• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

التبذير طريق إلى التدمير (خطبة)

التبذير طريق إلى التدمير (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2016 ميلادي - 13/4/1437 هجري

الزيارات: 13559

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التبذير طريق إلى التدمير

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الإِنسَانُ بِطَبعِهِ مُحِبٌّ لِلمَالِ مَيَّالٌ إِلى جَمعِهِ، رَاغِبٌ في الاستِكثَارِ مِنهُ وَالمُكَاثَرِةِ بِهِ، قَالَ - تَعَالى -: " وَتُحِبُّونَ المَالَ حُبًّا جَمًّا " وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَنهُومَانِ لا يَشبَعَانِ: مَنهُومٌ في العِلمِ لا يَشبَعُ مِنهُ، وَمَنهُومٌ في الدُّنيَا لا يَشبَعُ مِنهَا " رَوَاهُ البَيهَقِيُّ في الشُّعَبِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّهَا غَرِيزَةٌ لا فَكَاكَ مِنهُا وَلا خَلاصَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14] وَلأَنَّ الإِسلامَ هُوَ دِينُ الوَسَطِ وَالفِطرَةِ، وَالمَالَ هُوَ عَصَبُ الحَيَاةِ وَقِوَامُ الأَبدَانِ، فَإِنَّ الإِسلامَ لم يُعَادِ غَرِيزَةَ حُبِّ المَالِ وَلم يَتَجَاهَلْهَا، وَلَكِنَّهُ نَظَّمَهَا وَوَجَّهَهَا بما يَلِيقُ بِالغَايَةِ مِن خَلقِ الإِنسَانِ، وَبما يُنَاسِبُ وَظِيفَتَهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ، حَيثُ أَوجَبَ عَلَيهِ أَن يَكُونَ طَلَبُهُ المَالَ مِن حَلالٍ طَيِّبٍ، وَأَحَلَّ لَهُ التَّكَسُّبَ وَالسَّعيَ في الأَرضِ لِطَلَبَ الرِّزقِ، ثم وَجَّهَهُ إِلى إِنفَاقِهِ بِاعتِدَالٍ في مَصَارِفِهِ المَشرُوعَةِ، دُونَ إِفرَاطٍ وَلا تَفرِيطٍ وَلا إِسرَافٍ وَلا تَقتِيرٍ، وَدُونَ أَن يَكُونَ عَلَيهِ أَو عَلَى مُجتَمَعِهِ ضَرَرٌ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلُولاً فَامشُوا في مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِزقِهِ وَإِلَيهِ النُّشُورُ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبتُم وَمِمَّا أَخرَجنَا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنفِقُونَ وَلَستُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغمِضُوا فِيهِ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29] وَقَالَ - سُبحَانَهُ - عَن عِبَادِ الرَّحمَنِ: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَا بَني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلا تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفِينَ ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُوا وَاشرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالبَسُوا مَا لم يُخَالِطْهُ إِسرَافٌ أَو مَخِيلَةٌ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.


هَذَا هُوَ المَنهَجُ الحَقُّ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ، فَإِن أَخَذَ بِهِ الإِنسَانُ استَقَامَ أَمرُهُ وَانتَظَمَت حَيَاتُهُ، وَكَمُلَت سَعَادَتُهُ وَتَمَّ رِضَاهُ، وَإِن عَدَلَ عَنهُ يَمنَةً أَو يَسرَةً أَو خَالَفَهُ، عَصَفَت بِهِ الأَهوَاءُ في كُلِّ وَادٍ، وَاختَلَّ نِظَامُ حَيَاتِهِ وَتَعَرَّضَ لِلخَسَارَةِ وَالهَلاكِ. وَإِنَّ ثَمَّةَ مَرَضًا اجتِمَاعِيًّا اقتِصَادِيًّا خَطِيرًا، يُهَدِّدُ الأُمَمَ وَالشُّعُوبَ بِالهَلاكِ، وَيُنذِرُ البِلادَ وَالقُرَى بِخَرَابٍ كَبِيرٍ وَدَمَارٍ شَامِلٍ، إِنَّهُ التَّرَفُ وَالسَّرَفُ وَالتَّبذِيرُ، وَالأَشَرُ وَالبَطَرُ وَالكِبرُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذَا أَرَدنَا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنَا مُترَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرنَاهَا تَدمِيرًا ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112] وَلَئِن كَانَتِ المُجتَمَعَاتُ لم تَخلُ في قَدِيمٍ أَو حَدِيثٍ مِن وُجُودِ هَذِهِ المُشكِلَةِ وَتَفَشِّي هَذَا المَرَضِ، فَإِنَّ مِمَّا يُعَدُّ بِحَقٍّ مُشكِلَةً مُضَاعَفَةً وَمَرَضًا مُزمِنًا هُوَ أَخبَثُ مِن كُلِّ مَا سَبَقَهُ وَأَشَدُّ فَتكًا، أَن يُوجَدَ مُجتَمَعٌ آمِنٌ مُطمَئِنٌّ كَمُجتَمَعِنَا في هَذِهِ البِلادِ، يَعِيشُ في وَسَطِ مُجتَمَعَاتٍ مُحِيطَةٍ بِهِ مِن كُلِّ جَانِبٍ، تُقَلِّبُهَا الحُرُوبُ وَالفِتَنُ وَتَشكُو مِنَ الخَوفِ وَالرُّعبِ، وَيَمُوتُ فِيهَا الأَطفَالُ وَالنِّسَاءُ وِالكِبَارُ وَالصِّغَارُ مَسغَبَةً وَجُوعًا وَعُرِيًّا، ثم يُصِرُّ أَفرَادٌ غَيرُ قَلِيلِينَ في مُجتَمَعِنَا الآمِنِ عَلَى الإِسرَافِ وَالتَّبذِيرِ وَتَبدِيدِ النِّعَمِ وَاللَّعِبِ بها، وَكَأَنَّهُم لم يَرَوا وَلم يَشعُرُوا أَنَّ الَّذِينَ مِن حَولِهِم كَانُوا إِلى عَهدٍ قَرِيبٍ يَتَقَلَّبُونَ في أَنوَاعٍ مِنَ النَّعِيمِ، فَلَمَّا كَفَرَ مِنهُم بِأَنعُمِ اللهِ مَن كَفَرَ، أَذَاقَ اللهُ الجَمِيعَ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بما كَانُوا يَصنَعُونَ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ النِّعَمَ تَحتَاجُ إِلى رِعَايَةٍ وَعِنَايَةٍ، وَإِحَاطَةٍ لَهَا بِالشُّكرِ وَالاعتِرَافِ بِفَضلِ المُنعِمِ - سُبحَانَهُ - ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7] وَإِذَا لم يَكُنْ بَعضُ مَا نَرَاهُ وَنَشهَدُهُ مِن إِسرَافٍ وَتَبذِيرٍ كُفرًا لِلنِّعَمِ، فَلَيسَ لِكُفرِهَا إذًا مَعنًى يُعقَلُ وَلا صُورَةٌ تُرَى ؛ وَلِهَذَا فَلا عَجَبَ أَن تَنَوَّعَت في كِتَابِ اللهِ أَسَالِيبُ التَّحذِيرِ مِنَ الإِسرَافِ وَذَمِّ المُسرِفِينَ، قَالَ - تَعَالى -:  ﴿ وَلا تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفِينَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ [غافر: 43] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: " وَلَا تُبَذِّر تَبذِيرًا. إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا " وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُترِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجرِمِينَ ﴾ وَقَال - تَعَالى - مُعَلِّلاً تَعذِيبَ أَصحَابَ الشِّمَالِ: ﴿ إِنَّهُم كَانُوا قَبلَ ذَلِكَ مُترَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الحِنثِ العَظِيمِ ﴾  وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿  وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 127] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يَهدِي مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذَّابٌ ﴾  وَأَمَّا أَشهَرُ مَا وَرَدَ في ذَمِّ الإِسرَافِ وَالتَّرَفِ وَالبَذَخِ وَالأَشَرِ وَالبَطَرِ، فَهِيَ قِصَّةُ قَارُونَ، الَّتي جَاءَت في كِتَابِ اللهِ بِشَيءٍ مِنَ التَّفصِيلِ بِأُسلُوبٍ بَلِيغٍ، لِتُصَوِّرَ لِلنَّاسِ تِلكَ الشَّخصِيَّةَ الشَّاذَّةَ، الَّتي عَلا صَاحِبُهَا في الأَرضِ بِسَبَبِ مَالِهِ الوَفِيرِ فَبَغَى وَتَجَبَّرَ، وَظَنَّ أَنَّهُ أَفضَلُ النَّاسِ وَأَكرَمُهُم وَأَعلَمُهُم، وَأَنَّهُ جَدِيرٌ بِالمَالِ دُونَ غَيرِهِ، فَجَمَعَ بَينَ مَنعِ حَقَّ اللهِ فِيهِ وَالإِسرَافِ في التَّزَيُّنِ بِهِ، فَاستَحَقَّ العَذَابَ الشَّدِيدَ ﴿ فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَـ" إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيكُم عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنعًا وَهَاتِ، وَوَأدَ البَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُم قِيلَ وَقالَ، وَكَثرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ المَالِ  ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 31 - 33]

♦♦♦♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المَالَ أَمَانَةٌ في يَدِ الإِنسَانِ، وَهُوَ مُستَخلَفٌ فِيهِ وَمَسؤُولٌ عَنهُ بَينَ يَدَيِ اللهِ - تَعَالى - مَن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ ؟! وَالإِسرَافُ سَبَبٌ لِنَزعِ البَرَكَةِ مِنَ المَالِ، وَمَدعَاةٌ لِذَهَابِ لَذَّتِهِ وَحَلاوَةِ الانتِفَاعِ بِهِ، وَجَعلِ الإِنسَانِ عَبدًا لَهُ يَخدِمُهُ وَيَلهَثُ خَلفَهُ، بَدَلاً مِن أَن يَكُونَ العَكسُ، وَهَذَا أَمرٌ مُشَاهَدٌ في زَمَانِنَا وَوَاقِعِنَا، حَيثُ جَعَلَ الفُقَرَاءُ وَأَشبَاهُ الفُقَرَاءِ يَلهَثُونَ وَرَاءَ أَهلِ التَّرَفِ وَالثَّرَاءِ، يُقَلِّدُونَهُم وَيُحَاكُونَهُم، وَيَتبَعُونَهُم حَذوَ القُذَّةِ بِالقُذَّةِ، فَيَبسُطُونَ أَيدِيَهُم إِسرَافًا كَمَا يَبسُطُ أُولَئِكَ أَيدِيَهُم، وَيَجُرُّونَ أُزُرَهُم اختِيَالاً كَمَا يَجُرُّ أُولَئِكَ أُزُرَهُم، وَيَرفَعُونَ عَقَائِرَهُم كِبرًا كَمَا يَرفَعُ أُولَئِكَ عَقَائِرَهُم، مِمَّا اضطَرَّهم إِلى الوُقُوعِ في آفَاتٍ كَثِيرَةٍ وَارتِكَابِ كَبَائِرَ وَمُوبِقَاتٍ، لِيُحَصِّلُوا المَالَ وَيَجمَعُوهُ وَيُفَاخِرُوا بِهِ وَيُكَاثِرُوا وَيُسرِفُوا وَيَبطُرُوا، وَمِن ثَمَّ وَقَعُوا في الكَسبِ غَيرِ المَشرُوعِ، إِمَّا بِالتَّعَامُلِ بِالرِّبَا، أَو أَخذِ الرَّشَاوِي، أَو غِشِّ النَّاسِ، أَوِ السَّطوِ عَلَى أَموَالِهِم وَأَكلِهَا بِالبَاطِلِ، وَرُبَّمَا لَجَؤُوا إِلى السُّؤَالِ وَالاستِعطَاءِ، أَوِ الاستِدَانَةِ وَمُضَاعَفَةِ القُرُوضِ، كُلَّ ذَلِكَ لاستِرعَاءِ انتِبَاهِ الآخَرِينَ، وَإِظهَارِ الغِنى وَالقُدرَةِ، وَالتَّشَبُّعِ بما لم يُعطَوا، فَهَذَا يَتَكَلَّفُ في بِنَاءِ قَصرٍ كَبِيرٍ جَمِيلٍ، وَآخَرُ يُقِيمُ فَرَحًا في أَفخَرِ الفَنَادِقِ أَو أَغلَى القَاعَاتِ، وَهَذَا يَذبَحُ مِنَ الذَّبَائِحِ مَا لا يُؤكَلُ عُشرَهُ، بَل وَرُبَّمَا قَدَّمَ لِكُلِّ ضَيفٍ ذَبِيحَةً وَحدَهُ، وَذَاكَ يُوقِدُ لِضَيفِهِ بِالحَطَبِ الَّذِي يَكفِيهِ أَيَّامًا كَثِيرَةٍ، وَثَمَّةَ مَن يَصُبُّ السَّمنَ أَوِ العَسَلَ أَو دُهنَ العُودِ الفَاخِرَ عَلَى يَدِ ضَيفِهِ، وَمَن يُطلِقُ النَّارَ لِقُدُومٍ ضَيفٍ أَو عَرُوسٍ بما يُكَلِّفُهُ مِئَاتٍ بَل آلافًا، هَذَا عَدَا مَن هُوَ مُغرَمٌ بِالأَسفَارِ وَالسِّيَاحَةِ خَارِجَ البِلادِ مَهمَا كَلَّفَهُ ذَلِكَ، وَمَن لا يَدَعُ مُتَنَزَّهًا إِلاَّ دَخَلَهُ، وَلا سُوقًا إِلاَّ جَالَ فِيهِ، وَالأَسوَأُ مِن ذَلِكَ هُوَ تَصوِيرُ هَذِهِ المَظَاهِرِ الجَوفَاءِ وَالمُجَاهَرَةِ بِالفِسقِ، وَنَشرُ هَذَا السَّفَهِ في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَكَأَنَّ النَّاسَ قَد مَلُّوا مِنَ الأَمنِ وَالعَافِيَةِ، وَيُرِيدُونَ أَن يَجمَعُوا بَينَ المَعصِيَةِ وَبَينَ المُجَاهَرَةِ، لِيَنزِعُوا بِذَلِكَ عَن أَنفُسِهِم ثَوبَ العَافِيَةِ وَيُلبِسُوهَا أَثوَابَ الابتِلاءِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَى إِلاَّ المُجَاهِرِينَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنَحذَرِ التَّخَوُّضَ في مَالِ اللهِ الَّذِي آتَانَا، فَقَد قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العيد بين التدبير والتبذير
  • الاخطبوطان الخطيران.. الإسراف والتبذير
  • الإسراف والتبذير
  • يوم العزة والكرامة (خطبة)
  • طريق التوفيق (خطبة)
  • لا كثير مع التبذير ولا قليل مع حسن التدبير
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية القرآنية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النسك وواجباته)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب