• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العشرة المبشرون بالجنة (PDF)
    د. أحمد بن علي اللبيشي
  •  
    معاني الاختلاف بين حفص وورش (PDF)
    محمد حباش
  •  
    شرح المنهاج الجامع لأقوال أئمة الشافعية
    صلاح عواد
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

إلى المغتبطين بقتل المؤمنين

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/1/2015 ميلادي - 23/3/1436 هجري

الزيارات: 9142

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إلى المغتبطين بقتل المؤمنين


أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُؤمِنُ يُوقِنُ أَنَّهُ مُلاقٍ رَبَّهُ وَلا رَيبَ، وَمِن ثَمَّ فَلا تَرَاهُ إِلاَّ مُهتَمًّا بِنَجَاةِ نَفسِهِ، مَشغُولاً بِفَكَاكِ رَقَبَتِهِ، مُسَارِعًا إِلى مَا يُرضِي رَبَّهُ، طَامِعًا فِيمَا يُثقِلُ مِيزَانَهُ وَيُكَفِّرُ ذَنبَهُ. وَإِنَّ مِن رَحمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ، أَن أَنزَلَ إِلَيهِم كِتَابًا مُبِينًا، وَبَعَثَ إِلَيهِم رَسُولاً أَمِينًا، وَبَينَ آيَاتِ ذَلِكَ الكِتَابِ وَسُنَّةِ ذَلِكَ الرَّسُولِ، تَكمُنُ النَّجَاةُ وَيَكُونُ الفَوزُ، فِعلاً لِلوَاجِبِ وَالمُستَحَبِّ، وَتَركًا لِلمُحَرَّمِ وَالمَكرُوهِ، وَاتِّقَاءً لِلفِتنَةِ وَبُعدًا عَن مَوَارِدِهَا وَنَأيًا عَن مَوَاطِنِهَا، إِذْ إِنَّ هَلاكَ النَّاسِ وَخَسَارَتَهُم، إِنَّمَا تَنشَأُ عَنِ الفِتَنِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، يَستَوِي في ذَلِكَ فِتَنُ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَإِن كَانَتِ الشُّبُهَاتُ أَعظَمَ وَأَخطَرَ، وَأَشَدَّ فَتكًا بِالأُمَّةِ أَفرَادًا وَمُجتَمَعَاتٍ؛ ذَلِكُم أَنَّهَا تَضُرُّ بِعَقِيدَةِ المَرءِ وَتُفسِدُهَا، وَقَد تُخرِجُهُ مِن دِينِهِ بِالكُلِّيَّةِ، بما يَقَعُ فِيهِ بِسَبَبِهَا مِن بِدَعٍ مُنكَرَةٍ وَتَجَاوُزَاتٍ عَظِيمَةٍ، وَمَا يُصِيبُ قَلبَهُ وَعَقلَهُ جَرَّاءَهَا مِن صَرفٍ عَنِ الهُدَى وَصَدٍّ عَنِ الحَقِّ، وَاشتِغَالٍ بِأَعمَالٍ بَاطِلَةٍ وَهُوَ يَحسَبُ أَنَّهُ يُحسِنُ صُنعًا.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - إِنَّ المُبتَلَى بِالشَّهوَةِ يَعتَرِفُ بما اقتَرَفَ، وَيُقِرُّ بِأَنَّهُ قَد وَقَعَ في ذَنبٍ وَخَطِيئَةٍ، وَمِن ثَمَّ يَسأَلُ رَبَّهُ العَفوَ وَالهِدَايَةَ، فَهُوَ إِلى التَّوبَةِ أَقرَبُ، وَالرَّحمَةُ مِنهُ أَدنى، وَأَمَّا صَاحِبُ الشُّبهَةِ، فَإِنَّهُ مَرِيضُ قَلبٍ وَسَقِيمُ عَقلٍ، يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى هُدًى وَيَحسَبُ أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ، بَل وَقَد يَرَى مَن حَولَهُ عَلَى ضَلالٍ وَبَاطِلٍ، فَلا يَزدَادُ إِلاَّ عُتُوًّا عَلَى المُسلِمِينَ وَنُفُورًا مِنَ النَّاصِحِينَ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لا يُوَفَّقُ لِلتَّوبَةِ وَلا يُهدَى لِلرُّجُوعِ.


وَإِنَّهُ لَمَّا سَلِمَتِ الأُمَّةُ في قُرُونِهَا الثَّلاثَةِ المُفَضَّلَةِ مِنَ الشُّبُهَاتِ إِلاَّ مَا قَلَّ وَنَدُرَ، كَانَت في القِمَّةِ مِن عِزَّتِهَا وَقُوَّتِهَا وَاتِّفَاقِ كَلِمَتِهَا، فَلَمَّا فُتِحَ بَابُ الشُّبُهَاتِ، وَأَطَلَّ مِنهُ المُبتَدِعُونَ بِرُؤُوسِهِم، وَصَارُوا شِيَعًا وَأَحزَابًا وَتَفَرَّقُوا، وَخَرَجُوا عَنِ السُّنَّةِ وَفَارَقُوا الجَمَاعَةِ، بَقِيَت فِتَنُهُم وَبِدَعُهُم جِرَاحًا غَائِرَةً في جَسدِ الأُمَّةِ، فَبُلِيَت بِالذُّلِّ وَالهَوَانِ، وَفَشِلَت وَذهَبَ رِيحُهَا، نَعَم - أَيُّهَا المُوَحِّدُونَ - إِنَّ مَا أَصَابَ الأُمَّةَ مِن تَسَلُّطِ أَعدَائِهَا الخَارِجِيِّينَ، لم يَكُنْ لِيَحصُلَ إِلاَّ بَعدَ أَن تَسَلَّطَ عَلَيهَا مِنَ الدَّاخِلِ أَهلُ الأَهوَاءِ وَالبِدَعِ، الَّذِينَ يَنتَسِبُونَ لِلإِسلامِ، وَكَانُوا وَمَا زَالُوا كَمَا نَرَى في عَدَدٍ مِنَ البِلادِ، أَشَدَّ نِكَايَةً بِالأُمَّةِ مِنَ الكُفَّارِ أَنفُسِهِم.

 

وَيَتَسَاءَلُ حَرِيصٌ عَلَى نَجَاةِ نَفسِهِ: مَا المَقصُودُ بِفِتَنِ الشُّبُهَاتِ ؟ فَيُقَالُ: إِنَّهَا كُلُّ مَا يُؤَدِّي إِلى بِدعَةٍ أَو ضَلالَةٍ، أَو يُحدِثُ فُرقَةً وَخُرُوجًا عَنِ الجَمَاعَةِ، أَو يَنتُجُ عَنهُ خَلَلٌ في العَقِيدَةِ أَوِ المَنهَجِ، أَو في المَوَاقِفِ تِجَاهَ مُشكِلاتِ الحَيَاةِ المُختَلِفَةِ؛ ذَلِكُم أَنَّ العَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ الصَّافِيَةَ، لَيسَت مُجَرَّدَ عِلمٍ نَظَرٍيٍّ فَحَسبُ، بَل وَلا دَعَاوَى تَلُوكُهَا الأَلسِنَةُ وَيُتَمَدَّحُ بها، وَلَكِنَّهَا اعتِقَادٌ وَقَولٌ وَعَمَلٌ، تُصَدِّقُهُ مَوَاقِفُ الحَيَاةِ وَتُؤَيِّدُهُ، وَالعَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ تَشمَلُ جَمِيعَ أُصُولِ الدِّينِ وَثَوَابِتِهِ وَمُسَلَّمَاتِهِ، سَوَاءٌ مِنهَا مَا كَانَ عِلمِيًّا اعتِقَاديًّا كَأَركَانِ الإِيمَانِ وَمَا يَتَفَرَّعُ مِنهَا، أَو مَا كَانَ عَمَلِيًّا ظَاهِرًا كَأَركَانِ الإِسلامِ وَمَا يَتَفَرَّعُ مِنهَا، وَلأَنَّ أُمُورَ العِلمِ وَالاعتِقَادِ في القُلُوبِ لا يَعلَمُهَا إِلاَّ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلأَنَّ كُلاَّ سَيَدَّعِي الحَقَّ مُؤمِنًا كَانَ أَو مُنَافِقًا، فَإِنَّ ثَمَّةَ أَعمَالاً وَمَوَاقِفَ ظَاهِرَةً، هِيَ اختِبَارَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ تَتَّضِحُ مِن خِلالِهَا صِحَّةُ العَقِيدَةِ أَو فَسَادُهَا، وَمِن ثَمَّ فَلا غَرَابَةَ أَن نَجِدَ المَصَالِحَ العُظمَى وَالضَّرُورَاتِ، قَد جُعِلَت مِن ثَوَابِتِ الدِّينِ الَّتي يَجِبُ حِفظُهَا وَالاعتِنَاءُ بها، وَبِهَا يُقَاسُ الإِيمَانُ وَيُعرَفُ الصِّدقُ فِيهِ، وَاقرَؤُوا في ذَلِكَ مَثلاً قَولَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَقَولَهُ: " لَيسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَقَولَهُ: " لَيسَ مِنَّا مَن لم يَرحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَولَهُ: " مَن حَمَلَ عَلَينَا السِّلَاحَ فَلَيسَ مِنَّا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَزَادَ مُسلِمٌ: " وَمَن غَشَّنَا فَلَيسَ مِنَّا " وَقَولَهُ: " لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَولَهُ: " وَاللهِ لا يُؤمِنُ، وَاللهِ لا يُؤمِنُ، وَاللهِ لا يُؤمِنُ " قِيلَ: مَن يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: " الَّذِي لا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَقَولَهُ: " لَن يَزَالَ المُؤمِنُ في فُسحَةٍ مِن دِينِهِ مَا لم يُصِبٍ دَمًا حَرَامًا " رَواهُ البُخَارِيُّ، وَقَولَهُ: " مَن قَتَلَ مُؤمِنًا فَاغتَبَطَ بِقَتلِهِ لم يَقبَلِ اللهُ مِنهُ صَرفًا وَلا عَدلاً " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَولَهُ: " مَن قَتَلَ مُعَاهَدًا لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.


وَإِنَّهُ لَمَّا جَهِلَ بَعضُ أَفرَادِ الأُمَّةِ هَذِهِ الثَّوَابِتَ أَو تَجَاهَلُوهَا، وَقَعُوا في فِتنَةِ الشُّبُهَاتِ، وَزَاغُوا عَن أُصُولِ الاعتِقَادِ المُقَرَّرِ عِندَ السَّلَفِ، فَخَرَجُوا عَلَى أُولي الأَمرِ وَخَالَفُوا العُلَمَاءَ، وَرَوَّعُوا الآمِنِينَ وَسَفَكُوا دِمَاءَ الأَبرِيَاءِ، بَل وَقَتَلُوا رِجَالَ الأَمنِ المُرَابِطِينَ، وَفَرَّقُوا الوحدَةَ وَأَذهَبُوا الهَيبَةَ، وَأَخَلُّوا بِالأَمنِ وَمَزَّقُوا اللُّحمَةَ، وَشَقُّوا الصَّفَّ وَاعتَدَوا عَلَى المَصَالِحِ العُظمَى لِلأُمَّةِ، مُخَالِفِينَ بِذَلِكَ مَا أَوصى بِهِ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن ضَرُورَةِ الانضِمَامِ لِلجَمَاعَةِ وَلُزُومِ السَّمعِ وَالطَّاعَةِ، وَوُجُوبِ اجتِمَاعِ الكَلِمَةِ وَحِفظِ الحُقُوقِ المُعتَبَرَةِ. وَلَو أَنَّهُم تَأَنَّوا لَعَلِمُوا أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَد ذَكَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ عَلَى الأُمَّةِ أُمَرَاءُ مُختَلِفُونَ، بَينَ بَرٍّ تَقِيٍّ وَفَاجِرٍ شَقِيٍّ، وَلَكِنَّهُ أَمَرَ بِالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ لِلجَمِيعِ بِالمَعرُوفِ، مَعَ التَّنَاصُحِ وَالدُّعَاءِ، وَالصَّبرِ عَلَى الظُّلمِ وَالأَثَرَةِ، عَن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: بَايَعنَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمعِ وَالطَّاعَةِ في العُسرِ وَاليُسرِ، وَالمَنشَطِ وَالمَكرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَينَا، وَأَلاَّ نُنَازِعَ الأَمرَ أَهلَهُ، إِلاَّ أَن تَرَوا كُفرًا بَوَاحًا عِندَكُم مِنَ اللهِ فِيهِ بُرهَانٌ، وَعَلَى أَن نَقُولَ بِالحَقِّ أَينَمَا كُنَّا لا نَخَافُ في اللهِ لَومَةَ لائِمٍ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لِلأَنصَارِ: " إِنَّكُم سَتَلقَونَ بَعدِي أَثَرَةً، فَاصبِرُوا حتى تَلقَوني عَلَى الحَوضِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعَن عَوفِ بنِ مَالِكٍ عَن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُم وَيُحِبُّونَكُم، وَتُصَلُّونَ عَلَيهِم وَيُصَلُّونَ عَلَيكُم، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبغِضُونَهُم وَيُبغِضُونَكُم، وَتَلعَنُونَهُم وَيَلعَنُونَكُم " قَالَ: قُلنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلا نُنَابِذُهُم عِندَ ذَلِكَ ؟ قَالَ: " لا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، لا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، أَلا مَن وِلِيَ عَلَيهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأتي شَيئًا مِن مَعصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكرَهْ مَا يَأتي مِن مَعصِيَةِ اللهِ، وَلا يَنزَعَنَّ يَدًا مِن طَاعَةٍ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْيَهتَمَّ كُلٌّ مِنَّا بِإِصلاحِ نَفسِهِ وَأُسرَتِهِ وَمَن حَولَهُ، وَلْيُرَبِّ مَن تَحتَ يَدِهِ عَلَى صَحِيِح الاعتِقَادِ، وَلْيُنَمِّ في مُجتَمَعِهِ الغَيرَةَ الصَّحِيحَةَ عَلَى الدِّينِ، بِأُسلُوبٍ سَلِيمٍ مُهَذَّبٍ، يَتَّسِمُ بِالتَّيسِيرِ وَالرَّحمَةِ وَمَحَبَّةِ الخَيرِ، بَعِيدًا عَنِ العُنفِ وَالغِلظَةِ وَالشِّدَّةِ وَالتَّنفِيرِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 151، 153].


أَمَّا بَعدُ، ﴿ فَاتَّقُوا اللهَ ﴾ - تَعَالى - ﴿ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ أَعظَمَ سَبَبٍ لِظُهُورِ فِتَنِ الشُّبُهَاتِ، هُوَ الخَلَلُ في مَنهَجِ التَّلَقِّي وَالاستِدلالِ، حَيثُ استَسهَلَ المَفتُونُونَ وَخَاصَّةً مِنَ الشَّبَابِ، الاستِدَلالَ عَلَى مَا يَذهَبُونَ إِلَيهِ مِن مَذَاهِبَ فَاسِدَةٍ، بِأَدِلَّةٍ مِنَ القُرآنِ وَالسُّنَّةِ، هِيَ وَإِن كَانَت صَحِيحَةً وَصَرِيحَةً، إِلاَّ أَنَّهُم غَفَلُوا عَن كَونِ تَطبِيقِهَا عَلَى وَاقِعٍ بِعَينِهِ، لَيسَ مِن شَأنِهِم وَلا شَأنِ عَشَرَاتٍ وَلا مِئَاتٍ مِن أَمثَالِهِم، مِمَّن قَلَّ عِلمُهُ وَغَابَ فِقهُهُ، وَلَكِنَّهُ شَأنُ الرَّاسِخِينَ في العِلمِ وَالفُقَهَاءِ في الدِّينِ، العَالِمِينَ بِالقَضَايَا الكُبرَى وَالمَصَالِحِ العُظمَى.


إِنَّهُ لا يُمَارِي أَحَدٌ في أَنَّهُ مَا عَلَى وَجهِ الأَرضِ مِن مُسلِمٍ إِلاَّ وَهُوَ يُرِيدُ لأُمَّتِهِ العِزَّةَ وَيَنشُدُ لَهَا التَّمكِينَ، وَأَنَّهُ لا طَرِيقَ لِذَلِكَ إِلاَّ بِإِعدَادِ القُوَّةِ وَرَفعِ رَايَةِ الجِهَادِ، كَمَا لا يُخَالِفُ غَيُورٌ في أَنَّ الأُمَّةَ بِحَاجَةٍ إِلى تَغيِيرٍ إِلى الأَحسَنِ وَتَصحِيحٍ لِلأَخطَاءِ، وَرَفعٍ لِلحَقِّ وَدَفعٍ لِلبَاطِلِ، وَإِزَالَةٍ لِلظُّلمِ وَمُحَارَبَةٍ لِلظَّالِمِينَ، وَلَكِنَّ الكَلامَ عَلَى الأُسلُوبِ المُتَّبَعِ في الإِصلاحِ وَالتَّغيِيرِ، فَالمُنكَرُ لا يُدفَعُ بِمُنكَرٍ مِثلِهِ أَو أَقوَى مِنهُ، وَاللهُ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدِينَ، وَالتَّكفِيرُ وَالتَّفجِيرُ، وَاستِهدَافُ رِجَالِ الأَمنِ وَالمُستَأمَنِينَ أَوِ المُنشَآتِ وَالمُقَدَّرَاتِ، كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا لا يَرَاهُ عَاقِلٌ أَبِيٌّ، فَضلاً عَمَّن مُؤمِنٍ تَقِيٍّ، يَخَافُ اللهَ وَيَرجُو اليَومَ الآخِرَ، وَاللهُ يُعطِي بِالرِّفقِ مَا لا يُعطِي بِالعُنفِ، وَ" مَا كَانَ الرِّفقُ في شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِن شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ " وَالسَّعِيدُ مَنِ اعتَبَرَ بِالتَّارِيخِ وَاستَفَادَ مِن دُرُوسِ الوَاقِعِ.


وَلِلحَقِّ وَالعَدلِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ ذَلِكُمُ الخَلَلَ في مَنهَجِ الاستِدلالِ لم يُظهِرْ شُبُهَاتِ الغُلُوِّ وَالتَّكفِيرِ فَحَسبُ، بَل لَقَد كَانَ هُوَ نَفسُهُ السَّبَبَ الرَّئِيسَ في ظُهُورِ مَظَاهِرِ الجَفَاءِ، وَضَعفِ الوَلاءِ وَالبَرَاءِ، وَبُرُوزِ التَّوَجُّهَاتِ الَّتي اجتَذَبَت عَدَدًا مِنَ الشَّبَابِ، عَبرَ أَسَالِيبَ وَمُصطَلَحَاتٍ وَأَلفَاظٍ خَدَّاعَةٍ، تَحمِلُ مَعنَى التَّنَوُّرِ وَالثَّقَافَةِ، وَالفِكرِ وَالحُرِّيَّةِ، وَالرَّأيِ وَالرَّأيِ الآخَرِ، وَالإِنصَافِ وَالعَدلِ وَالتَّجَرُّدِ العِلمِيِّ، وَهِيَ في حَقِيقَتِهَا شِعَارَاتٌ خَادِعَةٌ كَاذِبَةٌ، تَستَهدِفُ نَسفَ الفَضِيلَةِ وَوَأدَ الكَرَامَةِ، وَتَدعُو إِلى الانفِلاتِ وَالتَّميِيعِ، وَتُشَجِّعُ ظُهُورَ الفُجُورِ وَانتِشَارَ المَعَاصِي، وَتُدَندِنُ حَولَ إِشَاعَةِ الشَّهَوَاتِ، وَتَسهِيلِ أَمرِ الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ.


أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحذَرْ وَسَائِلَ الإِعلامِ وَالتَّوَاصِلِ بِمُختَلِفِ أَنوَاعِهَا؛ فَإِنَّهُا مِن أَسبَابِ بَثِّ الشُّبُهَاتِ وَنَشرِهَا، وَلْنَتَفَاءَلْ وَلْنَطمَئِنَّ؛ فَإِنَّهُ لم تَزَلْ في الأُمَّةِ طَائِفَةٌ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ بِإِذنِ اللهِ، وَكُلَّمَا اشتَدَّ ظَلامُ اللَّيلِ آذَنَ الفَجرُ بِالانبِلاجِ، وَاللهُ قَد جَعَلَ مَعَ العُسرِ يُسرَينِ ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8] ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 32، 33].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقتل عمر رضيَ الله عنه
  • عقيدة القتل عند اليهود
  • ضوابط عرض صور قتلى وجرحى المسلمين
  • ماذا ننتظر من قتلة الأنبياء؟
  • بأي ذنب قتلوا؟!
  • قتلة الأنبياء
  • كثرة القتل
  • قتل الأولاد لآبائهم وأمهاتهم: أسبابه وعلاجه (خطبة)
  • تحريم قتل النساء في الحرب

مختارات من الشبكة

  • من قصص أنطونس السائح ومواعظه: (2) صاحب الحية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "القتل أنفى للقتل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علي بن أبي طالب أبو الحسنين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهمية الإخلاص والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الرابع: الراحة النفسية والسعادة الأبدية الرضا بقضاء الله وقدره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المؤمنون حقا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 16:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب