• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سنن الفطرة: طهارة وجمال وإعجاز علمي
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الوعظ في مؤلفات ابن أبي الدنيا - دراسة وصفية ...
    هلال بن سلطان بن درويش الهاجري
  •  
    تلقیح الأفهام في وصایا خیر الأنام للعلامة: عبد ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    آداب الجنائز - (ج) الآداب الخاصة بتغسيل الميت ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإيحاءات التربوية في صحيح البخاري باب قول النبي ...
    د. عماد سلمان حسن الفلاحي
  •  
    حياة القلوب تفسير كلام علام الغيوب (الجزء الرابع ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    وجعل بينكم مودة ورحمة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تعظيم قدر الصلاة في مشكاة النبوة - بلغة الإشارة ...
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    تشجير السوية الإيمانية (مجموعة من الأخلاق ...
    رضا أحمد السباعي
  •  
    أذكار النوم من القرآن والسنة
    منصة دار التوحيد
  •  
    شرح رسالة الزكاة لسماحة الشيخ الإمام العلامة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    بحوث في الحديث النبوي وعلومه (PDF)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

استفزازات المجالس (خطبة)

استفزازات المجالس (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/8/2021 ميلادي - 16/1/1443 هجري

الزيارات: 19139

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استفزازات المجالس

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ الْمَظَاهِرِ الَّتِي ينبغي الْحَذِرُ مِنْهَا: مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْـجُلَسَاءِ مَعَ جُلسائِهِمْ مِنْ اِسْتِفْزَازِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، بأشياءَ قَدْ تـُخْرِجُ الْعَاقِلَ مِنْهُمْ عَنْ طَوْرِه؛ِ فَيُوقِعُونَ بَعْضَ جُلَسَائِهِمْ بِبَعْضٍ، مِنْ أَجَلِ أَنْ يَسْعَدُوا هُمْ؛ فَيَسْتَفِزُّ أحَدُهُمْ هَذَا بِفِعْلٍ، وَذَاكَ بِقَولٍ، وَلَا يَتَلَذَّذُ الْـبَعْضُ فِي الْمَجْلِسِ إلّا بِقَذَفِ الْكَلِمَاتِ الْقَاسِيَةِ، والتعليقاتِ الْمَمْجُوجَةِ، وَالسَّخَافَاتِ الْمَرْفُوضَةِ عَلَى جُلَسَائِهِ، كَأَنَّـهَا جَـمَرَاتٍ يُلْقِيهَا عَلَيْهِمْ؛ لِيَسْعَدَ هُوَ بِشَقَاءِ غَيــْــرِهِ، وَيَفْرَحَ بـِحـُــزْنِ غَيْـرِهِ. فَتَخْتَلِفُ - بِسَبَبِ اسْتِفْزَازِهِ لِـجُلَسَائِهِ- الْقُلُوبُ، وَتَتَعَارَكُ الألسنُ، وَيُنَكَّدُ عَلَى الْجلساءِ مَجْلِسُهُمْ، وَيَتَفَرَّقُ الشِّمْلُ بَعْدَ جَـمْعِهِمْ، وَتُزْرَعُ الْعَدَاوَاتُ بَيْنَ الأهلِ والأصحابِ. فَعَجَبًا واللهِ مِـمَّنْ يُعَذِّبُونَ أَصحابَـهُمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَسْعَدُوا هُمْ! أَيُرْضِي صَنِيعُهُمْ هَذَا رَبَّ الْعِزَّةِ وَالْجَلاَلِ؟ لَا وَرَبِّي، لَا يُرْضِيهِ أَبَدًا.

 

وَبَعْضُهُمْ يُشْعِلُ الْفَتِيلَ بَيْنَ جُلَسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَيُثِيرُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ؛ بِتَذْكيرِهِمْ بِـمَوَاقِفَ قَدِيـمَةٍ حَدَثَ فِيهَا خِلاَفٌ بَيْنَهُمْ؛ فَيَتَعَمَّدُ إِذْكَاءَ جَذْوَتِهِ، وَإِشْعَالَـهَا مِنْ جَديدٍ، مُسَعِّــرُ حَرْبٍ بَيْنَهُمْ، كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ، حَتَّى إذَا دَبَّ بَيْنَهُمُ الشِّقَاقُ، وَتَـجَدَّدَ الْخِلاَفُ الْقَدِيمُ ؛ لَبِسَ هُوَ ثَوْبَ الْعَاقِلِ وَالْحَكِيمِ وَالْمُصْلِحِ، مُدَّعِيًا أَنُّهُ يَسْعَى لِتَهْدِئَةِ الأَنْفُسِ، وَيُذَكِّرُهُمْ بِالْعَقْلِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَخَلَّى عَنْهُ؛ لِيَظَلَّ هُوَ حَلَقَةَ الْوُصَلِ بَيْنَهُمْ، مَعَ أَنَّه هُوَ أَسُّ الشَّرِّ وَأَسَاسُهُ، وَرَأّْسُ الْفِتْنَةِ، فَمَنْ اُبْتُلِيَ بِـهَذَا الْـخُلُقِ الْمُشِينِ ؛ فَعَلَيهِ اِجْتِنَابُهُ، فَهُنَاكَ رَبٌّ يُرَاقِبُهُ، وَلْيَتَذَكَّرْ قَولَ الْقَهَّارِ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].

 

ومَهْمَا قَالَ أَصْحَابُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْـمُشِينَةِ مِنْ حُجَجٍ بَارِدَةٍ، لإِجَازَةِ أَفْعَالِـهِمْ. فَمَا هِيَ إِلَّا شُبُهَاتٌ مَدْحُوضَةٌ لَا تُغْنِـي مِنَ الْـحَقِّ شَيئًا؛ فَالْمِعْيَارُ فِي الْـحُكْمِ هُوَ الشَّرْعُ؛ لَيْسَ للأَمْزِجَةِ، وَلَا للأَهْوَاءِ، وَرَغَبَاتِ الأَنْفُسِ، وَلْيَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديثِ الَّذِي حَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ». وَهَلْ يَرْضَى أَنْ يُصْنَعَ بِهِ هَذَا؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، وَيَشْمَلُ الْـحُكْمُ عَلَى هَذَا الْـخُلُقِ الْمَعِيبِ، مَا يَـحْدُثُ أَيْضًا مِنْ اِسْتِفْزَازَاتٍ، عَبْـرَ الْمَجْمُوعَاتِ فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ، بَيـْنَ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمَجْمُوعَاتِ مِنْ شِقَاقٍ وَخِصَامٍ وَسُخْرِيَةٍ وَاِسْتِفْزَازٍ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ مَنْ يُثِيرُ الْفِتْنَةَ بِـحُضورِهِ بِشَخْصِهِ، أَوْ عَبْـرَ مُشَارَكَاتِهِ بِصَفحَاتِ التَّوَاصُلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ بِكِتَابَاتِهِ؛ فَتَجِدُ بَعْضَهُمْ يَـخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَجْمُوعَاتِ بِسَبَبِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُشِينَةِ مِنْ بَعْضِ أَفْرَادِهَا، مِنْ سُخْرِيَةٍ وَاِحْتِقَارٍ وَاِسْتِفْزَازٍ لَهُ. وَالْمُسْلِمَ مُطَالَبَ بِإِكْرَامِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ»؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، هُنَاكَ مَنْ لَا يَطِيبُ لَهُ الْمَجْلِسُ إلَّا بِإثارَةِ أَصْحَابِهِ، فَيَعْرِفُ كَيْفَ يُثِيرُ فُلاَنًا عَلَى فُلَانٍ، وَيُغْضِبُ فُلاَنًا، وَيَسْعَى جَاهَدَا لِيُخْرِجُ فُلاَنًا عَنْ عَقْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، فَيَبْحَثُ عَنْ مَوَاطِنِ الضِّعْفِ فِيهِمْ؛ حَتَّى يُثِيرَهُمْ وَيُحْرِجَهُمْ أَمَامَ بَعْضِهُمْ، وَكَأَنَّ سَعَادَتَهُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِشَقَاءِ غَيْـرِهِ وَإِيلَامِهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ! وأصحَابُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُشِينَةِ لَا يَخْشَوْنَ اللهَ، وَلَا يَسْتَحُونَ مِنَ النَّاسِ، وَيَصْدُقُ عَلَيهِمْ قولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، كَمْ مِنْ شَابٍّ صَالِحٍ تَرْكَ جَلَسَاتِ الصَّالِـحِيـْنَ بِسَبَبِ إيقَاعِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي مِثْلِ هَذَا الاستفْزَازِ الْمَذْمُومِ الْمَمْقُوتِ! وَكَمْ تــَهَاجَرَ أَقَارِبُ، وَتَرَكَ جِيرَانٌ أَحَيَاءَهُمْ مَأْسُوفًا عَلَيهِمْ! بَلْ وَوَقَعَتْ بِسَبَبِهَا جَرَائِمُ قَتْلٍ وَطَعْنٍ! فَقُدْرَةُ النَّاسِ عَلَى تَحَمُّلِ هَذِهِ الاستِفْزَازَاتِ، وَالصّبْـرَ عَلَيهَا لَيْسَتْ وَاحِدَةً، مَعَ الْعِلْمِ أَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يَتَقَبَّلُ هَذِهِ السُّخْرِيَةَ الْبَغيضَةَ، وَذَلِكَ الْمِزَاحَ الْمَمْقُوتَ ظَاهِرِيًّا إِمَّا: مُكْرَهًا، أَوْ ضَعْـفًا، أَوْ حَاجَةً، أَوْ مُجَامَلَةً، أَوْ خَجَلًا وَحَيَاءً، أَوْ خَوْفًا مِـمَّا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا، أَوْ دَفْعًا لِلْمَفْسَدَتَيـْنِ بِأَخَفِّهِمَا؛ فَإذَا خَلَا بِرَبِّهِ دَعَا عَلَى مَنِ اِسْتَفَزَّهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ طَوْرِهِ، وَأَفْقَدَهُ عَقْلَهُ وَصَوَابَهُ. اللَّهُمُّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّا جَـمِيلًا.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عبادَ اللهِ، عَلَينَا أَنْ نَتَـرَفَّعَ فِي مَـجَالِسِنَا عَنْ سَفَاسِفِ الأُمُورِ، وَأَنْ نَسْمُوَ فِي جَلَسَاتِنَا، وَأَنْ نَعْرِضَ أَفْعَالَنَا وَأَقْوَالَـنَا عَلَى كِتَابِ رَبِّنَا، وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا مُـحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنْ نُـحْسِنَ لِـجُلَسَائِنَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَلْنَتَّقِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلْنَتَأَمَّلْ قَوْلَ النَّبِـيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، رَوَاهُ التَّـرْمِذِيُّ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْـجَلَسَاتِ مُنْضَبِطَة بِضَوَابِطِ الشَّرْعِ، لَا سُخْرِيَةَ، وَلَا إِذْلَالَ، وَلَا اِسْتِفْزَازَ، وَأَنْ نَنْتَقِيَ كَلِمَاتِنَا مَعَ جُلَسَائِنَا، كَمَا نَنْتَقِي أَطَايِبَ الثِّمَارِ، وَالْمُسْلِمُ الْـحَقُّ هُوَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ؛ مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].

 

وَعَلَينَا أَنْ نُذَكِّرَ الْـجُلَسَاءَ الَّذِينَ اُبْتُلوا بِإثَارَةِ هَذِهِ الاِسْتِفْزَازَاتِ بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَلْيَتَأَمَّلُوا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

فَهْمْ لَـمْ يَقُولُوا خَيْـرًا وَلَـمْ يَصْمُتُوا.

 

وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ مَا يَفْعَلُونَهُ لَا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْمِزَاحِ فِي شَيْءٍ؛ حَيْثُ يَـخْلِطُ كَثِيـرٌ مِنَ النَّاسِ بَيْـنَ الْمِزَاحِ وَالاِسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالتَّهَكُّمِ؛ فَأَفْعَالُـهُمُ الاِسْتِفْزَازِيَّةُ وَالْعُدْوَانِيَةُ، لَا تَدْخُلُ فِي بَابِ الْمِزَاحِ فِي شَيْءٍ؛ لأَنَّ الْمِزَاحَ الْمَشْرُوعَ هُوَ الْمُطَايَبَةُ فِي الْكَلَامِ، والاِنْبِسَاطُ مَعَ الْـخِلَّانِ مِنْ غَيْـرِ أَذًى؛ لأَنَّ مَقْصُودَهُ زَرْعُ الأُلْفَةِ بَيْـنَ الصُّحْبَةِ، وَتَرْوِيحُ الْقُلُوبِ مِنْ عَنَاءِ الْـجِدِّ، وَوَعْثَاءِ الْعَمَلِ، والاِسْتِئْنَاسُ بِالأَصْحَابِ، وَخلُوِهِ مِنَ الضَّرَرِ، أَمَّا مَا يَفْعَلُونَهُ فَبَيْنَهُ وَبَيـْنَ الْمِزَاحِ خَرْطُ الْقَتَادِ؛ فَفِيهِ مَا يَشِيـنُ فِي الْعِرْضِ وَالدِّينِ، والاِسْتِخْفَافِ بِالْمُسْلِمِ، فَأَفْعَالُـهُمْ تَدْخُلُ فِي بَابِ السُّخْرِيَةِ الَّتِي تُورِثُ الضَّغِينَةَ، وَتُـحَرُّكُ الْـحُقُودَ الْكَمِينَةَ، وَتُقَطِّعُ الْعِلَاقَاتِ الْمَتِينَةَ كَمَا أَنْصَحُ مَنْ اِبْتُلُوا بـِمِثْلِ هَذِهِ الْجلسَاتِ، وَبـِمِثْلِ هَذِهِ النَّوْعِيَّةِ مِنَ الأَصْحَابِ أَنْ يَـجْتَنِبُوهَا؛ فَلَا خَـيْـرَ فِيهَا، وَلَا نَفْعَ. فَمَا أَلْزَمَهُمُ اللهُ بـِحُضُورِ جَلَسَاتٍ تُـمْرِضُ قُلُوبَـهُمْ، وَتُنْقِصُ قَدْرَهُمْ، وَتُكَدِّرُ صَفْوَ حَيَاتِـهِمْ، وَتُنَكُّدُ مَعَاشَهُمْ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا مِنْ هَذِهِ الْـجلَسَاتِ؛ تَـجِدُ كُلَّ فَرِيقٍ يَسْلُقُ الْفَرِيقَ الْآخَرَ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ؛ فَحَصَدَ الْـجَمِيعُ سَيِّئَاتٍ فِي الْـحُضُورِ وَالْغِـيَابِ، وَلْيَكُنْ شِعَارُنَا كَمَا أَرْشَدَ اللهُ عَــزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]، وَأَنْصَحُهُمْ بِـمُجَالَسَةِ خِيَارِ الصَّالِـحِيـنَ؛ اِسْتِجَابَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

 

اللَّهُمَّ ارزُقْنَا خِيـرَةَ الأَصْحَابِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَضِلَّ أَوْ نُضَلَّ، أَوْ نَظْلِمَ، أَوْ نُظْلَمَ، أَوْ نَـجْهَلَ، أَوْ يُـجْهَلَ عَلَيْنَا.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من آداب المجالس
  • آداب المجالس في الإسلام
  • المجالس وآدابها

مختارات من الشبكة

  • ميانمار: استفزازات بوذية بنصب تمثال أمام جامع للمسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فاكهة المجالس (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خمسون خفية في آداب المجالس العلمية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة بهجة المجالس وأنس المجالس (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة بهجة المجالس وأنس المجالس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة بهجة المجالس وأنس المجالس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • السرية في المجالس (أسرار المجالس)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتح المبين من درر اليقين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/4/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب