• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في فضل تعلم ...
    منصة دار التوحيد
  •  
    آداب الجنائز - (ط) الآداب الخاصة بالعدة والإحداد ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    طريقنا للقلوب: 35 وسيلة لكسب قلوب الناس (PDF)
    أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي
  •  
    غذاء القلوب في الذكر والدعاء لعلام الغيوب (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    زاد المسلم في حلية طالب العلم
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    الأربعون في التوحيد من صحيحي البخاري ومسلم (PDF)
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    العقيدة الطحاوية للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    إعلام الأنام بشرح نواقض الإسلام - باللغة ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    ما لا يسع المسلم جهله في الفقه والأخلاق (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    طيب المعشر (PDF)
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    صيحة ونداء وتحذير إلى كل عاقل لبيب (PDF)
    منصور بن محمد بن حسن الزبيري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

قصة سلمان الفارسي - رضي الله عنه -وما فيه من العظة والبشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم

قصة سلمان الفارسي - رضي الله عنه -وما فيه من العظة والبشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2024 ميلادي - 1/7/1445 هجري

الزيارات: 12552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قِصَّةُ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَمَا فِيْهِ

مِنَ العِظَةِ وَالبِشَارَةِ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أَمَّا بُعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « قِصَّةُ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَمَا فِيْهَا مِنَ العِظَةِ وَالبِشَارَةِ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ».


أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» بِسَنَدٍ حَسَنٍ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ»[1]، وَالوَادِعِيِّ فِي كِتَابِهِ «الجَامِعُ الصَّحِيْحُ»، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيْهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ، أَيْ مُلازِمَ النَّارِ، كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً، قَالَ: وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ، قَالَ: فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَكُنْتُ لا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ، وَقُلْتُ هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ.


قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ، قَالَ فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! أَيْنَ كُنْتَ؟ أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَتِ! مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ، فَوَاللهِ مَازِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ، قَالَ قُلْتُ: كَلا وَاللهِ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا. قَالَ: فَخَافَنِي، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ، قَالَ: وَبَعثَتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ، قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى، قَالَ فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ، قَالَ فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: الأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ.


قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ، قَالَ: فَادْخُلْ. فَدَخَلْتُ مَعَهُ، قَالَ فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ، يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاءَ اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ، قَالَ: وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ، ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ، يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا. قَالُوا: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ. قَالُوا: فَدُلَّنَا عَلَيْهِ. قَالَ فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ، قَالَ: فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللهِ لا نَدْفِنُهُ أَبَدًا. فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ.


قَالَ يَقُولُ سَلْمَانُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَلا أَرْغَبُ فِي الآخِرَةِ وَلا أَدْأَبُ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ. قَالَ فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَهُ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ! إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ، وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَكَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللهِ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ وَهُوَ فُلانٌ، فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، فَالْحَقْ بِهِ.


قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ. قَالَ فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ اللهِ مَا تَرَى، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلا بِنِصِِّيبِينَ، وَهُوَ فُلَانٌ، فَالْحَقْ بِهِ.


وَقَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نِصِِّيبِينَ، فَجِئْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي، قَالَ: فَأَقِمْ عِنْدِي. فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ، فَوَاللهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ! إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللهِ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ، فَإِنَّهُ بِمِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ قَالَ فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي. فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ، قَالَ: وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ، قَالَ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللهِ فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلانُ! إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلانٍ، فَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ، وَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ.


قَالَ ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَأَعْطَيْتُهُمُوهَا وَحَمَلُونِي، حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا، فَكُنْتُ عِنْدَهُ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ، وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، وَلَمْ يَحِقْ لِي فِي نَفْسِي، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَابْتَاعَنِي مِنْهُ، فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي، فَأَقَمْتُ بِهَا، وَبَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ، لا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ وَسَيِّدِي جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ فُلانُ: قَاتَلَ اللهُ بَنِي قَيْلَةَ، وَاللهِ إِنَّهُمْ الآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَالَ فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي، قَالَ: وَنَزَلْتُ عَنْ النَّخْلَةِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لابْنِ عَمِّهِ ذَلِكَ: مَاذَا تَقُولُ مَاذَا تَقُولُ؟


قَالَ فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟! أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ. قَالَ قُلْتُ: لا شَيْءَ، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَ عَمَّا قَالَ. وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بِقُبَاءَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قَالَ فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا. وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ، فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا، قَالَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ.


قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَاتَانِ اثْنَتَانِ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّه-صلى الله عليه وسلم- اسْتَدَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي، قَالَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّه-صلى الله عليه وسلم-: تَحَوَّلْ، فَتَحَوَّلْتُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَدْرٌ وَأُحُدٌ.


قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ، فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ، وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ: أَعِينُوا أَخَاكُمْ.


فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ، الرَّجُلُ بِثَلاثِينَ وَدِيَّةً، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ، يَعْنِي الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ، فَفَقَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعِي إِلَيْهَا: فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ، وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ، مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ؟ قَالَ فَدُعِيتُ لَهُ.


فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ. فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّا عَلَيَّ. قَالَ: خُذْهَا فَإِنَّ اللهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ. قَالَ فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا، وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ، وَعُتِقْتُ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَنْدَقَ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ ».

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

فَوَائِدُ مِنْ قِصَّةُ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ « قِصَّةِ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ»، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ «بَعْضِ الفَوَائِدِ مِنْ قِصَّةِ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ».


فَمِنْ تِلْكَ الفَوَائِدِ - أَيُّهَا النَّاسُ - حِرْصُ الصَّحَابِيِّ الجَلِيْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَلَى أَخْذِ العِلْمِ مِنْ مَصْدَرِهِ مُبَاشَرَةً وَبِدُونَ وَسَاطَةٍ، كَمَا جَاءَ مِنْ قَوْلِهِ: «حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيْهِ»!.


فَمِنْ تِلْكَ الفَوَائِدِ - أَيُّهَا النَّاسُ - اجْتِهَادُ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فِي البَحْثِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ قَالَ: «مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟».


فَهَذَا سُؤَالُ اسْتِفْهَامِيُّ يَحْتَاجُ إِلَى إِجَابَةٍ صَادِقَةٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ إِنْسَانٍ صَادِقٍ لَمْ يُفَكِّرْ بِأَيِّ شَيءٍ فِي الدُّنْيَا سِوَى البَحْثِ عَنِ الدِّيْنِ الصَّحِيْحِ، مَعَ أَصرَارِ وَعَزِيْمَةٍ وَعُلُوِّ هِمَّةٍ، وَثَبَاتٍ عَلَى الهَدَفٍ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَجْلِهِ وَتَرَكَ الدِّيَارِ وَالأَهْلَ والعَشِيْرَةَ مَهْمَا لاَقَى مِنَ الصِّعَابِ.


فَمِنْ تِلْكَ الفَوَائِدِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَعْطَى سَلْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الوَقْتَ، وَأَمَدَّهُ بِالعُمْرِ حَتَّى يُحَقِّقَ أُمْنِيَّتَهُ وَيَسْعَدَ بِمُرَادِهِ فَكُلَّمَا مَاتَ أُسْقُفٌ أَوْ رَاهِبٌ لَحِقَ بِالآخَرِ حَتَّى أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


فَمِنْ تِلْكَ الفَوَائِدِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَّ المُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ وَمَنْ طَلَبَ النَّصِيْحَةَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْلِصَ لِلمَنْصُوحِ وَيَصْدُقَ لَهُ فِيْهَا لِأَنَّهُ مَسْؤُولٌ عَنْ كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا ن فَإِذَا خَرَجَتْ صَادِقَةً بَارَكَ اللهُ فِيْهَا وَنَفَعَ بِهَا.


فَسَلْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حِيْنَمَا أَحَسْ بِدُنُوِّ أَجَلِ الرَّاهِبِ قَالَ لَهُ: يَا فُلاَنُ، إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلانٍ، فَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ، وَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ.


تِلْكَ - أَيُّهَا النَّاسُ - هِيَ البِشَارَةُ فَذَكَرَ لَهُ زَمَانَ خُرُوجِهِ وَمَكَانَ هِجْرَتِهِ، وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ أَنْ ذَكَرَ بَعْضَ عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ.


اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُك وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.


وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] (حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد(5 /441)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ – فِي «الصَّحِيْحَةِ» (2 /592) وَحَسَّنَهُ الوَادِعِيِّ- رَحِمَهُ اللهُ - فِي «الجَامِعِ الصَّحِيْحِ» مِمَّا لَيْسَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»(2520).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور
  • سلمان الفارسي .. دروس من سيرته لإصلاح واقعنا (1)
  • سلمان الفارسي رضي الله عنه
  • ابن الإسلام سلمان الفارسي
  • سلمان الفارسي.. الباحث عن الحقيقة
  • قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه

مختارات من الشبكة

  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قصص الأنبياء (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الباحثون عن الحق (3) سلمان الفارسي رضي الله عنه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سيرة سلمان الفارسي رضي الله عنه(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه مع الضيف الثقيل: دروس وعبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عبر وعظات من رحلة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: وداعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (10)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه في القضاء (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختار أبو بكر الصديق رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أميرا للمؤمنين؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/5/1447هـ - الساعة: 12:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب