• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإحسان والرحمة.. وحذر الطمع والجشع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    توثيق النسبة بين المخطوط ومؤلفه
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    القواعد الأصولية وتطبيقاتها من كتاب "شرح الحاوي ...
    عبدالرحمن علي محمد المطري
  •  
    الفوائد النيرات من حديث الأعمال بالنيات (PDF)
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
  •  
    زاد المسلم في الرقية الشرعية
    منصة دار التوحيد
  •  
    العبادة لذة وطاعة (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    آداب الجنائز - (ز) الآداب الخاصة بدفن الميت
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الابتهاج في شرح المنهاج للإمام تقي الدين أبي ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    براءة الإمام محمد بن عبدالوهاب عما ينسب إليه أهل ...
    فرحان بن الحسن بن نور الحلواني
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: مظاهر التوحيد في الحج
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    شرك الأوائل وشرك الأواخر: دراسة مقارنة (PDF)
    أبو عبدالله ياسين مبارك
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

العمل والعمال : حقوق وواجبات

العمل والعمال : حقوق وواجبات
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/11/2018 ميلادي - 24/2/1440 هجري

الزيارات: 29690

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العمل والعمال: حقوق وواجبات

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، شَأنُ العَمَلِ في حَيَاةِ الإِنسَانِ عَظِيمٌ، بِهِ يَنفَعُ نَفسَهُ وَأَهلَهُ وَوَلَدَهُ، وَيُوَسِّعُ رِزقَهُ وَيَعُفُّ عَنِ استِجدَاءِ غَيرِهِ، وَيُحَصِّلُ بِهِ مَصَالِحَ مُختَلِفَةً، وَيَدفَعُ عَن نَفسِهِ وَعَن مُجتَمَعِهِ مَفَاسِدَ مُؤَكَّدَةً أَو مُحتَمَلَةً. وَمَا انفَكَّ النَّاسُ مُنذُ أَن وُجِدُوا يَعمَلُونَ وَيَحتَرِفُونَ، وَمَا زَالُوا يَكدُّونُ وَيَكدَحُونَ، حَتَى لَقَد عَمِلَ أَفضَلُهُم وَأَزكَاهُم وَهُمُ الأَنبِيَاءُ، فَعَمِلَ آدَمُ في الزِّرَاعَةِ، وَكَانَ نُوحٌ نَجَّارًا، وَإِدرِيسُ خَيَّاطًا، وَدَاوُدُ حَدَّادًا، وَرَعَى مُوسَى الغَنَمَ عَشرَ سَنَوَاتٍ، وَعَمِلَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في رَعيِ الغَنَمِ وَمَارَسَ التِّجَارَةَ، وَلَيسَ مِنَ الدِّينِ تَركُ العَمَلِ وَلا نَبذُ الأَسبَابِ، وَلا تَعطِيلُ اليَدِ مِن صَنعَةٍ وَمِهنَةٍ، بِدَعوَى التَّفَرُّغِ لِلعِبَادَةِ، أَو بِزَعمِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، إِذْ لا بُدَّ لِكُلِّ امرِئٍ مِن عَمَلٍ وَلَو قَلَّ، فَهُوَ خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَسأَلَ النَّاسَ وَينثُرَ مَاءَ وَجهِهِ بَينَ أَيدِيهِم مُستَعطِيًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لأَن يَأخُذَ أَحَدُكُم أَحبُلَهُ، فَيَأتِيَ بِحُزمَةٍ مِن حَطَبٍ عَلَى ظَهرِهِ، فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللهُ بِهَا وَجهَهُ، خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَسأَلَ النَّاسَ أَعطَوهُ أَم مَنَعُوهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا خَيرًا مِن أَن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ - عَلَيهِ السَّلامُ - كَانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

وَعنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الكَسبِ أَفضَلُ ؟ قَالَ: "عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيعٍ مَبرُورٍ" رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَد بَلَغَ مِن عِنَايَةِ الإِسلامِ بِالعَمَلِ وَالحَثِّ عَلَيهِ وَمَدحِ أَهلِهِ، أَن عَدَّهُ نَوعًا مِنَ الجِهَادِ وَالعِبَادَةِ، مَا دَامَ المَرءُ فِيهِ عَلَى الفِطرَةِ، يَبحَثُ عَن رِزقِهِ وَرِزقِ أَبَوَيهِ وَبَنِيهِ، وَيُعِفُّ نَفسَهُ ويُخلِصُ لِرَبِّهِ وَيَتَّقِيهِ، فَعَن كَعبِ بنِ عُجرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، فَرَأَى أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَو كَانَ هَذَا في سَبِيلِ اللهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى أَبَوَينِ شَيخَينِ كَبِيرَينِ فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى نَفسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ في سَبِيلِ الشَّيطَانِ" رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهُ لا بُدَّ مِنَ العَمَلِ وَلا مَنَاصَ عَنهُ، وَالمَرءُ إِمَّا أَن يَعمَلَ لِنَفسِهِ فَيَنفَعَهَا، وَإِمَّا أَن يَكُونَ أَجِيرًا عِندَ غَيرِهِ وَيَكتَسِبَ، وَالغَالِبُ في دُنيَا النَّاسِ أَنَّهُ لا بُدَّ أَن يَعمَلَ بَعضُهُم لِبَعضٍ وَيَخدِمَ بَعضُهُم بَعضًا، وَقَد وَرَدَت في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ آيَاتٌ كَرِيمَةٌ وَأَحَادِيثُ عَظِيمَةٌ، ذُكِرَت فِيهَا أَحكَامٌ تَضبِطُ العَمَلَ، وَتُبَيِّنُ حَقَّ صَاحِبِ العَمَلِ وَالعَامِلِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمَا، وَهِيَ أَحكَامٌ جَلِيلَةٌ كَثِيرَةٌ، نَاقَشَهَا فُقَهَاءُ الإِسلامِ في أَبوَابِ المُعَامَلاتِ، وَأَصَّلُوا بِنَاءً عَلَيهَا كَثِيرًا مِنَ الأُصُولِ وَقَعَّدُوا كَثِيرًا مِنَ القَوَاعِدِ، وَفَرَّعُوا عَلَيهَا تَفرِيعَاتٍ وَذَكَرُوا مَسَائِلَ وَضَوَابِطَ، غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ مُهِمَّاتٍ، حَقِيقٌ بِالمُسلِمِينَ تَذَكُّرُهَا وَالوُقُوفُ عِندَهَا، لِيَحفَظُوا أَنفُسَهُم مِن أَن يَظلِمُوا أَو يُظلَمُوا، أَو يَعتَدُوا أَو يُعتَدَى عَلَيهِم، أَو يَأكَلُوا حَقَّ أَحَدٍ أَو يُؤكَلَ لَهُم حَقُّ.

 

فَمِن أَهَمِّ تِلكَ المُهِمَّاتِ أَنَّ مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ تَجوِيدَ العَمَلِ وَإِتقَانَهُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُم عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ" رَوَاهُ أَبُو يَعلَى وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِتقَانُ العَمَلِ هُوَ أَحَدُ رُكنَي نَجَاحِهِ، إِذ هُوَ جَانِبُ القُوَّةِ الَّتي تُكَوِّنُ مَعَ الأَمَانَةِ أَسَاسَيِ العَمَلِ النَّاجِحِ، قَالَ - تَعَالى - عَلَى لِسَانِ إِحدَى ابنَتَي شُعَيبٍ وَقَد سَقَى مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - لَهُمَا، فَرَأَت فِيهِ القُوَّةَ وَالأَمَانَةَ: "قَالَت يَا أَبَتِ استَأجِرْهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأَمِينُ".

 

وَهَكَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَلا حَقَّ لِغَيرِ مُختَصٍّ وَلا مُتَمَكِّنٍ مِن عَمَلٍ مَا، أَن يَبتَلِيَ النَّاسَ فَيُفسِدَ عَلَيهِم أَعمَالَهُم وَمُقَدَّرَاتِهِم وَيَأكُلَ أَموَالَهُم بِالبَاطِلِ، وَمَن كَانَ كَذَلِكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ وَظَلَمَ عِبَادَ اللهِ، وَعَرَّضَ نَفسَهُ لأَكلِ الحَرَامِ أَوِ الوُقُوعِ في المُشتَبَهِ، وَبِهَذَا وَمِثلِهِ تَقِلُّ البَرَكَةُ في الأَرزَاقِ، وَتَفسُدُ النُّفُوسُ وَتَختَلِفُ القُلُوبُ، وَتَكثُرُ المُشكِلاتُ وَتَحدُثُ القَضَايَا الشَّائِكَةُ. غَيرَ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ في هَذَا المَقَامِ، وَهُوَ مِمَّا قَد يَفهَمُهُ أَصحَابُ العَمَلِ عَلَى غَيرِ وَجهِهِ، فَيَتَجَاوَزُونَ فِيهِ حُدُودَهُم وَيَظلِمُونَ العُمَّالَ، أَنَّ لِلعَامَلِ حَقًّا بِعَدَمِ تَكلِيفِهِ مَا يَشُقُّ عَلَيهِ وَلا يُطِيقُهُ، وَلا إِرهَاقِهِ بِمَا يَضُرُّ جَسدَهُ أَو صِحَّتَهُ، أَو يُعِيقُهُ عَنِ العَمَلِ وَيَجعَلُهُ عَاجِزًا عَنِ الكَسَبِ، قَالَ - تَعَالى -: "لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إِلاَّ وُسعَهَا" وَقَالَ حِكَايَةً عَن شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - حِينَ أَرَادَ أَن يَعمَلَ لَهُ مُوسَى في مَالِهِ: " وَمَا أُرِيدُ أَن أَشُقَّ عَلَيكَ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِخوَانُكُم خَوَلُكُم - أَيْ خَدَمُكُم - جَعَلَهُمُ اللهُ تَحتَ أَيدِيكُم، فَمَن كَانَ أَخُوهُ تَحتَ يَدِهِ فَليُطعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ، وَليُلبِسْهُ مِمَّا يَلبَسُ، وَلا تُكَلِّفُوهُم مَا يَغلِبُهُم، فَإِن كَلَّفتُمُوهُم فَأَعِينُوهُم" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَمِنَ المُهِمَّاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالعَمَلِ وَالعُمَّالِ: أَنَّهُ في مُقَابِلِ مُطَالَبَةِ العَامِلِ بِإِتقَانِ عَمَلِهِ قَدرَ مَا يَستَطِيعُ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لِصَاحِبِ العَمَلِ أَن يَبخَسَهُ شَيئًا مِن حَقِّهِ، أَو يَغبِنَهُ في تَقدِيرِ أَجرَهُ الَّذِي يَستَحِقُّهُ جَزَاءَ عَمَلِهِ، قَالَ - تَعَالى -: "وَلا تَبخَسُوا النَّاسَ أَشيَاءَهُم وَلا تَعثَوا في الأَرضِ مُفسِدِينَ" وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ اللهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصمُهُم يَومَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ استَأجَرَ أَجِيرًا فَاستَوفَى مِنهُ وَلَم يُعْطِهِ أَجرَهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَعطُوا الأَجِيرَ أَجرَهُ قَبلَ أَن يَجِفَّ عَرَقُهُ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِنَ المُهِمَّاتِ في مَجَالِ العَمَلِ وُالعُمَّالِ: وُجُوبُ الأَمَانَةِ في أَدَاءِ العَمَلِ، وَالحَذَرُ مِنَ الغِشِّ وَالخِيَانَةِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن غَشَّ فَلَيسَ مِنَّا " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لا إِيمَانَ لِمَن لا أَمَانَةَ لَهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلى مَنِ ائتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَن خَانَكَ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِنَ المُهِمَّاتِ في مَوضُوعِ العَمَلِ وَالعُمَّالِ: مَا يَنبَغِي أَن يَكُونَ صَاحِبُ العَمَلِ عَلَيهِ مِنَ المُعَامَلَةِ بِالحُسنَى، وَحِفظِ كَرَامَةِ العَامِلِ أَيًّا كَانَ، وَالحِرصِ عَلَى مَا يُصلِحُ شَأنَهُ، وَذَلِكَ خُلُقٌ نَبَوِيٌّ كَرِيمٌ، فَرَّطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ وَتَنَاسَوهُ، قَالَت عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا -: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - شَيئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلا امرَأَةً وَلا خَادِمًا إِلاَّ أَن يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللهِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وقال أنس بن مالك خادم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن أَحسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرسَلَنِي يَومًا لِحَاجَةٍ، فَقُلتُ: وَاللهِ لا أَذهَبُ، وَفي نَفسِي أَن أَذهَبَ لِمَا أَمَرَني بِهِ نَبيُّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَخَرَجتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبيَانٍ وَهُم يَلعَبُونَ في السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ قَابِضٌ بِقَفَايَ مِن وَرَائِي، فَنَظَرتُ إِلَيهِ وَهُوَ يَضحَكُ، فَقَالَ: "يَا أُنَيسُ، اِذهَبْ حَيثُ أَمَرتُكَ" قُلتُ: نَعَم، أَنَا أَذهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ أَنَسٌ: وَاللهِ لَقَد خَدَمتُهُ سَبعَ سِنِينَ أَو تِسعَ سِنِينَ، مَا عَلِمتُ قَالَ لِشَيءٍ صَنَعتُ لِمَ فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا، وَلا لِشَيءٍ تَرَكتُ هَلاَّ فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنُحسِنْ إِلى بَعضِنَا، وَلْنَتَحَرَّ إِتقَانَ الأَعمَالِ وَتَنَاوُلَ المَالِ الحَلالِ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].

♦    ♦    ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمِن أَهَمِّ المُهِمَّاتِ في العَمَلِ، وُجُوبُ الوَفَاءِ بِالعُقُودِ بَينَ صَاحِبِ العَمَلِ وَالعَامِلِ، مَا دَامَت مُوَافِقَةً لِلشَّرِيعَةِ وَلا تُخَالِفُ الأَنظِمَةَ الرَّسْمِيَّةَ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] وَقَالَ - تَعَالى - في وَصفِ المُؤمِنِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] [المعارج: 32] وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ أَنظِمَةِ العَمَلِ في بِلادِنَا قَد بُنِيَت عَلَى الدَّلِيلِ الشَّرعِيِّ، وَهَذَا مِن أَعظَمِ مَا يُوجِبُ العَمَلَ بِهَا، يُضَافُ إِلى ذَلِكَ أَنَّ العَمَلَ بِهَا وَعَدَمَ الخُرُوجِ عَنهَا يَدخُلُ في طَاعَةِ وَلِيِّ الأَمرِ الَّتي أُمِرنَا بِهَا جَمِيعًا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59] وَإِنَّ مِمَّا يَتَجَاوَزُ النَّاسُ فِيهِ الأَنظِمَةَ، فَيَدخُلُونَ بِذَلِكَ في مُخَالَفَةِ وَلِيِّ الأَمرِ، وَيُعَرِّضُونَ أَنفُسَهُم لأَكلِ الحَرَامِ، أَوِ الوُقُوعِ في المُشتَبَهِ، بَيعَ التَّأشِيرَاتِ عَلَى العُمَّالِ، وَاستِقدَامَهًم وَتَسرِيحَهُم دُونَ تَكلِيفٍ بِعَمَلٍ، ثم مُطَالَبَتُهُم بِمَبلَغٍ شَهرِيٍّ أَو سَنَوِيٍّ يَأخُذُهُ الكَفِيلُ، وَمِنَ المُخَالَفَاتِ التَّسَتُّرُ عَلَى العُمَّالِ المُتَخَلِّفِينَ أَوِ المُخَالِفِينَ لِلأَنظِمَةِ، وَالتَّعَامُلُ مَعَهُم وَإِعَانَتِهِم عَلَى خَطَئِهِم.

 

فَلْيَتَّقِ اللهَ المُسلِمُونَ جَمِيعًا، فَإِنَّ الأَنظِمَةَ لم تُوضَعْ إِلاَّ لِتَنظِيمِ أُمُورِ العَمَلِ وَالعُمَّالِ وَحِفظِ الحُقُوقِ، وَالوَاجِبُ عَلَى الجَمِيعِ التَّعَاوُنُ فِيمَا يُحَقِّقُ المَصَالِحَ وَيَدرَأُ المَفَاسِدَ، وَالحَذَرُ مِنَ التَّحَايُلِ ومُخَالَفَةِ الأَنظِمَةِ لِمَا في ذَلِكَ مِنَ المَفَاسِدِ المُحَقَّقَةِ أَوِ المُحتَمَلَةِ، وَاللهُ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأمل والعمل (خطبة)
  • الشباب بين العلم والعمل
  • أهمية العمل الجماعي
  • المجاهدة على العمل بالعلم
  • آيات عن العمل
  • أولويات العبادة والعمل
  • من صور الاتجار بالبشر (1) هضم حقوق العمال واستغلالهم (خطبة)
  • د. خالد الزايد للفرحة: التوازن بين العمل والبيت مهمة صعبة تتفهمها الزوجة

مختارات من الشبكة

  • حقوق العمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل والعمال وواجباتهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل والعمال في ضوء الإسلام(رسالة علمية - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يراعي حقوق الخدم والعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/5/1447هـ - الساعة: 12:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب