• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسباب ظاهرة التسول في المساجد من وجهة نظر أئمة ...
    محمد مودودي الكاميروني
  •  
    قصة مقاطعة الإمام أحمد بن حنبل لولديه صالح وعبد ...
    طلال بن جميل بن محمد الحبيشي
  •  
    التبيان في علوم القرآن (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    رسالة بعنوان: كيف يستثمر المسلم وقته: فوائد ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    المندوبات في الوصايا عند الحنابلة: دراسة فقهية ...
    سمر بنت عبدالرحمن بن سليمان السكاكر
  •  
    نيل المطالب بأربعين حديثا من الفضائل والمناقب ...
    بكر البعداني
  •  
    النور الساطع من صحيح الجامع (PDF)
    أبو محمد محمود بن علام الكردوسي
  •  
    منهج أبي بكر بن العربي وآراؤه في الإلهيات (PDF)
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    هل هناك فرق بين (رب المشرِق والمغرِب)
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    أسس بناء المنهج من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سور صلاة الجمعة (4) سورة (المنافقون)

سور صلاة الجمعة (4) سورة (المنافقون)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/10/2019 ميلادي - 18/2/1441 هجري

الزيارات: 19724

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سور صلاة الجمعة (4)

سورة (المنافقون)


الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ؛ يَعْلَمُ أَسْرَارَ الْقُلُوبِ، وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي النُّفُوسِ، عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ حَذَّرَ مِنَ النِّفَاقِ، وَأَمَرَ بِالْإِغْلَاظِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَذَكَرَ أَوْصَافَهُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ تَطْهِيرًا لِلنُّفُوسِ الْمُؤْمِنَةِ مِنْ صِفَاتِ النِّفَاقِ، وَفَضْحًا لِلْمُنَافِقِينَ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ، وَحِمَايَةً لِلْمُجْتَمَعَاتِ مَنْ مَكْرِ الْمُنَافِقِينَ وَكَيْدِهِمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَبَرَ عَلَى أَذَى الْمُنَافِقِينَ وَكَيْدِهِمْ، حَتَّى أَغْرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ، وَكَشَفَ لَهُ أَمَرَهُمْ، وَهَتَكَ سِتْرَهُمْ، فَتَهَدَّدَهُمْ وَتَوَعَّدَهُمْ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْذَرُوا النِّفَاقَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ النِّفَاقَ، فَمَنْ أَمِنَهُ خُشِيَ عَلَيْهِ الْوُقُوعُ فِيهِ، وَمَنْ خَافَهُ حَذِرَهُ وَابْتَعَدَ عَنْ أَسْبَابِهِ وَصِفَاتِ أَهْلِهِ ﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النِّسَاء: 138]، قَالَ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

لِشِدَّةِ خَطَرِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ تَنَزَّلَتْ سُورَةٌ بِاسْمِهِمْ، فِيهَا جُمْلَةٌ مِنْ أَوْصَافِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، وَمِنَ السُّنَّةِ قِرَاءَةُ سُورَتَيِ الْجُمْعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي صَلَاةِ الْجُمْعَةِ؛ لِيَسْمَعَهَا الْجَمْعُ الْكَبِيرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

 

وَسُورَةُ الْمُنَافِقِينَ سُورَةٌ تُحَذِّرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَكَائِدِهِمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَزَّ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ نَصْرِهِمْ فِي بَدْرٍ، وَكَثُرَ الدَّاخِلُونَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ كَانَ ذَلِكَ شَدِيدًا عَلَى ابْنِ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْكَارِهِينَ لِلْإِسْلَامِ، فَبَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَبْطَنُوا الْكُفْرَ وَالْعَدَاوَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ لِتَفْضَحَهُمْ، وَتَكْشِفَ حَقِيقَتَهُمْ، وَيَبِينَ بِهَا أَنَّ إِيمَانَهُمْ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 1-3]، فَهُمْ شَهِدُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَاللَّهُ تَعَالَى كَشَفَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ التَّكْذِيبِ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْحَلِفَ سِتْرًا يَسْتَتِرُونَ بِهِ لِتُحْقَنَ دِمَاؤُهُمْ، وَتُصَانَ أَمْوَالُهُمْ، وَلَا يُعَاقَبُونَ عَلَى كَيْدِهِمْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ كَثِيرٌ لِحَلِفِهِمْ وَهُمْ يَكْذِبُونَ، وَهَذِهِ جُمْلَةٌ مِنَ الْآيَاتِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ: ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 56] ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 62] ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التَّوْبَةِ: 74] ﴿ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 96] ﴿ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 14] ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 18].

 

وَالْمُنَافِقُونَ قَدْ يَغْتَرُّ النَّاسُ بِحُسْنِ أَشْكَالِهِمْ، وَفَصَاحَةِ أَقْوَالِهِمْ، رَغْمَ فَسَادِ قُلُوبِهِمْ، وَخُبْثِ نِيَّاتِهِمْ ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 4]، لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا، وَلَا يُنَالُ مِنْهَا إِلَّا الضَّرَرُ الْمَحْضُ.

 

وَلِأَنَّهُمْ مُنْبَتُّونَ عَنِ الْمُجْتَمَعِ الَّذِي يَعِيشُونَ فِيهِ، مُفَارِقُونَ لِدِينِ أَهْلِهِ، وَوَلَاؤُهُمْ لِغَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُمْ فِي رُعْبٍ دَائِمٍ، وَخَوْفٍ مُسْتَمِرٍّ؛ خَشْيَةَ أَنْ يُكْشَفَ أَمْرُهُمْ، وَتُعْرَفَ حَقِيقَتُهُمْ ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 4]، وَمَا حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ، وَبَيَّنَ حَقِيقَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ قَدْ يَأْمَنُونَهُمْ؛ لِعَيْشِهِمْ مَعَهُمْ، وَيَطَّلِعُونَ عَلَى أَسْرَارِهِمْ. وَهُمْ مَا فَتِئُوا يَكِيدُونَ وَيَمْكُرُونَ بِهِمْ، وَوَلَاؤُهُمْ لِلْأَعْدَاءِ؛ وَلِذَا لَمْ يُوَلِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَيَّ وِلَايَةٍ؛ حَذَرًا مِنْهُمْ، وَكَفًّا لِشَرِّهِمْ.

 

وَالْمُنَافِقُونَ مَخْذُولُونَ، مَحْرُومُونَ مِنَ الْخَيْرِ، وَأَعْظَمُ الْخَيْرِ اسْتِغْفَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ حُرِمُوا هَذَا الْخَيْرَ الْعَظِيمَ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 5-6]. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التَّوْبَة: 80].

 

وَمِنْ قَبَائِحِ أَقْوَالِ الْمُنَافِقِينَ الَّتِي كَشَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 7-8].

 

وَفِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ شِدَّةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، فَقَالُوا: كَذَّبَ زَيْدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا. حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِي فِي: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 1]» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ.

 

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَوَقَدْ فَعَلُوا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

كَفَانَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَّ النِّفَاقِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَرَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَاسِرِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

الْمُنَافِقُونَ عَاشُوا لِأَجْلِ الدُّنْيَا، وَلَا وَزْنَ لِلْآخِرَةِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ جَاحِدُونَ لَهَا، أَوْ شَاكُّونَ فِيهَا، أَوْ مُسْتَبْطِئُونَ لَهَا.

وَمِنْ أَخَصِّ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ الشُّحُّ وَالْبُخْلُ، وَالتَّثَاقُلُ عَنِ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 142]، ﴿ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 54].

 

وَلِذَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَتَمَ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ بِنِدَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، يُحَذِّرُهُمْ مِنْ عَيْشٍ كَعَيْشِ الْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ اللَّهْوُ بِالدُّنْيَا وَزِينَتِهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْجُودِ وَالْإِنْفَاقِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ؛ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ شُحِّ النَّفْسِ، وَالْبُعْدِ عَنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ، فَإِنَّ مَنْ شَابَهَهُمْ فِي بَعْضِ صِفَاتِهِمْ خُشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَافِقَهُمْ فِيهَا كُلِّهَا. وَكُلَّمَا كَانَ الْمُؤْمِنُ أَبْعَدَ عَنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ كَانَ أَبْعَدَ عَنِ النِّفَاقِ، وَأَرْسَخَ فِي الْإِيمَانِ.

 

وَالْمُؤْمِنُ يَدْفَعُهُ إِيمَانُهُ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَإِلَى الْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ؛ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ اخْتِبَارٍ وَفَنَاءٍ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْجَزَاءِ وَالْقَرَارِ، وَأَنَّ الْمَوْتَ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ، وَلَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ مَتَى يَكُونُ مَوْتُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَوْتِ الْخَلْقِ غَيْبٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ خَلْقَهُ، فَيَعْمَلُ الْمُؤْمِنُ صَالِحًا دَهْرَهُ كُلَّهُ حَتَّى إِذَا جَاءَهُ الْمَوْتُ لَمْ يَتَمَنَّ تَأْخِيرَهُ كَالْمُنَافِقِ الَّذِي لَمْ يَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتِنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 9-11].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سور صلاة الجمعة (1)
  • سور صلاة الجمعة (2)
  • سور صلاة الجمعة (3) سورة الجمعة
  • سور صلاة الجمعة (5) سورة الأعلى
  • سور صلاة الجمعة (6) سورة الغاشية
  • ﴿ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا …﴾

مختارات من الشبكة

  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء السابع عشر (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الثامن عشر(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء التاسع عشر(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء العشرين(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الحادي والعشرين(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الثاني والعشرين(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الثالث والعشرين(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الرابع والعشرين(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء الخامس والعشرين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المعلومات الحسان عن سور القرآن - سور الجزء السادس والعشرين(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/3/1447هـ - الساعة: 16:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب