• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    توثيق النسبة بين المخطوط ومؤلفه
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    القواعد الأصولية وتطبيقاتها من كتاب "شرح الحاوي ...
    عبدالرحمن علي محمد المطري
  •  
    الفوائد النيرات من حديث الأعمال بالنيات (PDF)
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
  •  
    زاد المسلم في الرقية الشرعية
    منصة دار التوحيد
  •  
    العبادة لذة وطاعة (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    آداب الجنائز - (ز) الآداب الخاصة بدفن الميت
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الابتهاج في شرح المنهاج للإمام تقي الدين أبي ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    براءة الإمام محمد بن عبدالوهاب عما ينسب إليه أهل ...
    فرحان بن الحسن بن نور الحلواني
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: مظاهر التوحيد في الحج
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    شرك الأوائل وشرك الأواخر: دراسة مقارنة (PDF)
    أبو عبدالله ياسين مبارك
  •  
    تيسير باب السلم في الفقه الإسلامي على طريقة سؤال ...
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

حرب المخدرات

حرب المخدرات
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2020 ميلادي - 11/5/1442 هجري

الزيارات: 7620

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حرب المخدرات

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

حَربُ الكُفَّارِ عَلَى المُسلِمِينَ وَعَدَاوَتُهُم لِلمُؤمِنِينَ، كَانَت وَمَا زَالَت مُنذُ أَنْ وُجِدَ الفَرِيقَانِ، وَلَن تَزَالَ مَا دَامَ في الدُّنيَا مُسلِمُونَ وَكُفَّارٌ، وَسَتَدُومُ مَا بَقِيَ في العَالَمِ مُؤمِنُونَ أَبرَارٌ وَفَاسِقُونَ فُجَّارٌ، غَيرَ أَنَّ هَذِهِ الحَربَ مَعَ طُولِهَا، تَتَلَوَّنُ وَتَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الأَزمَانِ، وَتَتَنَوَّعُ أَسَالِيبُهَا لا بِحَسَبِ المَقدُورِ عَلَيهِ وَالإِمكَانِ، وَلَكِنْ بِحَسَبِ الأَبلَغِ ضَرَرًا وَالأَنكَى أَثَرًا، وَإِنَّ أَعدَاءَ الإِسلامِ إِذْ وَجَدُوا مِنَ المُسلِمِينَ في حُرُوبِ المُوَاجَهَاتِ العَسكَرِيَّةِ قُوَّةً وَصَلابَةً، وَلَمَسُوا مِنهُم شِدَّةً وَشَجَاعَةً وَبَسَالَةً، وَرَأَوهُم أَدوَمَ رِبَاطًا وَأَعظَمَ صَبرًا، وَأَقوَى بَأسًا وَأَربَطَ جَأشًا، فَقَد جَدَّدُوا أَنوَاعًا مِنَ الحُرُوبِ أُخرَى، وَاستَحدَثُوا أَسَالِيبَ أَعظَمَ كَيدًا وَأَشَدَّ مَكرًا، تِلكُم هِيَ الحُرُوبُ الَّتي تُشَنُّ عَلَى العُقُولِ بَدَلًا مِنَ الأَجسَادِ، وَتُستَهدَفُ بِهَا الأَفكَارُ بَدَلًا مِنَ الأَبدَانِ، وَيُقصَدُ بِهَا السُّكَّانُ أَكثَرَ مِنَ الأَوطَانِ.

 

تَتَنَوَّعُ هَذِهِ الحُرُوبُ وَتَتَلَوَّنُ، مَا بَينَ حُرُوبٍ سِيَاسِيَّةٍ تَستَهدِفُ الأَنظِمَةَ وَالتَّشرِيعَاتِ، وَحُرُوبٍ فِكرِيَّةٍ تُهَاجِمُ العَقَائِدَ وَتُضَادُّ المَنَاهِجَ، وَأُخرَى مَقصِدُهَا تَحطِيمُ الأَخلاقِ وَالقِيَمِ وَإِسقَاطُ الآدَابِ والشِّيَمِ، حُرُوبٌ لا تَتَوَقَّفُ وَمَعَارِكُ لا تَضعُفُ، وَتَخطِيطٌ وَإِعدَادٌ وَتَجهِيزٌ وَإِمدَادٌ، وَإِنْ تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإِنَّهُم يَألَمُونَ كَمَا تَألَمُونَ، وَلَكِنَّكُم تَرجُونَ مِنَ اللهِ مَا لا يَرجُونَ.

 

وَإِنَّ هُنَالِكَ حَربًا اتَّجَهَ إِلَيهَا الأَعدَاءُ مُنذُ عُقُودٍ، وَجَعَلُوا يُجَهِّزُونَ لَهَا أَسَاطِيلَ وَيَبذُلُونَ فِيهَا أَموَالًا، وَيُدَرِّبُونَ لَهَا عَسَاكِرَ وَيُعِدُّونَ جُنُودًا، حَربٌ غَايَتُهَا تَدمِيرُ شَبَابِ الأُمَّةِ رِجَالًا وَنِسَاءً، وَالقَضَاءُ عَلَيهِم كِبَارًا وَصِغَارًا، دُمِّرَت بِهَا بُيُوتٌ وَأَحيَاءُ، وَشُتِّتَت بِهَا أُسَرٌ وَعَوَائِلُ، وَأُتلِفَت عُقُولٌ وَذُهِبَ بِأَلبَابٍ، وَغُزِيَت مُجتَمَعَاتٌ وَضُيِّعَ مُستَقبَلُ دُوَلٌ. إِنَّهَا المُخَدِّراتُ، تِلكُمُ الرَّصَاصَةُ الخَبِيثَةُ القَاتِلَةُ، الَّتي تَبدَأُ بِأَشرَفِ مَا في الإِنسَانِ فَتُدَمِّرُهُ، وَتَقصِدُ أَكمَلَ مَا مُنِحَهُ فتُذهِبُهُ، وَتَتَسلَّطُ عَلَى نُورِ بَصِيرَتِهِ فَتُطفِئُهُ، وَتَحُطُّ بِشَرِيفِ المَكَانَةِ إِلى السُّفلِ وَالمَهَانَةِ، وَتَهوِي بِهِ مِن صُفُوفِ المُكرَمِينَ إِلى دَرَكٍ يُصبِحُ فِيهِ كَالبَهِيمَةِ، بَل هُو مِنهَا أَقَلُّ وَأَذَلُّ وَأَضَلُّ، وَبَينَمَا يَجعَلُ الإِسلامُ العَقلَ مِنَ الضَّرُورَاتِ الخَمسِ الَّتي جَاءَ بِحِفظِها مُوَافِقًا لِمَا قَبلَهُ مِنَ الشَّرائِعِ، وَيُكرِمُ الإِنسَانَ فَيُحَرِّمُ عَلَيهِ كُلَّ مَا يُفسِدُ عَقلَهُ؛ لِيَبقَى عَزِيزًا مُكرَمًا، مَحفُوظَ الدِّينِ مَصُونَ العِرضِ، حَافِظًا لِمَالِهِ مُتَمَسِّكًا بِمُقَدَّرَاتِهِ، إِذْ يَقصِدُ هَؤُلاءِ الأَعدَاءُ المُجرِمُونَ هَذَا العَقلَ بِالإِضرَارِ وَالتَّدمِيرِ، وَيَتَوَجَّهُونَ إِلَيهِ بِالإِفسَادِ وَسَيِّئِ التَّغيِيرِ؛ لِيَسهُلَ عَلَيهِم غَزوهَذَا الإِنسَانِ في دِينِهِ وَعَقِيدَتِهِ، وَإِتلافُ نَفسِهِ وَهَتكُ عِرضِهِ، وَالهُبُوطُ بِأَخلاقِهِ وَالاستِيلاءُ عَلَى مَالِهِ، وَقِيَادَتُهُ كَالبَهَائِمِ أَنَّى شَاؤُوا، وَالتَّوَجَّهُ بِهِ كَالعَجمَاوَاتِ حَسبَمَا أَرَادُوا، وَأَيُّ قِيمَةٍ لِلإِنسَانِ إِذَا غَابَ عَقلُهُ وَذَهَبَت فِطنَتُهُ؟! وَأَنَّى لَهُ التَّوفِيقُ لِمَا يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ وَقَدِ انطَفَأَت بَصِيرَتُهُ؟! وَمَا الَّذِي يَبقَى لَهُ مِن كَرَامَةٍ وَقَد زَالَت عَنهُ إِنسَانِيَّتُهُ؟!

 

وَنَعُودُ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - لِنَقولَ إِنَّنَا عِندَمَا نَتَحَدَّثُ عَنِ المُخَدِّرَاتِ وَنَتَنَاوَلُ خَطرَهَا، فَإِنَّنَا نُحَذِّرُ مِن حَربٍ شَعوَاءَ وَعَاصِفَةٍ هَوجَاءَ، وَنُحَاوِلُ فَضحَ خُطَّةِ تَدمِيرٍ شَوهَاءَ، حَربٌ تَشُبُّ أُوَارَهَا عِصَابَاتٌ دَولِيَّةٌ، وَتُثِيرُ غُبَارَهَا أَيدٍ عَالَمِيَّةٌ خَفِيَّةٌ، وَيُرَوِّجُ لَهَا أَشرَارٌ طَامِعُونَ، وَيَقَعُ في فَخِّهَا أَغرَارٌ غَافِلُونَ، وَمَا هَذِهِ المَقَادِيرُ الهَائِلَةُ الَّتي تَكتَشِفُهَا الجِهَاتُ الأَمنِيَّةُ مِنَ الحُبُوبِ وَالمُسكِرَاتِ وَالمُخَدِّرَاتِ، وَمَا أَعدَادُ المُرَوِّجِينَ الَّذِينَ يُقبَضُ عَلَيهِم بَينَ حِينٍ وَحِينٍ، وَمَا حَجمُ التِّجَارَةِ الَّتي يُعلَنُ عَنهَا في كُلِّ عَامٍ، وَمَا تِلكُمُ الأَسَالِيبُ المُلتَوِيَةُ وَالطُّرقُ المُختَلِفَةُ لِلتَّهرِيبِ وَالتَّروِيجِ، وَمَا ارتِفَاعُ عَدَدِ قَضَايَا المُخَدِّرَاتِ الَّتي تَنظُرُ فِيهَا المَحَاكِمُ، وَمَا عَجزُ المُستَشفَيَاتِ المُتَخَصِّصَةِ عَنِ استِقبَالِ المُدمِنِينَ، وَمَا تَركُ بَعضِ الأُسَرِ لأَبنَائِهَا بَعدَ الإِدمَانِ في الشَّوَارِعِ عَلَى وُجُوهِهِم هَائِمِينَ، إِلاَّ أَدِلَّةٌ عَلَى قُوَّةِ هَذِهِ الحَربِ الخَبِيثَةِ وَاتِّسَاعِ رُقعَتِهَا، وَمُضِيِّ الأَعدَاءِ في شَنِّ غَارَاتِهَا وَتَكثِيفِ اتِّجَاهَاتِهَا، أَجَل - أَيُّهَا المُوَفَّقُونَ العُقَلاءُ - إِنَّهَا حَربٌ حَقِيقِيَّةٌ، يُرَادُ مِن شَنِّهَا تَدمِيرُ الإِنسَانِ، وَتَقيِيدُ فِكرِهِ وَشَلُّ عَقلِهِ؛ لِيَعِيشَ أَسِيرَ الإِدمَانِ، غَيرَ شَاعِرٍ بِقِيمَةِ زَمَانٍ أَو مَكَانٍ، وَبِهَذَا لا يَتَعَلَّمُ عِلمًا يَنفَعُهُ، وَلا يَعمَلُ عَمَلًا يَرفَعُهُ، وَلا يَستَثمِرُ مَالًا وَلا يُحَصِّلُ رِزقًا، وَلا يَدفَعُ مُجتَمَعًا إِلى تَقَدُّمٍ وَلا يَنهَضُ بِاقتِصَادِ بَلَدٍ، بَل يَصِلُ بِهِ الخِذلانُ وَعَدَمُ التَّوفِيقِ إِلى أَن يَحرِمَ أُسرَتَهُ وَأَبنَاءَهُ وَمَن تَحتَ يَدِهِ مِمَّا لَدَيهِ مِن مَالٍ؛ لِيَشتَرِيَ بِهِ مَا يُدَمِّرُ بِهِ نَفسَهُ وَمُجتَمَعَهُ، وَيُضِيعُ بِهِ مُستَقبَلَهُ، وَيَدخُلُ بِهِ في سِلسِلَةٍ مِنَ الأَمرَاضِ وَالأَضرَارِ وَسَيِّئِ الآثَارِ، في طَرِيقٍ يَطُولُ فِيهِ بَلاؤُهُ وَيَمتَدُّ شَقَاؤُهُ، وَتَزدَادُ هُمُومُهُ وَتَتَضَاعَفُ غُمُومُهُ، وَكَانَتِ البِدَايَةُ بِدَافِعِ التَّجرِبَةِ أَو طَلَبِ التَّخَلُّصِ مِن بَعضِ المُشكِلاتِ، وَإِذَا النِّهَايَةُ السُّقُوطُ في وَحلِ الإِدمَانِ وَمُستَنقَعِ الاعتِمَادِ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - آبَاءً وَمُعَلِّمِينَ وَدُعَاةً وَمُرَبِّينَ، وَلْنَعلَمْ أَنَّهُ لا بِيئَةَ أَنسَبَ لانتِشَارِ المُخَدِّرَاتِ، مِن بِيئَةٍ تُضَاعُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ وَتُتَّبَعُ الشَّهَوَاتُ، وَيَضعُفُ الإِيمَانُ وَيُجَاهَرُ بِالعِصيَانِ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِن إِهمَالِ الأَبنَاءِ، وَتَسلِيمِهِم لِلرُّفَقَاءِ وَالأَصدِقَاءِ، وَالسَّمَاحِ لَهُم بِطُولِ السَّهَرِ أَو تَكرَارِ السَّفَرِ، وَلْنَتَعَاهَدْ مَن تَحتَ أَيدِينَا بِالتَّحصِينَ، بِالدُّعَاءِ لَهُم وَتَوعِيَتِهِم، وَمُصَاحَبَتِهِم وَالاقتِرَابِ مِنهُم، وَتَقوِيَةِ العِلاقَةِ بِهِم وَبِنَاءِ شَخصِيَّاتِهِم، وَشَغلِهِم بِمَا يَنفَعُهُم مِن عَمَلٍ أَو طَلَبِ عِلمٍ أَو رِزقٍ، وَعَدَمِ السَّمَاحِ لِلفَرَاغِ القَاتِلِ أَن يَلتَهِمَ أَوقَاتَهُم وَيُفسِدَ حَيَاتَهُم، وَلْنَتَيَقَّنْ جَمِيعًا أَنَّ طَهَارَةَ المُجتَمَعِ وَسَلامَتَهُ مِن هَذِهِ الآفَةِ وَغَيرِهَا مِنَ الآفَاتِ، لَيسَت مَسؤُولِيَّةَ المُؤَسَّسَاتِ الحُكُومِيَّةِ الأَمنِيَّةِ أَو الشَّرعِيَّةِ أَو الصِّحِّيَّةِ فَحَسبُ، وَلَكِنَّ أَمنَ المُجتَمَعِ وَاستِقرَارَهُ مَنُوطٌ بِالمُجتَمَعِ نَفسِهِ بِكُلِّ أَفرَادِهِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنهُم جُزءٌ مِنَ المَسؤُولِيَّةِ وَقُدرٌ مِنَ الأَمَانَةِ، وَاللهُ - تَعَالى - قَد أَمَرَ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوِى، وَنَهَى عَنِ التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَعَن خِيَانَةِ الأَمَانَةِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ * وَاعلَمُوا أَنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27- 28].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا سِلاحَ يَقضِي عَلَى المُخَدِّرَاتِ وَيَقِفُ في وَجهِ مَن يُرَوِّجُ لِهَذِهِ السُّمُومِ وَيَبُثُّهَا، أَعظَمُ مِن حُسنِ التَّربِيَةِ وَالاعتِنَاءِ بِالبُيُوتِ وَالحِرصِ عَلَى استِقرَارِهَا مِن قِبَلِ الآبَاءِ وَالأَولِيَاءِ، وَإِنَّ أَعظَمَ التَّربِيَةِ وَأَجَلَّهَا قَدرًا وَأَعمَقَهَا أَثَرًا، تَقوِيَةُ الرَّقَابَةِ في القُلُوبِ، وَتَعظِيمُ اللهِ في النُّفُوسِ، وَبَثُّ الخَوفِ مِنهُ في الأَفئِدَةِ، ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].

 

وَقَد كَانَتِ الخُمُورُ في صَدرِ الإِسلامِ مُنتَشِرَةً عَلَى أَثَرِ قُربِ العَهدِ بِالجَاهِلِيَّةِ، لَكِنَّ الإِيمَانَ لَمَّا بَلَغَ أَعلَى دَرَجَاتِهِ في قُلُوبِ الصَّحَابَةِ، لم يَحتَاجُوا لِيَنتَهُوا عَنِ الخَمرِ إِلاَّ إِلى أَنْ خَاطَبَهُم رَبُّهُم - جَلَّ وَعَلا - فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91]، فَأَصبَحَتِ المَدِينَةُ وَقَد جَرَت سِكَكُهَا بِالخُمُورِ المُرَاقَةِ، وَأَصبَحَ المُدمِنُونَ وَقَد انتَهَوا في لَيلَتِهِم عَنِ الرِّجسِ وَاجتَنَبُوهُ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ جَمِيعًا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَتَوَاصَ بِالحَقِّ وَلْنَأمُرْ بِالمَعرُوفِ، وَلْنَنْهَ عنِ البَاطِلِ وَالمُنكَرِ، وَلْنَحرِصْ عَلَى تَرَابُطِ الأُسَرِ وَحِفظِ الأَبنَاءِ وَالبَنَاتِ مِن رُفَقَاءِ السُّوءِ وَمَحَاضِنِ السُّوءِ وَأَجهِزَةِ السُّوءِ، فَإِنَّهُ كَمَا يَشتَدُّ خَطَرُ المُسكِرَاتِ وَالمُخَدِّرَاتِ المَأكُولَةِ وَالمَشرُوبَةِ، فَإِنَّ ثَمَّ مُسكِرَاتٍ وَمُخَدِّراتٍ مَعنَوِيَّةً تُخَامِرُ العُقُولَ وَتُفسِدُ النُّفُوسَ، وَتَقلِبُ القُلُوبَ وَتُمرِضُ الفِطرَ، وَتَحُولُ بَينَ الإِنسَانِ وَبَينَ مَا خُلِقَ لَهُ، فَلِلشَّبَابِ سَكرَتُهُ وَلِلهَوَى سَكرَتُهُ، وَلِتَوَالي النِّعَمِ سَكرَةٌ وَلِلصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ سَكرَةٌ، وَشَرُّ ذَلِكَ الغَفلَةُ عَن طَاعَةِ اللهِ، وَالانقِيَادُ لِدَوَاعِي الفَسَادِ وَالإِفسَادِ مِن بِدَعٍ وَشُبُهَاتٍ وَشَهَوَاتٍ، وَالخُرُوجُ عَمَّا يُرِيدُهُ اللهُ مِنَّا إِلى مَا يُرِيدُهُ أَعدَاؤُنَا وَالمَفتُونُونَ مِن قَومِنَا، الَّذِينَ لا هَمَّ لَهُم إِلاَّ مَلءُ قَنَوَاتِ الإِعلامِ وَبَرَامِجِ التَّوَاصُلِ بِكُلِّ مَا يُخَالِفُ الأُصُولَ وَيُزَعزِعُ الثَّوَابِتَ، وَشَغلُ النَّاسِ بِلِقَاءَاتٍ وَحَفَلاتٍ وَمَهرَجَانَاتٍ، يَختَلِطُ فِيهَا الصَّحِيحُ بِالسَّقِيمِ، وَيَغلِبُ الغَثُّ عَلَى السَّمِينِ، فَاتَّقُوا اللهَ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المخدرات
  • عواقب المخدرات
  • المخدرات

مختارات من الشبكة

  • حرب الهوية.. الحرب على الإسلام(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حروب الإسلام وحروب الجاهلية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرب الفرقان: أولى الحروب الفلسطينية الإسرائيلية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحرب الدافئة... حرب الكلام وألغام المصطلحات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معارك العاشر من رمضان(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • الأسرى في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأثر المعنوي للحرب النفسية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن معاملة الأسرى ورسل الأعداء في الحروب النبوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحروب والجريمة بعيدا عن نور الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرب وسيلة للسلم(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/5/1447هـ - الساعة: 13:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب