• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
  •  
    مع سورة الجن (WORD)
    د. خالد النجار
  •  
    من قصص القرآن والسنة: قصة نبي الله داود عليه ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / التاريخ
علامة باركود

{لقد كان في قصصهم عبرة} (خطبة)

{لقد كان في قصصهم عبرة} (خطبة)
د. عبدالعزيز حمود التويجري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2021 ميلادي - 28/4/1443 هجري

الزيارات: 68905

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ﴾ [يوسف: 111]

 

الخطبة الأولى

الحمد لله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وليٌ المؤمنين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الصادقُ الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

 

هَلْ حَدِيثٌ أَصْدَقُ مِنْ حَدِيثِ الْقُرَآنِ؟

هَلْ وَعْظٌ أَبْلَغُ مِنْ مَوَاعِظِ الْفُرْقَانِ؟

هَلْ قَصَصٌ أَجْوَدُ وَأَشَدُّ أَثَرًا مِنْ قَصَصِ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ؟

 

كَمْ يَرَى الْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ مِنْ مَصَائِبَ، وَأُمُورٍ يُنْكِرُهَا، فَإِذَا أَوْرَدَ قَلْبَهُ كَلَامَ رَبِّهِ عَادَ لِلْقَلْبِ صَفَاؤُهُ، وَلِلنَّفْسِ زَكَاؤُهَا؛ ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الروم: 9].

 

قصَصِ القرآن، فِيهَا تَسْلِيَةٌ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ، وَرِسَالةُ إِنْذَارٍ لِلطُّغَاةِ وَالْمُتَجَبِّرِينَ.

 

قَصَصُ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ وَقَائِعَ مَاضِيَةً، بَلْ سُنَنٌ وَحَقَائِقُ بَاقِيَةٌ، ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 176].

 

يَتَكَرَّرُ حَدِيثُ الْقُرْآنِ عَنْ قَوْمِ عَادٍ فَكَأَنَّمَا يُخَاطِبُنَا بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ كُلِّ مَنْ تَشَبَّهَ بِعَادٍ، فَظَلَمَ الْعِبَادَ، وَأَفْسَدَ فِي الْبِلَادِ، فَفَوْقَهُ رَبٌّ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ.

 

قَوْمُ عَادٍ تَزَاهَوْا بِالْمَالِ، وَتَبَاهَوْا بِالْقُوَّةِ والعيال، فَأَوْرَثَهُمْ ذَلِكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا، وَعِنَادًا وَبَطَرًا، ﴿ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾ [الفجر: 7 – 8].

 

أُمَّةٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فِي الطُّغْيَانِ وَالْعِنَادِ، وَالْبَطْشِ وَالْفَسَادِ، ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَعَلَوْا فِي الْأَرْضِ، وَمَا عَلِمُوا أَنَّ الطُّغْيَانَ مَهْلَكَةٌ لِلدِّيَارِ، مَفْسَدَةٌ لِلْأَمْصَارِ، مَسْخَطَةٌ لِلْجَبَّارِ، نِهَايَتُهُ وَمَآلُهُ خَيْبَةٌ وَمَذَلَّةٌ: ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 111].

 

زَادَهمْ الله فِي الْخَلْقِ بَسْطَة، بَلْ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ مِثْلَ قُوَّتِهِمْ؛ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ؛ كَانُوا أَقْوَى أَهْلِ زَمَانِهِمْ عَسْكَرِيًّا وَاقْتِصَادِيًّا، وَكَانَتْ لَهُمُ الْخِلَافَةُ بَعْدَ عَصْرِ نُوحٍ -عَلَيْهِ السَّلَام – ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ [الأعراف: 69].

 

قَوْمُ عَادٍ أَصْحَابَ رُقِيٍّ وَعُمْرَانٍ، وَحَضَارَةٍ فِي الْبِنْيانِ، وَمَدَنِيَّةٍ فِي الْحَيَاةِ، ﴿ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴾ [الفجر: 7].

 

زَادَهُمُ اللَّهُ بَسْطَةً فِي النَّعِيمِ، فَجعل أَرَاضِيهِمْ جَنَّاتٍ وَعُيُونًا، فَزَادَتْ مَوَاشِيهِمْ، وَفَاضَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَكَثُرَتْ أَبْنَاؤُهُمْ ﴿ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الشعراء: 133، 134].

 

عَاشَ قَوْمُ عَادٍ حَيَاةَ التَّرَفِ، وَتَنَافَسُوا فِي الْإِكْثَارِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاكِنِ وَالْبُرُوجِ الشَّاهِقَةِ؛ ﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾ [الشعراء: 128، 129].

 

فَشَا فِيهِمُ الظُّلْم؛ ﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾ [الشعراء: 130]، وَفِيهِمْ طُغَاةٌ يُطَاعُونَ؛ ﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [هود: 59] غَرَّتْهُمْ حَضَارَتُهُمْ وَقُوَّتُهُمْ فَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟

 

بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ نَبِيَّهُ هُودًا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَدَعَا وَذَكَّرَ، وَنَصَحَ وَأَشْفَقَ، فَقَالَ: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68]، وَذَكَّرَهُمْ نِعَمَ اللَّهِ: ﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 69].

 

حَثَّهُمْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ، ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52].

 

آمَنَ مَعَ هُودٍ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِهِ، وَأَكْثَرُهم اخْتَارُوا طَرِيقَ الْهَوَى وَالْعِنَادِ، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103].

 

فردوا دعوة الحق، واحْتَقَرُوا نَبِيَّهُمْ، وَرَمَوْهُ بِالسَّفَاهَةِ وَالْكَذِبِ فقالوا: ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66]، وَاتَّهَمُوهُ فِي عَقْلِهِ؛ ﴿ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ [هود: 54]، وَصَارَحُوهُ بِالْكُفْرِ؛ ﴿ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 53].

 

فبَلَغَ بِهِمُ الْإِعْرَاضُ أَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ التَّحَدِّي فَقَالُوا: ﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الأعراف: 70].

 

فبعد هذا الاستكبار والإعراض قال نَبِيُّ اللَّهِ هُود: ﴿ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 54 - 56].

 

يَقُولُ مَنْ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى -عليه الصلاة والسلام: « إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ؛ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ».

 

أَمَرَ اللَّهُ سَمَاءَهُ فَأَمْسَكَتْ، وَأَرْضَهُ فَأَجْدَبَتْ، فأصابهم جدب وقحط، فَعَاشَتْ عَادٌ تَتَشَوَّفُ غَيْثَ السَّمَاءِ وَتَتَحَيَّنُ قطر السحاب، فَبَيْنَمَا هم فِي لَهْوِهِمْ سَادِرُونَ، وَفِي غِيِّهِمْ لَاهُونَ، إِذْ أَذِنَ اللَّهُ لِجُنْدٍ مِنْ جُنْدِهِ أَنْ يَتَحَرَّكَ، أَذِنَ لِلْهَوَاءِ السَّاكِنِ أَنْ يَضْطَرِبَ وَيَهِيجَ، وَيَثُورَ وَيُزَمْجِرَ، فَإِذَا هُوَ يَسُوقُ السَّحَابَ سَوْقًا، فَلَمَّا رَأَوْهُ مُسْتَقْبِلًا أَوْدِيَتَهُمُ اسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا: ﴿ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾، قَالَ اللَّهُ: ﴿ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]؛ رِيحٌ بَارِدَةٌ عَاتِيَةٌ، ﴿ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾ [الذاريات: 42]، رِيحٌ عَقِيم، ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ﴾ [الأحقاف: 25].

 

سَخَّرَهَا عَلَيْهِمُ الْجَبَّارُ ﴿ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ﴾ [الحاقة: 7]، مِنْ قُوَّتِهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُهُمْ إِلَى أَعْلَى، ثُمَّ تُنَكِّسُهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، فَتَنْدَقُّ أَعْنَاقُهُمْ، وَهَذَا جَزَاءُ الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي الدُّنْيَا، تَرَاهُمْ، ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 7، 8].

 

يَا لَلَّهِ! ما أغر هَذَا الْإِنْسَانَ المنكس قَدْ كَانَ بِالْأَمْسِ يُنَادِي: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟!.

أُفٍّ لِهَذَا الْإِنْسَانِ حِينَ يَظُنُّ أَنَّهُ خُلِقَ لِيَتَعَالَى عَلَى خَلْقِ اللَّهِ!

أُفٍّ لِهَذَا الْإِنْسَانِ حِينَ يَضِلُّ سَعْيُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا!

أُفٍّ لِهَذَا الْإِنْسَانِ حِينَ يبدل نعمة الله كفرًا، وماله وجاهه أشرًا وبطرًا.

أُفٍّ لِهَذَا الْإِنْسَانِ حِينَ يبدل شريعة اللهِ وحكمتِهِ وعدلِهِ برأيه وظلمه.

أُفٍّ لِحَضَارَاتٍ وَدُوَلٍ تَسْتَرْخِصُ الدِّمَاءَ، وَتَتَسَلَّطُ عَلَى الضَّعَفَةِ وَالْأَبْرِيَاءِ، وَلِسَانُ حَالِهَا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟!.

يَا وَيْلَ مَنْ نُزِعَتْ مِنْ قُلُوبِهِمُ الرَّحْمَةُ، فأذلو العباد وقهروا العباد، وَجَرَّعُوا مَرَارَاتٍ مِنَ الْأَسَى بُيُوتًا مسلمة.

يَا وَيْلَ مَنْ تحمل أمانة الدين، فاشترى بآيات الله ثمنا قليلا، وباع دينه بدنيا غيره.

 

هَذِهِ نِهَايَةُ الظالمين، وَهَذِهِ خَاتِمَةُ الطّاغِينِ، وَهَذَا حُكْمُ اللَّهِ فِي المعاندين: أَتْبَعَهُمُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ، ﴿ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 83]، ﴿ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [فصلت: 16].

 

فاتقوا الله أيها المؤمنون وراقبوه، واحذروا من الفساد، وظلم العباد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربنا لغفور شكور.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحمد لله على إحسانه والصلاة والسلام على عبده ورسوله؛ أما بعد:

إذا سَادَ الصِّرَاعُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، وَالْإِصْلَاحِ وَالْإِفْسَادِ كان لِزامًا أَنْ نُورِدَ قُلُوبَنَا قَصَصَ الْأَنْبِيَاءِ، فَهُمْ مَنَارَاتُ هُدًى لِمَنْ بَعْدَهُمْ.

 

علمتنا قصة هود مَعَ قَوْمِهِ، أَنَّ إِيذَاءَ الْمُصْلِحِينَ وَنَبْزَهُمْ بِأَلْقَابٍ مُنَفِّرَةٍ هِيَ سِيَاسَةُ الْمُفْسِدِينَ قَدِيمًا، وحديثًا.

 

فِي خَبَرِ هُودٍ مَعَ قَوْمِهِ رِسَالَةٌ لِلدُّعَاةِ وَالْمُصْلِحِينَ وَالْآبَاءِ وَالْمُرَبِّينَ أَنْ يَسْلُكُوا مَسَالِكَ التَّرَفُّقِ وَالْحِلْمِ وَاللِّينِ.

 

فِي مَوَاعِظِ هُودٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رِسَالَةُ تَوْجِيهٍ لِلدُّعَاةِ وَالْمُصْلِحِينَ أَنَّ مِنْ أَنْجَحِ الْأَسَالِيبِ التَّوْجِيهِيَّةِ حِينَ تَحُلُّ الْغَفْلَةُ - التَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللَّهِ الدَّائِمَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَالِ وَالْأَمْنِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْعَيْشِ، حَتَّى لَا تَزُولَ بِسَبَبِ الْإِعْرَاضِ.

 

فِي مَوَاعِظِ هُودٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّ الْإِنَابَةَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّمَسُّكَ بِشَرِيعَتِهِ؛ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا؛ ﴿ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52].

 

وفِي خَبَرِ عَادٍ قَانُونٌ سَمَاوِيٌّ لَا يَتَغَيَّرُ، فَكُلُّ حَضَارَةٍ وَدَوْلَةٍ سَادَتْ ثُمَّ ظَلَمَتْ وَبَطَشَتْ وَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَمَآلُهَا إِلَى زَوَالٍ، وَأَمْرُهَا إِلَى بَوَارٍ، وأن كل من حارب الصالحين والمصلحين فسترميه السنن في مزبلة التاريخ، ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 62].

 

جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِظَةِ وَالِاعْتِبَارِ، وَأَبْعَدَ عَنَّا مُوجِبَاتِ غَضَبِهِ، وَجَمِيعَ سَخَطِهِ..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عبرة الهجرة
  • سيول جدة.. عبرة وعظة، وموقف المسلم منها
  • ولكم في قصة الفئران عبرة
  • خذوا العبرة من أصحاب الجنة
  • في العبرة والاعتبار
  • الحج تذكرة المتذكر وعبرة المعتبر
  • العبرة من وداع العام وانقضاء العمر والأيام
  • العبرة من خلق الناس
  • عبرة في قصة (1) {ففهمناها سليمان}

مختارات من الشبكة

  • عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية القرآنية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النسك وواجباته)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب