• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
  •  
    مع سورة الجن (WORD)
    د. خالد النجار
  •  
    من قصص القرآن والسنة: قصة نبي الله داود عليه ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

اصنع معروفا

اصنع معروفا
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/4/2017 ميلادي - 1/8/1438 هجري

الزيارات: 24768

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اصنع معروفاً...

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا كَمَا أَمَرَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِرْغَامًا لِمَنْ جَحَدَ بِهِ وَكَفَرَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْخَلائِقِ وَالْبَشَرَ، الشَّفِيعُ الْمُشَفَّعُ فِي الْمَحْشَرِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ وأَتْبَاعِهِ مَا اتَّصَلَتْ عَيْنٌ بِنَظَرٍ، وَسَمِعَتْ أُذُنٌ بِخَبَرٍ.. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى تَجْلِبُ لَكُمُ الْخَيْرَاتِ وَتَدْفَعُ عَنْكُمُ السَّيِّئَاتِ، وَتُحَصِّلُونَ بِهَا سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَفَوْزَ الْآخِرَةِ، ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ، فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ"، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ:"فَقَالَ اللهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي".

 

عِبَادَ اللَّهِ.. صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ وَمَا أَدْرَاكُمْ مَا صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ؟ هِيَ الَّتِي يَغْفِرُ اللهُ بِهَا الذُّنُوبَ، وَيَسْتُرُ بِهَا الْعُيُوبَ، وَيُفَرِّجُ بِهَا الْهُمُومَ وَالْغُمُومَ وَالْكُرُوبَ، فَيَا للهِ مِنْ أَقْوَامٍ عَامَلُوا اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، خَرَجُوا وَقَدْ مُلِئَتْ دَوَاوِينُ أَعْمَالِهِمْ بِالْحَسَنَاتِ الْبَاقِيَةِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ.. نَفْعُ النَّاسِ وَالْسَّعْيِ فِي كَشْفِ كُرُوبِهِمْ مِنْ صِفَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، فَالْكَرِيمُ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَ مَا فَعَلَهُ إِخْوَتُهُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ، وَلَمْ يَبْخَسْهُمْ شَيْئًا مِنْهُ.

 

وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ مُسْتَضْعَفَتَيْنِ، رَفَعَ الْحَجَرَ عَنِ الْبِئْرِ وَسَقَى لَهُمَا حَتَّى رُوِيَتْ أَغْنَامُهُمَا.

وَلَمَّا تَكَلَّمَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الْمَهْدِ قَالَ: ﴿ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ﴾ [مريم: 30، 31] قَالَ مُجَاهِدٌ: "أَيْ: نَفَّاعًا لِلنَّاسِ أَيْنَمَا كُنْتُ".

 

وَتَأَمَّلُوا قِصَّةَ الْغُلاَمَيْنِ الْيَتِيمَيْنِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ، لِمَاذَا سَخَّرَ اللهُ لَهُمَا الْخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلامُ لإِقَامَةِ الْجِدَارِ لِكَيْ يَحْفَظَ أَمْوَالَ الْغُلاَمَيْنِ؟ وَالْجَوَابُ: لِأَنَّ أَبُوهُمَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرُوفِ؛ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ وَالِدِ الْغُلاَمَيْنِ:"إِنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي الْأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعَ إِلَى أَهْلِهَا، فَحَفِظَ اللهُ تَعَالَى كَنْزَهُ حَتَّى أَدْرَكَ وَلَدَاهُ فَاسْتَخْرَجَا كَنْزَهُمَا"، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82] فَحَفِظَ اللهُ لِلْغُلاَمَيْنِ كَنْزَهُمَا الَّذِي هُوَ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا الزَّائِلِ لِصَلاحِ أَبِيهِمَا.

 

وَخَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَقُولُ فِي وَصْفِ أَشْرَفِ الْخَلْقِ صلى الله عليه وسلمَ: "وَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا،إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ"،وَصَدَقَ الشَّاعِرُ حِينَمَا قَالَ:

تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً
كَأَنَّمَا تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهُ
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَفِّهِ غَيْرُ رُوحِهِ
لَجَادَ بِهَا.. فَلْيَتَّقِ اللهَ سَائِلُهُ

 

وَكَانَ السَّلَفُ رَحِمَهُمُ اللهُ أَسْرَعَ النَّاسِ فِي صِنَاعَةِ الْمَعْرُوفِ وَبَذْلِهِ؛ مِنْ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ مِنْ صَنِيعِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ حِينَ وَلِيَ الْخِلاَفَةَ، فَكَانَ فِي كُلِّ يَوْمِ يَأْتِي بَيْتًا فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ تَسْكُنُهُ عَجُوزٌ عَمْيَاءُ، فَيُنْضِجُ لَهَا طَعَامَهَا، وَيَكْنِسُ لَهَا بَيْتَهَا، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ مَنْ هُوَ، فَكَانَ يَسْتَبِقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى خِدْمَتِهَا.

 

وَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ الْخِلاَفَةَ خَرَجَ يَتَحَسَّسُ أَخْبَارَ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدَ أَرْمَلَةً وأَيْتَامًا عِنْدَهَا يَبْكُونَ، يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ غَدَا إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَحَمَلَ وَقْرَ طَعَامٍ عَلَى ظَهْرِهِ، وَانْطَلَقَ فَأَنْضَجَ لَهُمْ طَعَامَهُمْ، فَمَا زَالَ بِهِمْ حَتَّى أَكَلُوا وَضَحِكُوا.

وَمِنْ صِنَاعَةِ الْمَعْرُوفِ أَيْضًا مَاذُكِرَ عَنْ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، فَقَدْ كَانَ أُنَاسٌ مِنْ أهْلِ الْمَدِينَةِ لايَدْرُونَ مِنْ أَيْنَ مَعَايِشِهِمْ، فَلَمَّا مَاتَ فَقَدُوا ذَلِكَ الَّذِي كَانُوا يُؤْتَوْنَ بِاللَّيْلِ، وَلَمَّا غَسَّلُوهُ رَحِمَهُ اللهُ وَجَدُوا بِظَهْرِهِ أَثَرًا مِمَّا كَانَ يَنْقُلُهُ بِاللَّيْلِ إِلَى بُيُوتِ الْأَرَامِلِ.

 

وَسَارَ سَلَفُ الْأُمَّةِ عَلَى الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ فِي بَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَنَفْعِ النَّاسِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:"واللهِ لَأَنْ أَقْضِيَ لامْرِئٍ مُسْلِمٍ حَاجَةً أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ".

عِبَادَ اللَّهِ.. صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ أَبْوَابُهُ عَظِيمَةٌ وَكَثِيرَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148] فَلَيْسَتْ بَابًا وَاحِدَا، فَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى إِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ وَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَاتِ وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ، وَلَكِنَّهَا تَعِيشُ مَعَ الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ طَاعَةٍ وَخَيْرٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيُحِبُّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُو نَفْعٍ لِلنَّاسِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ الْخَفِيَّةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ، وَأهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيا هُمْ أهْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْآخِرَةِ" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. أَمَّا عَنْ أَعْظَمِ مَعْرُوفٍ تَبْذُلُهُ إِلَى النَّاسِ وَأَعْظَمِ خَيْرٍ تَبْذُلُهُ إِلَى خَلْقِ اللهِ هُوَ تَقْرِيبُ الْقُلُوبِ إِلَى اللهِ، وَتَحْبِيبِ عِبَادِ اللَّهِ فِي اللَّهِ، يَوْمُ يُنْقِذُ اللهُ بِكَ حَائِرًا.. يَوْمَ يَهْدِي اللهُ بِكَ ضَالاًّ تَائِهًا.. يَوْمَ تَأْخُذُ إِنْسَانًا غَرِيبًا عَنْ رَبِّهِ بَعِيدًا عَنْ طَاعَتِهِ، فَمَا رَكَعَ رَكْعَةًبَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ إلَّا كَانَ لَكَ مِثْلَ أَجْرِهِ، وَلَا صَنَعَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ إلَّا أُجِرْتَ عَلَى تِلْكَ الْخَصْلَةِ أَيًّا كَانَتْ.

وَمِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ: الْسَعْيُ عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْأَيْتَامِ وَالضُّعَفَاءِ؛ فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَضْلَهَا كَالْصِّيَامِ وَالْقِيَامِ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَمِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ إِعَانَةُ الْمَكْرُوبِ؛ فَكُلُّ ذِي حَاجَةٍ جَاءَكَ فِي حَاجَتِهِ فَأَعِنْهُ عَلَى تِلْكَ الْحَاجَةِ الَّتِي لَا تُغْضِبُ اللهَ، فَذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ بِالْأَمْوَالِ، وَمَا كَانَ بِالْجَاهِ مِنَ الشَّفَاعَةِ الْحَسَنَةِ الَّتِي لَا تَحُولُ بَيْنَ حَدٍّ مِنْ حُدُودٍ اللَّهِ.

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ جَلَّ وَعَلا: مُوَاسَاةُ الْمُصَابِينَ والْمَكْلُومِينَ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا سَمِعَ عَنْ أَخِيهِ أَنَّهُ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَاسِيَهُ وَيُذَكِّرَهُ بِحُسْنِ الثَّوَابِ، وَحُسْنِ الْعَاقِبَةِ عِنْدَ اللهِ وَعَظِيمِ أَجْرِهِ عِنْدَ رَبِّهِ.

 

وَمِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ: الصُّلْحُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَقَاطَعُوا، وَالصُّلْحُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ الْمُقَرِّبَةِ إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلا، وَالَّتِي شَهِدَ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ أَنَّهَا خَيْرُ الْأَعْمَالِ؛ قَالِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

 

عَبْدَ اللهِ... اسْتَغِلَّ أَيَّ فُرْصَةٍ واغْتَنِمْ أَيَّ مَوْقِفٍ تَصْنَعُ فِيهِ مَعْرُوفًا لِفَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فِي أَيِّ مَكَانٍ كَانَ وَاسْتَتِرْ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَلَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، وَاحْتَسِبْ أَجْرَ ذَلِكَ وَجَزَاءَهُ عِنْدَ اللهِ فَقَط. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

حَاجَةُ أَخِيكَ - عَبْدَ اللهِ - هَمٌّ تُخَفِّفُهُ عَنْهُ، وَنَجْدَةٌ تُسْعِفُهُ بِهَا، وَدَيْنٌ تَقْضِيهِ عَنْهُ، وَمَالٌ تُقْرِضُهُ إِيَّاهُ، وَنَقِيصَةٌ تَدْفَعُهَا عَنْ عِرْضِهِ، وَدُعَاءٌ لَهُ تُخْفِيهِ عَنْهُ، وَنَصِيحَةٌ تُسْدِيهَا لَهُ، وَمَشُورَةٌ تُنِيرُ دَرْبَهُ، وَكُلُّ عُوْنٍ وَمُسَاعَدَةٍ فِي خَيْرٍ - صَنَائِعُ تَنَالُ بِهَا مَحَبَّةَ اللهِ، وَتَفُوزُ مِنْ أَجْلِهَا بِرِضَاهُ.

 

أَخِي الْكَرِيمُ.. لَا تَتَرَدَّدْ أَنْ تَقْضِيَ حَاجَةً لِأَخِيكَ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ وَقْتِكَ أَوْ جُهْدِكَ أَوْ مَالِكَ، فَمَنْ وُفِّقَ لِبَذْلِ مَعْرُوفٍ أَوْ أَدَاءِ إِحْسَانٍ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِوَجْهٍ طَلْقِ وَمَظْهَرٍ بَشُوشٍ، وَلَا يَمْنُنْ بِهِ وَلْيَحْرِصْ عَلَى الْكِتْمَانِ قَدْرَ الْإِمْكانِ؛ ابْتِغَاءً لِلْأَجْرِ وَحِفْظًا لِكَرَامَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لفعل الخيرات وتفريج الكربات، اللهم فرج عنا همومنا، وفرج عنا غمومنا، اللهم أصلح لنا أحوالنا إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم وبارك على البشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَظِيمِ الشَّانِ قَدِيمِ الْإِحْسَانِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَوْلَى مِنْ جَزِيلِ الْفَضْلِ وَالاِمْتِنَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ. أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ.. لَقَدْ ثَبَتَ -بِمَا لَا يَدَعُ مَجَالاً لِلشَّكِّ- أَنَّ صُنْعَ الْمَعْرُوفِ وَبَذْلِهِ للآخَرِينَ خُصُوصًا عِنْدَمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ وَباذِلُهُ لَا يَقْصِدُ مِنْ وَرَاءِهِ طَمَعًا دُنْيَوِيًّا، فَإِنَّ أَثَرَهُ يَكُونُ عَظِيمًا فِي التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَاسْتِجْلاَبِ الرِّزْقِ وَبَرَكَتِهِ وَطُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ وَكَشْفِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ، وَالْقَبُولِ فِي الْأرْضِ وَصَلاَحِ الذُّرِّيَّةِ وَدَوَامِ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَتَفْرِيجِ الْكُرَبِ عِنْدَ اشْتِدَادِهَا، وَصَرْفِ الْبَلاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ.

 

فَكَمْ مِنْ إِنسَانٍ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ مَصَارِعِ السُّوءِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ لِلْخَيْرِ؟ وَكَمْ إِنسَانٍ حَفِظَ اللهُ مَالَهُ مِنَ الضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ وَالتَّلَفِ بِسَبَبِ إِحْسَانِهِ إِلَى النَّاسِ؟ وَكَمْ مِنْ إِنسَانٍ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمُمِيتَةِ بِسَبَبِ مَعْرُوفِهِ إِلَى النَّاسِ أَوِ الْحَيَوَانِ؟ وَكَمْ إِنسَانٍ حَفِظَ اللهُ أَوْلاَدَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ بِسَبَبِ دَعْوَةٍ صَالِحَةٍ مِمَّنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: "فَالإِنْسَانُ إِذَا كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَأَعَانَ أَخَاهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، فِي الشَّفَاعَةِ لَهُ فِي حَاجَةٍ، فِي عِلاَجِهِ، فِي نَقْلِهِ بِالسَّيَّارَةِ إِلَى الطَّبِيبِ، وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الْحَاجَاتِ، فَاللهُ جَلَّ وَعَلَا وَعَدَهُ أَنْ يَكُونُ فِي حَاجَتِهِ، وَأَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، كَمَا قَضَى حَاجَةَ أَخِيهِ، وَوَعَدَهُ بِالْعَوْنِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. أَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَلَا، لَا يُعِينُهُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وصِفَاتِهِ الْعُلَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ وَالإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

صلوا وسلموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اصطناع المعروف (عرض)
  • صنائع المعروف أمان من المخوف
  • فضل صنائع المعروف وإغاثة الملهوف
  • صنائع المعروف تقي مصارع السوء

مختارات من الشبكة

  • الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"‏(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابتليت بالوساوس فماذا أصنع؟(استشارة - الاستشارات)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (20) «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اصنع الخير وارمه في البحر؛ فسيأتي إليك لؤلؤا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • اصنع نجاحك بنفسك (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث 20 من كتاب الأربعين النووية (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • إذا لم تستح فاصنع ما شئت (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب