• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأربعون الغفرانية من صحيحي البخاري ومسلم (PDF)
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    لقاء حول ثقافة الشاب وتوجهه (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    حدیث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة، والدار، والفرس) ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    النعم.. أنواعها.. وأطنابها
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الإخلاص سبيل الخلاص
    منصة دار التوحيد
  •  
    سنن الفطرة: طهارة وجمال وإعجاز علمي
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الوعظ في مؤلفات ابن أبي الدنيا - دراسة وصفية ...
    هلال بن سلطان بن درويش الهاجري
  •  
    تلقیح الأفهام في وصایا خیر الأنام للعلامة: عبد ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإيحاءات التربوية في صحيح البخاري باب قول النبي ...
    د. عماد سلمان حسن الفلاحي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

{من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} (خطبة)

{من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/1/2024 ميلادي - 20/6/1445 هجري

الزيارات: 25675

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46، الجاثية: 15]


أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَكبُرُ أَحَدُنَا وَيَتَقَدَّمُ بِهِ العُمُرُ، وَتَتَوَالى عَلَيهِ اللَّيَالي وَالأَيَّامُ، وَتَمُرُّ بِهِ أَحدَاثٌ وَقَضَايَا، وَيَخُوضُ مِن تَجَارِبِ الحَيَاةِ مَا يُعَلِّمُ الجَاهِلَ وَيُبَصِّرُ العَاقِلَ، فَضلًا عَمَّا يَتَلَقَّاهُ في المَدرَسَةِ أَوِ الجَامِعَةِ، أَو المَعَاهِدِ أَوِ المَسَاجِدِ، مِن عِلمِ حَلالٍ وَحَرَامٍ، وَتَرغِيبٍ في أَخلاقٍ وَآدَابٍ، وَتَزهِيدٍ في مَعَايِبَ وَنَقَائِصَ، كَانَ يَنبَغِي لَهُ أَن يَعِيَهَا وَيَعقِلَهَا، وَيَجعَلَهَا نُورًا يَمشِي بِهِ في النَّاسِ وَهَديًا يَهتَدِي بِهِ في حَيَاتِهِ، آخِذًا بِكُلِّ نَافِعٍ مُفِيدٍ، نَابِذًا كُلَّ ضَارٍّ مُهلِكٍ، مُتَعَامِلًا بِالحَقِّ وَالصَّوَابِ، مُجتَنِبًا البَاطِلَ وَالخَطَأَ. أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ نَفسَ الإِنسَانِ السَّوِيِّ يَجِبُ أَن تَتَرَقَّى في مَدَارِجِ الكَرَامَةِ، وَتَطمَئِنَّ إِلى طُرُقِ النَّجَاةِ وَالسَّلامَةِ، لا أَن تَبقَى أَمَّارَةً بِالسُّوءِ، رَاكِنَةً إِلى الشَّهَوَاتِ الدَّنِيئَةِ، مَائِلَةً إِلى الرَّغَبَاتِ الوَضِيعَةِ، سَائِقَةً صَاحِبَهَا لِمَا يُزرِي بِهِ عِندَ الخَلقِ، وَيَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ رَحمَةِ الخَالِقِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]

 

نَفسُكَ أَيُّهَا الإِنسَانُ هِيَ المُبتَدَأُ وَالمُنتَهَى، مِنهَا يَبدَأُ الخَيرُ وَإِلَيهَا يَعُودُ نَفعُهُ وَأَجرُهُ، وَمِنهَا يَنطَلِقُ الشَّرُّ وَعَلَيهَا يَقَعُ أَثَرُهُ وَخَطَرُهُ، قَد تُرزَقُ أَبًا رَحِيمًا أَو أُمًّا رَقِيقَةً، أَو مُعَلِّمًا مُخلِصًا أَو دَاعِيًا إِلى الخَيرِ مُحتَسِبًا، أَو أَخًا صَالِحًا أَو صَدِيقًا صَادِقًا، فَيُذَكِّرُونَكَ بِالخَيرِ وَيَأمُرُونَكَ بِالمَعرُوفِ، وَيُحَذِّرُونَكَ مِنَ الشَّرِّ وَيَنهَونَكَ عَنِ المُنكَرِ، لَكِنَّ الرَّقِيبَ قَد يَغفَلُ، وَالمُتَابِعَ قَد يَمَلُّ أَو يُشغَلُ، وَالصَّدِيقَ قَد يَنسَى، وَالصَّادِقَ قَد يُفقَدُ، وَأَمَّا غَالِبُ مَن في الأَرضِ فَاتِّبَاعُهُم عَلَى مَا هُم فِيهِ غَيٌّ وَضَلالٌ ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116] وَمِن ثَمَّ فَلَيسَ إِلاَّ نَفسُكَ فَأَصلِحْهَا وَهَذِّبْهَا، وَاعتَنِ بِهَا وَحَاسِبْهَا وَرَاقِبْهَا، فَإِنَّ مَا تَعمَلُ مِن صَالِحٍ وَمَا تَأتي مِن خَيرٍ وَبِرٍّ، وَمَا تَهتَدِي إِلَيهِ مِن مَعرُوفٍ وَمَا تَجتَنِبُهُ مِن مُنكَرٍ، فَهُوَ لَكَ، وَمَا يَكُونُ خِلافَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَيكَ، وَاستَمِعُوا رَحِمَكُمُ اللهُ إِلى شَيءٍ مِمَّا وَرَدَ في كِتَابِ اللهِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَجَاةَ الإِنسَانِ وَفِكَاكَ نَفسِهِ إِنَّمَا هِيَ مَسؤُولِيَّتُهُ وَحدَهُ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 110] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [الأنعام: 104] وَقَالَ عَزَّ مِن قَائِلٍ: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 6] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ﴾ [الروم: 44] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18] وَقَالَ تَعَالى:﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 10] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [الأنعام: 164] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 23] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 9] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38] إِنَّهَا آيَاتٌ عَظِيمَةٌ، بَيِّنَةُ المَعَاني وَاضِحَةُ الدِّلالاتِ، تَمنَحُ العَاقِلَ تَصَوُّرًا كَامِلًا لِمَا يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ مَعَ نَفسِهِ الَّتي هُوَ وَحدَهُ المَسؤُولُ عَن تَزكِيَتِهَا وَالتَّرَقِّي بِهَا، لا أَن يَتَغَافَلَ عَن ضَبطِهَا، أَو يَدَعَهَا تَسرَحُ في مَهَالِكِ الضَّلالِ وَتَسبَحُ في بُحُورِ الغَيِّ، مُغتَرًّا بِمَدحِ المَادِحِينَ أو قَدحِ القَادِحِينَ، أَو مُعتَذِرًا بِغَفلَةِ المُصلِحِينَ عَنهُ وَعَدَمِ رِعَايَتِهِم لَهُ، أَو مُمَاشِيًا لِعَوَائِدِ المُجتَمَعِ مُستَسلِمًا لِضَغطِهِم، فَإِذَا انتَبَهَ في سَاعَةِ الحِسَابِ، وَجَدَ أَصحَابَ النُّفُوسِ المُطمَئِنَّةِ رَاضِينَ مَرضِيًّا عَنهُم، في حِينِ أَنَّهُ يُوافي وَهُوَ خَالي الوِفَاضِ مِنَ الخَيرِ وَالحَسَنَاتِ، مُثقَلَ الظَّهرِ بِالشَّرِّ وَالأَوزَارِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَمَن يَلُومُ حِينَئِذٍ، فَكُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهِينَةٌ، وَكُلٌّ مُحَاسَبٌ عَلَى عَمَلِهِ هُوَ، قَد أَفلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، وَيُسِّرَ لِليُسرَى مَن أَعطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسنَى، وَيُسِّرَ لِلعُسرَى مَن بَخِلَ وَاستَغنَى وَكَذَّبَ بِالحُسنَى، وَلم يُغنِ مَالٌ عَن صَاحِبِهِ، وَلا مَولًى عَن مَولًى شَيئًا، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْيُقَدِّمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لِنَفسِهِ مَا فِيهِ نَجَاتُهَا وَسَلامَتُهَا ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لا شَكَّ أَنَّ الإِنسَانَ اجتِمَاعِيٌّ يَتَأَثَّرُ بِمَن حَولَهُ وَيُؤَثِّرُ فِيهِم، وَيَأخُذُ مِنهُم وَيُعطِيهِم، وَقَد يُوَافِقُهُم أَحيَانًا في بَعضِ مَا لا يَرغَبُ فِيهِ إِمَّا اضطِرَارًا أَو لِحَاجَةٍ، أَو مُجَارَاةً وَمُجَامَلَةً لِتَحصِيلِ مَنفَعَةٍ أَكبَرَ أَو دَرءِ مَفسَدَةٍ أَعلَى، لَكِنَّ هَذَا لا يُخَوِّلُ لِلمَرءِ أَن تَمِيعَ شَخصِيَّتُهُ في الآخَرِينَ، فَيُسَلِّمَهُم زِمَامَ نَفسِهِ، وَيَغفَلَ عَمَّا فِيهِ نَجَاتُهُ يَومَ يَلقَى رَبَّهُ، فَكُلٌّ سَيُبعَثُ يَومَ القِيَامَةِ وَحدَهُ، وَسَيُحَاسَبُ عَلَى عَمَلِهِ وَمَا قَدَّمَ أَو أَخَّرَ ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾ [الانفطار: 1 - 5]، ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30] أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمَن فُتِحَ لَهُ بَابُ خَيرٍ في صَلاةٍ أَو صَدَقَةٍ أَو صِلَةِ رَحِمٍ أَو بِرٍّ أَو إِحسَانٍ أَو حُسنِ خُلُقٍ، فَلْيُبَادِرْ في وُلُوجِهِ وَالإِقبَالِ عَلَى رَبِّهِ وَاحتِسَابِ مَا عِندَهُ، وَلا يَنظُرَنَّ إِلى الهَالِكِينَ أَوِ المُتَقَاعِسِينَ أَوِ المُتَأَخِّرِينَ، أَوِ المُتَّبِعِينَ لأَهوَاءِ أَنفُسِهِم أَو تَسوِيلِ شَيَاطِينِ الإِنسِ أَوِ الجِنِّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105] وَتَذَكَّرُوا كُلَّ مَا رَأَيتُم مُغتَرًّا بِعَافِيَةٍ أَو مَنصِبٍ أَو وُفُورِ مَالٍ أَو كَثرَةِ عَشِيرَةٍ، أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مَتَاعٌ دُنيَوِيٌّ زَائِلٌ، لا يُغنِي عَمَّنِ اغتَرَّ بِهِ شَيئًا، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 23] اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ، عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ، نَعُوذُ بِكَ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا، وَمِن شَرِّ الشَّيطَانِ وَشِركِهِ، وَأَن نَقتَرِفَ عَلَى أَنفُسِنَا سُوءًا أَو نَجُرَّهُ إِلى مُسلِمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها
  • من عمل صالحا فلنفسه (خطبة)
  • من عمل صالحا فلنفسه (باللغة الأردية)
  • من عمل صالحا فلنفسه (باللغة الهندية)

مختارات من الشبكة

  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنج بنفسك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هديه - صلى الله عليه وسلم - في التداوي بسور مخصوصة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة البنغالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة الإندونيسية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 18:39
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب