• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريقة القرآن المعهودة وأثرها في الترجيح عند ...
    علي أحمد يسلم بن عبيدون
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    علم مناهج التربية من المنظور الإسلامي (عرض
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    خواطر في الدعوة إلى الله تعالى (PDF)
    ثامر بن مبارك العامر
  •  
    منظومة تنبيه الطلاب بمهمة علم الأنساب (PDF)
    فرحان بن الحسن بن نور الحلواني
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف (الأصل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أنوار أذهان الطلاب الغرر في نظم نخبة الفكر، ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    خمسون قاعدة في تربية الأبناء (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    زبدة العقيدة: شرح أركان الإيمان الستة (PDF)
    خالد بن عبدالله العتيبي
  •  
    ملجأ القضاة عند تعارض البينات (PDF)
    د. بيان محمود سعده
  •  
    متن زكاة العلم (PDF)
    د. أحمد بن محمد بن حسين رفيع
  •  
    توجيهات تربوية من حديث: "اللهم إني أسألك العفو ...
    د. عبدالرحمن سيد عبدالغفار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الشكاوى الكيدية (خطبة)

الشكاوى الكيدية (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2021 ميلادي - 2/6/1442 هجري

الزيارات: 21002

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خُطْبَةُ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

عِبَادَ اللهِ؛ الشَّرِيعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ جَاءَتْ بِالْإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ﴾ [النحل: 90]، وَحَرَّمَتِ الظُّلْمَ وَالْعُدْوَانَ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ: "يِا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمَتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا".

 

وَمِنَ الظُّلْمِ الْبَيِّنِ: الْإِضْرَارُ بِالْآخَرِينَ، وَالاعْتِدَاءُ عَلَيْهِمْ، مِنْ خِلَالِ مُخَاصَمَتِهِمْ بِالْبَاطِلِ، وَالادِّعَاءِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ كَذِبًا وَبُهْتَانًا، أَوِ الْمُبَالَغَةِ في الشَّكْوَى، فَتَتَحَوَّلُ مِنْ طَلَبِ إِنْصَافٍ إِلَى ظُلْمٍ وَبُهْتَانٍ، وَمَا حَرَّمَتِ الشَّرِيعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ الظُّلْمَ وَالْعُدْوَانَ إِلَّا لِمَا فِيهِمَا مِنْ إِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْأَبْرِياءِ، وَاتِّهَامِهمْ بِمَا هُمْ بَرَاءٌ مِنْهُ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ إِشْغَالٍ لِلْجَهَازِ الْقَضَائِيِّ وَالْجِهَاتِ الْحُكُومِيَّةِ ذَاتِ الْعَلَاقَةِ بَهَذِهِ الْقَضَايا الْكَيْدِيَّةِ الْظَّالِمَة.

 

عباد الله؛ الْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الاعْتِدَاءِ وَالظُّلْم، فَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ أَتَى بِخِصْلَةٍ لَا يُحِبُّهَا الله: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190 ، المائدة: 78].

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الكَذِبِ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ الَّتِي تَقُوْمُ عَلَى الْمَكْرِ، وَالْكَيْدِ، وَالْخِدَاعِ، وَالكَذِبِ.

 

لِيْ حِيْلَةٌ فِيْمَن يَنِمُّ
وَلَيْسَ لِلْكَذَّابِ حِيْلَة
مَنْ كَانَ يحذق مَا يَقُوْلُ
فَحِيْلَتِيْ فِيْهِ قَلِيْلَة

 

عِبَادَ اللهِ؛ الْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ رَفْعِكَ الدَّعَاوَى الْكَيْدِيَّةَ الْبَاطِلَةَ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا، فَفِي الْحَدِيثِ الصحيح؛ قال ﷺ : "مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ لَمْ يَزَلْ فِي سَخْطِ اللهِ حَتَّى يَنْزِعَ"، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ. واحْذَرْ أَنْ تُحَامِيَ عَنِ الْمُجْرِمِيْنَ وَالْكَائِدِيْنَ لِغَيْرِهِمْ بِالبَاطِلِ؛ والْمَاكِرِيْن، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 109] واحْذَرْ شَهَادَةَ الزُّورِ، وَلَا تَشْهَدْ إِلَّا بِالْحَقِّ، ﴿ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86] وَاحْذَرِ - الْأَيْمَانَ الْفَاجِرَةَ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "مَنْ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

فهَذِهِ الدَّعْوَى الْكَيْدِيَّةِ الَّتِي يرفعها مَرْضَى الْقَلُوبِ الَّذِينَ سَيْطَرَ الشُّحُّ عَلَيْهِمْ، لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَ النَّاسِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، يَجِدُونَ مَنْ يُعِيْنُهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَمَنْ يُسَاعِدُهُمْ فِي ظُلْمِهِمْ، وَمَنْ يُمَهِّدُ لَهُمُ الطَّرِيقَ، أَلَا وَهُمْ بَعْضُ الْمُحَامِينَ الَّذِينَ لَا إِيْمَانَ وَلَا عَهْدَ عِنْدَهُمْ؛ هَؤُلَاءِ الْمُحَامُونَ بِالْبَاطِلِ هُمْ فِي الْغَالِبِ مَنْ يُؤَجِّجُ لكُلِّ دَعْوَى كَيْدِيَّةٍ لَا أَصْلَ وَلَا صِحَّةَ لَهَا، وَلَكِنَّهَا دَعْوَى بَاطِلَةٌ يُقِيمُهَا مَنْ يُقِيمُهَا، وَيَتَوَلَّى كِبْرَهَا ذلك الْمَحَامِّيُّ الَّذِي لَا يَخَافُ اللهَ، وَلَا يَرْجُوهُ، وَلَا يُزَالُ بِحِيَلِهِ وَأَسَالِيبِهِ وَخِدَاعِهِ؛ يؤصلها حَتَّى رُبَّمَا ظَفَرَ بِبَعْضِ الْحُجَجِ وَضَخَّمَهَا وَعَظَّمَهَا وَهَوَّلَهَا، وَأَرْبَكَ الْخُصُومَ، وَدَفَعَهُمْ لِلتَّنَازُلِ ،وَهُمْ الْمُعْتَدَى عَلَيْهِم، وَأَخَذَ مِنْهُمْ وَمُوَكِّلِهِ الْأَمْوَالَ وَأَتْعَابَ الْمُحَامَاةِ ظُلْمًا وَزُورًا، ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67]، وَالله يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ، فَالَّذِينَ يُحَامُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ، وَيُدَافِعُونَ عَنِ الْكَذَّابِينَ، وَيَتَرَافَعُونَ فِي الْمُحَاكِمِ دِفَاعًا مِنْ غَيْرِ حَقٍ عَنِ الظَّالِمِينَ وَالْمُفْتَرِيْنَ، وَمَنْ يَعْلَمُ اللهُ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِيمَا يَقُولُونَ؛ هَؤُلَاءِ مِنَ الَّذِينَ أُصِيبُوا بِالشُّحّ: وَهَؤُلَاءِ يُخْشَى عَلَيْهِم أَنْ يُصِيبَهُمْ قَوْلُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "لَعَنَ اللهُ مَن آوَى مُحْدِثًا".

 

عِبَادَ اللهِ؛ إَنَّ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةَ لَيْسَتْ قِسْمًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا هِيَ أَقْسَامٌ وَصُوَرٌ، جَامِعُهَا الضَّرَرُ وَالْإِيذَاءُ، وَتَشْوِيهُ السُّمْعَةِ، وَالْإِضْرَارُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

 

وَمِنْ صُورِهَا:

١- الافْتِرَاءُ وَالْكَذِبُ: فَيَدَّعِي الْبَعْضُ أَنَّ لَهُمْ حُقُوقًا مَالِيَّةً عَلَى الْبَعْضِ مِنْ أَجْلِ أَخْذِ أَمْوَالِهِ، وَيَسْتَعِينُ بِشُهُودِ الزُّورِ لِيَشْهَدُوا مَعَهُ، إِمَّا اشْتَرَاهُمْ بِأَمْوَالِهِ، وَإِلَّا أَقْنَعَهُمْ بِصِدْقِ دَعْوَاهُ، وَلَكِنَّهُ يَفْتَقِدُ الشُّهُودَ، وَيُقْنِعُهُمْ بِحُجَجِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَعَبَثِهِ بِالْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، وَتَحْرِيفِهِ لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ، فَيَدَّعِي أَنَّ فِي ذَلِكَ نُصْرَةً لِلْمَظْلُومِ، وَيُقْسِمُ لَهُمُ الْأَيْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَيَشْهَدُونَ مَعَهُ ظُلْمًا وَزُورًا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنُّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، وَهُمْ مِنْ شِرَارِ خَلْقِ اللهِ ؛ومِنَ الظَّلَمَةِ الْفَجَرَةِ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ اللَّعْنَةَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾[الأعراف: 44].

 

فَكَمْ ظَالِمًا شَهِدَ مَعَهُ ظَلَمَةٌ عَلَى ظُلْمِهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ دِينٌ أَوْ فِقْهٌ لَأَرْشَدُوهُ أَنْ يُحَكِّمَ شَرْعَ اللهِ مَعَ خَصْمِهِ إِنْ كَانَ صَادِقًا فِي خُصُومَتِهِ "فَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى: وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ".

 

فَطَالَمَا أَنَّهُ فَقَدَ الْبَيِّنَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى بِحُكْمِ اللهِ، وَأَلَّا يَعْدِلَ عَنْهُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ صُورِ الشكاوى الْكَيْدِيَّةِ، هِيَ مِنْ أَكْثَرِ القْضَايَا شُيُوعًا، وَأْكَثرِهَا قَهْرًا وَإِضْرَارًا.

 

٢- ومِنَ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ: أَنْ يَكُونَ لِلْمَوْضُوعِ أَصْلٌ مُوجِبٌ لِلْخُصُومَةِ وَلَكِنَّهُ بَالَغَ فِيهِ وَأَجَّجَهُ وَضَخَّمَهُ وَهَوَّلَهُ، فَيَتَحَوَّلُ مِنْ مَظْلُومٍ إِلَى ظَالِمٍ وَيَصْدُقُ فِيهِ قَوْلُ الرَّسُولِ ﷺ فِيْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ صِفَاتِ المُنَافِقِيْن: "وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ".

 

٣- وَمِنْ صُورِ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ: أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَجَالِسِ مِنْ لَغَطٍ وَصَخَبٍ، فَيَلْتَقِطُ أَحَدُهُمَا لَفْظَةً مِنْ أَخِيهِ، فَيَشْرَعُ في شِكَايَتِهِ لِلْإِضْرَارِ بِهِ، وَاللَّفْظَةُ الَّتِي حَدَثَتْ مِنْ الْأَلْفَاظِ؛ الَّتِي تَحْدُثُ فِيْ الَآفِ الْمَجَالِسِ وَالَّتِي لَوْ وَصَلَتْ جَمِيعُهَا إِلَى الْقَضَاءِ لَكَانَتِ الْقَضَايَا فِي الْيَومِ بِعَشَرَاتِ الْآلَافِ، وَلَكِنْ هُنَاكَ مَنْ أُشرِبَ قَلْبُه الْغِلَّ وَالْحِقْدَ وَالْحَسَدَ وَحُبَّ الْخُصُومَةِ.

 

وأَصْبَحَتْ هَذِهِ الشَّكَاوَى تُقَدَّمُ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، يُشَاكِي الْبَعْضُ الْبَعْضَ بِسَبَبِ أَلْفَاظٍ صَادِرَةٍ فِي الْمَجَالِسِ أَوْ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ؛ أَوْ بَيْنَ الزُّمَلَاءِ فِي الْعَمَلِ، حَتَّى أَصْبَحَ الْبَعْضُ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ لَا يَتَكَلَّمُ؛ خَشْيَةَ هَذِهِ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَخْفَى عَلَى كُلِّ مُتَابِعٍ.

 

4 - وَمِنْ صُورِ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ: أَنْ يَضَعَ بَعْضُ النَّاسِ حِسَابًا لَهُ فِي مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ، فَيَسْتَفِزَّ مُتَعَمِّدًا فِئَةً يَسْتَهْدِفُهُا، إِمَّا فِي مَسَائِلَ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَبَلِيَّةٍ، أَوْ قَضَايَا اجْتِمَاعِيَّةٍ، أَوْ رِيَاضِيَّةٍ، حَتَّى يُسيؤُوا إِلَيْهِ، فيبادر بالشَّكْوَى مِنْ أَجْلِ أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ، وَهَذَا مِنْ أَسَالِيبِ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالْحِيَلِ، وَهَذَا عَاقِبَتُهُ وَإِنْ ظَفَرَ بِأَمْوالٍ طَائِلَةٍ فَسَيَخْسَرُهَا فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وصَدَقَ اللهُ: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43].

 

وَالشَّاهِدُ أَنَّ صُوَر الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةَ شَتَّى جَامِعُهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وإنَّه يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِن بَعْضٍ، فأحْسِبُ أنَّهُ صَادِقٌ، فَأَقْضِي لَهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَحْمِلْهَا، أَوْ يَذَرْهَا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَلْيَتَّقِ اللهَ أَصْحَابُ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ مِنْ ظُلْمِ الْأَبْرِيَاءِ؛ أَوِ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ: وَالْفُجُورِ فِي خُصُومَتِهِمْ، أُذَكِّرُهُمْ بِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [النساء: 112].

 

عِبَادَ اللهِ؛ أُذَكِّرُ نَفْسِي وَإِخْوَانِي، خَاصَّةً الْمُحَامِينَ بِأَنْ يَتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِهِمْ؛ وَأَلَّا يَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَعْوَانِهِمْ، وَأَلَّا يَكُونُوا مُدَافِعِينَ عَنِ الْخَائِنِينَ: ﴿ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105]، وَأُذَكِّرُهُمْ بِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿ هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [النساء: 109]، وَبِقَوْلِهِ: ﷺ : "وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخْطِ اللَّهِ حتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ"، رَوَاهُ أَبو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

 

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ".

 

وَأُذَكِّرُ الْمُدَّعِيَ وَالْمُدَافِعَ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ .بِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴾ [الطارق: 15، 16] فَلَا يَجُوزُ لَكَ أَيُّهَا الْمُحَامِي أَنْ تُدَافِعَ عَمَّنْ عَرَفْتَ ظُلْمَهُ؛ أَوْ مُبَالَغَتَهُ فِي طَلَبِ حَقِّهِ، وَلَا تَصْنَعْ لَهُ الْحُجَجَ، فَوَاللهِ إَنَّهُ هُنَاكَ مِنَ الْمُحَامِينَ مَنْ يَتَّصِلُ بِأَصْحَابِ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ ؛لِيَعْرِضَ عَلَيْهِمْ رَفْعَ شَكَاوَى عَلَى خُصُومِهِمْ؛ فِيمَا لَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِهِمْ، بَلْ وبَعْضُهُمْ يَعْرِضُ مالًا مُقَابِلَ أَنْ يُوَكِّلَ ؛ثُمَّ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي، وَمَا أُحَصِّلُهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَهُو لِي، أَوْ مَا زَادَ عَمَّا دَفَعْتُهُ لك فَهُوَ بَيْنَنَا، فَأَشْغَلُوا النَّاَسَ وَالْقُضَاةَ عَلَى حِسَابِ الأَوْلَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ ...... فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ؛ وَمِنْ صُوِر الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ: مَا يَحْدُثُ مِنْ بَعْضِ جَمَاعَاتِ الْمَسَاجِدِ: الَّذِينَ لَا يَسْتَقِرُّ عِنْدَهُمْ إِمَامٌ وَلَا مُؤَذِّنٌ؛ إِلَّا وَاسْتَغَلُّوا بَعْضَ التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ، وَتَضْخِيمَهِ، ثُمَّ بَادَرُوا بِشَكْوَاهُمْ حَتَّى يُرْهِقُوهُمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ نِكَايَةٌ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَانْتِقَامٌ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ.

 

وَمِنْ صُورِ الشَّكَاوَى الْكَيْدِيَّةِ: شَكَاوَى بَعْضِ الْجِيرَانِ لِجِيرَانِهِمْ؛ اسْتِغْلَالًا لِبَعْضِ عَثَرَاتِهِمْ، فَاللهُ أَمَرَهُمْ بِإِكْرَامِ الْجِيرَانِ وَهُمْ أَهَانُوا الْجِيرَانَ؛ بَلْ بَعْضُهُمْ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ شَكَاوَى جِيَرانِهِ وَأَبْنَاءِ جِيرَانِهِ؛ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، أَوْ غَيْرَةً وَحَسدًا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.






 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في التحذير من الكذب والخداع
  • تحذير الأحبة والإخوان من الكذب والبهتان (خطبة)
  • مقدمة نقض الدعاوى الكيدية
  • خطبة: الدعاوى الكيدية آثار وأضرار
  • الشكاوى الكيدية والدعاوى الباطلة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اكتشف أبناءك كما اكتشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حقوق الجار وأنواعه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجلال الكبير: وقار الأمة وبركتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 13:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب