• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إعلام الأنام بشرح نواقض الإسلام - باللغة ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    ما لا يسع المسلم جهله في الفقه والأخلاق (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    القانون في رواية قالون (PDF)
    بلحسن بن محمد لطفي الشاذلي
  •  
    ترجمة مختصرة لسماحة الشيخ العلامة محمد بن عبدالله ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف (المرتبة ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أربعون حديثا في الأخلاق من صحيحي البخاري ومسلم ...
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    أذكار المساء والصباح (تلخيص كتاب "الأذكار" للإمام ...
    د. محمد عبدالله عباس الشال
  •  
    الإحسان والرحمة.. وحذر الطمع والجشع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    توثيق النسبة بين المخطوط ومؤلفه
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    القواعد الأصولية وتطبيقاتها من كتاب "شرح الحاوي ...
    عبدالرحمن علي محمد المطري
  •  
    الفوائد النيرات من حديث الأعمال بالنيات (PDF)
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

التوقعات الجوية بين الإخبار والاعتبار

التوقعات الجوية بين الإخبار والاعتبار
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/3/2017 ميلادي - 27/6/1438 هجري

الزيارات: 9664

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوقعات الجوية بين الإخبار والاعتبار


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في بِدَايَةِ هَذَا الأُسبُوعِ، وَرَدَت تَوَقُّعَاتٌ بِعَاصِفَةٍ شَدِيدَةٍ، فَجَعَلَ أُنَاسٌ هَذِهِ العَاصِفَةَ مَادَّةَ حَدِيثِهِم، فَشَرَّقُوا في أَمرِهَا وَغَرَّبُوا، وَبَاعَدُوا في شَأنِهَا وَقَرَّبُوا، وَقَالُوا عَنهَا وَأَكثَرُوا، وَحَذَّرُوا مِنهَا وَأَنذَرُوا، وَتَنَاقَلُوا في بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ آرَاءً وَأَقوَالاً، وَتَبَادَلُوا رَسَائِلَ وَصُوَرًا، وَصَارُوا فِيمَا يَكتُبُونَ طَرَائِقَ قِدَدًا، بَينَ مُحَدِّدٍ كَمِّيَّةَ الغُبَارِ وَشِدَّتَهُ، وَمُبَيِّنٍ وَقتَ بِدَايَةِ العَاصِفَةِ وَنِهَايَتِهَا، وَجَاعِلٍ هَمَّهُ تَعلِيقَ الدِّرَاسَةِ وَتَقلِيلَ سَاعَاتِ العَمَلِ، وَمُجتَهِدٍ في التَّحذِيرِ مِن ضَرَرِ الغُبَارِ عَلَى الصُّدُورِ وَالعُيُونِ، وَأثَرِهِ عَلَى البُيُوتِ وَالأَثَاثِ، وَكَيفِيَّةِ اتِّقَائِهِ وَالتَّخَلُّصِ مِن سَيِّئِ آثَارِهِ.

 

وَالوَاقِعُ المُشَاهَدُ وَخَاصَّةً بَعدَ انتِشَارِ وَسَائِلِ الاتِّصَالِ وَتَعَدُّدِ بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ، طُغيَانُ الاهتِمَامِ بِالتَّوَقُّعَاتِ الجَوِّيَّةِ عَلَى النَّاسِ طُغيَانًا ظَاهِرًا، فَاليَومَ أَمطَارٌ غَزِيرَةٌ، وَغَدًا رِيَاحٌ شَدِيدَةٌ، وَهَذَا الأُسبُوعَ عَاصِفَةٌ مَدَارِيَّةٌ، وَالشَّهرَ القَادِمَ مُنخَفَضٌ جَوِّيٌّ، وَبَعدَ كَذَا وَكَذَا مِنَ السَّاعَاتِ وَالدَّقَائِقِ سَيَحصُلُ كَيتَ وَكَيتَ، وَمُتَخَصِّصٌ فَلَكِيٌّ يَقُولُ: أَجِّلُوا مُنَاسَبَاتِكُم، وَمُحَلِّلٌ جَوِّيٌّ يَقُولُ: لا تَخرُجُوا مِن بُيُوتِكُم، وَخَبِيرٌ بِالتَّقَلُّبَاتِ يَأمُرُ بِإِغلاقِ الأَبوَابِ وَلُزُومِ الغُرَفِ، وَكُتَّابٌ يَدعُونَ إِلى تَعلِيقِ الدِّرَاسَةِ، في رَسَائِلَ تَزدَحِمُ بها المَجمُوعَاتُ، وَتقَارِيرَ تَتَنَاقَلُهَا الجَوَّالاتُ، وَمُتَابَعَاتٍ وَلِجَانٍ لِتَسمِيَةِ الحَالاتِ.

 

وَالحَقُّ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - أَنَّهُ لا بَأسَ بِهَذِهِ التَّوَقُّعَاتِ إِذَا جَاءَت مِن مُتَخَصِّصِينَ مِن أَهلِ العِلمِ التَّجرِيبيِّ، إِذْ هِيَ لا تَعني ادِّعَاءَ الغَيبِ وَلا مَعرِفَةَ مَا وَرَاءَ الظَّاهِرِ، وَلَكِنَّهَا نَوعٌ مِنِ استِشرَافِ المُستَقبَلِ وَالتَّنَبُّؤِ بِهِ، مَبنيٌّ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ تُفضي إِلى نَتَائِجَ مَعلُومَةٍ، وَأَسبَابٍ تُوصِلُ إِلى مُسَبَّبَاتٍ مُحَدَّدَةٍ، وَتَتَبُّعٍ دَقيقٍ لِسُنَنٍ مُحكَمَةٍ جَعَلَهَا اللهُ في الكَونِ، عَلِمَهَا مَن عَلمِهَا وَجَهِلَهَا مَن جَهِلَهَا. وَإِنَّهُ مَا دَامَ الحَدِيثُ في هَذِهِ الظَّوَاهِرِ الكَونِيَّةِ مَبنِيًّا عَلَى مُعطَيَاتٍ مَحسُوسَةٍ أَو مُتَوَقَّعَةٍ، فَهُوَ مِمَّا قَد يَنتَفِعُ النَّاسُ بِهِ في حَيَاتِهِم، وَبِهِ يَتَفَادَونَ أَخطَارًا قَد تُحِيطُ بِهِم، وَيَتَّقُونَ آفَاتٍ قَد تُصِيبُهُم، وَلا يُنكَرُ أَنَّ النَّاسَ قَد وَصَلُوا في هَذَا العَصرِ إِلى دَرَجَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ العِلمِ التَّجرِيبيِّ الدُّنيَوِيِّ في مَجَالاتٍ شَتَّى، بما تَيَسَّرَ لَهُم مِن أَدَوَاتِ الرَّصدِ وَأَجهِزَةِ المُتَابَعَةِ الدَّقِيقَةِ، الَّتي لم تَتَيَسَّرْ لِمَن كَانَ قَبلَهُم، غَيرَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَإِنْ عَظُمَ في الأَعيُنِ وَكَبُرَ عِندَ بَعضِ النَّاسِ قَدرُهُ، لا يَخرُجُ عَمَّا قَرَّرَهُ الحَكِيمُ الخَبِيرُ في كِتَابِهِ حَيثُ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76] وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ هَذَا القَلِيلَ مِن العِلمِ الَّذِي أُوتِيَهِ النَّاسُ، يَجِبُ أَلاَّ يُنسِيَنَا مُصَرِّفَ الكَونِ وَمُقَدِّرَ المَقَادِيرِ وَمُقَلِّبَ الأَحوَالِ، وَهُوَ اللهُ الخَلاَّقُ العَلِيمُ - سُبحَانَهُ - الَّذِي جَعَلَ هَذَا التَّقلِيبَ وَقَدَّرَ ذَاكَ التَّصرِيفَ، وَقَضَى بِالتَّغيِيرِ الدَّائِمِ وَالتَّبدِيلِ المُستَمِرِّ؛ لِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلبَابِ وَيَعتَبِرَ أُولُو الأَبصَارِ؛ لا لِيَكُونَ قُصَارَى مَا يَفعَلُهُ النَّاسُ هُوَ تَنَاقُلَ الأَخبَارِ دُونَ تُفَكُّرٍ أَوِ اعتِبَارٍ، أَو تَأَمُّلٍ لِمَا في ذَلِكَ مِنَ المَعَاني الجَلِيلَةِ وَالحِكَمِ وَالأَسرَارِ. وَإِذَا لم يَعتَبِرِ الإِنسَانُ بِمَطَرِ يَومِهِ وَغُبَارِ غَدِهِ، وَيَتَفَكَّرْ في إِنبَاتِ الأَرضِ في فَصلٍ ثُمَّ صَيرُورَتِهِ هَشِيمًا في فَصلٍ آخَرَ، وَيَتَذَكَّرْ بانسِلاخِ النَّهَارِ مِنَ الليلِ، وَيعجَبُ مِن بُدُوِّ القَمَرِ هِلالاً ثُمَّ تَمَامِهِ بَدرًا ثُمَّ عَودَتِهِ ﻣُﺤَﺎﻗًﺎ، وَتَعَاقُبِ الفُصُولِ الأَربَعَةِ، وَتَحَوُّلِ الجَوِّ مِن حَرٍّ إِلى بَردٍ وَمِن دِفءٍ إِلى صَقِيعٍ، فَأَينَ التَّفَكُّرُ في مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَالليلِ وَالنَّهَارِ وَالشَّمسِ وَالقَمَرِ؟! وَأَينَ مَنِ امتَدَحَهُمُ اللهُ بِذَلِكَ في قَولِهِ: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191] وَقَولِهِ: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ﴾ [طه: 53، 54] وَقَولِهِ: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور:43، 44]. وَقَولِهِ: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 21] وَقَولِهِ: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164] وَقَولِهِ: ﴿ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 3 - 5] وَقَولِهِ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 57] إِنَّ في الكَونِ لآيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَظَوَاهِرَ بَاهِرَاتٍ، تُؤَكِّدُ أَنَّ مَا يَجرِي فِيهِ لَيسَ ضَربًا مِنَ العَبَثِ وَلا نَوعًا مِنَ الصُّدَفِ، وَلَكِنَّهَا أَقدَارٌ تَجرِي لِحِكَمٍ بَالِغَةٍ ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، جَمِيلٌ أَن يُستَشرَفَ المُستَقبَلُ بِنَاءً عَلَى عِلمٍ وَخِبرَةٍ، وَمِنَ العَقلِ اتِّخَاذُ الأَسبَابِ لاتِّقَاءِ الأَخطَارِ الَّتي قَد تُحدِثُهَا ظَاهِرَةٌ مَا، وَلَكِنَّ الَّذِي لا يَجمُلُ بِالمُسلِمِينَ وَلا يَحسُنُ أَن يَصدُرَ عَنِ المُؤمِنِينَ، أَن يَصِلَ بِهِمُ التَّعَلُّقُ بِالأَسبَابِ إِلى أَن يُصبِحَ هُوَ الحَاكِمَ عَلَى تَصَرُّفَاتِهِم وَالمُتَحَكِّمَ فِيهَا، حَتَّى يَكَادُوا يَنسَونَ الخَالِقَ المُسَبِّبَ - سُبحَانهُ -. وَإِنَّ أَخذَ هَذِهِ التَّوَقُّعَاتِ الفَلَكِيَّةِ عِندَ بَعضِ المُحَلِّلِينَ سَبِيلَ الجَزمِ بها وَالتَّعبِيرِ عَنهَا بِلُغَةِ القَطعِ وَالتَّأكِيدِ، دُونَ رَبطِهَا بِمَشِيئَةِ اللهِ وَإِذنِهِ، وَتَضخُّمَ الارتِبَاطِ بِمَوَاسِمِ الرِّيَاحِ وَالأَمطَارِ وَالحَرِّ وَالبَردِ، قَد يَصِلُ بِالقُلُوبِ مُستَقبَلاً إِلى أَن تَتَعَلَّقَ بِكُلِّ هَذِهِ الأَسبَابِ وَالتَّوَقُّعَاتِ تَعَلُّقًا تَضعُفُ مَعَهُ قُوَّةُ الإقرَارِ بِأَنَّ اللهَ وَحدَهُ هُوَ الخَالِقُ المُدبِّرُ المُتَصَرِّفُ، وَتَغِيبُ مَعَهُ حِكَمُ تَقدِيرِ ذَلِكَ، حَتَّى يَصِلَ بِنَا لِسَانُ الحَالِ إِلى مَا كَانَ الكُفَّارُ يَقُولُونَهُ بِلِسَانِ المَقَالِ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صَلاةَ الصُّبحِ بِالحُدَيبِيَةِ عَلَى أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَت مِنَ اللَّيلِ، فَلَمَّا انصَرَفَ أَقبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: " هَل تَدرُونَ مَاذَا قَالَ ربُّكُم؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: " أَصبَحَ مِن عِبَادِي مُؤمِنٌ بي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤمِنٌ بي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ، وَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بي وَمُؤمِنٌ بِالكَوكَبِ ".

 

أَلَا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَتَمَسَّكْ بما نَحنُ عَلَيهِ وَنَعتَقِدُهُ مِن أَنَّ اللهَ - سُبحَانهُ - هُوَ المُصَرِّفُ المُقَدِّرُ، وَلْنُعَلِّقْ كُلَّ أَمرٍ بِمَشِيئَتِهِ وَإِذنِهِ، فَقَد وَجَّهَنَا - سُبحَانَهُ - إِلى ذَلِكَ فِيمَا نَقدِرُ عَلَيهِ مِن أَفعَالِنَا وَتَصَرُّفَاتِنَا فَقَالَ: ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: 23، 24] وَقَالَ: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 29] فَكَيفَ بِأَفعَالِهِ الخَاصَّةِ، وَالَّتي لا نَملِكُ مِنهَا كَثِيرًا وَلا قَلِيلًا، وَلا كَبِيرًا وَلا صَغِيرًا ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الزمر: 62، 63].

♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدَ، فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ، وَتَذَكَّرُوا أَنَّ كُلَّ مَا في الكَونِ مِن تَقَلُّبَاتٍ وَتَغَيُّرَاتٍ، وَمَا يَجري في جَوِّ السَّمَاءِ مِن سَحَائِبَ غَادِيَاتٍ أَو رَائِحَاتٍ، وَمَا يَكُونُ مِن غُيُومٍ أَو بُخَارٍ، أَو رِيَاحٍ أَو عَوَاصِفَ أَو غبَارٍ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُسَيِّرٌ بِأَمرِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، العَالِمِ عَدَدَ ذَرَّاتِ الغبَارِ وَمَا جَرَّت بِهِ الأَنهَارُ، وَالمُحصِي حَصَى الجِبَالِ وَوَرَقَ الأَشجَارِ وَمَا زَفَرت بِهِ البِحَارُ، الَّذِي لا يَخفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِمَّا أَظلَمَ عَلَيهِ اللَّيلُ أَو أَشرَقَ عَلَيهِ النَّهَارُ ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 64]، ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59] وَهُوَ القَائِلُ - سُبحَانهُ -: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيءِ خَلَقنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [القمر:49، 50] وَأَمَّا التَّوَقُّعَاتُ الفَلَكِيَّةُ وَالتَّحلِيلاتُ الجَوِّيَّةُ، فَلا يُمكِنُ أَن تُزَحزِحَ قَدرَ أَنمُلَةٍ مِنَ المَقَادِيرِ الإلَهِيَّةِ، وَلا أَن تُغَيِّرَ مُحكَمًا مِنَ الأَحكَامِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَلَيسَ نَشرُ الأَخبَارِ هُوَ الَّذِي يَجلِبُ الأَمطَارَ أَو يَدفَعُ الغُبَارَ، وَلا تَردَادُ التَّحذِيرِ هُوَ الَّذِي يَحمِي مِن سَيِّئِ الآثَارِ، وَلا تَعلِيقُ الدِّرَاسَةِ هُوَ المَطلَبَ الَّذِي يَنبَغي أَن يَهتَمَّ بِهِ الكِبَارُ قَبلَ الصِّغَارِ، وَلَكِنَّ وَاجِبَنَا جَمِيعًا وَالحَقِيقَ بِنَا، هُوَ الدُّعَاءُ وَالتَّوبَةُ وَالاستِغفَارُ، وَسُؤَالُ اللهِ خَيرَ هَذِهِ الرِّيَاحِ وَخَيرَ مَا فِيهَا وَخَيرَ مَا أَرَسِلت بِهِ، وَالاستِعَاذَةُ بِاللهِ مِن شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرسِلَت بِهِ؛ فَذَلِكُم هُوَ هَديُ إِمَامِنَا وَقُدوَتِنَا وَقَائِدِنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ خَيرَهَا وَخَيرَ مَا فِيهَا وَخَيرَ مَا أُرسِلَت بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرسِلَت بِهِ " وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَونُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقبَلَ وَأَدبَرَ، فَإِذَا مَطَرَت سُرِّيَ عَنهُ، فَعَرَفَت ذَلِكَ عَائِشَةُ فَسَأَلَتهُ فَقَالَ: " لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَومُ عَادٍ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] وَفي رِوَايَةٍ: وَيَقُولُ إِذَا رَأَى المَطَرَ: "رَحمَةً".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التذمر من الحر والأحوال الجوية
  • قوة التوقع
  • التوقعات وتأثيرها على الواقع

مختارات من الشبكة

  • الخوف من التوقعات(استشارة - الاستشارات)
  • تعريف الصرف الإلكتروني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إدارة الجودة الشاملة في عصر الذكاء الاصطناعي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كيف يمكن للشباب التكيف مع ضغوط الدراسة وتحديات المستقبل؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فلسفة تربوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من مشاكل المراهقين(استشارة - الاستشارات)
  • هنيئا لكم يا هؤلاء(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • هولندا: المؤتمر العلمي السنوي عن الزواج الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الشمل أشتات (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 0:26
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب