• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حادثة الإفك... عبر وعظات (PDF)
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    مراحل تنزلات وجمع القرآن - دروس وعبر
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من علامات حسن الخاتمة (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    الاشتقاق بين الإجماع والابتداع: نظرة في أثر جودة ...
    محمود حمدي فريد نجم
  •  
    الأربعون المنتخبة المهمة لعامة الأمة (PDF)
    شيماء بنت مصطفى بن يوسف آل شلبي
  •  
    لصوص الصلاة (PDF)
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    إتحاف الأبرار بتهذيب كتاب الأنوار في شمائل النبي ...
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    الرصائف والروائق السمت الرضي، والسبك البهي - ...
    الأزهر عيساوي
  •  
    (بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا، فطوبى ...
    إبراهيم بن سلطان العريفان
  •  
    زهر الخمائل من دوح الشمائل: وصف رسول الله صلى ...
    د. عبدالهادي بن زياد الضميري
  •  
    الخزي والذل على الكافرين
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    التقنيات الجديدة لنقد القصة القصيرة جدا (WORD)
    شادي مجلي عيسى سكر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أسباب الغفلة (خطبة)

أسباب الغفلة (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2024 ميلادي - 25/5/1446 هجري

الزيارات: 17315

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب الغفلة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ:70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا صَلَاحَ لِلْعَبْدِ فِي عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ إِلَّا بِصَلَاحِ قَلْبِهِ، وَاسْتِقَامَتِهِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَجِدِّهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ. وَدَاءُ الْغَفْلَةِ مِنَ الْأَدْوَاءِ الَّتِي تَفْتِكُ بِالْقُلُوبِ، وَتُبْعِدُ أَصْحَابَهَا عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَتَصْرِفُهُمْ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ إِلَى مَا يَضُرُّهُمْ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي غَفْلَتِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ تُطْبِقُ الْغَفْلَةُ عَلَى قَلْبِهِ؛ فَلَا يَعْرِفُ إِلَّا الدُّنْيَا، وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا لَهَا، وَيَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إِلَّا فِيهَا؛ وَذَلِكَ فِعْلُ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ.

 

وَمِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ مَنْ فِيهِ غَفْلَةٌ بِحَسَبِ لَهْوِهِ فِي الدُّنْيَا وَانْشِغَالِهِ بِهَا؛ فَمُسْتَكْثِرٌ وَمُقِلٌّ، وَلَنْ يَخْلُوَ أَحَدٌ مِنْ غَفْلَةٍ تُصِيبُهُ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَنَبَّهُ مِنْ غَفْلَتِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَلِلْغَفْلَةِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ أَشَدُّهَا الْكُفْرُ؛ فَإِنَّ الْكَافِرَ غَافِلٌ غَفْلَةً تَامَّةً عَنْ مَصِيرِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَلَا يَلْتَفِتُ إِلَّا لِلدُّنْيَا وَمُتَعِهَا الزَّائِلَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا غَفْلَتَهُمْ: ﴿ يَعْلَمُونَ ‌ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾ [الرُّومِ:7-8]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يس:6-7].

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الْغَفْلَةِ: الْغُرُورُ بِالدُّنْيَا، وَالتَّعَلُّقُ بِهَا، وَالْعَمَلُ لَهَا؛ فَإِنَّ مَنْ تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِالدُّنْيَا جَمْعًا لَهَا، وَتَمَتُّعًا بِهَا، وَحِرْصًا عَلَيْهَا؛ يَنْسَوْنَ الْآخِرَةَ بِقَدْرِ تَعَلُّقِهِمْ بِالدُّنْيَا؛ وَلِذَا قِيلَ: «حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ»، وَلِأَجْلِ أَنَّ الدُّنْيَا تَغُرُّ الْعَبْدَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَذَّرَ الْعِبَادَ مِنْهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ ‌وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ:32]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا ‌لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ:64]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ ‌الْغَرُورُ ﴾ [لُقْمَانَ:33]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ ‌الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فَاطِرٍ:5-6].

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الْغَفْلَةِ: الْإِعْرَاضُ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْكَوْنِيَّةِ وَآيَاتِهِ السَّمْعِيَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْإِعْرَاضُ عَنِ الْقُرْآنِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا ‌فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾ [فُصِّلَتْ:3-5]، فَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْقُرْآنِ أَصَابَتْهُ الْغَفْلَةُ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابُ عِلْمٍ وَمَوْعِظَةٍ وَتَذْكِيرٍ.

 

وَكَذَلِكَ الْإِعْرَاضُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْكَوْنِيَّةِ؛ لِأَنَّ دَلَائِلَ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَبْثُوثَةٌ فِي الْكَوْنِ، فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ إِبْصَارِهَا وَالتَّفَكُّرِ فِيهَا أَصَابَتْهُ الْغَفْلَةُ عَنْ مَعْرِفَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا ‌مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ [يُوسُفَ:105-106].

 

وَكَذَلِكَ الْإِعْرَاضُ عَنِ التَّفْكِيرِ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، وَالْمَوْتِ وَالْحِسَابِ؛ يُصِيبُ الْعَبْدَ بِالْغَفْلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْكَفِئُ عَلَى دُنْيَاهُ، وَيَنْسَى مَا يَنْتَظِرُهُ فِي أُخْرَاهُ؛ ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ‌مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:1-3].

 

وَكَذَلِكَ الْإِعْرَاضُ عَنْ تَعَلُّمِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى يُصِيبُ صَاحِبَهُ بِالْجَهْلِ، فَيَكُونُ مِنَ الْغَافِلِينَ بِسَبَبِ جَهْلِهِ؛ ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ ‌مُعْرِضُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:24]، وَلَمَّا أَعْرَضَ رَجُلٌ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّعْلِيمِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَدِينُ اللَّهِ تَعَالَى عَزِيزٌ لَا يَنَالُهُ مُعْرِضٌ وَلَا مُكَابِرٌ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الْغَفْلَةِ: هَجْرُ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ كِتَابُ مَوْعِظَةٍ وَتَذْكِيرٍ وَغِذَاءٍ لِلْقُلُوبِ وَشِفَاءٍ لَهَا مِنْ أَدْوَائِهَا؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يُونُسَ:57- 58]، وَمِنْ دَلَائِلِ الْفَرَحِ بِالْقُرْآنِ كَثْرَةُ تِلَاوَتِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَحِفْظِهِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ؛ فَلَا عَجَبَ أَنْ تُصِيبَ الْغَفْلَةُ الْمُعْرِضَ عَنِ الْقُرْآنِ؛ لِبُعْدِهِ عَنِ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَشِفَاؤُهَا.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُجَانِبَ أَسْبَابَ الْغَفْلَةِ، وَأَنْ يَعْتَنِيَ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّ الْقُرْبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِصَلَاحِ الْقَلْبِ وَالْعَمَلِ؛ «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْذَرُوا الْغَفْلَةَ؛ فَإِنَّهَا تُمِيتُ الْقَلْبَ، وَتَسِيرُ بِالْعَبْدِ إِلَى الظُّلُمَاتِ؛ ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ:122].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: انْفَتَحَ عَلَى النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَنِ بَابٌ عَرِيضٌ مِنْ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ الْمُنَوَّعَةِ، فَسَرَقَتْ أَوْقَاتَهُمْ، وَأَلْهَتْهُمْ عَنْ مَصَالِحِهِمْ، وَلَرُبَّمَا فَرَّطُوا فِي صَلَاتِهِمْ وَدِينِهِمْ مِنْ أَجْلِهَا.

 

وَسَائِلُ قَرَّبَتِ الْبَعِيدَ، وَيَسَّرَتِ اتِّصَالَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ عَلَى اخْتِلَافِ أَدْيَانِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ وَثَقَافَاتِهِمْ، وَاللَّهْوُ بِهَذِهِ الْوَسَائِلِ سَبَبٌ لِلْغَفْلَةِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ لَهْوًا مُحَرَّمًا، كَاتِّصَالِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ، وَاتِّصَالِ الْمَرْأَةِ بِرَجُلٍ لَا يَحِلُّ لَهَا، وَرُبَّمَا جَاهَرُوا بِذَلِكَ فَنَشَرُوهُ عَلَى الْمَلَأِ؛ لِيَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَهَذَا لَهْوٌ بِمُحَرَّمٍ، وَيُؤَدِّي وَلَا بُدَّ إِلَى الْغَفْلَةِ.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَهْوُهُ بِهَذِهِ الْوَسَائِلِ مُشَاهَدَتُهَا، وَالِانْتِقَالُ مِنْ بَرْنَامَجٍ إِلَى آخَرَ، وَمِنْ صَفْحَةٍ إِلَى أُخْرَى، فَتَمْضِي السَّاعَاتُ الطَّوِيلَةُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، وَلَرُبَّمَا أَضَاعَ مَصَالِحَ أَهْلِهِ وَبَيْتِهِ، وَفَرَائِضَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ اللَّهْوِ كُلُّهُ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَيَزِيدُ الْغَفْلَةَ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ عِبَادَهُ بِمُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ لِتَنْبِيهِ الْقُلُوبِ مِنْ غَفْلَتِهَا، وَنَهَى عَنْ طَاعَةِ الْبَطَّالِينَ الَّذِينَ يَزِيدُونَ مِنْ غَفْلَةِ الْعَبْدِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ‌وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الْكَهْفِ:28]. فَكَيْفَ بِمَنْ يَقْضِي السَّاعَاتِ الطَّوِيلَةَ فِي بَرَامِجَ تَافِهَةٍ، وَحِوَارَاتٍ سَامِجَةٍ، وَأَغْلَبُهَا لَا يَخْلُو مِنْ مُخَالَفَاتٍ وَآثَامٍ تُحْمَلُ عَلَى ظَهْرِ صَاحِبِهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَمَا أَشَدَّ الْغَفْلَةَ! وَمَا أَعْظَمَ اسْتِهَانَةَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِالْمُحَرَّمَاتِ! وَمَا أَفْدَحَ خَسَارَتَهُمْ إِذَا لَمْ يَثُوبُوا إِلَى رُشْدِهِمْ، وَيَتُوبُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ!!

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العطلة الصيفية بين اليقظة والغفلة (خطبة)
  • الغفلة (خطبة)
  • داء الغفلة (خطبة)
  • آثار الغفلة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • مكانة الصحابة رضي الله عنهم في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الوصية بالوالدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (المولد النبوي)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: عندما يكون الشاب نرجسيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علمتنا الهجرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تدبر أول سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حسن الظن بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/2/1447هـ - الساعة: 11:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب