• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حادثة الإفك... عبر وعظات (PDF)
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    مراحل تنزلات وجمع القرآن - دروس وعبر
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من علامات حسن الخاتمة (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    الاشتقاق بين الإجماع والابتداع: نظرة في أثر جودة ...
    محمود حمدي فريد نجم
  •  
    الأربعون المنتخبة المهمة لعامة الأمة (PDF)
    شيماء بنت مصطفى بن يوسف آل شلبي
  •  
    لصوص الصلاة (PDF)
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    إتحاف الأبرار بتهذيب كتاب الأنوار في شمائل النبي ...
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    الرصائف والروائق السمت الرضي، والسبك البهي - ...
    الأزهر عيساوي
  •  
    (بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا، فطوبى ...
    إبراهيم بن سلطان العريفان
  •  
    زهر الخمائل من دوح الشمائل: وصف رسول الله صلى ...
    د. عبدالهادي بن زياد الضميري
  •  
    الخزي والذل على الكافرين
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    التقنيات الجديدة لنقد القصة القصيرة جدا (WORD)
    شادي مجلي عيسى سكر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

فرحة الموت (خطبة)

فرحة الموت (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/10/2022 ميلادي - 22/3/1444 هجري

الزيارات: 13343

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فرحة الموت

 

أَمَّا بَعدُ؛فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛في كُلَّ طَرفَةِ عَينٍ وَلَمحِ بَصَرٍ، تَقَعُ في هَذِهِ الدُّنيَا حُتُوفٌ، وَيُغَادِرُ مِنَ النَّاسِ مِئَاتٌ وَأُلُوفٌ، مَا بَينَ آبَاءٍ وَأُمَّهَاتٍ، وَإِخوَةٍ وَأَخَوَاتٍ، وَأَزوَاجٍ وَزَوجَاتٍ، وَجِيرَانٍ وَأَصدِقَاءَ، وَأَصحَابٍ وَزُمَلاءِ، يَرِدُونَ في الظَّاهِرِ مَورِدًا وَاحِدًا، وَيَصدُرُونَ بَعدَ ذَلِكَ مَصَادِرَ شَتَّى، تِلكَ سُنَّةُ اللهِ الَّتي لا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَغَيَّرُ: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26]، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ؛ إِنَّ المَوتَ حَتمٌ لازِمٌ، لا مَنَاصَ مِنهُ وَلا مَنجَى ولا مَفَرَّ، وَلَو نَجَا مِنهُ أَحَدٌ لَنَجَا مِنهُ خِيرَةُ اللهِ مِن خَلقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 34].

 

إِنَّهَا آجَالٌ مَضرُوبَةٌ؛ وَأَيَّامٌ مَعدُودَةٌ، وَسَنَوَاتٌ مَحدُودَةٌ: ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [الأعراف: 34]، ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: 145]، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن عَبدِاللهِ بنِ مُسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَت أُمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا زَوجُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَمتِعْني بِزَوجِي رَسُولِ اللهِ، وَبِأَبي أَبي سُفيَانَ، وَبِأَخي مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: "سَأَلتِ اللهَ لآجَالٍ مَضرُوبَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعدُودَةٍ، وَأَرزَاقٍ مَقسُومَةٍ، لَن يُعَجِّلَ شَيئًا مِنهَا قَبلَ أَجَلِهِ وَلا يُؤَخِّرَ، وَلَو كُنتِ سَأَلتِ اللهَ أَن يُعِيذَكِ مِنَ النَّارِ وَعَذَابِ القَبرِ كَانَ خَيرًا وَأَفضَلَ".

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المُؤمِنَ يَجِبُ أَن يَكُونَ آمِنًا عَلَى أَجَلِهِ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالى قَد قَدَّرَ لَهُ أَيَّامًا مَعدُودَةً، وَمَنَحَهُ أَنفَاسًا مَحدُودَةً، لا تَملِكُ قُوَّةٌ أَيًّا كَانَت أَن تَنقُصَ مِمَّا قَدَّرَهُ اللهُ أَو تَزِيدَ فِيهِ، فَكُلُّ نُفسٍ مَكتُوبٌ عَلَيهَا مَتى تَمُوتُ وَأَينَ تَمُوتُ؟ وَبِأَيِّ سَبَبٍ يَكُونُ مَوتُهَا؟ فَلِمَ الخَوفُ مِن زَائِرٍ لا بُدَّ مِن لِقَائِهِ؟ وَلِمَ الوَجَلُ مِن قَادِمٍ لا رَيبَ في قُدُومِهِ، ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾ [الجمعة: 8].

 

بَل إِنَّ لَدَى المُؤمِنِ إِذْ يَتَذَكَّرُ المَوتَ، شُعُورًا مُغَايِرًا لِشُعُورِ عَدِيمِي الإِيمَانِ، وَإحسَاسًا مُختَلِفًا عَن إِحسَاسِ ضَعِيفِي اليَقِينِ، إِنَّهُ شُعُورٌ صَادِرٌ عَن كَمَالِ الإِيمَانِ وَقُوَّةِ اليَقِينِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ يَفرَحُ وَيَطمَئِنُّ كُلَّمَا تَذَكَّرَ المَوتَ أَو خَطَرَ عَلَى قَلبِهِ، أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ إِنَّ المُؤمِنَ كُلَّما ذَكَرَ المَوتَ ازدَادَ فَرَحًا وَأَمنًا وَاطمِئنَانًا، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِيَقِينِهِ بِأَنَّهُ سَبِيلُهُ لِلخَلاصِ مِن ضِيقِ الدُّنيَا وَبُؤسِهَا وَنَقصِهَا إِلى سَعَةِ الآخِرَةِ وَنَعِيمِهَا وَتَمَامِهَا، وَمِن لِقَاءِ أَهلِ الدُّنيَا مِن غَيرِ المُؤمِنِينَ وَغَيرِ الشَّاكِرِينَ، إِلى لِقَاءِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَمِن دَارِ النَّصَبِ وَالوَصَبِ وَالشَّقَاءِ وَالكَبَدِ، وَالهُمُومِ وَالأَحزَانِ والخَوفِ وَالجُوعِ وَالمَرَضِ، الدَّارِ الَّتي لا تَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، إِلى دَارِ النَّعِيم المُقِيمِ في الجَنَانِ، عِندَ رَبٍّ رَاضٍ غَيرِ غَضبَانَ، في دَارٍ يَنعَمُ أَهلُهَا فَلا يَبأَسُونَ، وَيَحيَونَ فَلا يَمُوتُونَ، عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ، لا تَفنى ثِيَابُهُم، وَلا يَبلَى شَبَابُهُم: ﴿ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر: 47، 48].

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ المُوقِنُونَ؛ إِنَّ المُؤمِنَ بِالنِّسبَةِ إِلى مَا أَعَدَّهُ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ مِنَ النَّعِيمِ المُقِيمِ، لَيُعَدُّ في هَذِهِ الدُّنيَا في سِجنٍ وَإِن كَانَ مُنَعَّمًا، وَيَعُدُّ المَوتَ هُوَ بِدَايَةَ الرَّاحَةِ لَهُ، وَبَابَ دُخُولِهِ إِلى النَّعِيمِ الأَبَدِيِّ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ في هَذِهِ الدُّنيَا مُبتَلًى بِأَنوَاعٍ مِنَ البَلاءِ، وَيَعِيشُ في ضِيقٍ وَبُؤسٍ أَو دَاءٍ وَمَرَضٍ، فَإِنَّهُ قَد لا يَستَعِينُ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ مَعَ رِضاهُ بالقَدَرِ، بِمِثلِ تَذَكُّرِهِ لِلمَوتِ وَشُعُورِهِ بِدُنُوِّ الأَجَلِ؛ لأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مَوتِهِ وَدُخُولِهِ الجَنَّةَ بِرَحمَةِ رَبِّهِ، سَيَنسَى كُلَّ بُؤسٍ كَانَ فِيهِ، وَسَيَتَجَاوَزُ كُلَّ بَلاءٍ مَرَّ بِهِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِأَنعَمِ أَهلِ الدُّنيَا مِن أَهلِ النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ، فَيُصبَغُ في النَّارِ صَبغَةً ثمَّ يُقَال: يَا بْنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ خَيرًا قَطُّ؟! هَل مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟! فَيَقُولُ: لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤسًا في الدُّنيَا مِن أَهلِ الجَنَّةِ، فَيُصبَغُ صَبغَةً في الجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا بْنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ بُؤسًا قَطُّ؟! وَهَل مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟! فَيَقُولُ: لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ وَلا رَأَيتُ شِدَّةً قَطُّ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِيني الَّذِي هُوَ عِصمَةُ أَمرِي، وَأَصلِحْ لي دُنيَايَ الَّتي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَفي البُخَارِيِّ عَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَت فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: وَاكَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ لَهَا: لَيسَ عَلَى أَبِيكِ كَربٌ بَعدَ اليَومِ...".

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ وَلْنَستَعِدَّ لِلمَوتِ بِصَالِحِ العَمَلِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9 - 11].

 

الخطبة الثانية:

أَمَّا بَعدُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ إِنَّهُ وَاللهِ لَعَجِيبٌ أَن يُخِيفَ المَوتُ النَّاسَ قَدِيمًا وحَدِيثًا، ثم يَكُونَ مَخرَجًا لِلمُؤمِنِ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِن هَمٍّ وَحُزنٍ، وَمُخَلِّصًا لَهُ مِمَّا يُعَانِيهِ مِن كَربٍ وَضِيقٍ، لا تَعجَبُوا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ المُوقِنُونَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ إِنَّ المَوتَ لِلمُؤمِنِ لَنِعمَةٌ وَفَرحَةٌ، وَلَو طَالَت بِالنَّاسِ الحَيَاةُ جِيلًا بَعدَ جِيلٍ، لَرَأَوا في دُنيَاهُم شَدَائِدَ وَمَصَائِبَ أَعظَمَ، وَلَكِنَّ اللهَ جَعَلَ المَوتَ فَرَجًا وَمَخرَجًا، فَرَجًا مِنَ المِحَنِ، وَمَخرَجًا مِنَ الفِتَنِ، وَمُخَلِّصًا مِنَ البَلاءِ، وَمُرِيحًا مِنَ العَنَاءِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لا تَذْهَبُ الدُّنيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى القَبْرِ فَيَتَمَرَّغَ عَلَيهِ وَيَقُولُ: يَا لَيتَني مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا القَبْرِ، وَلَيسَ بِهِ الدِّينُ إِلاَّ البلاءُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَلا يَعني ذَلِكَ أَنَّ المَوتَ لَيسَ شِدَّةً وَلا مُصِيبَةً، بَل إِنَّهُ وَاللهِ لَشِدَّةٌ عَلَى الكَافِرِ وَالمُنَافِقِ، وَمُصِيبَةٌ عَلَى المُسرِفِ عَلَى نَفسِهِ بِالتَّعَدِّي عَلَى حَقِّ رَبِّهِ وَحُقُوقِ الخَلقِ؛ لأَنَّهُ يَنقُلُهُ مِن شَدَائِدِ الدُّنيَا وَابتِلاءَاتِهَا إِلى عَذَابِ الآخِرَةِ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ وَأَبقَى، بَدءًا بِعَذَابِ القَبرِ ثم عَذَابِ النَّارِ، وَأَمَّا المُؤمِنُ وَالتَّقِيُّ وَالطَّائِعُ وَالمُحسِنُ في عِبَادَةِ رَبِّهِ وَإِلى خَلقِ اللهِ، فَالمَوتُ لَهُ نِهَايَةُ البَلاءِ وَخِتَامُ الشَّقَاءِ، وَبِدَايَةُ الأَفرَاحِ وَفَاتِحَةُ جَنيِ الأَربَاحِ، وَصَدَقَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِذْ قَالَ: "الدُّنيَا سِجنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَلَمَّا مُرَّ عَلَيهِ بِجِنَازَةٍ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مُستَرِيحٌ وَمُستَرَاحٌ مِنهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُستَرِيحُ وَمَا المُستَرَاحُ مِنهُ؟! قَالَ: "العَبدُ المُؤمِنُ يَستَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنيَا وَأَذَاهَا إِلى رَحمَةِ اللهِ، وَالعَبدُ الفَاجِرُ يَستَرِيحُ مِنهُ العِبَادُ وَالبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "أَسرِعُوا بِالجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَن رِقَابِكُم"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الابتلاء بالموت وفقد الأحبة
  • المتحسرون عند الموت (خطبة)
  • أحداث الموت والقبر (خطبة)
  • خطبة مختصرة عن الموت
  • كفى بالموت واعظا (2)
  • الأسرة والابتلاء بالموت
  • الموت والكرم (تذوق مقطوعة جاهلية)

مختارات من الشبكة

  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التغافل: راحة نفسية وطمأنينة وسكينة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سحر مرور الأيام(مقالة - حضارة الكلمة)
  • {كل يوم هو في شأن}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل الصيام .. للصائم فرحتان(مقالة - ملفات خاصة)
  • سريلانكا: الرئيس يهنئ المسلمين بمناسبة عيد الفطر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الشمل أشتات (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما يلقاه الإنسان بعد موته(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/2/1447هـ - الساعة: 11:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب