• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
  •  
    مع سورة الجن (WORD)
    د. خالد النجار
  •  
    من قصص القرآن والسنة: قصة نبي الله داود عليه ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    النحو العربي: نشأته - مدارسه - قضاياه - ثماره ...
    محمد زكريا محمود صاري الشافعي الحلبي
  •  
    الراحمون يرحمهم الرحمن
    محمد بديع موسى
  •  
    البيان في متشابه القرآن للإمام العلامة أبي علي ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    الأصناف الذين وصى بهم الرسول صلى الله عليه وآله ...
    حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    لقاء حول العلم والعلماء (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    كبار السن.. وإجلالهم..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طريقة القرآن المعهودة وأثرها في الترجيح عند ...
    علي أحمد يسلم بن عبيدون
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    علم مناهج التربية من المنظور الإسلامي (عرض
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ذم الكبر (خطبة)

ذم الكبر (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/11/2018 ميلادي - 4/3/1440 هجري

الزيارات: 209085

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذم الكبر


الْحَمْدُ للَهِ الَّذِي لَهُ الْعِزُّ وَالْكِبْرِيَاءُ، وَالْمُتَعَالِي عَلَى خَلْقِهِ وَلَهُ الْفَضْلُ والثناءُ، لَا يَعْزُبُ عَنْه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَه وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا أُحْصِي لَهَا عَدًّا، وَأَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي لِمَا فِيه الْخَيْرُ، وَالْمُحَذِّرُ عَمَّا فِيهِ الرَّدَى، صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آله وَأَصْحَابِهِ، نُجُومِ الهُدَى، وَمَصَابِيحِ الدُّجَى، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.


أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللَّهِ- بِوَصِيَّةِ اللهِ لِلْأَوَّلِينَ والآخرينَ؛ إِذْ يَقُولُ: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النساء: 131].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

خُلُقٌ شَيْطَانِيٌّ ذَمِيمٌ، وَخَصْلَةٌ مِنْ قَبِيحِ الْخِصَالِ، دَاءٌ يُصِيبُ صَاحِبَهُ بِالتِّيهِ وَالْعَجَبِ وَالْغُرُورِ، فَلَا يرى إلّا نَفْسَهُ، وَلَا يرى لِأَحَدٍ فَضْلاً وَلَا مَكَانَةً، دَاءٌ يَصُدُّ صَاحِبَهُ عَنِ الْحَقِّ وَيَجُرُّهُ إِلَى الْمَهَالِكِ.. ذَلِكُمْ -عِبَادَ اللَّهِ- هُوَ دَاءُ الْكِبْرِ، وَمَا أَدْرَاكُمْ مَا الْكِبْرُ؛ دَاءٌ ابْتُلِيَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ، فَعَمِيَتْ بِسَبَبِهِ الْأَبْصارُ عَنِ الْحَقِّ فَلَا تُبْصِرُهُ.. خُلُقٌ يُزَيِّنُهُ الشَّيْطَانُ لِضُعفَاءِ وَمرْضَى النُّفُوسِ فَيَنْفُخُ فِيهِمْ حَتَّى يَنْتَفِخَ أحَدُهُمْ وَيَرْتَفِعَ كَالْبَالُونِ؛ فَتَتَلَاعَبُ بِهِمُ الأَهْوَاءُ وَيَكُونُونَ عُرْضَةً لِلسُّقُوطِ وَالتَّلاشِي فِي أَيِّ لَحْظَةٍ.


الْكِبْرُ كَبِيرَةٌ مِنْ كَبائرِ الذُّنُوبِ؛ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي الَّتِي ارْتُكِبَتْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَبَاركَ وَتَعَالَى، قَالَ اللهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا سَبَبَ امْتِناعِ إبْلِيسَ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34]، وَإمَامُ الْمُتَكَبِّرِينَ وَقُدْوَتُهُمْ فِي ذَلِكَ عَدُوُّ الْبَشَرِيَّةِ: إِبْلِيسُ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ شَرِّهِ وَمَكْرِهِ؛ حَيْثُ رَدَّ الْحَقَّ حِينَ جَاءَهُ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَرَأَى مِن نَفْسِهِ الأَفْضَليةِ، وَقَالَ قَوْلَتَهُ الَّتِي مِلْؤُهَا التَّكَبُّرُ الْعَفِنُ: ﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12].


الْكِبْرُ: صِفَةٌ لَا تَنْبَغِي إلّا للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فهيَ صِفَةُ كَمَالٍ فِي حقِّ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، وَصِفَةُ نَقْصٍ فِي الْمَخْلُوقِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللهُ تَعَالَى: العِزُّ إزَارِي، والكِبريَاءُ رِدَائِي، فمَن نَازَعنِي شَيئاً مِنهُما عَذَّبتُهُ" رواه مسلمٌ، وَفِي لفظٍ: "الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ" رواهُ أحمدُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَاصَّةً، لَا يَجُوزُ لِلْمَخْلُوقِ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِمَا، فَاللهُ تَعَالَى إِذَا اتَّصَفَ بِهِمَا كَانَ ذَلِكَ فِيه كَمَالٌ، وَالْمَخْلُوقُ إِذَا تَجَرَّأَ وَلَبِسَ شَيئًا مِنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ كَانَا فِيه نَقْصًا وَعَيبًا، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146]، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ تَعَاظَمَ وَتَكَبَّرَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى تَعْظِيمِهِ وَإِطْرائِهِ وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَتَعْلِيقِ الْقَلْبِ بِهِ مَحَبَّةً وَخَوْفًا وَرَجاءً، فَقَدْ نَازَعَ اللهَ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يُهِينَهُ اللهُ غَايَةَ الْهَوَانِ، وَيُذِلَّهُ غَايَةَ الذُّلِّ، وَيَجْعَلَهُ تَحْتَ أَقْدَامِ خَلْقِهِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا صَحَّ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


أَيُّهَا الْمُبَارَكُونَ:

الْكِبْرُ يُؤَدِّي إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الاِنْحِرافَاتِ، كَازْدِرَاءِ الآخَرينَ وَاحْتِقَارِهِمْ، وَسُوءِ الظَّنِّ بِهِمْ، وَالْكَذِبِ فِي مَدْحِ النَّفْسِ، وَذَكْرِهَا بِمَا فِيهَا وَمَا لَيْسَ فِيهَا، وَسُرْعَةِ الْغَضَبِ وَالاِنْتِقامِ، وَحُبِّ السَّيْطَرَةِ، وَالاِفْتِخارِ، والرِّياءِ، وَالْمَنِّ وَالْأَذَى.


الْكِبْرُ -يا سَادَةُ- افْتِخارٌ وَعُجْبٌ وَغُرُورٌ يَنْبَعِثُ مِنَ الْقَلْبِ فَيُعَبِّرُ عَنْه اللِّسَانُ وَالْحالُ، يَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ الْمُتَكَبِّرِ أَوْ فِي مِشْيَتِهِ أَوْ حَركَاتِهِ أَوْ مَوَاقِفِهِ، فَيَرُدُّ الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ جَلِيًّا وَاضِحًا، وَلَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ وَلَا يَأْخُذُ بِالْمَشُورَةِ؛ لِأَنَّه يَنْظُرُ إِلَى مَنْ نَصَحَهُ وَدَلَّهُ عَلَى الْحَقِّ وَأَرْشَدَهُ إِلَى الصَّوَابِ نَظْرَةَ احْتِقَارٍ وَازْدِرَاءٍ، فَيَرَى أَنَّه أَقَلَّ مِنْه سِنًّا، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ عِلْمًا، أَوْ أَقَلَّ مِنْه مَالًا، أَوْ أَدْنَى مِنْهُ مَرْتَبَةً، أَوْ أَقَلَّ مِنْه حَسَبًا وَنَسَبًا، فَيَمْنَعُهُ غُرُورُهُ وَكِبْرِيَاؤُهُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالأَخْذِ بِهِ.


أَيُّهَا الإِخْوَةُ:

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ" قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ". وَبَطَرُ الْحَقِّ: رَدُّهُ.. وَغَمْطُ النَّاسِ: ازْدِرَاؤُهُمْ وَاحْتِقَارُهُمْ. وَأَمَّا أَخْذُ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ فَهُوَ مِنَ الْجَمَالِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ مِنَ الْكِبْرِ فِي شَيْءٍ، فَتَنْمِيَةُ الْمُسْلِمِ لِذَوْقِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْمَرْكَبِ وَالدَّارِ، سُلُوكٌ سَلِيمٌ، وَالْفَرْقُ يَظْهَرُ فِي الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ، فَذَاكَ يَقْصِدُ التَّكَبُّرَ عَلَى النَّاسِ وَالتَّعَالِي عَلَيهِمْ، وَهَذَا يَقْصِدُ التَّأَدُّبَ بِآدابِ دِينِهِ مِنْ نَظَافَةٍ وَحُسْنِ هِنْدَامٍ وَجَمَالٍ. قَالَ الشَّوكَانِيُّ: "الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَبَّةَ لُبْسِ الثَّوْبِ الْحَسَنِ وَالنَّعْلِ الْحَسَنِ وَتَخَيُّرِ اللِّبَاسِ الْجَمِيلِ لَيْسَ مِنْ الْكِبْرِ فِي شَيْءٍ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ فِيمَا أَعْلَمُ".


وَأَخْطُرُ أَنْوَاعِ الْكِبْرِ أيها المؤمنون مَنْ يَتَكَبَّرُ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ، فَتَأْتِيهِ بِالْآيَةِ وَالأَحَاديثِ الدَّالَّةِ عَلَى خَطَأٍ مَا هُوَ فِيهِ، فَيَعْتَذِرُ بِأَعْذَارٍ وَاهِيَةٍ، وَقَدْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ فَقَالَ لَهُ: "كُلْ بِيَمِينِكَ"، فَقَالَ: "لاَ أَسْتَطِيعُ"، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ اسْتَطَعْتَ" -مَا مَنَعَهُ إلاَّ الْكِبْرُ- فَشُلَّتْ يَمِينُ الرَّجُلِ. رواه مسلمٌ.


الْمُتَكَبِّرُونَ - يا أُمَّةَ الْهُدَى - هُمْ مِنْ حَطَبِ جَهَنَّمَ وَوَقُودِهَا؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا التَّوَاضُعَ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَحَاسِنِ النَّاسِ أخْلاقًا، الْمُوطِئِينَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْمُجِيبُ، أَقَوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ الْمُتَكَبِّرِ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَالصِّفَةُ الَّتِي يَنبغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيهَا الْمُسْلِمُ هِي التَّوَاضُعُ، تَوَاضَعٌ فِي غَيْرِ ذِلَّةٍ، وَلِينٌ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ وَلَا هَوانٍ، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِأَنَّهُمْ ﴿ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63] أَيْ: فِي سَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، غَيْرَ أَشِرِينَ وَلَا مُتَكَبِّرِينَ.


وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"، أُسْوَتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَشْرَفُ الْخَلْقِ وَأكْرَمُهُمْ عَلَى اللهِ، نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي كَانَ يَمُرُّ عَلَى الصِّبْيَانِ فَيُسَلِّمُ عَلَيهِمْ، وَكَانَتِ الأَمَةُ تَأْخُذُ بِيَدِهِ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ، وَكَانَ إِذَا أَكَلَ لَعِقَ أَصابِعَهُ، وفِي بَيْتِهِ يكونُ فِي خِدْمَةِ أَهْلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ قَطُّ، وَكَانَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيُرَقِّعُ ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ الشَّاةَ لأَهْلِهِ، وَيَعْلِفُ الْبَعيرَ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ، وَيَأْكُلُ مَعَ الْخَادِمِ، وَيُجَالِسُ الْمساكينَ، وَيَمْشِي مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ فِي حَاجَتِهِمَا، وَيَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسّلامِ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ وَلَوْ إِلَى أَيْسَرِ شَيْءٍ.


وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِيمَ الطَّبْعِ، جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ، طَلْقَ الْوَجْهِ، مُتَوَاضِعًا فِي غَيْرِ ذِلَّةٍ، خَافِضَ الْجَنَاحِ لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيِّنَ الْجَانِبِ لَهُمْ، وَكَانَ يَقُولُ: "لَا آكُلُ مُتَّكِئًا"، وَكَانَ يَجْلِسُ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ.


وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ" رواهُ البخاريُّ، وَلَمَّا أَرَادَ أحَدُهُمْ أَنْ يُحَدِّثَهُ أَخَذَتْهُ هَيْبَةٌ فَارْتَعَدَ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ" رواهُ ابنُ ماجه، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ!


هَذَا - يا سَادَةُ - هُوَ خُلُقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عِزَّ وَلَا رِفْعَةَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ إلاَّ فِي الاِقْتِداءِ بِهِ، وَاِتِّبَاعِ هَدْيِهِ.


عِبَادَ اللَّهِ:

وَأَمَّا عَنْ سَبِيلِ التَّخَلُّصِ مِنْ هَذِهِ الْعَادَةِ السَّيِّئَةِ فسَنَبْسُطُ الْحَديثَ عَنْهَا فِي الْجمعةِ الْقَادِمَةِ إِن شَاءَ اللهُ.

اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالْغُرُورِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَبِيلِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَمَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ، يا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ تَوَاضُعَ لَكَ فَرفعْتَهُ، وَذَلَّ نَفْسَه لَكَ فَأَكْرَمْتَهُ، وَتَوَكَّلَ عَلَيكَ فَكَفَيْتَهُ، وَسَأَلَكَ مِنْ فَضْلِهِ فَأَعْطَيْتَهُ.

اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَينَا الْإيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَينَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا يا مَوْلانَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.


اللهُمَّ احْمِ بِلادَنَا وَسَائِرَ بِلادِ الْإِسْلامِ مِنَ الْفِتَنِ، وَالْمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْبًا عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رايَةَ السُّنَّةِ، وَاقْمَعْ رايَةَ الْبِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِماءَ أهْلِ الْإِسْلامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.


اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوالَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ شَمْلَهُمْ، وَوَحِّدْ صُفُوفَهُمْ، وَفَرِّجْ هُمُومَهُم، وَنَفِّسْ كُرُوبَهُمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ يا قُوِيُّ يا عَزِيزُ.


وَصَلِّ اللَّهُمُّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى حَبيبِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعِينَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التواضع وذم الكبر
  • خطبة عن التواضع وذم الكبر
  • التواضع وذم الكبر (خطبة)
  • علاج الكبر (خطبة)
  • احذروا الكبر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالكبار.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/3/1447هـ - الساعة: 2:4
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب