• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الصدق السياسي في الهدي النبوي: تجلّيات المنهج ...
    حسام وليد السامرائي
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية -آداب الجنائز ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من أساليب القرآن البلاغية (PDF)
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    الأغصان الندية في شرح منظومة القواعد الفقهية
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    علاج البواسير في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحلامي تتلاشَىٰ (WORD)
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    الأسر العلمية في المملكة العربية السعودية - ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    من كان يلحن من العلماء المشهورين: فوائد وروايات ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الأربعون الغفرانية من صحيحي البخاري ومسلم (PDF)
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

رعاية المسنين وحماية حقوقهم في الإسلام (خطبة)

رعاية المسنين وحماية حقوقهم في الإسلام (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2022 ميلادي - 11/6/1443 هجري

الزيارات: 9786

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رِعَايَةُ الْمُسِنِّينَ وَحِمَايَةُ حُقُوقِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا؛ أمَّا بَعْدُ:

 

عِبَادَ اللَّهِ؛ مِنْ مُقْتَضَى حُسْنِ الْخُلُقِ وَالرَّحْمَةِ فِي الْإِسْلَامِ تَوْقِيرُ الصَّغِيرِ لِلْكَبِيرِ:

فَالْكَبِيرُ يَحْتَاجُ لِلتَّوْقِيرِ وَالرَّحْمَةِ لِضَعْفِهِ: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54] مِنْ مَكَارِمِ الْإِسْلَامِ وَفَضَائِلِهِ الْعَظِيمَةِ حِرْصُهُ عَلَى كِبَارِ السِّنِّ، وَأَمْرُهُ بِرِعَايَتِهِمْ، وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِهِمْ، لِتَتَحَقَّقَ الثَّمَرَةُ الْمَرْجُوَّةُ وَهِيَ نُزُولُ الرَّحْمَةِ، وَنَيْلُ رِضَا اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَحُلُولُ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»؛ [رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ لَا يَقِلُّ عَنِ الحَسَنِ].

 

وَكَبِيرُ السِّنِّ؛ هُوَ مَنْ وَصَلَ إِلَى سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ، وَأَصَابَهُ الضَّعْفُ وَالْوَهَنُ، وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ آثَارُ الْكِبَرِ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. وَمَا مِنْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا إِلَّا وَفِيهِ مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ رِجَالًا وَنِسَاءً.

 

عِبَادَ اللَّهِ: هَؤُلَاءِ الْكِبَارُ الْأَكَارِمُ، هُمْ أَحْبَابُنَا وَنِعْمَةٌ فِي حَيَاتِنَا، فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُؤَدِّيَ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِهِمْ طَاعَةً لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَأَدَاءً لِشَيْءٍ مِنْ إِحْسَانِهِمْ وَفَضْلِهِمْ وَرَدًّا لِجَمِيلِهِمْ فِيمَا مَضَى.

 

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ سَمَاحَةِ هَذَا الدِّينِ، وَلُطْفِهِ وَنُبْلِهِ وَجَمَالِهِ، أَنْ أَمَرَنَا بِأَدِاءِ حُقُوقِ الْأُبُوَّةِ وَكِبَارِ السِّنِّ، وَرِعَايَتِهِمْ، وَتَفْرِيجِ كَرْبِهِمْ، وَتَيْسِيرِ أُمُورِهِمْ، وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، فَهَذَا الْبِرُّ وَالْخَيْرُ وَالْإِحْسَانُ، مِنْ أَسْبَابِ سِعَةِ الرِّزْقِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنْ يُنْسَأَ لَكَ فِي أَجَلِكَ، وَيُبَارَكَ لَكَ فِي حَيَاتِكَ، وَتَزُولَ عَنْكَ الْمُكَدِّرَاتُ وَالْهُمُومُ وَالْأَحْزَانُ، وَتَنْأَى عَنْكَ الْمَصَائِبُ وَالْمِحَنُ.

 

وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْبَرَكَةَ مَعَ كِبَارِ السِّنِّ، إِذْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: « الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ»رواه ابن حبان وصححه الالباني في صحيح الجامع؛. فَالْكَبِيرُ سَوَاءً كَانَ أَبًا، أَوْ قَرِيبًا، أَوْ جَارًا أَوْ عَالِمًا، لَهُ حُقُوقٌ عَلَيْنَا، جَاءَتْ بِهَا الشَّرِيعَةُ، جَاءَتْ بِحِفْظِهَا وَرِعَايَتِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا وَأَوْلَى الْكِبَارِ بِالْبِرِّ الْوَالِدَانِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].

 

فحَقُّ الْأَبَوَيْنِ يَلِي حَقَّ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وكَثِيرًا مِنَ الْخَلْقِ لَيُفَرِّطُونَ فِي هَذَا الْحَقِّ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِ، وَلَا يُلْقُونَ لَهُ بَالًا!! بَلْ يَعْتَدِي الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَلَى هَذَا الْحَقِّ الْمَكِينِ الَّذِي ذَكَرَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ، وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ بِرًّا بِهِمَا، وَعَطْفًا عَلَيْهِمَا، وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمَا. وخاصةً فِي حَالَةِ الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، فَيَصِيرَانِ عِنْدَكَ فِي آخِرِ الْعُمُرِ كَمَا كُنْتَ عِنْدَهُمَا فِي أَوَّلِ الْعُمُرِ، فَلَا تَقُلْ لَهُمَا كَلِمَةَ تَضْجُّرٍ وَكَرَاهِيَةٍ مِثْلَ كَلِمَةِ أُفٍّ، فَضْلًا عَمَّا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا، وَلَا تَزْجُرْهُمَا عَمَّا يَتَعَاطَيَانِهِ مِمَّا لَا يُعْجِبُكَ، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا حَسَنًا جَمِيلًا لَيِّنًا فِيهِ تَكْرِيمٌ لَهُمَا وَتَعْظِيمٌ لِفَضْلِهِمَا؛ فَلَمْ يُجِزْ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يَتَأَفَّفَ الْإِنْسَانُ مِنْ أَبَوَيْهِ إِذَا بَلَغَا الْكِبَرَ، وَصَارَا إِلَى حَالٍ لَا يَتَحَكَّمَانِ فِيهَا فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، فَيَتَأَفَّفُ مِنْهُمَا مُتَضَجِّرًا!! وَقَدْ كَانَا يَرَيَانِ مِنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَأْعَظَمَ مِنْهُ وَلَا يَتَضَجَّرَانِ، وَإِنَّمَا يَأْتِيَانِ بِهِ بِسَمَاحَةِ نَفْسٍ وَطِيبِ خَاطِرٍ.

 

فَنَهَى رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْ تَأَفُّفِ الْمَرْءِ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ حَقَّهُمَا عَظِيمًا، وَجَعَلَ الْوَاجِبَ عَلَى الْعَبْدِ تِجَاهَهُمَا وَاجِبًا جَسِيمًا، وَإِذَا فَرَّطَ فِي ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ».

 

عباد الله: لَقَدْ أَعْطَى الْإِسْلَامُ الْكَبِيرَ حَقَّهُ مِنَ الشَّرَفِ وَالتَّقْدِيرِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « َلَيْسَ منَا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا، » حَدِيثٌ صَحِيحٌ. فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «فَلَيْسَ مِنَّا»: أَيْ: لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا، ولَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ بِدِينِهِ.

 

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حُسْنِ الْأَخْلَاقِ وَوُجُوبِ الرَّحْمَةِ.

ورِعَايَةُ الْمُسِنِّينَ مِنْ هَدْيِ الْمُرْسَلِينَ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

 

وَبِنْتَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ ﴿ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [القصص: 23] أَيْ: فَهَذَا الْحَالُ الْمُلْجِئُ لَنَا إِلَى مَا تَرَى؛ فَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى السَّقْيِ؛ فَلِذَلِكَ احْتَجْنَا نَحْنُ إِلَى سَقْيِ الْغَنَمِ، فَلَيْسَ فِينَا قُوَّةٌ نَقْتَدِرُ بِهَا، وَلَا لَنَا رِجَالٌ يُزَاحِمُونَ الرِّعَاءَ.

 

وَإِخْوَةُ يُوسُفَ ﴿ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 78] قَالُوا ذلك مُسْتَعْطِفِينَ لِيُوفُوا بِعَهْدِ أَبِيهِمْ: إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا؛ أَيْ: كَبِيرَ الْقَدْرِ، يُحِبُّهُ وَلَا يُطِيقُ بُعْدَهُ. هَذَا شَيْءٌ مِنْ شَأْنِ الْكَبِيرِ وَقَدْرِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

 

نَعَمْ عِبَادَ اللَّهِ، لَقَدْ جَاءَ دِينُ الْإِسْلَامِ بِخُلُقِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ لِلشُّيُوخِ وَكِبَارِ السِّنِّ، وَرِعَايَةِ حُقُوقِهِمْ، وَتَعَاهُدِهِمْ، وَعَدَّ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ التَّكَافُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، وَمِنْ جَلِيلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ؛ ذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَمَا يَتَقَدَّمُ الْعُمُرُ، وَيَهِنُ الْعَظْمُ، وَيَشْتَعِلُ الرَّأْسُ شَيْبًا يَحْتَاجَ الْكَبِيرُ إِلَى رِعَايَةٍ خَاصَّةٍ، وَاحْتِرَامٍ وَتَبْجِيلٍ، وَحُسْنِ صُحْبَةٍ بِالْمَعْرُوفِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، بِسَنَدٍ صَحِيحٌ].

 

وَمِنْ مَظَاهِرِ احْتِرَامِ الْكَبِيرِ: التَّوْسِعَةُ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِكْرَامُهُ، وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَالرِّفْقُ بِهِ، فَفِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ؛ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ، غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامُ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» فإِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ؛ ومِنْ تَبْجِيلِهِ وَتَعْظِيمِهِ -جَلَّ وَعَلَا- إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ، وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِحُرْمَةِ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ اللَّهِ.

 

فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، إِكْرَامُهُمْ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وَإِجْلَالُهُ -سُبْحَانَهُ- أَجَلُّ الْمَطَالِبِ، وَأَنْبَلُ الْمَقَاصِدِ، وَالتَّقْصِيرُ فِي هَذَا الْوَاجِبِ تَقْصِيرٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُسَلِّمَ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، فَتَبْدَأُهُ بِإِلْقَاءِ السَّلَامِ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصحيح «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالرَّاكِبُ عَلَى الماشي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِذَا لَقِيتَهُ فَبَادِرْ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ بِكُلِّ أَدَبٍ وَاحْتِرَامٍ، وَبِكُلِّ تَوْقِيرٍ وَلُطْفٍ؛ فَكِبَرُ السِّنِّ فِي ذَاتِهِ مُوجِبٌ لِلْحُقُوقِ، فَكَمْ حَصَلَ بِسَبَبِ تَضْيِيعِهَا مِنْ شَرٍّ، وَفَاتَ بِنَفْسِ السَّبَبِ مِنَ الْخَيْرِ الْكَثِيرُ؛ وَأَنْ يُقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ، وَيُقَدَّمَ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُقَدَّمَ فِي الطَّعَامِ، وَيُقَدَّمَ فِي الدُّخُولِ، فَهِيَ مِنْ حُقُوقِهِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-: «أَنَّ مُحَيِّصَةَ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- فَذَهَبَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُحَيِّصَةَ: «كَبِّرْ، كَبِّرْ - يُرِيدُ السِّنَّ-، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ بَعْدَهُ» حَدِيثٌ صَحِيْحٌ.

 

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ مِنْهُمَا»؛ [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].

 

ودخَلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فَاتِحًا مُنْتَصِرًا، وَإِذَا بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ آخِذًا بِيَدِ أَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ، ذَلِكَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، يَسُوقُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا رَآهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَلَا تَرَكْتَهُ حَتَّى نَكُونَ نَحْنُ الَّذِي نَأْتِيهِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَأْتِيَكَ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

 

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، فَصِرْنَا إِلَى مَضِيقٍ، فَتَقَدَّمَنِي، ثُمَّ قَالَ لِي: لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْبَرُ مِنِّي بِيَوْمٍ، مَا تَقَدَّمْتُكَ».

 

وَمِنْ حُقُوقِهِمْ الْكَثِيرَةِ الْعِنَايَةُ بِصِحَّتِهِمْ، وَإِعَانَتُهُمْ عَلَى الزِّيَارَاتِ الْعَائِلِيَّةِ، وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ، وَالْخُرُوجُ بِهُمْ لِلْمُتَنَزَّهَاتِ إِذَا أَحَبُّوا ذَلِكَ وَرَغِبُوا فِيهِ، وَالتَّوْسِعَةُ لَهُمْ فِي الِاجْتِمَاعَاتِ الْأُسَرِيَّةِ، وَجَعْلُهُمْ فِي صُدُورِ الْمَجَالِسِ؛ وَالْمُبَادَرَةُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَحَثُّ الشَّبَابِ وَالْأَطْفَالِ الصِّغَارِ عَلَى السَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَإِشْعَارُهُمْ بِوَقَارِهِمْ وَمَكَانَتِهِمْ، وَالِاهْتِمَامُ بِمَلْبَسِهِمْ وَمَظْهَرِهِمْ، خَاصَّةً فِي أَيَّامِ الْمُنَاسَبَاتِ؛ كَالْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا؛ لِكَيْ يَظْهَرُوا بِالْمَظْهَرِ الطَّيِّبِ، وَيُشَارِكُوا النَّاسَ فِي فَرْحَتِهِمْ وَبَهْجَتِهِمْ، وَأَنْ نُخَصِّصَ لَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ أَمَاكِنَ لِلْعِبَادَةِ، فَنَجْعَلُ لَهُمْ مُصَلَّى بِفِرَاشٍ لَيِّنٍ، وَرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، وَأَضْوَاءٍ مُنَاسِبَةٍ تُعِينُهُمْ عَلَى الْخَلْوَةِ بِرَبِّهِمْ وَمُنَاجَاتِهِ، وَأَنْ نَضَعَ لَهُمْ مُصْحَفًا كَبِيرًا يَقْرَؤُونَ فِيهِ.

 

وَمِنْ إِجْلَالِ الْكَبِيرِ: أَنْ يَعِيشَ مَكْفُولَ الْحَاجَاتِ الْمَادِّيَّةِ، وَأَنْ يُوَفَّرَ لَهُ غِذَاؤُهُ وَدَوَاؤُهُ، وَمَلْبَسُهُ وَمَسْكَنُهُ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالِاهْتِمَامِ بِهَذَا أُسْرَتُهُ وَأَوْلَادُهُ؛ فَكَمَا رَبَّاهُمْ صِغَارًا، يَجِبُ أَنْ يَكْفُلُوهُ كَبِيرًا، فَهَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ، وَلَا يَجُوزُ لِأَبْنَائِهِ وَذَوِيهِ بِحَالٍ أَنْ يُفَرِّطُوا فِي هَذَا الْوَاجِبِ، وَلَا أَنْ يَمُنُّوا عَلَى وَالِدَيْهِمْ بِهَذَا؛ فَهِيَ نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ وَحَقٌّ مُؤَكَّدٌ.

 

مَعَاشِرَ الْأَبْنَاءِ وَالشَّبَابِ، لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ قَطِيعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَهَجْرُهُمَا، وَإِسْلَامُهُمَا لِلْخَادِمِ وَالْمُرَافِقِ، أَوْ لِلْوَحْدَةِ الْمُوحِشَةِ، فَالْإِنْسَانُ لَيْسَ مُجَرَّدَ مَخْلُوقٍ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فالْإِنْسَانُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَلَهُ أَشْوَاقٌ وَطُمُوحَاتٌ وَحُقُوقٌ أَدَبِيَّةٌ، وَمِنْ حَقِّ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يَعِيشَ مَعَ أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ.

 

أَيُّهَا الْوَلَدُ الْبَارُّ، احْرِصْ عَلَى مُرَاعَاةِ كِبَرِ وَالِدَيْكَ، وَتَذَكَّرْ أَنَّكَ وَإِنْ كُنْتَ قَوِيًّا الْآنَ، فَسَتَعُودُ يَوْمًا إِلَى ضَعْفِكَ الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ، فَلَا تَتَكَبَّرْ عَلَيْهِمَا لِأَجَلِ مَنْصِبٍ، أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا أَكْرَمْتَ شَيْخًا وَأَنْتَ شَابٌّ، جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ جِنْسِ عَمَلِكَ، فَهَيِّئْ لَكَ وَأَنْتَ شَابٌّ مَنْ يُكْرِمُكَ وَأَنْتَ فِي حَاجَةٍ إِلَى الْإِكْرَامِ، وَبِرُّوا آبَاءَكُمْ، تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ، وَأَشْرِكُوهُمْ فِي الْحَدِيثِ فِي الْمَجَالِسِ بِطَرْحِ الْأَسْئِلَةِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يُحِبُّونَهُ وَيَرْغَبُونَهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي مَاضِي حَيَاتِهِمْ، بِذِكْرِ بَعْضِ مَوَاقِفِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ الَّتِي يُسَرُّونَ بِالْحَدِيثِ عَنْهَا، وَيَكُونُ فِيهَا نَفْعٌ لِلْحَاضِرِينَ.

 

ثُم إِنَّ هَذَا الْحَقَّ يَعَظُمُ وَيَكْبُرُ مِنْ جِهَةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ؛ فَإِذَا كَانَ قَرِيبًا فَلَهُ حَقُّ الْقَرَابَةِ مَعَ حَقِّ كِبَرِ السِّنِّ، وَإِذَا كَانَ جَارًا فَإضافَةً إِلَى حَقِّهِ فِي كِبَرِ سِنِّهِ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ، وَإِذَا كَانَ مُسْلِمًا فَلَهُ مَعَ حَقِّ كِبَرِ السِّنِّ حَقُّ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَبًا أَوْ جَدًّا فَالْحَقُّ أَعْظَمُ، بَلْ إِذَا كَانَ الْمُسِنُّ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَلَهُ حَقُّ كِبَرِ السِّنِّ؛ إِذْ إِنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ بِحِفْظِ حَقِّ الْكَبِيرِ حَتَّى مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينِ، فَهَا هُوَ الْفَارُوقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ؛ أَبصر شَيْخًَا كَبِيْرًا مِنْ أَهْلِ الذِمَّةِ يَسْأَلهُ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: لَيْسَ لِيْ مَال، وإِنَّ الجِزْيَةَ تُؤخَذُ مِنِّي، قَالَ فَمَا أَلجَأَكَ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ: أَسْأَلُ الجِزْيَة وَالحَاجَةَ وَالسِّنَّ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ وَأَعْطَاهُ مِمَّا وَجَدَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهِ إِلَى خَازِنِ بَيْتِ المَالِ، وَقَالَ لَهُ: انْظُر هَذَا وَضربَاءَهُ، وَاللَّهِ مَا أَنْصَفْنَاهُ، إِنْ أَكَلْنَا شَبِيبَتَهُ، ثُمَّ نَخْذُلُهُ عِنْدَ الْهَرَمِ- أَوْ نَأخُذُ مِنْهُ الجِزْيَة عِنْدَ كِبَره، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60]، وَالفُقَرَاءُ هُمْ الفُقَرَاءُ المُسْلِمُونَ، وَهَذَا مِنَ المَسَاكِيْن مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، ثُمَّ وضَع عَنْهُ الجِزْيَة وَعَنْ ضُرَباِهِ) رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة فِي كِتَابِ الخَراجِ، وَهَذِهِ الْحُقوقُ - إِنَّمَا هِيَ بَعْضٌ مِمَّا كَفَلَهُ الإِسْلَامُ لَهُمْ، فَلَا يُوجَدُ دِينٌ اعتَنَى بِحُقُوقِ الشُّيُوخِ وَكِبَارِ السِّنِّ كَمَا اعتَنَى بِهَا هَذَا الدِّينُ، فَالإِسْلَامُ يُعْنَى بِالْإِنْسَانِ طِفْلًا، وبِهِ صَبِيًّا، وبِهِ شَابًّا، وبِهِ كَهْلًا، وَيُعْنَى بِهِ شَيْخًا، إِنَّه يَمْضِي مَعَ الْإِنْسَانِ فِي رِحْلَةِ حَيَاتِهِ كُلِّهَا، مِنَ الْمَهْدِ إِلَى اللَّحْدِ، مِنْ صَرْخَةِ الْوَضْعِ إِلَى أَنَّةِ النَّزْعِ، يُشَرِّعُ لِهَذَا الْإِنْسَانِ، وَيُوَجِّهُهُ فِي جَوَانِبِ حَيَاتِهِ كُلِّهَا.

 

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَدَنِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا: أَنَّ مَنْ أَهَانَ ذَا شَيْبَةٍ لَمْ يَمُتْ حتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ يُهيِنُ شَيْبَتَهُ إِذَا شَابَ.

 

فَإِذَا أَكْرَمْتَ شَيْخًا وَأَنْتَ شَابٌّ، جَازَاكَ اللَّهُ مِنْ جِنْسِ عَمَلِكَ؛ فَهَيِّئْ لَكَ وَأَنْتَ شَابٌّ مَن يُكرِمُكَ وَأَنْتَ فِي حَاجةٍ إِلَى الإِكرامِ، هَذِهِ الْأُمُورُ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ [سَلَفٌ]؛ الْبِرُّ سَلَفٌ، وَالْعُقُوقُ سَلَفٌ، بِرُّوا آبَاءَكُمْ، تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ.

 

وَمِنَ الْآثَارِ مَا يُصِيبُكَ مِن دَعوةٍ طَيِّبَةٍ لَكَ مِن رَجُلٍ شَابَتْ لِحْيَتُهُ فِي الْإِسْلَامِ رُبَّمَا سَعِدْتَ بِهَا فِي دِينِكَ وَدُنْيَاكَ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

حُقُوقُ كَبِيرِ السِّنِّ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ:


وَقَدْ أَصْدَرَتِ الدَّوْلَةُ -وَفَّقَهَا اللهُ- نِظَامَ حُقُوقِ كَبِيرِ السِّنِّ وَرِعَايَتِهِ؛ وَكَبِيرُ السِّنِّ: وَاعْتَبَرَتْ كُلَّ مُوَاطِنٍ بَلَغَتْ سِنُّهُ (سِتِّينَ) كَبِيرًا فِي السِّنِّ؛ وَيُحْفَظُ لَهُ مَالُهُ مِنْ حُقُوقٍ شَرْعِيَّةً كَانَتْ أَو نِظَامِيَّةً بِمَا فِي ذَلِكَ حُقُوقُهُ المَاليَّةُ والْجَسَدِيَّةُ والِاجْتِمَاعِيَّةُ والْمَعْنَوِيَّة؛ وَتَوْفِيرُ الْحَاجَاتِ الضَّـرُوْرَيَّةِ الَّلازِمَةِ مِنْ سَكَنٍ وَمَأَكَلٍ وَمَلْبَسٍ وَعِنَايَةٍ صِحِّيَّةٍ وَجَسَدِيَّةٍ وَنَفْسِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ وَتَرْوِيحِيَّة؛ وَتَمْكِينُ كِبَارِ السِّنِّ مِنَ الْعَيْشِ في بِيْئَةٍ تَحْفَظُ حُقُوقَهُمْ وَتَصُونُ كَرَامَتَهُمْ، وَلِكَبِيْرِ السِّـنِّ حَقُّ الْعَيْشِ مَعَ أُسْرَتِهِ، وَعَلَيْهَا إِيْوَاؤُهُ وَرِعَايَتُهُ، وَتَكُوْنُ الْمَسْؤُولِيَّةُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ وَفْقًا لِلتَّسَلْسُلِ، وَلَا يَجُوزُ لِدُوْرِ الرِّعَايَةِ الْاجْتِمَاعِيَّةِ لِكَبِيْرِ السِّـنِّ إِيْوَاءُ كَبِيْرِ السِّـنِّ فِيْهَا إِلَّا بَعْدَ مُوَافَقَتِه، أَوْ بَعْدَ صُدُوْرِ حُكْمٍ قَضَائِيٍّ بِذَلِك، أَو فِي الْحَالَاتِ الَّتِي تُشَكِّلُ خُطُورَةً عَلى حَيَاةِ كَبِيْرِ السِّنِّ أَوْ سَلَامَتِهِ وَفْقَ ضَوَابِطَ، وَإِعَالَةِ كَبِيْرِ السِّنِّ الْمُحْتَاجِ عَلَى الزَّوْجِ أَو الزَّوْجَةِ إِنْ رَغِبَتْ؛ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلَا شَكَّ أَنَّ حِفْظَ حُقُوقِ كِبَارِ السِّنِّ؛ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ وَخُلُقٌ إِسْلَامِيٌّ، وَوَاجِبٌ نِظَامِيٌّ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رعاية المسنين في الإسلام
  • رعاية المسنين في الشريعة الإسلامية: فوائد وأحكام
  • رعاية المسنين
  • خطبة عن رعاية المسنين والإحسان إليهم

مختارات من الشبكة

  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق اليتيم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير (للأحياء) من الأحياء بحقوق الأموات عليهم!(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • خطبة: حقوق كبار السن في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسنون: حقوقهم وواجباتهم في الإسلام مع بيان الحماية النظامية لهم بالمملكة العربية السعودية ( بحث كامل)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • حقوق العلماء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المرأة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام دعا إلى حماية أموال غير المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الجيران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الحيوان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/4/1447هـ - الساعة: 13:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب