• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    توثيق النسبة بين المخطوط ومؤلفه
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    القواعد الأصولية وتطبيقاتها من كتاب "شرح الحاوي ...
    عبدالرحمن علي محمد المطري
  •  
    الفوائد النيرات من حديث الأعمال بالنيات (PDF)
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
  •  
    زاد المسلم في الرقية الشرعية
    منصة دار التوحيد
  •  
    العبادة لذة وطاعة (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    آداب الجنائز - (ز) الآداب الخاصة بدفن الميت
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الابتهاج في شرح المنهاج للإمام تقي الدين أبي ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    براءة الإمام محمد بن عبدالوهاب عما ينسب إليه أهل ...
    فرحان بن الحسن بن نور الحلواني
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: مظاهر التوحيد في الحج
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    شرك الأوائل وشرك الأواخر: دراسة مقارنة (PDF)
    أبو عبدالله ياسين مبارك
  •  
    تيسير باب السلم في الفقه الإسلامي على طريقة سؤال ...
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الزلازل والأعاصير بين الإنذار والتبشير (خطبة)

الزلازل والأعاصير بين الإنذار والتبشير (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2023 ميلادي - 29/2/1445 هجري

الزيارات: 18260

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزلازل والأعاصير بين الإنذار والتبشير

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَطَاعَتِهِ في المَنشَطِ وَالمَكرَهِ، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ تَكَرُّرُ الزَّلازِلِ المُدَمِّرَةِ، وَحُدُوثُ الأَعَاصِيرِ المُرَوِّعَةِ، وَهُبُوبُ الرِّيَاحِ العَاتِيَةِ، وَانهِيَارُ السُّدُودِ وَجَرَيَانُ الفَيَضَانَاتِ، وَاشتِعَالُ الحَرَائِقِ في الغَابَاتِ، مَصَائِبُ مُنِيَت بها في زَمَانِنَا دُوَلٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَوَقَعَت في بِلادٍ مُختَلِفَةٍ، وَحَدَثَ بَعضُهَا غَيرَ بَعِيدٍ مِنَّا، فَتَهَدَّمَت بُيُوتٌ وَخَرِبَت دِيَارٌ، وَهَلَكَت زُرُوعٌ وَفَسَدَت ثِمَارٌ، وَمَاتَ أُنَاسٌ وَشُرِّدَ آخَرُونَ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِأَمرِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، لا رَادَّ لِمَا قَضَى، وَلا دَافِعَ لِمَا أَمضَى، ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23].

 

وَحِينَ تَقَعُ مِثلُ هَذِهِ الأَحدَاثِ وَالمَصَائِبِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَختَلِفُونَ في تَلَقِّيهَا، وَتَتَضَارَبُ آرَاؤُهُم في تَفسِيرِهَا، فَمِن مُذِيعٍ لَهَا لِيُحَصِّلَ سَبقًا في نَقلِ الخَبرِ فَحَسبُ، إِلى شَامِتٍ بِالمُبتَلَينَ وَظَانٍّ بِهِم ظَنَّ السَّوءِ، إِلى مَن يَرَى أَنَّ ذَلِكَ أَمرٌ طَبِيعِيٌّ وَحَدَثٌ كَونيٌّ، لا يَخرُجُ عَن أَسبَابٍ مَادِّيَّةٍ مَعرُوفَةٍ، وَقَلِيلٌ هُم أُولَئِكَ المُوَفَّقُونَ، الَّذِينَ يَنظُرُونَ لِمَا يَحصُلُ بِنُورٍ مِمَّا نَزَلَ في الكِتَابِ أَو ثَبَتَ في السُّنَّةِ، لِيَتَعَامَلُوا مَعَ هَذِهِ الأَحدَاثِ وَالمَصَائِبِ بِمَا يَقتَضِيهِ المَقَامُ وَتَستَدعِيهِ الحَالُ، وَمَا يَجِبُ عَلَيهِم نَحوَهَا مِنِ اعتِبَارٍ وَاتِّعَاظٍ وَخَوفٍ مِنَ العُقُوبَاتِ، وَاستِعدَادٍ لِمَا قَد يَحصُلُ مِن مُفَاجَآتٍ، وَمُسَاعَدَةٍ لِمَن يَحتَاجُ إِلى مُسَاعَدَةٍ، وَتَفرِيجِ كَربِ مَن أَصَابَهُمُ الكَربُ، فَالأُمُورُ تَنقَلِبُ بِسُرعَةٍ كَلَمحِ البَصَرِ، وَالأَحوَالُ تَتَغَيَّرُ فَجأَةً دُونَ سَابِقِ إِنذَارٍ. فَرُبَّ آمِنٍ أَمسَى هَادِئًا مُطمَئِنَّ البَالِ، فَأَصبَحَ خَائِفًا مُرَوَّعًا مُتَغَيِّرَ الحَالِ، وَرُبَّ غَنيٍّ افتَقَرَ وَمُعَافًى ابتُلِيَ، وَعَزِيزٍ ذَلَّ وَصَحِيحٍ سَقِمَ، وَمَسرُورٍ حَزِنَ وَمُبتَهِجٍ اغتَمَّ، وَأَحيَاءٍ فُقِدُوا وَمُجتَمِعِينَ تَفَرَّقُوا.

 

هِيَ الأُمُورُ كَمَا شَاهَدتها دُوَلٌ
مَن سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتهُ أَزمَانُ
وَهَذِهِ الدَّارُ لا تُبقِي عَلَى أَحَدٍ
وَلا يَدُومُ عَلَى حَالٍ لها شَانُ


أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ لَقَد أَخبَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكثُرَ الزَّلازِلُ، وَمَعَ أَنَّ المَقصُودَ هُوَ الزَّلازِلُ الحِسِّيَّةُ الَّتي تَهُزُّ الأَرضَ فَتُدَمِّرُ القُرَى وَتُحَطِّمُ المَسَاكِنَ، وَتُشَرِّدُ أَهلَ الدِّيَارِ وَتُخَرِّبُ عَامِرَ البُنيَانِ، وَيَهلِكُ بِسَبَبِهَا الحَرثُ وَالنَّسلُ، وَيَحِلُّ الفَزَعُ وَالهَلَعُ وَالجُوعُ وَالفَقرُ، فَإِنَّ ثَم َّزَلازِلَ مَعنَوِيَّةً مُختَلِفَةَ الدَّرَجَاتِ، تُزَلزِلُ الإِيمَانَ وَالعَقِيدَةَ، وَتَهُزُّ الأَخلاقَ الحَمِيدَةَ، حَتَّى يَضطَرِبَ النَّاسُ في عَقَائِدِهِم وَيَضعُفَ إِيمَانُهُم، وَتَنقَلِبَ أَحوَالُهُم وَتَفسُدَ أَخلاقُهُم، وَيَختَلِفُوا عَمَّا كَانُوا عَلَيهِ مِن حَالٍ تُرضِي اللهَ، إِلى حَالٍ قَد تَجلِبُ تِلكَ الزَّلازِلَ الحِسِّيَّةَ، وَتَنزِلُ بِسَبَبِهَا عَلَيهِمُ العُقُوبَاتُ الرَّادِعَةُ.

 

وَإِنَّهُ مَا مِن مُتَابِعٍ لِحَالِ النَّاسِ وَخَاصَّةً في العُقُودِ المُتَأَخِّرَةٍ، إِلاَّ وَهُوَ يَرَى كَثرَةَ الفِتَنِ وَتَلاحُقَ التَّغَيُّرِ وَالتَّحَوُّلِ، حَتى ضَعُفَ التَّمَسُّكُ بِأُمُورٍ مِنَ الدِّينِ، كَانَ النَّاسُ عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ عَاضِّينَ، تَهَاوَنُوا بِأَركَانٍ وَتَرَكُوا وَاجِبَاتٍ، وَوَقَعُوا في كَبَائِرَ وَوَلَغُوا في مُحَرَّمَاتٍ، وَاهتَمُّوا بِحَقَائِرِ الدُّنيَا وَكَبَّرُوهَا، وَتَسَاهَلُوا في شَعَائِرِ دِينِهِم وَتَنَاسَوهَا، كَم في المُسلِمِينَ اليَومَ كِبَارًا وَصِغَارًا مَن يَتَهَاوَنُونَ بِصَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَكَم مِنهُم مَن لا يَشهَدُونَ صَلاةَ الفَجرِ في المَسَاجِدِ بِالأَيَّامِ المُتَوَالِيَةِ؛ لِذَهَابِ لَيَالِيهِم سَاهِرِينَ عَلَى أَجهِزَةِ التَّوَاصُلِ أَو في قِيلٍ وَقَالٍ، وَكَمِ الَّذينَ يَتَهَاوَنُونَ بِصَلاةِ العَصرِ لأَنَّهُم يَعُودُونَ مِن أَعمَالِهِم فَيُلقُونَ بِأَنفُسِهِم في فُرشِهِم دُونَ اهتِمَامٍ بِصَلاتِهِم، وَكَم في النِّسَاءِ مَن تَمَرَّدَت عَلَى زَوجِهَا وَأَهمَلَت بَيتَهَا، بَل وَتَكَبَّرَت عَلَى أُمِّهَا وَأَبِيهَا؛ لأَنَّهَا مَلَكَت سَيَّارَةً وَحَصَّلَت وَظِيفَةً، فَشَعَرَت أَنَّهَا استَغنَت عَمَّن حَولَهَا مِنَ الرِّجَالِ، فَأَصبَحَت خَرَّاجَةً وَلَّاجَةً، مُتَبَرِّجَةً فَاتِنَةً مُفَتَّنَةً، وَكَم مِنَ الأَبنَاءِ مَن ضَعُفَ بِرُّهُ بِوَالِدَيهِ، وَمَن قَلَّت صِلَتُهُ لأَرحَامِهِ، وَمَن قَاطَعَ إِخوَانَهُ وَجِيرَانَهُ، وَمَن تَهَاوَنَ بِأَكلِ المَالِ الحَرَامِ وَتَعَوَّدَ الغِشَّ وَالإِجرَامَ، كَم وَكَم وَكَم، مِمَّا لا يَخفَى عَلَى الرَّقِيبِ تَركُ النَّاسِ لَهُ تَكَاسُلاً أَو تَهَاوُنًا، أَو وُقُوعُهُم فِيهِ افتِتَانًا بِالدُّنيَا وَانجِرَافًا وَانحِرَافًا.

 

فَاللهَ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ تَمَسَّكُوا بِدِينِكُمُ القَوِيمِ، وَسِيرُوا عَلَى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، وَحَافِظُوا عَلَى أَخلاقِكُمُ الحَسَنَةِ، وَاحفَظُوا أَعرَاضَكُم وَصُونُوهَا، وَقُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم وَأَبنَاءَكُمُ النَّارَ وَاحذَرُوهَا، وَاجتَنِبُوا المَعَاصِيَ صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا، وَجَانِبُوا المُنكَرَاتِ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا شَيءَ يَرفَعُ العَافِيَةَ وَيُنزِلُ البَلاءَ، كَمِثلِ المُجَاهَرَةِ بِالمَعَاصِي وَالتَّسَاهُلِ في ظُهُورِهَا، وَاستِمرَاءِ حُدُوثِهَا عَلَى مَرأًى وَمَسمَعٍ دُونَ أَمرٍ بِمَعرُوفٍ وَلا نَهيٍ عَن مُنكَرٍ، وَلا بَذلِ نَصِيحَةٍ وَلا مُحَاوَلَةِ إِصلاحٍ، بِنَاءً عَلَى فَهمِ الحُرِّيَّةِ عَلَى غَيرِ وَجهِهَا، فَذَلِكَ مُنذِرٌ بِخَطَرٍ عَظِيمٍ، وَمُؤْذِنٌ بِوُقُوعِ العُقُوبَةِ وَحُلُولِ السَّخَطِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «كُلُّ أُمَّتي مُعَافًى إِلاَّ المُجَاهِرُونَ»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَإِنَّهُ لَيسَ بَينَ اللهِ تَعَالى وَبَينَ أَحَدٍ مِن خَلقِهِ إِلاَّ العَمَلُ، فَإِنْ صَلَحَ فَهُوَ الفَلاحُ، وَإِنْ فَسَدَ فَهُوَ الخَسَارَةُ، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

الخطبة الثانية

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنَ المَعَاصِي وَكُفرِ النِّعَمِ، فَإِنَّهَا مِن أَسبَابِ حُدُوثِ البَلايَا وَحُلُولِ النِّقَمِ، ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [النحل: 112 - 114] إِنَّ الأَمنَ في الأَوطَانِ، وَتَوَفُّرَ المَسكَنِ وَالمَطعَمِ، إِنَّهُمَا لَمُوجِبَتَانِ لِشُكرِ اللهِ وَحَمدِهِ، وَالاجتِهَادِ في عِبَادَتِهِ وَدَوَامِ طَاعَتِهِ، وَقَدِ امتَنَّ اللهُ تَعَالى بِهِمَا عَلَى أَهلِ الحَرَمِ فَقَالَ: ﴿ لإِيلافِ قُرَيشٍ * إِيلافِهِم رِحلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ * فَلْيَعبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيتِ * الَّذِي أَطعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ ﴾ [قريش: 1 - 4].

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ إِنَّهُمَا لَنِعمَتَانِ عَظِيمَتَانِ جَلِيلَتَانِ، تَتَصَاغَرُ أَمَامَهُمَا سَائِرُ النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ لِمَن عَقَلَ وَفَطِنَ، فَكَيفَ إِذَا اجتَمَعَت نِعَمٌ عَظِيمَةٌ لا تُحصَى، أَلا فَلْنُقَيِّدْ نِعَمَ اللهِ بِالشُّكرِ، وَلْيَكُنْ شُكرًا حَقِيقِيًّا بِطَاعَتِهِ تَعَالى وَفِعلِ أَوَامِرِهِ، وَالخَوفِ مِنهُ وَتَركِ نَوَاهِيهِ، وَتَقوَاهُ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَالاستِقَامَةِ عَلَى مَا يُرضِيهِ في المَنشَطِ وَالمَكرَهِ، ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذَابي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

وَأَخِيرًا:

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ فَإِنَّ مَا يَقَعُ بِالنَّاسِ مِن مَصَائِبَ وَخَاصَّةً المُسلِمِينَ، لَيسَ كُلُّهُ عُقُوبَةً وَعَذَابًا، بَل قَد يَكُونُ مِنهُ مَا هُوَ رَحمَةٌ لَهُم، إِمَّا بِتَطهِيرِهِم في الدُّنيَا لِيَسلَمُوا مِنَ العَذَابِ في الآخِرَةِ، وَتُرفَعَ دَرَجاتُهُم وَيُزَادَ في حَسَنَاتِهِم، وَإِمَّا بِإِكرَامِهِم بِالشَّهَادَةِ وَنَقلِهِم مِن دَارِ الأَذَى إِلى دَارِ النَّعِيمِ المُقِيمِ، وفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ: « عَجَبًا لأَمرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمرَهُ كُلَّهُ خَيرٌ، وَلَيسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إنْ أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِنْ أَصابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ »؛ وَفي البُخاريِّ وَمُسلِمٍ: « الشُّهَداءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، وَالشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ ».

 

وعِندَ الإمامِ أَحمَدَ وَغَيرِهِ: « لا يَزالُ البَلاءُ بِالمؤمنِ أَوِ المُؤمِنَةِ في جَسَدِهِ وَفي مالِهِ وَفي وَلَدِهِ، حَتى يلقى اللهَ وَمَا عَلَيهِ مِن خَطِيئَةٍ ».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كثرة الزلازل وظهور الخسف، والقذف، والمسخ (خطبة)
  • الزلازل في الكتاب والسنة والآثار
  • الزلازل من أعظم المواعظ
  • لماذا خلق الله الزلازل؟
  • علم نفس الزلازل
  • الزلازل والآيات: وقفات وعظات (1)
  • من علامات الساعة نقص الأرض من أطرافها بالزلازل ونحوها
  • الزلازل والفيضانات: وقفات وعظات (خطبة)
  • آية الزلازل وخلق التضامن (خطبة)
  • من الحكم فيما يصيب الناس من زلازل ومحن
  • خطبة الزلازل والصدقة
  • خطبة العواصف والأعاصير

مختارات من الشبكة

  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقفان تقفهما بين يدي الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البناء والعمران بين الحاجة والترف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/5/1447هـ - الساعة: 14:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب