• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البيان في متشابه القرآن للإمام العلامة أبي علي ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    الأصناف الذين وصى بهم الرسول صلى الله عليه وآله ...
    حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    لقاء حول العلم والعلماء (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    كبار السن.. وإجلالهم..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طريقة القرآن المعهودة وأثرها في الترجيح عند ...
    علي أحمد يسلم بن عبيدون
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    علم مناهج التربية من المنظور الإسلامي (عرض
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    خواطر في الدعوة إلى الله تعالى (PDF)
    ثامر بن مبارك العامر
  •  
    منظومة تنبيه الطلاب بمهمة علم الأنساب (PDF)
    فرحان بن الحسن بن نور الحلواني
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف (الأصل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أنوار أذهان الطلاب الغرر في نظم نخبة الفكر، ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    خمسون قاعدة في تربية الأبناء (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

فضائل شهر الله المحرم (خطبة)

فضائل شهر الله المحرم (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/8/2020 ميلادي - 3/1/1442 هجري

الزيارات: 73020

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضائل شهر الله المحرم

 

الْخُطبَةُ الْأُولَى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ، حل عَلَيْنَاْ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ شَهْرٌ عَظِيْمٌ، مِنْ أَفْضَلِ الْأَشْهُرِ الَّتِيْ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ صَوْمُهَا حَيْثُ قَاْلَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَيْسَ شَهْرًا فِيْ الْسَّنَةِ بَعْدَ رَمَضَاْنَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ شَهْرِ اللهِ الـْمُـحَرَّمِ، وَقَدْ سَمَّىْ الْنَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المْحُرَّمَ شَهْرَ اللهِ، وَإِضَاْفَتُهُ إِلَىْ اللهِ تَدُلُّ عَلَىْ شَرَفِهِ وَفَضْلِهِ

شَهْرُ الحَرَامِ مُبَاركٌ مَيْمُونُ
والْصَّوْمُ فِيْهِ مُضَاْعَفٌ مَسْنُونُ
وَثُوَاْبُ صَاْئِمِهِ لِوَجْهِ إِلَهِه
فِي الخُلْدِ عِنْدَ مَلِيْكِهِ مَخْزُوْنُ

 

فَأَحُثُّ نَفْسِيْ وَإِخْوَاْنِي عَلَىْ مُجَاْهَدَةِ أَنْفُسِنَا لِصِيْامِ مَاْ نَسْتَطِيْعُ صَوْمَهُ مِنْ أَيَّاْمِ هَذَاْ الْشَّهْرِ؛ فَهِيْ – وَرَبِّيْ- غَنِيْمَةٌ بَاْرِدَةٌ. فَاِحْرِصُوْا عَلَىْ صِيَاْمِ مَاْ تَسْتَطِيْعُوْنَ، وَحُثُّوْا أَهْلِيكُمْ عَلَىْ ذَلِكَ.

 

وَأَفْضَلُ مَاْ يُصَاْمُ فِيْ هَذَاْ الْشَّهْرِ؛ صِيَاْمُ يَوْمِ عَاْشُوْرَاْءَ حَيْثُ قَاْلَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْهُ: (يُكَفِّرُ الْسَّنَةَ الْمَاْضِيَةَ). رَوَاْهُ مُسْلِمْ. وَشُرِعَ صِيَامُ يومِ عاشورَاءَ، شُكرًا للهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى نَجَاةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ،مِنْ أَكْبَرِ طَاغِيَةٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ،حيثُ ذَكَرَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ تِلْكَ القصةَ، الَّتِي تُبَيِّنُ كيفَ اِنتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ،لتَبْعَثَ فِي قُلُوبِ المؤمنينَ الثَّبَاتَ؛ فقوةُ البَاطِلِ لَا تُقَاوِمُ الحقَّ مهمَا بلَغَتْ؛ فهي مبنيةٌ على أَسَاسٍ فَاسِدٍ، لقدْ كانَ فرعونُ،يَسْتَضْعِفُ بنِي إِسرائِيلَ،ويُقتِّلُ أبناءَهُم، ويَسْتَحْيِيِ نساءَهُمْ، ولكنَّ مشيئةَ اللهِ نافذةٌ، وقدرتُهُ قاهرةٌ، فشاءَ اللهُ لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنْ ينجُوَ مِنْ القَتْلِ، عكسَ مواليدِ بنِي إسرائيلَ في تلكَ السَّنةِ،وأنْ يَتَرَبَّى فِي بيتِ فِرْعَونَ، تحرسُهُ عنايةُ اللهِ، حتَّى كَبُرَ، وبَلَغَ أَشُدَّهُ،وبَعَثَهُ اللهُ برسالتِهِ إِلَى فِرْعَونَ وآتاهُ من الآياتِ مَا يدلُ عَلَى صِدْقِهِ، ولكنَّ فِرْعَونَ كَمَا قالَ تَعَالَى: ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 21، 24]، ولمَّا غَلَبَهُ مُوسَى بالحُجَجِ، والبيِّنَاتِ، وكَشَفَهُ لقومِهِ؛ اِدَّعَى هَذَا الطَّاغِيَةُ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى سِحْرٌ، وأنَّ عِنْدَهُ مِنَ السِّحْرِ، والسَّحَرَةِ مَا يَنْتَصِرُ بِهِ عَلَى مَوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَجَمَعَ سَحَرَتَهُ مِنْ جَمِيعِ مَمْلَكَتِهِ، ﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ) ﴾ [الشعراء: 38، 40] فَعَرضُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنَ السِّحْرِ، وعَرَضَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، فانتَصَرَ عَليهِم بِالْحَقِّ، قالَ تَعَالى: ﴿ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الشعراء: 119، 121]، فلَجَأَ فِرْعَونُ إِلَى القوةِ والبطشِ، وهدَّدَ وتوعَّدَ، وقَتَلَ السَّحَرَةَ الذِينَ آمَنُوا باللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَأَوحَى اللهُ إِلَى مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أنْ يَخرُجَ بالمؤمنِينَ، فِرارًا مِنْ هَذَا الطَّاغِيَةِ العنِيدِ، فانتَهَى مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ مِنَ المُؤمِنِينَ إِلَى البَحْرِ، فاستَنْفَرَ فِرعونُ جُنُودَهُ، وقَوْمَهُ، وخَرَجَ فِي إِثْرِهِمْ بِقُوَّتِهِ وعَتَادِهِ، يُريدُ قَتْلَهُمْ، وإِبَادَتَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، وسَارَ فِي طَلَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِمْ فِرعونُ وجُنُودُهُ، وهُنَاكَ تَزَايَدَ خَوفُ المُؤمِنِينَ؛ البَحْرُ أَمَامَهُمْ، والعَدُو مِنْ خَلْفِهِم، فَوِفْقًا لِلْمَعَايِيِرِ الْبَشَرِيَّةِ الْأَمْرُ مَحْسُومٌ؛ فيَسْتَحِيلُ أَنْ يَنْتَصِرَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَصْحَابُه على أَعْتَى قُوَّةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ جَمْعًا وَعَتَادًا، وَهُمْ ضُعَفَاءُ مُسْتَضْعَفُونَ، لَا قُوَّةَ مَعَهُمْ وَلَا عَتَادَ، فَأَنَّى لِقَوْمٍ عُزَّلٍ أَنْ يُوَاجِهُوا أَقْوَى قوةٍ عَسْكَرِيَّةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ؛ فَضْلًا عَلَى أَنْ يَنْتَصِرُوا عَلَيْهَا؟! وهَذَا مَا أَيْقَنَ بِهِ أَصْحَابُ مُوسَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى حَاكيًا عَنْهُمْ: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]، وَلَكِنَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أيقنَ بِالاِنْتِصَارِ، وَرَفَضَ الْاِنْهِزِامَ؛ فَلَقَدْ نظر إلى الْأَمْرَ بمنظارٍ آخَرَ؛ فلا يمكن أن ينهزمَ مَنْ وَعَدَهُ اللهُ بالنَّصْرِ، إِنَّهُ التَّوَكُلُ عَلَى اللهِ، والثِّقةُ فِي نَصْرِهِ، وَذَكَّرَ قَوْمَهُ بِالْحَقِيقَةِ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ بالردِّ الْحَازِمِ الْحَاسِمِ برفْضِ الانهزامِ وَالْاِسْتِسْلَامِ،كَمَا ذَكَرَ اللهُ عَنْهُ بقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِى﴾ [الشعراء: 62]، فَلَمَّا أَظْهَرَ التَّوكُّلَ والثِّقَةَ بِنَصْرِ اللهِ؛ مَا خَذَلَهُ اللهُ فأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ البَحْرَ؛ فَضَرَبَهُ، فَانْفَتَحَ طُرُقًا يَابِسَةً، فَسَارَ مُوسَى وقَومُهُ، لَا يَخَافُ دَرَكًا، وَلَا يَخْشَى، وَدَخَلَ فِرعونُ وجُنُودُهُ فِي إِثْرِهِمُ، بِظَنِّهِم أنَّ الطُرَقَ الَّتِي اِنـْــفَتَحَتْ فِي الْبَحْرٍ لِلْجَمِيعِ، دَافِعُهُمُ الْخُيَلَاءُ والْكِبْرِيَاءُ، يَمْكُرُونَ فَمَكَرَ اللهُ بِهِمْ، فَلَمَّا تَكَامَلَ قومُ مُوسَى خَارِجَينَ مِنَ البَحْرِ، وتَكَامَلَ قومُ فِرعونُ دَاخِلينَ فِيهِ، أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ البحرَ فانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، وأَغْرَقَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَاِنْتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ، وَأَعَزَّ اللهُ جُنْدَهُ، وصَدَقَ وَعْدَهُ، حيثُ قَالَ لَهُمْ: ﴿ قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 129]، وتَحَقَّقَتْ إِرَادَةُ اللهِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا بِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 6]، لهِ.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًَا. أمَّا بَعْدُ...

 

فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عباد الله: لَقَدْ حَصَلَتْ النَّجَاةُ لِمُوْسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَمَنْ مَعَهُ فِي اليومِ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ، فهُوَ يومٌ لَهُ فَضَيلَةٌ عَظِيمَةٌ صَامَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ،شُكْرًا للهِ، عَزَّ وَجَلَّ، على نَصْرِهِ؛ فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وحث، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صِيَامِهِ، وبَيَّنَ فَضْلِهُ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وقَدْ عَزَمَ النَّبِيُّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَلَّا يَصُومَهُ مُفْرَدًا؛ بَلْ يَضُمُ إِلَيهِ يَومًا آخَرَ، مُخَالَفَةً لِأَهْلِ الكِتَابِ فِي صِيَامِهِ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا، قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي مسندِ الإِمَامِ أحمدَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا». والأَجْرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الصِّيامِ، هُوَ صَومُ اليومِ العَاشِرِ، فَمَنْ صَامَهُ كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ خَطَايَا سَنَةٍ كَامِلَةٍ، ومَنْ صَامَ مَعَهُ يَومًا قَبْلَهُ، أَو بَعْدَهُ؛ نَالَ مَعَ أَجْرِ التَّكْفِيرِ أَجْرَ المُخَالَفَةِ، فَلْيُصَمْ يَوْمَ التَّاسِعِ، معَ صِيامِ اليومِ العاشِرِ، وإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَصِيَامُ يومِ العَاشِرِ وَحْدَهُ، مُحَصَّلٌ بِهِ الأَجْرُ بِإِذْنِ الله.

 

عباد الله؛ هناك من جَعَلُوا يوم عاشوراء يَوْمَ سُرُورٍ وفَرَحٍ، وجَعَلُوا هَذَا الْيَوْمَ عِيدًا، بِحُجَّةِ أَنَّ اللهَ أَنْجَى فِيهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَوَضَعُوا الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا حَثٌ عَلَى الْاِكْتِحَالِ، وَالْاِخْتِضَابِ، وَالْاِغْتِسَالِ، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الأَهْلِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُوْضُوعَةِ فِي فَضْلِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَأَحْدَثَ أُولئِكَ الْحُزْنَ، وأَحْدَثَ هَؤُلَاءِ الْأَعْيَادَ، وكُلُّ هَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ؛ فَعَاشُورَاءُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الصِيَامُ شُكْرًا للهِ، لِا فَرَحٌ، وَلَا حُزْنٌ.

 

وقَانَا اللهُ وإِيَّاكُمْ شَرَّ الْبِدَعِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ، وَهَدَانَا لِلْسُّنَنِ وَجَعَلَنَا نَقْتَدِي بِخَيْرِ الْبَشَرِ، اللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ، وسَارَ عَلَى نَهْجِ خَلِيلِكَ وَمُصْطَفَاكَ!

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل شهر الله المحرم
  • شهر الله المحرم وصيام عاشوراء
  • فضل الصوم في شهر الله المحرم
  • فضل شهر الله المحرم (خطبة)
  • شهر الله المحرم: فضائل ومحدثات (خطبة)
  • فضائل الورع (خطبة)
  • شهر الله المحرم

مختارات من الشبكة

  • الوافي في فضائل يوم عرفة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من فضائل لا إله إلا الله(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خطبة: سورة الفاتحة فضائل وهدايات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل التقوى(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نستقبل شهر رمضان؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القدس وآفاق التحدي (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شهر الله المحرم.. فضائل وأحكام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحسنوا الاستقبال.. لتحسنوا الاستغلال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/3/1447هـ - الساعة: 13:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب