• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

{ورحمتي وسعت كل شيء} (خطبة)

{ورحمتي وسعت كل شيء} (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/11/2024 ميلادي - 17/5/1446 هجري

الزيارات: 9361

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ورحمتي وسعت كل شيء

 

الْحَمْدُ لله، الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ، وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ، وَلا انْقِطَاعَ لأمَدِهِ، وَلاَ آخِرَ لِأبده، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء:44].. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأرضُ أرضهُ، والخلقُ خلقهُ، والأمرُ أمرهُ، ونحن ملكهُ وعبيده، وما بنا من نعمةٍ فمن فضلهِ وجودِه.. ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء:83].. وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، البدرُ جبينُهُ، واليمُّ يمينُهُ، والإيمانُ سفينُهُ، والحنيفيُةُ دينُهُ، والحقُ جلَّ وعلا ناصرُهُ ومُعينُهُ.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ وأنعمَ عليهِ، وعلى آله الطيبين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم...

 

أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله؛ فاتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا من الدين بأوثق العرى، واحذروا أسباب سخط الجبار؛ فقد أعدَّ النار لمن عصى، واعلموا أن العزَّ كله في طاعة الله، وأن الشقيَّ المخذول من استسلم لهواه، وانقاد لشيطانه وشهوات نفسه فأردياه.. ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص:50]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: اللهُ جلَّ جلالهُ بحكمته البالغة، ومشيئتهِ النافِذة، خلقَ الانسانَ ضعيفًا، محدود القدرة، وجعله محتاجًا من كل ناحية، وجعلَ هذه الاحتياجات ضروريةً مُتكررة، فهو في كلِّ لحظةٍ من لحظات حياتهِ، لا ينفكُ أن يكونَ محتاجًا حاجةً ماسةً إلى خالقه ومولاه، فإن لم يرجِع إليه اختيارًا، رجعَ إليه اضطرارًا، وإن لم يتذكرهُ إيمانًا، سيتذكرهُ قهرًا، وإن لم يناجهِ في الرخاء، ناداهُ في الشدَّة.. بينما الله تبارك وتعالى يناديه: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر:54].. ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ ﴾، فهو سبحانه الملاذ والملجأ، ولا ملجأ منه إلاَّ إليه، وهو سبحانه المغيثُ لعباده، ولا مُغيثَ سواه، ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء:67].. وقال تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل:62]..

 

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا
واغفر أيا ربِّ ذنبًا قد جنيناه
كم نطلبُ الله في ضرٍّ يحلُ بنا
فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوهُ في البحر أن ينجي سفينتنا
فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمنٍ وفي دعةٍ
فما سقطنا لأن الحافظ الله

 

ألا وإنّ مِنَ التوْفِيقِ العظيم للعبد دوامُ تَذَكُّرُهِ لنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَتَذْكِيرُ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ بِهَا، فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، وَفِي فَرَحِهِ وَتَرَحِهِ، وَفِي فَرَاغِهِ وَشُغْلِهِ، وَفِي ليله ونهاره.. فَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى تُحِيطُ بِالْعَبْدِ من كل اتجاهاته، وفي كل أَحْيَانِهِ وَحالاته، ثم إنّ تَذَكُّرَهَا، يَقُودُ إِلَى شُكْرِهَا، فَتَزْدَادُ النِّعَمُ بِالشُّكْر،ِ وتَعظُمُ بركتُها ونفعُها، كَمَا أَنَّ تَذَكُّرَهَا وشكرها يُهَوِّنُ عَلَى الْعَبْدِ حَسْرَةَ مَا قد يَفُوتُهُ من آماله، وَيُخَفِّفُ عَنْهُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ المَصَائِبِ وَالأَكْدَارِ.. فَإِذَا نَظَرَ العبدُ إِلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْخَيْرِ فِيمَا مَضَى، قارن نفسه مع مَنْ حُرِمَ مِنْ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ أَقْرَانِهِ، أَيْقَنَ أَنَّ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، قَدْ خصَّهُ بعطاءه؛ فَضْلًا مِنَّه وَرَحْمَةً.. كَمَا أَنَّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَى مُصَابٍ أَعْظَمَ مِنْ مُصَابِهِ هَانَ عَلَيْهِ مُصَابُهُ، فإذا وفق العبد لشكر النعمةِ أو الصبرِ على المصيبة فتلك والله نعمةٌ من أجلّ النعمِ التي ينبغي شكرُ اللهِ عليها، ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت:35].. وَبِهَذَا يَعِيشُ المؤمن قَرِيرَ الْعَيْنِ هادئ النفس، يَتَقَلَّبُ بَيْنَ الشُّكْرِ وَالصَّبْرِ، تَقَلُّبَهُ بَيْنَ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَقَلْبُهُ مَمْلُوءٌ بِالرِّضَا عَنْ رَبِّهِ جل وعلا..

 

ولو تأمل العبد مليًا: لعلم أَنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ نَالَهَا، إنما هِيَ مَحْضُ فَضْلٍ من اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وأنه لَوْلَا رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، وَعَفْوُهُ عَنْ تقصيره، وتجاوزه عن ظُلْمِهِ وَعِصْيَانِهِ لما أسْتَحِقَّ شيئًا من تلك النعم، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ، قال جل وعلا: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ﴾ [الكهف:58]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [النحل:61].. وَقَد جَرَت حِكمَةُ اللهِ تَعَالى في عِبَادِهِ أَنْ خَلَقَهُم في كَبَدٍ، وَقَضَى عليهم أَن يَعِيشُوا شَيئًا مِنَ المَشَقَّةِ والكدح ابتِلاءً واختبارًا، قال جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق:6]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَد ﴾ [البلد:4]، وقال سبحانه: ﴿ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون ﴾ [الأنبياء:35].. فالدُّنيَا دَارُ ابتِلاءٍ وَاختِبَارٍ، والكل فيها مبتلى، في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، فَلا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ وَمَا علَيه خَطِيئَةٌ".. ثم إن اللهَ تعالى برحمته وحكمته، قد قَضَى أَنَّ مَعَ الشِّدَّةِ فَرَجًا، وَأَنَّ مَعَ البَلاءِ عَافِيَةً، وَأَنَّ بَعدَ المَرَضِ شِفَاءً، وَأَنَّ مَعَ الضِّيقِ سَعَةً، وَأِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا.. إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا.. وَإِنَّ رَبًّا قَد رَعَى عَبدَهُ وَحَمَاهُ وَهُوَ جَنِينٌ في بَطنِ أُمِّهِ لا يَملِكُ مِن أَمرِ نَفسِهِ شَيئًا، وَأَخرَجَهُ مِن تلك الظُلُمَاتِ وَالضِيقِ إِلى نُورِ الدُّنيَا وَسَعَتِهَا، لهو قَادِرٌ سبحانهُ عَلَى أَن يَحفَظَهُ في مَسِيرَةٍ حَيَاتِهِ كُلِّهَا، وَأَن يَجعَلَ لَهُ فَرَجًا ومخرجًا مِن ظُلُمَاتِ المِحَنِ جَمِيعِهَا؛ فَهُوَ سُبحَانَهُ الخَلاَّقُ العَلِيمُ، المُدبِرُ الحَكِيمُ، اللطيف بعبادة، البر المحسن الكريم، ورحمته وسعت كل شي، ولا يريد بعبادة إلا اليسر، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم ﴾ [البقرة:143].. وقال تعالى: ﴿ نَبِّيءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ [الحجر:49].. وقال جل وعلا: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ﴾ [الحديد:28].. فالله سبحانه وتعالى بتدبيره الحكيم ورحمته الواسعة، لا يُقَدِّرُ عَلَى عِبَادِه شَرًّا مَحضًا، وما من بلية إلا ومعها عطية، وإن لفي طيات كل محنة فضل ومنحة، ومَا مِن مُصِيبَةٍ إِلاَّ وَفِيهَا مِنَ الخَيرِ مَا لَو عَلِم العبد بحَمِيدَ عَاقِبَتِهِ لمَا مسه حُزنٌ ولا جَزِعٌ أَبَدًا، فلنتأمل قوله جل وعلا:﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون ﴾ [التوبة:51]، في صحيح مسلم، قَالَ المصطفى صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لأَمرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمرَهُ كُلَّهُ خَيرٌ، وَلَيسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إِن أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِن أَصَابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيرًا لَه"..

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُدِيمَ عَلَيْنَا نِعْمَهُ وَأن يَزِيدَهَا وَيُبَارِكَهَا، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِشُكْرِهَا، وأن يجعلها عونًا لنا على طاعته وبلوغ رضاه، وَنَعُوذُ بِهِ تَعَالَى أَنْ ننسى شيئًا من نعمه أو أن نَكْفُر بَهَا أو أن نستعملها فيما لا يرضيه عنا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل:112]..

أقول ما تسمعون....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من الذين ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: يوقن المسلم أنه لا أكرمَ ولا أحلمَ من الله، ولا أرأفَ ولا أرحمَ منه جل في علاه، فهو يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ، لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، وينادى عباده كل ليلة هل من تائب فأتوب عليه، هل مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه، هل من داع فاستجيب له.. وفي الحديث القدسي الصحيح: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: "يا ابنَ آدمَ، إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ (ولا أُبالِي)".. فرحمة الله يا عباد الله رحمةٌ واسعة عظيمةٌ، وهي قريبةٌ جد قريبة، ووسائل الحصول عليها كثيرةٌ ويسيرة: وأول وأعظمُ هذه الوسائل، هو الايمانُ والعمل الصالح، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴾ [الجاثية:30]..

 

ومن الوسائل الجالبة لرحمة الله تبارك وتعالى: طاعتهُ جل وعلا، وطاعةُ رسولِه صلى الله عليه وسلم، قالَ سبحانه: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران:132]..

 

ومن أعظم الوسائل الجالبة لرحمة الله تعالى: الإكثارُ من التوبة والاستغفارُ، قال تعالى: ﴿ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل:46]..

 

كما أن من أعظم الوسائل الجالبة لرحمة الله تعالى: إتباعُ الكتابِ والسنةِ، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام:155]..

 

ومن أعظم الوسائل الجالبة لرحمة الله تعالى: رحمةُ الخلقِ، والرفق بهم، قالَ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الراحمونَ يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الأرضِ يرحمُكم من في السماءِ».. وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يُرحمُ»..

 

ومن الوسائل كذلك: الاستماعُ والإنصاتُ للقرآن الكريمِ، وكذلك مدارسته وتعلمه وتعليمه.. قال عز وجل: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف:204].. وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ يتلونَ كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينةُ، وغشيتهم الرحمةُ، وحفتهم الملائكةُ وذكرهم اللهُ فيمن عنده»..

 

كما أن من أعظم الوسائل الجالبة لرحمة الله تعالى: الصبرُ بأنواعه الثلاثة، الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على الأقدار المؤلمة، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة:156]..

 

ومن الوسائل كذلك: الإنفاقُ في سبيلِ اللهِ، قالَ سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة:99]..

 

فاتقوا الله يا عباد الله، ونافسوا في الخيرات تكونوا من أهلها، وأكثروا من الصالحات تألفوها وتتعودوا عليها، ولازموا الطاعات تُعرفوا بها وتنسبوا إليها.. ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد:17].. ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَائِزُون ﴾ [النور:52].. ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران:133]، و﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران:200]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دوام العلاقة مع الله (خطبة)
  • الصلاة والاهتمام بها (خطبة)
  • {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (خطبة)
  • إنها الصلاة يا عباد الله (خطبة)
  • ولا تمدن عينيك (خطبة)
  • تفاءل يا مسلم (خطبة)
  • {واذكر ربك كثيرا} (خطبة)
  • الافتقار إلى الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • صور من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان اتصاف الأنبياء عليهم السلام بالرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {فبما رحمة من الله لنت لهم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ورحمتي وسعت كل شيء} وقفة مع حديث "التبعات"(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ورحمتي وسعت كل شيء ( عرض تقديمي )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لفتة سعدية عظيمة جدا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فوائد ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وليس كل ما يروى عن الصالحين وقع: إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى أنموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب