• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سنن الفطرة: طهارة وجمال وإعجاز علمي
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الوعظ في مؤلفات ابن أبي الدنيا - دراسة وصفية ...
    هلال بن سلطان بن درويش الهاجري
  •  
    تلقیح الأفهام في وصایا خیر الأنام للعلامة: عبد ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    آداب الجنائز - (ج) الآداب الخاصة بتغسيل الميت ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإيحاءات التربوية في صحيح البخاري باب قول النبي ...
    د. عماد سلمان حسن الفلاحي
  •  
    حياة القلوب تفسير كلام علام الغيوب (الجزء الرابع ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    وجعل بينكم مودة ورحمة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تعظيم قدر الصلاة في مشكاة النبوة - بلغة الإشارة ...
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    تشجير السوية الإيمانية (مجموعة من الأخلاق ...
    رضا أحمد السباعي
  •  
    أذكار النوم من القرآن والسنة
    منصة دار التوحيد
  •  
    شرح رسالة الزكاة لسماحة الشيخ الإمام العلامة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    بحوث في الحديث النبوي وعلومه (PDF)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

لا تتركوها فهي المنجية (خطبة)

لا تتركوها فهي المنجية (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/6/2020 ميلادي - 23/10/1441 هجري

الزيارات: 17630

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا تتركوها فهي المنجية


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - فَإِنَّ تَقوَاهُ نُورٌ يَهدِي السَّبِيلَ وَيُنِيرُ الصِّرَاطَ، وَفُرقَانٌ يُمَيَّزُ بِهِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَمَّا أُعِيدَ فَتحُ المَسَاجِدِ بَعدَ إِغلاقِهَا، بَكَى الصَّادِقُونَ استِبشَارًا وَفَرَحًا كَمَا بَكَوا يَومَ أُغلِقَت حَزَنًا وَغَمًّا، وَسَارَعُوا إِلَيهَا حَامِلِينَ مَصَاحِفَهُم مُتَأَبِّطِينَ سَجَّادَاتِهِم، عَمَلاً بِالتَّوجِيهَاتِ المَبنِيَّةِ عَلَى رَأيِ أَهلِ الاختِصَاصِ، وَالمَدعُومَةِ بِفَتَاوَى أَهلِ العِلمِ، وَأَمَّا المُتَبَاكُونَ فَقَد كَانَ غَايَةُ حُزنِهِم عَلَى إِغلاقِ المَسَاجِدِ أَن بَثُّوا الرَّسَائِلَ في بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ وَتَبَادَلُوهَا، فَلَمَّا فُتِحَتِ المَسَاجِدُ خَنَسُوا في بُيُوتِهِم، وَتَثَاقَلُوا وَكَأَنَّهُم لا يَسمَعُونَ النِّدَاءَ إِلى الصَّلاةِ وَلا الدَّعوَةَ إِلى الفَلاحِ، مُحَاوِلِينَ إِقنَاعَ أَنفُسِهِم أَنَّ الصَّلاةَ في البُيُوتِ أَولى، حِفَاظًا عَلَى صِحَّتِهِم وَاتِّقَاءً لِشَرِّ الوَبَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلاءِ المُتَثَاقِلِينَ قَدِ استَمرَؤُوا الصَّلاةَ في بُيُوتِهِم، وَوَافَقَ إِغلاقُ المَسَاجِدِ فِيمَا مَضَى شَهوَةً قَدِيمَةً عِندَهُم، وَصَارَ عُذرًا لَهُم في الاستِمرَارِ في عَادَةٍ كَانُوا عَلَيهَا مِن قَبلُ، وَلم يَنتَبِهُوا إِلى أَن المَسَاجِدَ أُغلِقَت حِينَ أُغلِقَت، بِنَاءً عَلَى عُذرٍ قَد خَفَّ الآنَ وَضَعُفَ، وَأَنَّ الَّذِينَ أَفتَوا بِالصَّلاةِ في البُيُوتِ في حَالٍ مَضَت، هُمُ الَّذِينَ يُفتُونَ الآنَ بِوُجُوبِ الصَّلاةِ في المَسَاجِدِ، عَلَى صِفَةٍ مَخصُوصَةٍ تَستَدعِيهَا الحَالُ الرَّاهِنَةُ، وَنَحسَبُ أَنَّهُم قَد بَنَوا فَتَاوَاهُمُ السَّابِقَةَ وَاللاَّحِقَةَ، عَلَى عِلمٍ شَرعِيٍّ وَاجتِهَادٍ فِقهِيٍّ، وَنَظَرٍ عَمِيقٍ وَمَوَازَنَةٍ بَينَ المَصَالِحِ وَالمَفَاسِدِ، وَجَمعٍ بَينَ النُّصُوصِ وَإِعمَالٍ لَهَا كُلِّهَا، لا بِنَاءً عَلَى أَهوَاءٍ ذَاتِيَّةٍ أَو أَمزِجَةٍ نَفسِيَّةٍ، أَو آرَاءٍ شَخصِيَّةٍ أَو مَصَالِحَ دُنيَوِيَّةٍ، أَو مُجَامَلَةً لِقَرِيبٍ أَو بَعِيدٍ... وَمَا زَالُوا يَقُولُونَ لِمَن كَانَتِ المَصلَحَةُ في بَقَائِهِ في بَيتِهِ خَوفًا مِنهُ أَو عَلَيهِ: اِلزَمْ بَيتَكَ وَصَلِّ فِيهِ، وَخُذْ بِالرُّخصَةِ وَالتَّيسِيرِ...

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَا زَالَتِ الفَتوَى الشَّرعِيَّةُ وَللهِ الحَمدُ مَبنِيَّةً عَلَى النَّظَرِ فِيمَا يَجلِبُ المَصَالِحَ وَيَزِيدُهَا، وَيَدفَعُ المَفَاسِدَ أَو يُقَلِّلُهَا، وَمِن ثَمَّ كَانَ الوَاجِبُ عَلَينَا أَن نَتَعَامَلَ مَعَهَا بِمَا يُبرِي ذِمَمَنَا وَيُرضِي رَبَّنَا، لا بِمَا تَشتَهِيهِ نُفُوسُنَا وَيُوافِقُ أَهوَاءَنَا، فَالقَضِيَّةُ عَقِيدَةٌ وَدِينٌ، وَتَتَعَلَّقُ بِأَعظَمِ أَركَانِ الدِّينِ بَعدَ الشَّهَادَتَينِ، وَبِشَعِيرَتَينِ مِن أَظهَرِ الشَّعَائِرِ في الإِسلامِ، وَهُمَا صَلاةُ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ﴾ [النساء: 102]  وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: أَتَى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أَعمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيسَ لي قَائِدٌ يَقُودُني إِلى المَسجِدِ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَن يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ في بَيتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: "هَل تَسمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ؟" فَقَالَ: نَعَم. قَالَ: "فَأَجِبْ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَم يَأتِهِ فَلا صَلاةَ لَهُ إِلاَّ مِن عُذرٍ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لَيَنتَهِيَنَّ أَقوَامٌ عَن تَركِهِمُ الجُمُعَاتِ أَو لَيَختِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم ثم لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ" رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بها طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلبِهِ" رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ وُجُوبَ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وَالجُمُعَةِ بَاقٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيهِ، وَلا يَختَلِطُ عَلَى المُؤمِنِ الصَّادِقِ بِحَمدِ اللهِ كَونُ الحُكمِ الشَّرعِيِّ ثَابِتًا لا يَتَغَيَّرُ، بِقَضِيَّةِ تَغَيُّرِ الفَتوَى مِن حَالٍ إِلى حَالٍ، فَالحُكمُ الشَّرعِيُّ ثَابِتٌ لا يَتَغَيَّرُ، وَأَمَّا الفَتوَى فَقَد تَتَغَيَّرُ بِاختِلافِ الحَالِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ العَالِمَ قَد يُفتي في وَاقِعَةٍ وَيَقُولُ فِيهَا بِقَولٍ مَا، بِنَاءً عَلَى مَا اجتَمَعَ لَدَيهِ وَمَا أَوصَلَهُ إِلَيهِ فَهمُهُ بَعدَ تَحَرٍّ وَاجتِهَادٍ، ثم تَأتي وَاقِعَةٌ أُخرَى مُشَابِهَةٌ لَهَا في الظَّاهِرِ أَو بِحَسَبِ مَا يَتَرَاءَى لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، لَكِنَّ بَينَهُمَا عِندَ المُحَقِّقِينَ فَرقًا أَو فُرُوقًا مُؤَثِّرَةً، لِوُجُودِ أَسبَابٍ مُعَيَّنَةٍ أَو لِغِيَابِ أُخرَى؛ فَيُفتي العَالِمُ بِفَتوَى مُنَاسِبَةٍ لِلحَالِ الجَدِيدَةٍ، مُغَايِرَةٍ لِلفَتوَى الأُولى، وَهُنَا يَكُونُ المَضِيقُ الشَّدِيدُ وَالاختِبَارُ المُمَحِّصُ، الَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ مَن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ، وَمَن هُوَ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، أَمَّا المُؤمِنُ فَيَأخُذُ بِفَتوَى العَالِمِ الثِّقَةِ في كِلا الحَالَينِ، وَأَمَّا مَن في قَلبِهِ مَرَضٌ، فَإِنَّهُ يَجعَلُ تَغَيُّرَ الفَتوَى فُرصَةً لاتِّهَامِ أَهلِ العِلمِ بِالتَّنَاقُضِ، أَو لِرَميِ الشَّرِيعَةِ بِعَدَمِ الكَمَالِ، أَو لِيَزعُمَ أَنَّ أَحكَامَهَا بِحَاجَةٍ إِلى تَجدِيدٍ، أَو لِيَأتِيَ مَا تَشتَهِيهِ نَفسُهُ وَيُرضِي هَوَاهُ، وَإِن كَانَ في الحَقِيقَةِ مِمَّا لا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَعَلَى هَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ فَتوَى المُفتي لا تُغَيِّرُ الحُكمَ الشَّرعيَّ، وَلَيسَت وَسِيلَةً لِلمُتَسَاهِلِ لِيَأخُذَ بها وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّهَا لا تُطَابِقُ حَالَهُ. وَإِنَّ مِنَ التَّنَاقُضِ الوَاضِحِ وَمُخَادَعَةِ النُّفُوسِ، أَن يَأخُذَ أُنَاسٌ بِفَتوَى الصَّلاةِ في البُيُوتِ احتِيَاطًا لِصِحَّتِهِم وَخَوفًا عَلَى أَجسَادِهِم، ثم يَنطَلِقُوا بَعدَ ذَلِكَ لِقَضَاءِ حَاجَاتِهِم في الأَسوَاقِ وَمُتَابَعَةِ شُؤُونِهِمُ الخَاصَّةِ في كُلِّ مَكَانٍ، وَيَجتَمِعُوا بِأَصدِقَائِهِم وَيُخَالِطُوا مَن يَحتَاجُونَ إِلَيهِ دُونَ احتِرَازٍ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ صَلاةَ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ مَا زَالَتَا وَاجِبَتَينِ كَمَا كَانَتَا، وَالوَاقِعُ لم يَخْفَ عَلَى عُلَمَائِنَا وَفُقَهَائِنَا وَللهِ الحَمدُ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُم إِذْ أَفتَوا بِوُجُوبِ حُضُورِ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ، فَقَد رَخَّصُوا في التَّبَاعُدِ بَينَ المُصَلِّينَ، وَفي لِبسِ الأَقنِعَةِ الطِّبِّيَّةِ الوَاقِيَةِ، مَعَ أَنَّ الأَصلَ هُوَ التَّرَاصُّ في الصُّفُوفِ، وَأَلاَّ تُترَكَ فُرُجَاتٌ بَينَ المُصَلِّينَ، وَأَلاَّ يُغطِّيَ المُصَلِّي فَمَهُ في الصَّلاةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الشَّرِيعَةُ مَبنِيَّةً عَلَى التَّيسِيرِ وَرَفعِ الحَرَجِ، وَكَانَ المُسلِمُ مَأمُورًا بِالإِتيَانِ مِنَ الوَاجِبِ بِمَا يَستَطِيعُهُ، فَقَد جَاءَتِ الفَتوَى بِالتَّرَخُّصِ بما تَدعُو الحَاجَةُ إِلَيهِ، وَقَد قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَا نَهَيتُكُم عَنهُ فَاجتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرتُكُم بِهِ فَافعَلُوا مِنهُ مَا استَطَعتُم" رَوَاهُ الشَّيخَانِ وَاللَّفظُ لِمُسلِمٍ.


أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 77، 78].


الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَخذُ الاحتِرَازَاتِ وَالاحتِيَاطَاتِ حِفَاظًا عَلَى الصِّحَّةِ وَالجَسَدِ، صَحِيحٌ في الجُملَةِ وَلا غُبَارَ عَلَيهِ، لَكِنَّهُ يَجِبُ أَلاَّ يُنسِيَنَا أَنَّ كُلَّ مَا في الأَرضِ مِنِ احتِرَازَاتٍ وَاحتِيَاطَاتٍ، لا تَعدُو أَن تَكُونَ أَسبَابًا مَادِّيَّةً، لا يَجُوزُ الاعتِمَادُ عَلَيهَا وَحدَهَا، وَلا اعتِقَادُ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ بِنَفسِهَا دُونَ تَقدِيرِ اللهِ - تَعَالى - وَمَشِيئَتِهِ، وَإِلاَّ كَانَ هَذَا خَلَلاً عَظِيمًا في التَّوحِيدِ وَقَدحًا كَبِيرًا في العَقِيدَةِ وَسُوءَ ظَنٍّ بِاللهِ؛ لأَنَّهُ لَيسَ في الكَونِ شَيءٌ يَستَقِلُّ بِالتَّأثِيرِ دُونَ مَشِيئَةِ اللهِ – تَعَالى - قَالَ – سُبحَانَهُ - في شَأنِ السَّحَرَةِ: "وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذنِ اللهِ" وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾ [البقرة: 243] فَهَؤُلاءِ ظَنُّوا أَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِهِم سَيُنجِيهِم مِنَ المَوتِ، فَأَمَاتَهُمُ اللهُ مُسَبِّبُ الأَسبَابِ؛ لِيَعلَمُوا أَنَّهُ لا يُنجِي حَذَرٌ مِن قَدَرٍ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا عَدوَى وَلا صَفَرَ وَلا هَامَةَ..." رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَمَعنى ذَلِكَ أَنَّ المَرضَ لا يَنتَقِلُ بِنَفسِهِ مَا لم يُرِدِ اللهُ ذَلِكَ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَحرِصْ عَلَى مَا يُقَرِّبُنَا مِنهُ، وَمِن أَعظمِ ذَلِكَ الصَّلاةُ في المَسَاجِدِ، وَلْنُفَوِّضْ أُمُورَنَا إِلى اللهِ وَلْنَتَوَكَّلْ عَلَيهِ، فَهُوَ رَبُّنَا الَّذِي بِيَدِهِ الأَمرُ كُلُّهُ، وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ، وَهُوَ – تَعَالى - حَسبُنَا وَنِعمَ الوَكِيلُ، مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يَكُنْ، وَلا مَلجَأَ وَلا مَنجَى مِنهُ إِلاَّ إِلَيهِ، عَلَيهِ تَوَكَّلنَا وَإِلَيهِ أَنَبنَا وَإِلَيهِ المَصِيرُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسباب المنجية من عذاب القبر
  • موت العلماء مصيبة للأمة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ما تركتهن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن جعل اليمين سببًا لترك خير أو فعل طاعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تركتها لأنها خانتني فهل أعود؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف تترك التدخين؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم من ترك أو نسي ركنا من أركان الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوازن في الأكل في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • بين النبع الصافي والمستنقع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الضلال نفق مظلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أريد ترك كلية الطب(استشارة - الاستشارات)
  • خطبة: مصعب بن عمير باع دنياه لآخرته(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/4/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب