عثرة الحرف (قصيدة)

عثرة الحرف

إلى ولدي صالح الذي لم يتجاوز السنَة من عمره

يا نظرةً منكِ شعَّ الحبُّ والأملُ

وبسمة فيك وجْه البدر يكتَملُ

ولثْغة، من رفيق اللحن منبَعُها

وضِحكة رنَّ فيها البِشْر والجذل

ولفتة، هل رأيت الرِّيمَ مُنذعِرًا

يعدو، ويُحجِم، لا يَدنو، ولا يئلُ؟[1]

عام، وشهران: أفراح منوَّرة

الحبو والخَطو أعياد وتتَّصل

وعثرة الحرف في الثَّغر الجميل دُنى

أنغامها أين منها الصادِح الزَّجِلُ؟!

فقولُ (ماما) لحونٌ طالما سَكِرت

من سحرها (فاطم) وانهلَّتِ القُبَلُ

وقول (بابا) الحيا[2] في الجدب تَسكُبه

من الغيوم عيونٌ مالها مُقَلُ

فيهمِل الدمع من عينَيَّ مرتعشًا

ويَخفق القلب بالبُشرى، ويشتمِلُ

أبكي وأَبسِم آمالي مُجنِّحة

نحو الغيوب بحُسْن الظنِّ تكتحِل

وأُطبِق الجَفنَ يَرنو راجيًا أملي

وصالحٌ في دروب المجْد ينتقِل

مُسدَّد، مشرِق، يَزهو الشبابُ به

إن قيل: مَن رجلٌ؟ قالوا: هو الرجل!

هذا ابن جدَّيه[3] عِلْمٌ زانَه خُلُق

وشاعِر هامَ فيه الشِّعر والغَزلُ

حفيد أروعَ[4] ما لانَتْ عزيمته

رغْم الخُطُوب، وإن طافَت به العِلَلُ

قد ضاقت الأرض والعَلياء همَّته

عن سعيِه، فهْو في الآفاق مرتَحِل

وسِبْط شيخ التُّقى، بالعِلم مُعتمِر[5]

بالفضل مؤتزِر، بالحِلْم مُكتمِلُ

يا صالحَ الخير، يا أُمنيَّةً بزَغت

في الليل دَربي، ودربي الشَّوكُ والأَسَل

يا نفحةً مِن جَدا الرحمَن مُغدَقة

ونِعمة كالروابي جادَها الهطَل

كم بتُّ أرقُب هذا أو ذاك الغيبَ مُنتظِرًا

سَناك حتى أطَلَّ الوعد والأمل

فهلَّ سعدٌ على دُنياي وارتحَلتْ

عَنِّي الحُزون، وأغضى طَرْفه الوجَل

[1] وَأَلَ، يَئِلُ: لَجَأ.

[2] الحيا: المطر.

[3] الشاعر الكبير الراحل: عمر بهاء الدين الأميري - رحمه الله - والعالم العامل الفاضل الشيخ عبدالفتاح أبو غدة - رحمه الله.

[4] الأروع: الذكي الفؤاد.

[5] معتمر: لابِس العمارة، وهي كل شيء يوضَع على الرأس، من عمامة وقلنسوة ونحوهما.

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي