• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأربعون الغفرانية من صحيحي البخاري ومسلم (PDF)
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    لقاء حول ثقافة الشاب وتوجهه (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    حدیث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة، والدار، والفرس) ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    النعم.. أنواعها.. وأطنابها
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الإخلاص سبيل الخلاص
    منصة دار التوحيد
  •  
    سنن الفطرة: طهارة وجمال وإعجاز علمي
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الوعظ في مؤلفات ابن أبي الدنيا - دراسة وصفية ...
    هلال بن سلطان بن درويش الهاجري
  •  
    تلقیح الأفهام في وصایا خیر الأنام للعلامة: عبد ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإيحاءات التربوية في صحيح البخاري باب قول النبي ...
    د. عماد سلمان حسن الفلاحي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة العمالة غير النظامية

الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/12/2018 ميلادي - 7/4/1440 هجري

الزيارات: 12426

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العَمَالَةُ غَيْرُ النِّظَامِيَّةِ

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

 

فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ وَاعْلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ؛ لَقَدْ جَمَعَتْ شَرِيعَةُ الْإِسْلامِ المْحَاسِنَ كُلَّهَا، فَصَانَت الدِّينَ، وحَفِظَت الْعُقُولَ، وَطَهَّرَت الْأَمْوَالَ، وَصَانَت الْأَعْرَاضَ، وَأَمَّنَت النُّفُوسَ، وَحَذَّرَت مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يُخِلُّ بِالْأَمْنِ وَالاسْتِقْرَارِ، وَكَانَتْ مِنْ دَعَوَاتِ الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾ [إبراهيم: 35]، فَالْأَمْنُ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِه بَعْدَ نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ.

 

رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِه بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَاَل: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِه، مُعَافًى فِي بَدَنِهِ، عِنْدَهُ قُوتِ يَوْمِه؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا).

 

وإِذَا ضَاعَ الْأَمْنُ سُفِكَتْ الدِّمَاءُ، وَانْتُهِكَتْ الْأَعْرَاضُ، وَالْحُرُمَاتُ، وَعَمَّتْ الْفَوْضَى، وَأَصْبَحَ النَّاسُ فِي فَقْرٍ، وَجَهْلٍ، وَخَوْفٍ، وَلَمْ يَهْنَؤُوا بِطَعَامٍ، وَلَا بِنَوْمٍ، وَلَا بِغَيْرِهِمَا مِنْ مَلَذَّاتِ الدُّنْيَا.

 

وإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْبِلَاِد أَنْ رَزَقَهَا سَلَامَةً فِي الْمُعْتَقَدِ، وَوَفْرَةً فِي الرِّزْقِ، فَلَيْسَ غَرِيبًا أَنْ يَحرِصَ بَاحِثُو الْعَمَلِ عَنْ الْعَمَلِ فِي بَلَدِنَا، وَمِمَّا يُخْطِئُ فِيهِ بَعْضُ الْأَفْرَادِ وَالشَّرَكَاِتِ، الَّذِينَ يَتَعَاوَنُونَ مَعَ بَعْضِ ضُعَفَاءِ الضَّمَائِرِ؛ لاسْتِجْلَابِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُمْ مِنْ الْعَامِلَةِ، فَيَأْتُونَ بِهِمْ، ثُمْ يَتْرُكُونَهُمْ سَائِحِينَ فِي الطُّرُقَاتِ؛ لِيَعْمَلُوا مَا شَاؤُوا مُقَابِلَ قِسْطٍ مِنْ الْمَالِ شَهْرِيًّا يَأْخُذُونَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِلِ، بِظُلْمٍ وَجَوْرٍ، وَمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، وْالْأَنْظِمَةِ، وَهَذَا الْعَامِلُ إِذَا تُرِكَ بِدُونِ عَمَلٍ ظَلَّ هَذَا الْمِسْكِينُ يَبْحَثُ فِي الطُّرُقَاتِ عَنْ عَمَلٍ، وَرُبَّمَا عَجَزَ عَنْ الْمَكَاسِبِ، وَرُبَّمَا سَلَكَ بَعْضُهُمْ الطُّرَقَ الْمُلْتَوِيَةَ؛ لِكَسْبِ الْمَعَاشِ، وِلِتَسْدِيدِ الْإَتَاوَةِ لِكَفِيلِهِ الظَّالِمِ.. فَمَا أَقْبَحَهُ مِنْ مَكْسَبٍ! وَمَا أَرْذَلَهُ مِنْ مَالٍ! فَبِأَيِّ سَبِيلٍ اسْتَحَلَّهُ؟!

 

وَهَذا الْعَامِلُ سَوْفُ يَضْطَرُّ لِعَمَلِ أَيِّ عَمَلٍ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَى الْمَالِ، وَرُبَّمَا امْتَهَنَ مِهْنَةً غَيْرَ مِهْنَتِهِ، وَأَضَرّ بِغَيْرِه، وَيَصْعُبُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ لِمُحَاسَبَتِهِ؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَقَرِّ عَمَلِهِ، وَمَنْ الْمَسْؤُولُ عَنْه؟ وَرُبَّمَا فَقَدَ شَيْئًا مِنْ الْبَيْتِ وَلَيْسَ هُنَاكَ عُنْوَانٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَيْهِ، كَذَلِكَ قَدْ يَحْمِلُ بَعْضُهُمْ حِقْدًا عَلَى الْبَلَدِ؛ بِسَبَبِ ظُلْمِ كَفِيلِهِ لَه، الَّذِي أَحْضَرَهُ، وَغَشَّهُ، وَأَهْمَلَهُ، وأَلْزَمَهُ مالًا، أَوْ الْعَوْدَةَ إلى بلده.

 

فَالْأَضْرَارُ وَالْمَفَاسِدُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى تَشْغِيلِ الْعَمَالَةِ غَيْرِ النِّظَامِيَّةِ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ اسْتُقْدِمُوا لَه، وإِيوَائِهِمْ، وَالتَّسَتُّرِ عَلَيْهِم، مُخَالَفَةٌ لِنظَامِ الْإِقَامَةِ، وَمَعْصِيَةٌ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَضْبِطَ أَمْنَ الْمُجْتَمَعِ، وِجِنَايَةً عَلَى الْوَطَنِ، وَالْمُوَاطِنِينَ، والْمُقِيمِينَ، فَارْتَكَبَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ مِنْ ضِعَافِ النُّفُوسِ جَرَائِمَ أَمْنِيَّةً، وَأَخْلَاقِيَّةً، وَجِنَائِيَّةً، وَقَتْلٍ، وَسَرِقَةٍ، وَلَمْ تُعْرَفْ هُوِيَّتُهُمْ، وَعَنَاوِينُهُمْ؛ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ عَمِلُوا عِنْدَ أُنَاسٍ لَيْسوا مَكْفُولِيهم؛ بَلْ رُبَّمَا عَمِلَ عِنْدَهُ وَهُوَ لَاَ يَعْرِفُ اسْمَهُ الْحَقِيقِيَّ، وَبَلَدَهُ، وَدِينَهُ!

 

وَكَمْ مِنْ الْقَضَايَا الَّتِي امْتَلَأَتْ بِهَا مَرَاكِزُ الشُّرْطَةِ، وَمَكَاتِبُ الْقُضَاةِ، تَحْكِي مَا تَقَدَّمَ بِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ، وَمَا وَاجَهُوهُ مِمَّنْ أَعْطَوْهُمْ الثِّقَةَ، وَظَنُّوا الْخَيْرَ فِيهِم، فَكَذَبُوا عَلَيْهِمْ، وَسَلَبُوهُمْ، وَهَرَبُوا، فَلَمْ يُعْثَرْ عَلَيْهِم، وَالسَّبَبُ أَنَّهُمْ مَجْهُولُو الْهُوِيَّةِ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِطُرُقٍ نِظَامِيَّةٍ.

 

بَلْ قَامَ بَعْضُهُمْ بِالتَّغْرِيرِ بِأَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مُوَاطِنِينَ، وَمُقِيمِينَ، وَإِفْسَادِهِمْ؛ بِسَبَبِ حِقْدِهِمْ عَلَى الْبَلَدِ، أَوْ بِسَبَبِ حِقْدِهِم عَلَى كَفِيلِهِمْ الَّذِي وَرَّطَهُمْ؛ مِمَّا يُهَدِّدُ أَمْنَ الْمُجْتَمَعِ، وَيَنْشُرُ الرَّذِيلَةَ، وَالْفَسَادَ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ وَالشُّرُورِ، وَرُبَّمَا بِسَبَبِ حِقْدِهِمْ يَتِمُّ اسْتِخْدَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ قِبَلِ جِهَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ مُعَادِيَةٍ لِبَلَادِنَا لِلْإِضْرَارِ بِأَمْنِهَا، وَاسْتِقْرَارِها، فَكَثْرَةُ الْعَمَالَةِ غَيْرِ النِّظَامِيَّةِ تُؤدِّي إِلَى كَثْرَةِ الْفَسَادِ، وَكَسَادِ سُوقِ الْعَمَل، وَنَشْرِ الْفَوْضَى، وَحِرْمَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعَمَلَ، وَقَدْ يَسْتَغِلُّ الْمُخَالِفُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِنْ كُرْهٍ لِمُزَاوَلَةِ بَعْضِ النَّشَاطَاتِ التِّجَارِيَّة، أَوْ الصِّنَاعِيَّةِ، وَالزَّرَاعِيَّةِ بِطَرِيقَةٍ فِيهَا إِضْرَارٌ بِمَصَالِحِ الْبَلَدِ، وَغَيْرِها مِنْ الشُّرُورِ وَالْمَفَاسِدِ، فَبِسَبَبِ بَعْضِهِمْ وَقَعَتْ الْبَلَايَا عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَامَلَ مَعَهُمْ، سَوَاءٌ مِنْ الْمُوَاطِنِينَ وَالْمُقِيمِينَ، أَوْ حَتَّى مِنْ بَنِي جِلْدَتِهِمْ، فَضَيَّعُوا بِذَلِكَ دُنْيَاهُمْ وَدِينَهُمْ.

 

وَيَتَحَمَّلُ صَاحِبُ الْكَفَالَةِ الْمُتَسَبَّبُ كِفْلًا كَبِيرًا مِنْ الْإِثْمِ، قَاَل تَعَالَى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، وَكَذَلِكَ نَجْدِ مَنْ يُيَسِّرُ لِلسَّائقِينَ وَالْعَامِلَاتِ الْمَنْزِلِيَّاتِ الْهُرُوبَ مِنْ المَنَازِلِ، وَيَقُومُ بِتَشْغِيلِهِمْ لَدَى الْغَيْرِ مُقَابِلَ مَكْسَبٍ مَالِيٍّ لَهُ، فَيَتَضَرَّرُ مِنْ دَفْعِ ثَمَنِ اسْتِقْدَامِه مَادِيًّا وَمَعْنَوِيًّا؛ بِسَبَبِ هُرُوبِهِ، وَيَأْثَمُ مَنْ قَامَ بِتَشْغِيلِهِ، وَالْوَسِيطُ الَّذِي خَبَّبَ الْعَامِلَ عَلَى كَفِيلِهِ، وَالْمُفْسِدُ مَلْعُونٌ، نَاهِيكَ عَنْ أَنَّهُمْ قَامُوا بِجَرِيمَةِ أَكْلِ أَمْوَالِ الْكَفِيلِ وَالْعَامِلِ بِالْبَاطِلِ.

 

وَلَا يُمْكِنُ لِمَنْ خَالَفَ اللهَ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ بِطَاعَتِه لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ مَا يُحَصِّلُهُ مِنْ تِلْك الْمُخَالَفَةِ شَرْعِيًّا وَحَلَالاً؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ وَالْحَلَالَ أَمْرَانِ مُتَضَادَّانِ، فَالطَّاعَةُ تَأْتِي مِنْ وَرَاِئهَا لُقْمَةُ الْحَلَالِ، وَالْمَعْصِيَةُ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِأُولِي الْأَمْرِ يَأْتِي مِنْ وَرَائِهَا الْمَالُ الْحَرَامُ، وَكَذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي شَجَّعَتْ عَلَى وُجُودِ عَمَالَةٍ غَيْرَ مُحَتَاجٍ لَهَا الْمُتَاجَرَةُ بِـ"الْفِيزَا"، فَتَجِدُ الْعَامِلَ يَشْتَرِي "فيزا" لِنَفْسِه، وَأَهْلِهِ، ثم يَقُومُونَ بِالْعَمَلِ غَيْرِ النِّظَامِيِّ، وَإِنَّنَا نَجِدُ مَنْ آثَارِهِمْ السَّيِّئَةِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْبُنْيَانِ، الَّذِي فِيهِ أَخْطَارٌ وَأَضْرَارٌ وَثَغَرَاتٌ غَالِبُهَا إَنْ لَمْ يَكُنْ جَمِيعُها مِنْ جَرَّاءِ هِذِه الْعِمَالَةِ، الِّتِي تَقُومُ بِبِنَائِهِ، ثُمَّ لَا يُعْرَفُ لمَنْ هِيَ، فَيَتَضَرَّرُ مَنْ قَامَوا بِالْبِنَاءِ لَهُ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مَوْقِعٌ أَوْ مَصْدَرٌ يُتَوَصَّلُ مِنْ خِلَالِه إِلَيْهِمْ، بِعَكْسِ مَنْ يَقُومُ بِالتَّعَاقُدِ مَعَ الشَّرِكَاتِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ الْمُرَخَّصِ لَهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِنْدَ التَّقَاضِي مَرْجِعًا يَرْجِعُ إِلَيْهِ؛ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ.

 

فَلَقَدْ سُئِلتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ، برئاسة سماحة الإمام ابن باز رحمنا الله واياه عَنْ الْعَمَالَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ السَّائِبَةِ، أَوْ الْهَارِبَةِ مِنْ كُفُلَائِهِمْ: هَلْ التَّسَتُّرُ عَلَيْهِمْ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ بِحُجَّةِ أَنَّهُمْ مَسَاكِينُ، أَوْ أَنَّنَا بِحَاجَةٍ لَهُمْ جَائِزٌ شَرْعًا، أَمْ لَا؟ فأجابه لَا يَجُوزُ التَّسَتُّرُ عَلَى الْعَمَالَةِ السَّائِبَةِ، وَالْمُتَخَلِّفَةِ، وَالْهَارِبَةِ مِنْ كُفَلَائِهِمْ، وَلَا الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ أَنْظِمَةِ الدَّوْلَةِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِعَانَتِهِمْ عَلَى خِيَانَةِ الدَّوْلَةِ الِّتِي قَدِمُوا لَهَا، وَكَثْرَةِ الْعَمَالَةِ السَّائِبَةِ؛ مِمَّا يُؤدِّي إِلَى كَثْرَةِ الْفَسَادِ، وَالْفَوْضَى، وَتَشْجِيعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَحِرْمَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعَمَلَ، وَالتَّضْييقِ عَلَيْه) انتهي كلامها.

 

اللهُمَّ رُدَنا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلاً وَلاَ تَجْعَل فِيْنَا وَلاَ بَيْنَنَا شَقِّياً وَلاَ مَحْرُوماً، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأَسْتَغفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عباد الله؛ لقد أَفْتَتْ الدَّائِمُةُ لِلْإِفْتَاءِ برئاسة سماحة العلامة ابن باز رحمنا الله واياه بِتَحْرِيمِ بَيْعِ "الفِيَزا" مُطْلَقًا؛ (لِأَنَّ فِي بَيْعِها كَذِبًا، وَمُخَالَفَةً، وَاحْتِيَالاً عَلَى أَنْظِمَةِ الدَّوْلَةِ، وَأَكْلاً لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ، قَالَ اللهُ تَعَاَلى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾ [البقرة: 188]، وَثَمَنُ "الْفِيزَا" الَّتِي بِعْتَهَا، وَالنِّسَبُ الِّتِي تَأْخُذُهَا مِنْ الْعُمَّالِ كَسْبٌ مُحَرَّمٌ، يَجِبُ عَلَيْكَ التَّخَلُّصُ مِنْهُ، بِأَنْ تُنْفِقَهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ، مِنْ فُقَرَاءَ، وَإِنْشَاءِ وَبِنَاءِ مَرَافِقَ تَنْفَعُ الْمُسْلِمِينَ).

 

وقَالَ شَيْخُنُا ابْنُ عُثَيْمِينَ -رَحِمَنَا اللهُ، وَإِيَّاه-: (وَمَنْ اسْتَقْدَمَ عَامِلاً، وَوَضَعَهُ فِي الْمَحَلِّ، وَوَفَّرَ لَهُ السَكَنَ، وَالْمَعِيشَةَ، وَفَتَحَ لَهُ الْمَحِلَّ، وَتَحَمَّلَ الْإِيجَارَ، وَقَالَ: اشْتَغَلْ، وَتُعْطِينِي مَثَلاً فِي الشَّهْرِ أَلْفَ رِيَالٍ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِمُخَالَفَتِهِ النِّظَامَ. ثَانِيًا: فِيها مُخَالَفَةُ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَهَالَةً وَمَيْسِرًا).

 

عِبادَ اللهِ، إِنَّ هُنَاكَ مَنْ يُظْهِرُ عَوَاطِفَ وَمَشَاعِرَ يُشْكَرُ عَلَيْهَا؛ لَكِنْ لَوْ عَلِمَ مَا تُعَانِيهِ الدَّوْلَةُ مِنْ مَسْؤُوليةٍ لَعَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَشَاَعرَ وَالْعَاطِفَةَ تُعَارِضُ مَصَالِحَ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ، وَكُلُّ دُولِ الْعَالَمِ تُقَنِّنُ الْعَمَلَ لِغَيْرِ مُوَاطِنِيهَا؛ بَلْ حَتَّى الدُّولُ الْفَقِيرَةُ أَشَدُّ صَرَامَةً مِنْ غَيْرِها؛ بَلْ الدُّولُ الْفَقِيرَةُ تَحْدد مُدَّةَ إِقَامَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْدها بِمُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ؛ مُرَاعَاةً لِمَصَالِحِهِمْ، وَتَجِدُّ كُلَّ تَعَاوُنٍ مِنْ مُوَاطِنِيهِمْ.

 

عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ التَّنْظِيمَ الِّذِي تَسْعَى لَهُ الدَّوْلَةُ لَهُ أَسْبَابُهُ، وَدَوَافِعُهُ، وَهِيَ الْأَعْلَمُ بِمَصَالِحِ النَّاسِ، وَتُرِيدُ أَنْ تُيَسِّرَ فُرَصَ الْعَمَلِ لِمُوَاطِنِيهَا، وَتُرِيدُ مَعْرِفَةَ هُوِيَّةِ كُلِّ عَامِلٍ وَمُوَظَّفٍ، وَوَضَعتْ شُرُّوْط عَلَى الْكَافِلَ وَالْمَكْفُوْل وَمَنْ أَخَلَّ بِهِ يَتَحَمَّلَ عَاقِبَةُ فِعْلِهِ، .فَالْعَمَالَةُ غَيْرُ النِّظَامِيَّة أَخَلَّتْ أصْلًا بِالشَّرْطِ الْأَسَاسِ عِنْدَ قُدُومِها؛ وَهِيَ أَنْ تَعْمَلَ عِنْدَ الْجِهَةِ الِّتِي اسْتَقْدَمَتْهَا، وَكَانَ عَلَيْهَا الْوَفَاءُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ)، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، فَالْعَامِلُ هُوَ مَنْ أَخَلَّ بِالشَّرْطِ الْأَسَاسِيِّ مَعَ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ نَجِدُ مَنْ يَلْتَمِسُ لَهُمْ الْأَعْذَارَ وَقَدْ أَخَلُّوا بِالشُّرُوطِ، وَنَقَضُوا الْعُهُودَ.

 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ والْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا، وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالْمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ، وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمَا سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْبًا عَلَى أَعْدَائِكَ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاقْمَعْ رَايَةَ الْبِدْعَةِ، اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْ الْمُجَاهِدِينَ الْمُرَابِطِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. اللَّهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ، يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطر العمالة الوافدة على الاقتصاد
  • التجارة بالعمالة وأثرها على اقتصاد الوطن!!
  • العمالة الآسيوية في مساجدنا
  • الرياض تقرر عقوبات صارمة ضد المتاجرة بـالعمالة الوافدة
  • مفهوم العمالة في الاقتصاد الإسلامي
  • خطبة عن العمالة السائبة
  • حقوق العمال والتحذير من ظلمهم

مختارات من الشبكة

  • خطبة: عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقنعة الزيف.. حين يصبح الخداع طبعا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خذ العفو (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة المطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثارك بعد موتك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: علموا أولادكم كيف نتعامل مع المعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خدعوك فقالوا: قرآنيون! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 18:39
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب