• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من أحكام صلاة الخوف (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    الجندر: مفهومه - أهدافه - وموقف الإسلام منه (PDF)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    خطبة: المسلم الإيجابي
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    وجوب لزوم الطريق المستقيم وأسباب الثبات
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الاستدراكات الأصولية لشمس الدين الكرماني (ت ...
    محمد عايد الشمري
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: دعوة نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الحج المبرور ثوابه الجنة
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    أسلوبية التضاد الدلالي في أحاديث رياض الصالحين ...
    أ. م. د. مازن موفق صديق الخيرو
  •  
    فتح الرحيم في ضبط المتشابه في القرآن الكريم (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    جني الثمار شرح صحيح الأذكار - باللغة الإنجليزية ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/9/2012 ميلادي - 19/10/1433 هجري

الزيارات: 24976

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿  وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ ﴾  [الطلاق: 2، 3] ﴿  وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في صَبَاحِ الغَدِ بِإِذنِ اللهِ، يَغدُو إِلى المَدَارِسِ آلافٌ مِنَ الطُّلاَّبِ وَالطَّالِبَاتِ وَالمُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ، يَحدُو كَلاًّ مِنهُم إِلى النَّجَاحِ أَمَلٌ كَبِيرٌ، وَيَدفَعُهُم إِلَيهِ شَوقٌ عَظِيمٌ. وَإِنَّهُ مَهمَا يَكُنْ مِن تَهَيُّؤٍ وَاستِعدَادٍ وَبَذلِ جُهدٍ وَاجتِهَادٍ، فَإِنَّهُ لا غِنى لِلعِبَادِ جَمِيعًا عَن تَوفِيقِ اللهِ لهم، وَلا نَجَاحَ لهم في دُنيَاهُم وَلا أُخرَاهُم إِلاَّ بِتَسدِيدِ اللهِ لهم وَعِنَايَتِهِ بهم.

إِذَا لم يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتى
فَأَوَّلُ مَا يَجنِي عَلَيهِ اجتِهَادُهُ


قَالَ - تَعَالى -:﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿  وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7]  وَالتَّوفِيقُ مِنَ الأُمُورِ الَّتي لا تُطلَبُ إِلاَّ مِنَ اللهِ، إِذْ لا يَقدِرُ عَلَيهِ إِلاَّ هُوَ، فَمَن طَلَبَهُ مِن غَيرِهِ فَهُوَ مَحرُومٌ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿  إِنَّكَ لا تَهدِي مَن أَحبَبتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهدِي مَن يَشَاءُ ﴾  [القصص: 56] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَن شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ-: ﴿  وَمَا تَوفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]  قَالَ ابنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: وَقَد أَجمَعَ العَارِفُونَ بِاللهِ أنَّ التَّوفِيقَ هُوَ أَلا يَكِلَكَ اللهُ إِلى نَفسِكَ، وَأَنَّ الخِذلانَ هُوَ أَن يُخَلِّيَ بَينَكَ وَبَينَ نَفسِكَ. وَفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - أَن تَقُولَ إِذَا أَصبَحَت وَإِذَا أَمسَت: " يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحمَتِكَ أَستَغِيثُ، وَأَصلِحْ لي شَأني كُلَّهُ، وَلا تَكِلْني إِلى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ أَبَدًا " إِذَا عُلِمَ هَذَا وَتُيُقِّنَ مِنهُ - عِبَادَ اللهِ - فَإِنَّ ممَّا يَجِبُ عَلَى أَهلِ العِلمِ مُعَلِّمِينَ وَطُلاَّبًا، أَن يَطلُبُوا التَّوفِيقَ وَالنَّجَاحَ مِن مَالِكِهِ - سُبحَانَهُ- وَأَن يَبذُلُوا لِذَلِكَ أَسبَابَهُ وَيَسلُكُوا سُبُلَهُ، فَإِنَّ تَوفِيقَ اللهِ لِلعَبدِ لا يَكُونُ مَعَ القُعُودِ وَالكَسَلِ وَالاستِسلامِ لِلأَوهَامِ، وَلَكِنَّهُ مُرتَبِطٌ بِأَسبَابٍ مَن أَتَى بها وَحَقَّقَهَا هُدِيَ وَكُفِيَ، وَمِن خَيرِ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ نَبيُّ اللهِ شُعَيبٌ - عَلَيهِ السَّلامُ - حَيثُ قَالَ لِقَومِهِ كَمَا حَكَى اللهُ عَنهُ: ﴿  وَمَا تَوفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]  إِنَّهُمَا أَمرَانِ عَظِيمَانِ يَحصُلُ بهما التَّوفِيقُ، التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ، وَالإِنَابَةُ إِلَيهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ - تَعَالى - وَمَلأَ الإِخلاصُ لَهُ قَلبَهُ، وَعَلِمَ - سُبحَانَهُ - مِنهُ صِدقَ نِيَّتِهِ، وَأَكثَرَ مِن دُعَاءِ رَبِّهِ وَاللُّجُوءِ إِلَيهِ، وَعَمِلَ بما عَلِمَ قَدرَ طَاقَتِهِ، وَكَانَ رَجَّاعًا إِلى اللهِ غَيرَ مُصِرٍّ عَلَى خَطَئِهِ وَذَنبِهِ، فَقَد أَخَذَ بِمَجَامِعِ الأَسبَابِ المُوصِلَةِ إِلى التَّوفِيقِ.

 

إِنَّ مِنَ النَّاسِ اليَومَ مُعَلِّمِينَ وَطُلاَّبًا، مَن بَعُدُوا عَن هَذِهِ الأَسبَابِ، وَأَخَذَت بهم بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ عَنِ التَّحقِيقِ، وَبَعُدُوا عَنِ الطَّرِيقِ المُستَقِيمِ، وَمِن ثَمَّ لم يُوَفَّقُوا وَلم يُسَدَّدُوا، وَلم يَنَالُوا في حَيَاتِهِم نَجَاحًا وَلا فَلاحًا، فَمَعَ نَفَاسَةِ العِلمِ الَّذِي هُم بِصَدَدِ تَعَلُّمِهِ وَتَعلِيمِهِ وَالعَمَلِ بِهِ، فَقَد خَالَفَ أَقوَامٌ الهَدَفَ الأَسمَى وَتَرَكُوا الغَايَةَ العُظمَى، وَبَدَلاً مِن أَن يَتَعَلَّمُوا لِيَعمَلُوا وَيُعَلِّمُوا، وَيَتَأَدَّبُوا في حَيَاتِهِم وَتَرقَى مُعَامَلاتُهُم، وَيُؤَدِّبُوا غَيرَهُم وَيَكُونُوا قُدوةً لهم في الخَيرِ، جَعَلُوا مِنَ العِلمِ سُلَّمًا لِنَيلِ مَآرِبَ دُنيَوِيَّةٍ دَنِيئَةٍ، وَقَصَدُوا بِهِ نَيلَ أَعلَى الشَّهَادَاتِ وَأَفخَمِ الأَوسِمَةِ، وَتَحصِيلَ الوَظَائِفِ وَالتَّوَشُّحَ بِالجَاهِ عِندَ النَّاسِ، فَسَقَطُوا لِذَلِكَ وَلم يَرتَفِعُوا، وَآخَرُونَ لم يُقَرِّبْهُم عِلمُهُم مِنَ اللهِ، بَل مَا زَالُوا إِلى إِطفَاءِ نُورِهِ بِالمَعَصِيَةِ سَاعِي. وَصَدَقَ الشَّاعِرُ حَيثُ قَالَ:

وَلم أَقضِ حَقَّ العِلمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا
بَدَا طَمَعٌ صَيَّرتُهُ لِيَ سُلَّمَا
وَلم أَبتَذِلْ في خِدمَةِ العِلمِ مُهجَتي
لأَخدِمَ مَن لاقَيتُ لَكِنْ لأُخدَمَا
أَأَشقَى بِهِ غَرسًا وَأَجنِيهِ ذِلَّةً
إِذًا فَاتِّبَاعُ الجَهلِ قَد كَانَ أَحزَمَا
وَلَو أَنَّ أَهلَ العِلمِ صَانُوهُ صَانَهُم
وَلَو عَظَّمُوهُ في النُّفُوسِ لِعُظِّمَا
وَلَكِنْ أَذَّلُوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا
مُحَيَّاهُ بِالأَطمَاعِ حَتى تَجَهَّمَا

 

وَمَا كَانَ أَعقَلَ الشَّافِعِيَّ إِذَ يَقُولُ:

شَكُوتُ إِلى وَكِيعٍ سُوءَ حِفظِي
فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعَاصِي
وَقَالَ اعلَمْ بِأَنَّ العِلمَ نُورٌ
وَنُورُ اللهِ لا يُؤتَاهُ عَاصِي


وَقَد جَاءَ في ذِكرِ أَوَّلِ النَّاسِ يُقضَى لهم يَومَ القِيَامَةِ " وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمتُ العِلمَ وَعَلَّمتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمتَ العِلمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأتَ القُرآنَ لِيُقَالَ قَارِئٌ، فَقَد قِيلَ، ثم أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتى أُلقِيَ في النَّارِ " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لا تَعَلَّمُوا العِلمَ لِتُبَاهُوا بِهِ العُلَمَاءَ، أَو لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، أَو لِتَصرِفُوا بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيكُم، فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ في النَّارِ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ أَهلَ العِلمِ مُعَلِّمِينَ وَطُلاَّبًا، وَلْيَطلُبُوهُ لِوَجهِ اللهِ، وَلْيَكُنِ المُعَلِّمُونَ قُدوَةً لِطُلاَّبِهِم في تَطبِيقِ مَا يَقُولُونَ، وَلْيُروهُم مِن أَنفُسِهِم صُورَةً صَادِقَةً لما يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ صَاحِبُ العِلمِ، مِن إِتبَاعِ القَولِ بِالعَمَلِ، وَالرُّقِيِّ في الأَخذِ وَالعَطَاءِ، وَاللِّينِ في التَّعَامُلِ وَالبُعدِ عَنِ الجَفَاءِ، وَالصَّبرِ عَلَى الشَّدَائِدِ وَالَّلأوَاءِ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن يَكُونَ العِلمُ في جَانِبٍ وَالعَمَلُ في جَانِبٍ، فَإِنَّ هَذَا مِن أَشَدِّ المَقتِ لِلنَّفُوسِ وَتَضيِيعِ طَرِيقِ التَّوفِيقِ، وَهُوَ في الوَقتِ نَفسِهِ سَفَهٌ في الرَّأيِ وَضَعفٌ في العَقلِ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ: ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ * كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ ﴾ [الصف:2، 3] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن بَني إِسرَائِيلَ: ﴿  أَتَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ أَنفُسَكُم وَأَنتُم تَتلُونَ الكِتَابَ أَفَلا تَعقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

 

وَقَالَ بَعضُهُم:

تَلُومُ المَرءَ عَلَى فِعلِهِ
وَأَنتَ مَنسُوبٌ إِلى مِثلِهِ
مَن ذَمَّ شَيئًا وَأَتَى مِثلَهُ
فَإِنَّمَا يُزرِي عَلَى عَقلِهِ


إِنَّهَا لَخَسَارَةٌ عَلَى المُعَلِّمِ أَوِ المُتَعَلِّمِ أَن يَكُونَ حَسَنَ القَولِ سَيِّئَ الفِعلِ، كَبِيرًا في شَهَادَتِهِ صَغِيرًا في عِبَادَتِهِ، يَصِفُ لِلآخَرِينَ الدَّوَاءَ وَهُوَ وَاقِعٌ في الدَّاءِ، وَصَدَقَ القَائِلُ:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ
هَلاَّ لِنَفسِكَ كَانَ ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السَّقَامِ وَذِي الضَّنى
كَيمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
وَنَرَاكَ تُصلِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا
أَبَدًا وَأَنتَ مِنَ الرَّشَادِ عَدِيمُ
فَابدَأْ بِنَفسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا
فَإِذَا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقبَلُ مَا تَقُولُ وَيُهتَدَى
بِالقَولِ مِنكَ وَيَنفَعُ التَّعلِيمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ
عَارٌ عَلَيكَ إِذَا فَعَلتَ عَظِيمُ

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَقَلبٍ لا يَخشَعُ، وَنَفسٍ لا تَشبَعُ، وَدُعَاءٍ لا يُسمَعُ.

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ كَمَا لا تَنفَعُ الأَموَالُ إِلاَّ بِإِنفَاقِهَا، فَإِنَّ العُلُومَ لا تَنفَعُ إِلاَّ مَن عَمِلَ بها وَرَاعَى وَاجِبَاتِهَا وَمُقتَضَيَاتِهَا، وَقَد جَاءَ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - بَإِسنَادٍ لا بَأسَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ: " مَثَلُ عِلمٍ لا يُعمَلُ بِهِ كَمَثَلِ كَنزٍ لا يُنفَقُ مِنهُ في سَبِيلِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - " وَإِنَّ كُلَّ صَاحِبِ عِلمٍ مَسؤُولٌ عَنهُ يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ حَتى يُسأَلَ عَن أَربَعٍ: عَن عُمُرِهِ فِيمَ أَفنَاهُ؟ وَعَن عِلمِهِ مَا فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَن مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟ وَعَن جِسمِهِ فِيمَ أَبلاهُ؟ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

إِنَّنَا في زَمَنٍ لا نَشكُو قِلَّةً في العِلمِ وَلا غِيَابًا لِلعُلَمَاءِ، وَلا ضَعفًا في الثَّقَافَةِ وَلا نُدرَةً في مَصَادِرِ المَعرِفَةِ، وَإِنَّمَا شَكوَانَا وَبَلوَانَا، وَالَّتي أُتِينَا مِن قِبَلِهَا وَقَلَّ صَلاحُنَا، إِنَّمَا هِيَ في مُخَالَفَةِ العَمَلِ لِلقَولِ، وَقِلَّةِ القُدوَةِ الحَسَنَةِ.

 

وَصَدَقَ مَن قَالَ:

لم نُؤتَ مِن جَهلٍ وَلَكِنَّنَا
نَستُرُ وَجهَ العِلمِ بِالجَهلِ
نَكرَهُ أَن نَلحَنَ في قَولِنَا
وَلا نُبَالي اللَّحنَ في الفِعلِ

 

وَمَا أَصدَقَ مَا قَرَّرَهُ بَعضُ الحُكَمَاءِ حَيثُ قَالَ:

لَن يَبلُغَ أَلفُ رَجُلٍ في إِصلاحِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِحُسنِ القَولِ دُونَ حُسنِ الفِعلِ، مَا يَبلُغُ رَجُلٌ وَاحِدٌ في إِصلاحِ أَلفِ رَجُلٍ بِحُسنِ الفِعلِ دُونَ القَولِ... أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاحرِصُوا عَلَى العَمَلِ بما تَعلَمُونَ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِن ظُلمِ النُّفُوسِ بِتَحمِيلِهَا عِلمًا لا تَعمَلُ بِهِ، فَإِنَّ اللهَ قَد ذَمَّ بهذا اليَهُودَ وَشَبَّهَهُم بِأَغبى الحَيَوانِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿  مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّورَاةَ ثُمَّ لم يَحمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحمِلُ أَسفَارًا بِئسَ مَثَلُ القَومِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهدِي القَومَ الظَّالمِينَ ﴾ [الجمعة: 5].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقام أهل العلم في الناس
  • كلمة إلى أهل العلم والدعوة
  • زجر أهل العلم والتقوى للمتساهلين بالفتوى
  • حرمة أهل العلم
  • الواجب على أهل العلم

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهلا أهلا فيمن حضروا (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • حديث: اطلبوا العلم ولو في الصين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقيقة والشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أهل التشيع (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة الثامنة: أسماء وصفات وخصائص أهل السنة والجماعة(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة السابعة: (تعريف مصطلح أهل السنة والجماعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة السادسة (التعريف بأهل السنة والجماعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/6/1447هـ - الساعة: 15:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب