• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: دعوة نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الحج المبرور ثوابه الجنة
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    أسلوبية التضاد الدلالي في أحاديث رياض الصالحين ...
    أ. م. د. مازن موفق صديق الخيرو
  •  
    فتح الرحيم في ضبط المتشابه في القرآن الكريم (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    جني الثمار شرح صحيح الأذكار - باللغة الإنجليزية ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    مخطوط فقده مؤلفه: الاستمساك بأوثق عروة في الأحكام ...
    د. أحمد عبدالباسط
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (3)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    غسل الحوبة بأربعين حديثا في التوبة (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    الذبح والنذر والركوع والسجود لغير الله تعالى، ...
    غادة صالح سليمان الدواس
  •  
    القول الأبلغ على القواعد الأربع - باللغة ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

التذكير بالنعم المألوفة (6) الهداية للإيمان واليقين (خطبة)

التذكير بالنعم المألوفة (6) الهداية للإيمان واليقين (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/6/2023 ميلادي - 19/11/1444 هجري

الزيارات: 14105

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التذكير بالنعم المألوفة (6)

الهداية للإيمان واليقين

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 2-4]؛ مُسْدِي النَّعَمِ وَمُتَمِّمِهَا، وَدَافِعِ الْبَلَايَا وَرَافِعِهَا، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَالِقُ الْخَلْقِ وَمُحْصِيهِمْ، وَرَازِقُهُمْ وَحَافِظُهُمْ وَمُدَبِّرُهُمْ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَحُبًّا لَهُ، وَرَجَاءً فِيهِ، وَخَوْفًا مِنْهُ، وَرَغْبَةً إِلَيْهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْمَدُوهُ إِذْ هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ؛ فَإِنَّ نِعَمَهُ عَلَيْكُمْ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى؛ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 53].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مُنَوَّعَةٌ، فَمِنْهَا الْمَادِّيُّ وَمِنْهَا الْمَعْنَوِيُّ، وَمِنْهَا الدَّائِمُ الْمَأْلُوفُ، وَمِنْهَا الْحَادِثُ الْمُتَجَدِّدُ. وَالْعِبَادُ يَأْلَفُونَ النِّعَمَ فَيَنْسَوْنَهَا، وَلَوْ فَقَدُوهَا لَتَذَكَّرُوهَا؛ وَلِذَا قِيلَ: الصِّحَّةُ تَاجٌ عَلَى رُؤُوسِ الْأَصِحَّاءِ لَا يَرَاهُ إِلَّا الْمَرْضَى.

 

وَأَعْظَمُ النِّعَمِ وَأَنْفَعُهَا لِلْعَبْدِ هِدَايَتُهُ لِلْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَثَبَاتُهُ عَلَيْهِ، وَلِقَاءُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ. وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ لَا يُقَدِّرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ قَدْرَهَا، وَلَا يَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّهَا أَكْبَرُ النِّعَمِ، فَلَا تُدَانِيهَا نِعْمَةٌ؛ إِذْ هِيَ سَبَبُ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]. وَسَبَبُ الْغَفْلَةِ عَنِ اسْتِحْضَارِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَضَعْفِ الْعَبْدِ عَنْ شُكْرِهَا؛ إِلْفُهُ لَهَا، وَاعْتِيَادُهُ عَلَيْهَا، وَذُهُولُهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَنْ فَقَدَهَا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ نِعْمَةِ الْهِدَايَةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَهُمْ يَتَخَبَّطُونَ فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالْإِعْرَاضِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، وَلْيَنْظُرْ إِلَى كَافِرٍ أَسْلَمَ كَيْفَ يَبْكِي فَرَحًا وَهُوَ يَنْطِقُ بِالشَّهَادَةِ حِينَ يُخَالِطُ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ.

 

وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ تَذْكِيرٌ كَثِيرٌ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ؛ لِيَفْطِنَ قَارِئُ الْقُرْآنِ إِلَيْهَا، فَلَا يَضْعُفُ عَنْ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَفِي سِيَاقِ آيَاتِ الصِّيَامِ: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]، وَفِي سِيَاقِ آيَاتِ الْحَجِّ: ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198]، وَفِي سِيَاقِ آيَاتِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ: ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [الْحَجِّ: 37].

 

وَلَمَّا مَنَّ قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ بِإِسْلَامِهِمْ تَنَزَّلَ الْقُرْآنُ يُخْبِرُ أَنَّ الْمِنَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى إِذْ هَدَاهُمْ، وَلَوْلَاهُ سُبْحَانَهُ لَمَا اهْتَدَوْا: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 17]. بَلْ حَتَّى الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مَا اهْتَدَوْا إِلَّا بِهِدَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ، وَاصْطِفَائِهِ سُبْحَانَهُ إِيَّاهُمْ، فَكَانُوا رُسُلًا يَهْدُونَ النَّاسَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِالْوَحْيِ، وَخُوطِبَ أَفْضَلُهُمْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشُّورَى: 52]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ [الضُّحَى: 7]. فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي هَدَاهُ وَهَدَى بِهِ. وَارْتَجَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ فَقَالَ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

وَلَمَّا وَجَدَ الْأَنْصَارُ فِي أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا مِنْ قِسْمَةِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ جَمَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَعَالَةً، فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَمُتَفَرِّقِينَ، فَجَمَعَكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَيَقُولُونَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَخُوطِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى شِرْكِهِمْ بِبَيَانِ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ: ﴿ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [يُونُسَ: 35].

 

وَاجْتَهَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَهْدِيَ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ فَعَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ عَمَّهُ كَانَ يَحُوطُهُ وَيَرْعَاهُ وَيَنْصُرُهُ وَيَمْنَعُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّهُ مَنْصُورٌ، وَبَشَّرَهُ بِذَلِكَ. وَلَكِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ فَاخْتَارَ مِلَّةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى الْإِيمَانِ، فَحَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُوءِ خَاتِمَتِهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [الْقَصَصِ: 56].

 

وَأَهْلُ الْجَنَّةِ حِينَ يَدْخُلُونَهَا يَحْمَدُونَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى هِدَايَتِهِ سُبْحَانَهُ لَهُمْ: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 43]، وَحِينَ يَلُومُ أَهْلُ النَّارِ مَنْ أَغْوَوْهُمْ وَقَادُوهُمْ إِلَيْهَا بِالْكُفْرِ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمُ السَّادَةُ الْمَتْبُوعُونَ بِأَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 21].

 

وَلَا يَظُنَّنَّ عَبْدٌ أَنَّهُ مَلَكَ الْإِيمَانَ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَهُ عَنْ أَبَوَيْهِ، وَاعْتَادَ عَلَيْهِ فِي مُجْتَمَعِهِ، فَيَسْتَهِينُ بِالْإِيمَانِ وَبِهِدَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يَسْلُبُهُ الْإِيمَانَ، وَيَضِيقُ صَدْرُهُ بِهِ، وَلَا تَقْبَلُهُ نَفْسُهُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ إِذْ هُدِيَ إِلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِعَدَدٍ مِمَّنْ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَحَفِظُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَتَرَبَّوْا عَلَى أَرْكَانِ الْإِيمَانِ؛ إِذْ أَصَابَهُمُ الشَّكُّ بَعْدَ الْيَقِينِ، وَالْجُحُودُ بَعْدَ الْإِيمَانِ. كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَلَاحِدَةِ وَالْكُفَّارِ، نَشَئُوا فِي بِيئَاتٍ كَافِرَةٍ تُحَارِبُ الْإِيمَانَ، فَشَرَحَ اللَّهُ تَعَالَى صُدُورَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، وَهَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَهُمْ مِنْ قَبْلُ كَانُوا حَرْبًا عَلَيْهِ: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 125].

 

وَهَذِهِ النِّعْمَةُ الْعَظِيمَةُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَشْعِرَهَا الْمُؤْمِنُ، وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنْبٍ، وَفِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَحَالٍ، وَأَنْ يَزِيدَهَا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الْإِيمَانِ، وَتُنَمِّيَ الْإِيمَانَ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 2]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الْفَتْحِ: 4].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَزِيدَنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ إِلَى أَنْ نَلْقَاهُ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نِعْمَةُ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنَّفَسِ؛ إِذْ بِهَذِهِ حَيَاةُ الْجَسَدِ، وَبِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ. وَحَاجَةُ الْعَبْدِ إِلَى تَثْبِيتِ إِيمَانِهِ وَيَقِينِهِ وَزِيَادَتِهِ أَشَدُّ مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ مَهْمَا كَانَ؛ لِأَنَّ سَعَادَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مُرْتَهَنَةٌ بِإِيمَانِهِ وَيَقِينِهِ، وَفَقْدُهُمَا سَبَبُ شَقَائِهِ وَتَعَاسَتِهِ. وَبِهَذَا نُدْرِكُ عَظِيمَ هَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي أَلِفْنَاهَا وَعِشْنَاهَا حَتَّى نَسِيَ شُكْرَهَا كَثِيرٌ مِنَّا، بَيْنَمَا يَفْقِدُهَا أَكْثَرُ الْبَشَرِ؛ ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الرَّعْدِ: 1]، ﴿ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 89].

 

وَمِمَّا يُعِينُ الْمُؤْمِنَ عَلَى اسْتِحْضَارِ نِعْمَةِ الْهِدَايَةِ لِلْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ نَظَرُهُ لِمَنْ ضَلُّوا عَنْهُ بِكُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ، وَخَوْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَوْصَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْمِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا يَقْرَأُ دُعَاءَ الْهِدَايَةِ الْمُبَارَكَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 6-7]، وَيُؤَمِّنُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ وَمَنِ اقْتَدَى بِهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَالْعَبْدُ مُضْطَرٌّ دَائِمًا إِلَى أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، فَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى مَقْصُودِ هَذَا الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا نَجَاةَ مِنَ الْعَذَابِ، وَلَا وُصُولَ إِلَى السَّعَادَةِ إِلَّا بِهَذِهِ الْهِدَايَةِ، فَمَنْ فَاتَهُ فَهُوَ إِمَّا مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَإِمَّا مِنَ الضَّالِّينَ. وَهَذَا الْهُدَى لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِهُدَى اللَّهِ تَعَالَى».

 

وَلَوْلَا أَهَمِّيَّةُ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ لَمَا حَظِيَتْ بِكُلِّ هَذِهِ الْعِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَنْسَاهَا، وَلَا أَنْ يَغْفُلَ عَنْهَا، وَلَا أَنْ يُقَصِّرَ فِي شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا؛ لِإِلْفِهِ لَهَا، أَوْ لِكَوْنِهِ نَشَأَ عَلَيْهَا، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَذَكَّرَهَا فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا عَلَى الدَّوَامِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التذكير بالنعم المألوفة (3) الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار
  • التذكير بالنعم المألوفة (4) تذليل الأرض
  • التذكير بالنعم المألوفة (5) {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}
  • فضل اليقين والتوكل على رب العالمين
  • خطبة اليقين من الإيمان… والشك من الشيطان
  • التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب

مختارات من الشبكة

  • التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحرومون من الهداية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهداية من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهداية والعقل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التذكير بأيام الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعظم النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • امتنان الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم بالهداية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شناعة جحود النعم وقوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب