلَا تَصَدُّعَ فِي السَّمَاءِ، وَلَا انْفِطَارَ، وَلَا شُقُوقَ؛ بَلْ هِيَ مَشْدُودَةٌ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ، مُحْكَمَةٌ قَوِيَّةٌ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 7].

 

10- الْفَرْقُ بَيْنَ نُورِ الشَّمْسِ، وَنُورِ الْقَمَرِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴾ سَمَّى اللَّهُ الشَّمْسَ سِرَاجًا وَضِيَاءً؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعَ الْإِنَارَةِ وَالْإِشْرَاقِ، تَسْخِينًا وَإِحْرَاقًا، فَهِيَ بِالنَّارِ أَشْبَهُ، بِخِلَافِ الْقَمَرِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعَ الْإِنَارَةِ تَسْخِينٌ؛ فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ﴾ [يُونُسَ: 5][6].

 

11- لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى السِّرَاجَ الْوَهَّاجَ – الَّذِي بِهِ الْحَرَارَةُ وَالْيُبُوسَةُ – ذَكَرَ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ: فَقَالَ: ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾، فَقَوْلُهُ: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ﴾ فَإِنَّ الْمَاءَ فِيهِ رُطُوبَةٌ، وَفِيهِ بُرُودَةٌ، وَهَذَا الْمَاءُ أَيْضًا تُنْبِتُ بِهِ الْأَرْضُ وَتَحْيَا بِهِ، فَإِذَا انْضَافَ مَاءُ السَّمَاءِ إِلَى حَرَارَةِ الشَّمْسِ، حَصَلَ فِي هَذَا إِنْضَاجٌ لِلثِّمَارِ، وَنُمُوٌّ لَهَا عَلَى أَكْمَلِ مَا يَكُونُ[7].

 

12- هُنَاكَ أَرْبَعَةُ بَرَاهِينَ لِلْبَعْثِ مَذْكُورَةٌ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، وَهِيَ[8]:

أ- الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْبَعْثِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ﴾؛ ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [غَافِرٍ: 57].

 

ب- الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْبَعْثِ بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى ﴾ [فُصِّلَتْ: 39].

 

ج- الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْبَعْثِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ: ﴿ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ﴾، فَالَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ قَادِرٌ عَلَى إِعَادَتِهِ وَإِحْيَائِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 79].

 

د- الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْبَعْثِ بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى فِي الدُّنْيَا: ﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ﴾، وَالنَّوْمُ هُوَ الْمَوْتَةُ الصُّغْرَى، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ – يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

فَإِحْيَاءُ الْأَنْفُسِ بَعْدَ مَوْتِهَا مِنْ أَدِلَّةِ الْبَعْثِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 73].



[1] انظر: تفسير الطبري، (24/ 16)؛ تفسير القرطبي، (19/ 171)؛ تفسير ابن كثير، (8/ 302).

[2] انظر: تفسير القرطبي، (19/ 171)؛ تفسير ابن كثير، (8/ 302)؛ تفسير السعدي، (ص906)؛ تفسير ابن عاشور، (30/ 18).

[3] انظر: تفسير ابن عثيمين – جزء عم، (ص26).

[4] انظر: المصدر نفسه، (ص27).

[5] انظر: تفسير ابن عاشور، (30/ 21).

[6] انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لابن تيمية (4/ 368).

[7] انظر: تفسير ابن عثيمين – جزء عم، (ص28).

[8] التسهيل لتأويل التنزيل، (1/ 20).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشدائد سنن ربانية وآيات كونية
  • عشر آيات كونية من الآيات القرآنية

مختارات من الشبكة

  • صحابة منسيون (6) الصحابي الجليل: خريم بن فاتك الأسدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صحابة منسيون (4) الصحابي الجليل: إيماء بن رحضة الغفاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صحابة منسيون (1) الصحابي الجليل: خفاف بن ندبة السلمي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • آيات الصفات وأحاديثها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة آيات مخصوصة في أوقات مخصوصة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ الوثائق العائلية: ذاكرة صامتة تنطق بالحقيقة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • وقفات تربوية مع سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عدد آيات سورة الفاتحة وكلماتها وحروفها(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/5/1447هـ - الساعة: 10:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب