• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

ثاني اثنين (خطبة)

ثاني اثنين (خطبة)
الشيخ محمد بن إبراهيم السبر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/10/2025 ميلادي - 26/4/1447 هجري

الزيارات: 2842

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثَانِيَ اثْنَيْنِ [1]


الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي فَضَّلَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَرَفْعَ فِي الْجَنَّةِ مَنَازِلَ أَوْلِيَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمَاً لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَإخْوَانِهِ.


أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ - أيُّهَا النَّاسُ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، فهِيَ خَيرُ زَادٍ، ومُجْلِبَةٌ للهُدَى والسَّدادِ، وأَمَنَةٌ يَومَ الفَزَعِ وَالتَّنادِ، ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِمَّا يَزِيدُ الْإِيمَانَ، وَيُرَسِّخُ الْيَقِينَ مَعْرِفَةَ سِيَرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: وَمِنَ السُّنَّةِ ذِكْرُ مَحَاسِنِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ.


وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ نَرْوِي سيرَةَ رَجُلٍ لَا كَالْرِّجَّالِ، وَقَامَةِ عَظِيمَةٍ لَهَا أثَرُهَا فِي الْإِسْلَامِ، لَمْ يَتَرَدَّدْ لَحْظَةً فِي نُصْرَةِ دِينِهِ وَنَبِيهِ، أَوَّلُ الْخُلَفَاءِ، وَرَفيقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ، وَصَاحِبُهُ فِي السِّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، حَمَلَ الْأمَانَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ، وَدَافَعَ عَنِ الدِّينِ بِثَبَاتٍ وَيَقِينٍ، عَتِيقٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَصَدِّيقٍ فِي الْإِسْلَامِ، حَاضِرٌ فِي المَغَارِمِ غَائِبٌ فِي الْمَغَانِمِ.


خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم مَنْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى فَضْلِهِ، وَاتَّفَقَتْ عَلَى جَلَالَتِهِ وَقَدْرِهِ، خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُوبَكْرٍ الصِّدِّيقُ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.


وُلِدَ أَبُو بَكْرٍ بِمَكَّةَ بَعْدَ عَامِ الْفِيلِ بِعَامَيْنِ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، نَصَرَ الرَّسُولَ يَوْمَ خَذَلَهُ النَّاسُ، وَآمِنَ بِهِ يَوْمَ كَفْرَ بِهِ النَّاسُ، وَصِدْقُهُ يَوْمَ كَذَّبَهُ النَّاسُ؛ فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالصِّدِّيقِ، صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَاً عَلَى جَبَلِ أُحُدٍ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:» اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.


أَوَّلُ الرِّجَالِ إِسْلَامَاً، وَأَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ عَدَدٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، مِنْهُم عُثْمَانُ وَالزُّبَيرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأبُو عُبَيدَةَ وَطَلْحَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَبَذْلَ أَمْوَالَهُ وَأَنْفَقَهَا فِي خِدْمَةِ الْإِسْلَامِ، فَأَعَتَقَ بِلَالَاً وَعَامِرَ بْنَ فَهَيِّرَةَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْمُسْتَضْعِفِينَ.


كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلميُحِبُّ أَبَا بَكْرٍ وَيُخْبِرُ النَّاسَ بِفَضْلِهِ؛ سأله عَمْرُوُ بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَيُّ ‌النَّاسِ ‌أَحَبُّ ‌إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ». فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ:» أَبُوهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْضِّي فِي مَالٍ أَبِي بِكْرٍ كَمَا يَقَضِي فِي مَالِ نَفْسِهِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أبو بَكْرٍ، وَلَو كُنْتُ مُتَّخِذًاً خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ، ولَكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلَامِ ومَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إلَّا سُدَّ، إلَّا بَابُ أبِي بَكْرٍ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ كَثِيرَاً أَسْمَعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلميَقُولُ: "ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


كَانَ َأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَبَّاقَاً إِلَى الطَّاعَاتِ، وَمُسَارِعَاً إِلَى الْخَيْرَاتِ، لَا يُنَافِسُهُ فِي ذَلِكَ أحَدٌ، يَقُولُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمَاً، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟»، قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.


وَلِأَبِي بِكْرٍ ذِرْوَةُ سَنَامِ الصُّحْبَةِ، وَأَعْلَاهَا مَرْتَبَةً، فَإِنَّهُ صَحِبَ الرَّسُولَ فِي أَشَدِّ أَوَقَاتِ الصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَسْبِقْهُ أحَدٌ فِيهَا، فَقَدْ هَاجَرَ مَعَهُ وَاِخْتَبَأَ مَعَهُ فِي الْغَارِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].


﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾ [التوبة: 40] مَا أَعْظَمَ هَذِهِ الْمَنْقَبَةَ لِأَبِي بِكْرٍ الَّتِي تُضَاهِي الْجَوْزَاءَ فِي عَلْيَائِهَا، وَالشِّعْرَى فِي مَكَانَتِهَا، هَذَا الْعَتِيقُ الَّذِي صَلَّى خَلْفَهُ النَّبِيُّ، كَانَ ثَانِيَ اِثْنَينِ فِي الْغَارِ، وَثَانِيَ اِثْنَينِ فِي الْمَشُورَةِ، وَثَانِيَ اِثْنَينِ فِي الْعَرِيشِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَسَافَرَ ثَانِيَ اِثْنَينِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَثَانِيَ اِثْنَينِ فِي الْقَبْرِ. إِنَّهَا غَرْبَةُ الدَّعْوَةِ وَالدَّاعِيَةِ.


﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾ [التوبة: 40] أَحَبَّ النَّبِيَّ فَقَاسَمَهُ الْخَوْفَ وَالْعَنَاءَ وَالْمَشَقَّةَ، وَشَاطَرَهُ الْهَمَّ وَالْمُعَانَاةِ؛ فَلَزِمَهُ فِي حَنِينٍ، وَسَافِرَ مَعَهُ الى تَبُّوكَ، وَحَجَّ مَعَهُ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الإمَامَةِ، وَقَامَ مَكَانُهُ فِي الْخِلَاَفَةِ. قَالَ حَسَّانُ يَرْثِي الصَّدِيقَ -رَضِيَّ اللهُ عَنْهُ-:

إذا تذَكَّرْتَ شَجْوَاً مِنْ أخِي ثِقَةٍ
فَاذْكُرْ أخَاكَ أبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلا
التَّالِيَ الثَّانِيَ المَحْمُودَ مَشْهَدُهُ
وَأوَّلَ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلا
وَثَانِيَ اِثْنَينِ فِي الغَارِ المُنيفِ وَقدْ
طَافَ العَدُوُّ بِهِ إذْ صَعَّدَ الجَبَلا
وَكَانَ حِبَّ رَسُولِ اللِّهِ قَدْ عَلِمُوا
مِنْ البريَّةِ لَمْ يَعدِلْ به رَجُلاَ

 

﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾ [التوبة: 40] كَأَنَّهُمَا رَوْحٌ وَاحِدَةٌ فِي جَسَدَيْنِ، أَوْ حَيَاةُ وَاحِدَةٌ فِي شَخْصَيْنِ، يَخَافُ أحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَشَدَّ مِنْ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ!


وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْإِيثَارُ، وَهَذَا الْحُبُّ، وَهَذِهِ الْأُخُوَّةِ، كَانَ أَبُو بِكْرِ- رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- صَاحِبَ الرِّيَادَةِ وَالسِّيَادَةِ، فِي السَّبْقِ وَالصُّحْبَةِ، وَنَالَ وِسَامًا خَالِدَاً أَنْ ذَكْرَهُ اللهَ تَعَالَى وَذَكَرَ صُحْبَتُهُ، فَقَالَ: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾ [التوبة: 40]، فَهِي شَهَادَةٌ لَا تَعْدِلُهَا شَهَادَةٌ، وَدَليلٌ عَلَى صُحْبَتِهِ لِلنَّبِيِّ فِي السَّيْرَةِ وَفِي الْمَسِيرَةِ، وَفِي الْجَهْرِ وَفِي السَّرِيرَةِ، وَكَانَتْ دَوْمَاً هَذِهِ الشَّهَادَةُ تَلْطِمُ وَجَّهَ مَنْ يُنْكِرُ فَضَّلَ الصَّدِيقِ الَّذِي ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾ [الليل: 5-6].


كَانَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَائِزَاً لِأَبْوَابِ الْفَضَائِلِ كُلِّهَا، كَانَ صَوَّاماً قَوَّامَاً مُحْسِناً أَوَّاهَاً بَكَّاءً، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


وَمِنَ الْمَوَاقِفِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي سَطَّرَهَا التَّارِيخُ: ثَبَاتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، الَّتِي أَذْهَلَتِ الْعُقُولَ وَكَانَ وَقْعُهَا شَدِيدَاً عَلَى النُّفُوسِ فَأَذْهَلَتْ كِبَارَ الصَّحَابَةِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَثَبَّتَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدَاً قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].


فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَقْدِيمِهِ لِلْخِلَافَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمُ اثْنَانِ؛ لِعَلِمِهِمْ بِقُرْبِهِ مِنَ الرَّسُولِ وَفَضْلِهِ وَسَابِقَةِ إِسْلَامِهِ.


وَقَدْ كَانَتْ خِلافَتُهُ خَيْرَاً لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمَيْنَ وَعَدْلَاً لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَعَمِلَ عَلَى نَشْرِ الدِّينِ، فَأَنْفَذَ جَيْشَ أَسَامَّةَ بْنَ زَيْدٍ، وَجَيْشَ الْجُيوشِ، وَفَتَحَ الْفُتُوحَ، وَقَاتَلَ الْمُرْتَدَّيْنَ وَمَانِعِيِّ الزَّكَاةِ وَبَدَأَ فَي جَمْعَ الْقُرَآنِ.


تُوُفِّيَ أَبُوبَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، كَعُمُرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا، فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.


هَذَا شَيْءٍ مِنْ فَيْضِ فَضَائِلِ الصَّدِيقِ، وَوُقُوفٌ عَلَى شَاطِئ أَبِي بِكْرٍ الصَّدِيقِ؛ فَلَهُ مَوَاقِفُ عَظِيمَةٌ، كُلُّ مَوْقِفٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.


فَاللَّهُمُّ ارْضَ عَنْ أَبِي بِكْرٍ الصَّدِيقِ، وَاِجْزِهِ الْجَزَاءَ الأَوفَى؛ جَزَاءَ مَا قَدَمَ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمَيْنَ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطبَةُ الثَّانيةُ:

الحمْدُ للَّهِ وَكَفَى، وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ؛ فَاتَّقَوْا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَعَلِمُوا أَوْلَاَدَكُمْ مَحَبَّةَ صَحَابَةِ النَّبِيِّ وَخُلَفَائِهِ فَهُوَ مِنَ الدِّينِ، وَهُمْ مَحَلُّ الْقُدْوَةِ وَالْأُسْوَةِ؛ قَالَ الْإمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنْسٍ رَحِمَهُ اللهُ: كَانَ السَّلَفُ يَعْلَمُونَ أَوْلَاَدَهُمْ حُبَّ أَبِي بِكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا يَعْلَمُونَهُمِ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ.


وَاِعْلَمُوا- رَحِمَكُمِ اللهُ- أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاَةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيهِ، فَقَالَ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمينَ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْـمُشْرِكِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادَمَ الحَرَمينِ الشَريفينِ، وَوَليَ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، يَارَبَّ الْعَالَمِينَ.


عِبَادَ اللهِ: اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ.



[1] للشيخ محمد السبر، قناة التلغرام https://t.me/alsaberm





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار)
  • الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد الممات
  • من تجالس؟ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ليس منا (الجزء الثاني)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الثاني: باب فضل الإسلام (ب) (مترجما للغة الإندونيسية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الفرع الثاني: بيان حدود العورة (من الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الثاني عشر: شهادة الزور جريمة كبرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الثاني: باب فضل الإسلام (أ) (مترجما للغة الإندونيسية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف (الأصل الثاني معرفة دين الإسلام بالأدلة...)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مواقيت الصلوات: الفرع الثاني: وقت صلاة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحديث الثاني: عفاف السمع والبصر والقلب والفرج(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 0:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب