• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

كم زاد راتبك؟

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2014 ميلادي - 1/2/1436 هجري

الزيارات: 11782

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كم زاد راتبك؟

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَبلَ يَومَينِ أَو ثَلاثَةٍ، خَفَقَت قُلُوبُ كَثِيرٍ مِنَّا فَرَحًا وَسُرُورًا، وَامتَلأَتِ الصُّدُورُ رِضًا وَحُبُورًا، لِمَاذَا؟! أَلأَنَّ عَامًا مَضَى وَآخَرَ أَتَى فَحَسبُ؟! لا، وَلَكِنْ لأَنَّ رَاتِبًا جَدِيدًا نَزَلَ في حِسَابِ كُلٍّ مِنَّا، وَقَد أُضِيفَت إِلَيهِ الزِّيَادَةُ السَّنَوِيَّةُ وَنَمَا.

 

الفَرَحُ بِزِيَادَةِ الرَّاتِبِ وَنَمَائِهِ لَيسَ عَيبًا في ذَاتِهِ، إِذْ إِنَّ المَالَ قَد جُعِلَ قِوَامًا لِلخَلقِ وَعَصَبًا لِلحَيَاةِ، وَعَلَى حُبِّهِ فُطِرَ بَنُو آدَمَ، وَهُم مَجبُولُونَ عَلَى جَمعِهِ وَالاستِزَادَةِ مِنهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 6 - 8] وَرَوَى مُسلِمٌ عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يَهرَمُ ابنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنهُ اثنَتَانِ: الحِرصُ عَلَى المَالِ وَالحِرصُ عَلَى العُمُرِ " أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّنَا لَنُحِبَّ المَالَ كَثِيرًا وَنَفرَحُ بما زَادَ مِنهُ لَدَينَا وَنَحرِصُ عَلَى جَمعِهِ، بَل وَفِينَا مَن لا يَعِيشُ إِلاَّ لَهُ وَكَأَنَّمَا قَد خُلِقَ لِحِرَاسَتِهِ ومَنعِهِ، وَقَد بَيَّنَ النَّاصِحُ الحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَنَّ فِتنَتَنَا هِيَ المَالُ فَقَالَ: " إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتنَةً، وَفِتنَةُ أُمَّتي المَالُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَلِهَذَا؛ فَلَن نَقُولَ لِلنَّاسِ: لا تُحِبُّوا المَالَ وَلا تَطلُبُوهُ، وَلَن نَقُولَ لَهُم: لا تَفرَحُوا بِالزِّيَادَةِ مِنهُ وَلا تَجمَعُوهُ، لأَنَّهُم بِذَلِكَ مَفتُونُونَ وَلا بُدَّ، وَمَا مِن سَبِيلٍ لانتِشَالِ القُلُوبِ مِن أَوحَالِ مُستَنقَعَاتِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ وَيَهدِي، وَلَكِنَّنَا جَمِيعًا مَدعُوُّونَ لأَن نَتَأَمَّلَ قَلِيلاً وَنَعتَبِرَ؛ لِئَلاَّ يَكُونَ بَعضُ أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ أَعقَلَ مِنَّا، حَيثُ قَالَ لِمَن لامَتهُ في إِنفَاقِ مَالِهِ:

أَرِيني جَوَادًا مَاتَ هُزْلاً لَعَلَّني
أَرَى مَا تَرَينَ أَو بَخِيلاً مُخَلَّدا
ذَرِيني يَكُنْ مَالي لِعِرضِيَ جُنَّةً
يَقِي المَالُ عِرضِي قَبلَ أَن يَتَبَدَّدا
ذَرِيني أَكُنْ لِلمَالِ رَبًّا وَلا يَكُنْ
لِيَ المَالُ رَبًّا تَحمَدِي غِبَّهُ غَدا

 


وقال الآخر:

أَرَى قَبرَ نَحَّامٍ بَخِيلٍ بِمَالِهِ
كَقَبرِ غَوِيٍّ في البَطَالَةِ مُفسِدِ
تَرَى جُثوَتَينِ مِن تُرَابٍ عَلَيهِمَا
صَفَائِحُ صُمٌّ مِن صَفِيحٍ مُنَضَّدِ

 

 

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَد فَهِمَ أَهلُ الجَاهِلِيَّةِ بِمَحضِ عُقُولِهِم وَتَأَمُّلِهِم فِيمَن حَولَهُم أَنَّهُ لا يَبقَى في الدُّنيا كَرِيمٌ وَلا بَخِيلٌ، وَأَنَّ قُبُورَ الجَمِيعِ مُتَسَاوِيَةٌ مُتَمَاثِلَةٌ، وَأَمَّا نَحنُ المُسلِمِينَ، فَإِنَّ لَنَا مَعَ ذَلِكَ نُورًا مِنَ القُرآنِ وَالسُّنَّةِ نَهتَدِي بِهِ، لِنَقنَعَ بِما يُبَلِّغُنَا، فَنَسلَمَ وَنُفلِحَ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بما آتَاهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لم يَذكُرِ اللهُ - سُبحَانَهُ - الغِنى وَالمَالَ في القُرآنِ مَادِحًا لَهُمَا وَلا مُثنِيًا عَلَى أَهلِهِمَا، إِلاَّ المُنفِقِينَ في سَبِيلِهِ، وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ، فَإِنَّ كَثرَةَ المَالِ مَذمُومَةٌ وَلَيسَت بِمَمدُوحَةٍ، وَمَن قَرَأَ كِتَابَ اللهِ وَتَأَمَّلَ، وَجَدَ فَيضَ المَالِ وَشِدَّةَ التَّرفِ وَاتِّسَاعَ الثَّروَةِ، لا تُذكَرُ إِلاَّ قَرِينةً لِلطُغيَانِ وَالفُسُوقِ وَالعِصيَانِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 27] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ﴾ [الواقعة: 41 - 45] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 11 - 13] وَمِن جِهَةٍ أُخرَى، يُذَكِّرُ اللهُ عِبَادَهُ أَنَّ إِعطَاءَهُمُ المَالَ إِنَّمَا هُوَ ابتِلاءٌ وَامتِحَانٌ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [الأنفال: 28] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُو ﴾ [المؤمنون: 55، 56] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا ﴾ [الفجر: 15 - 17] وَفي تَوجِيهٍ ثَالِثٍ، يُخبِرُ - سُبحَانَهُ - أَنَّ الأَموَالَ وَالأَولادَ لا تُقَرِّبُ إِلَيهِ شَيئًا، وَإِنَّمَا يُقَرِّبُ إِلَيهِ الإِيمَانُ وَالعَمَلُ الصَّالحُ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 10] وَقَالَ - سُبحَانَهُ - في المُنَافِقِينَ: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55] وَقَالَ عَنهُم: ﴿ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المجادلة: 17] وَفي تَوجِيهٍ قُرآنِيٍّ آخَرَ يُخبِرُ المَولى - سُبحَانَهُ - أَنَّ الدُّنيَا وَالغِنى وَالمَالَ، إِنَّمَا جُعِلَت مُتعَةً لِمَن لا نَصِيبَ لَهُ في الآخِرَةِ، وَأَنَّ الآخِرَةَ جُعِلَت لِلمُتَّقِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 131، 132] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20] وَفي الصَّحِيحَينِ عَن عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: دَخَلتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ مُضطَّجِعُ عَلَى رُمَالِ حَصِيرٍ لَيسَ بَينَهُ وَبَينَهُ فِرَاشٌ، قَد أَثَّرَ الرُّمَالُ بِجَنبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِن أَدَمٍ حَشوُهَا لَيفٌ. قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُدعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ؛ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَد وُسِّعَ عَلَيهِم وَهُم لا يَعبُدُونَ اللهَ. فَقَالَ: " أَوَفي هَذَا أَنتَ يَا بنَ الخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَومٌ عُجِّلَت لَهُم طَيِّبَاتُهُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا " وَفي رِوَايَةٍ: " أَمَا تَرضَى أَن تَكُونَ لَهُمُ الدُّنيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟ " وَفي تَوجِيهٍ آخَرَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - نَجِدُ أَنَّهُ - سُبحَانَهُ - قَد ذَمَّ مُحِبِّي المَالَ فَقَالَ: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 17 - 20] وَقَالَ - تَعَالى - عَن أَغنى أَهلِ زَمَانِهِ: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 79، 80] وَأَيُّ ذَمٍّ أَكبَرُ مِن أَن يَصِمَ اللهُ مُتَمَنِّي كَثرَةِ المَالِ وَزِينَةِ الدُّنيا بِالجَهلِ، وَيَمدَحَ الزَّاهِدِينَ الصَّابِرِينَ وَيَشهَدَ لَهُم بِأَنَّهُم مِن أَهلِ العِلمِ؟!

 

وَفي مَوضِعٍ آخَرَ مِن كِتَابِ اللهِ، يُنكِرُ - سُبحَانَهُ - عَلَى مَن يَظُنُّونَ أَنَّ تَفضِيلَ البَشَرِ عَلَى بَعضِهِم يَكُونُ بِالمَالِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247] أَلا فَلنَتَّقِ اللهَ - أَيُّها المُسلِمُونَ - وَلْنَحذَرِ التَّكَاثُرَ في جَمعِ المَالِ وَغَيرِهِ، فَقَد أَخبَرَنَا رَبُّنَا وَخَالِقُنَا وَمَالِكُ أَمرِنَا، أَنَّهُ أَلهَى النَّاسَ وَشَغَلَهُم عَنِ الآخِرَةِ وَالاستِعدَادِ لها، فَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 1 - 8].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 28].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المَالُ الحَقِيقِيُّ المُبَارَكُ النَّافِعُ، إِمَّا مَلبُوسٌ لِسِترٍ، أَو مَأكُولٌ لِسَدِّ جُوعٍ، وَإِمَّا مُتَصَدَّقٌ بِهِ فَمُبقًى لِيَومٍ عَظِيمٍ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هِيَ أَرقَامٌ تَخدَعُ الجَاهِلِينَ وَتَغُرُّ الغَافِلِينَ، عَلَى جَامِعِهَا حِسَابُهَا وَغُرمُهَا، وَلِلوَارِثِ حُلوُهَا وَغُنمُهَا، في صَحِيحِ مُسلِمٍ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يَقُولُ العَبدُ: مَالي مَالي، وَإنما لَهُ مِن مَالِهِ ثَلاثٌ: مَا أَكلَ فَأَفنَى، أَو لَبِسَ فَأَبلَى، أَو أَعطَى فَأَقنى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ " أَلا فَلْنَنتَبِهْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلا تَصرِفَنَّا زِيَادَةُ المَالِ وَالفَرَحُ بِهِ عَنِ التَّزَوُّدِ مِنَ التَّقوَى وَالاستِعدَادِ لِمَا خُلِقنَا لَهُ، فَإِنَّ النَّفسَ لا مُنتَهَى لأَطَمَاعِهَا وَلو نَالَ العَبدُ مِن دُنيَاهُ عَدَدَ ذَرَّاتِ الرِّمَالِ وَقَطرِ البِحَارِ، وَإِنَّمَا الرَّاحَةُ في القَنَاعَةِ، عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَو كَانَ لابنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِن مَالٍ لابتَغَى إِلَيهِمَا ثَالِثًا، وَلا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن تَابَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَعَن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتُرَى كَثرَةَ المَالِ هُوَ الغِنَى؟! " قُلتُ: نَعَم يَا رَسُولَ اللهِ. قال: " أَفَتُرَى قِلَّةَ المَالِ هُوَ الفَقرَ؟! " قُلتُ: نَعَم يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " إِنَّمَا الغِنَى غِنَى القَلبِ، وَالفَقرُ فَقرُ القَلبِ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ، وَكُونُوا مِمَّن يَطلُبُونَ بِأَموَالِهِم مَا عِندَ اللهِ، فَكَم مِن مُؤمِنٍ لم يُدخِلْهُ الجَنَّةَ إِلاَّ مَالُهُ وَإِنفَاقُهُ، وَمَن أَرَادَ الزِّيَادَةَ الحَقِيقِيَّةَ وَالبَرَكَةَ، فَعَلَيهِ بِالجُودِ وَالإِنفَاقِ، وَلْيَحذَرِ الشُّحَّ وَالإِمسَاكَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 261، 262] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 15 - 19] وَعَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ: جَاءَ عُثمَانُ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِأَلفِ دِينَارٍ في كُمِّهِ حِينَ جَهَّزَ جَيشَ العُسرَةِ فَنَثَرَهَا في حَجرِهِ، فَرَأَيتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُقَلِّبُهَا في حَجرِهِ وَيَقُولُ: " مَا ضَرَّ عُثمَانَ مَا عَمِلَ بَعدَ اليَومِ، مَا ضَرَّ عُثمَان مَا عَمِلَ بَعدَ اليَومِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: " قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَيَقدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ " وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن يَومٍ يُصبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعطِ مُمسِكًا تَلَفًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وداع عام واستقبال آخر
  • زاد الأسبوع
  • الراتب في كلمتين

مختارات من الشبكة

  • ستندمل جراح الشام (قصيدة)(مقالة - موقع الدكتور وليد قصاب)
  • حتى لا تفقد قلبك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دواء النيران الصامتة: صوم يطفئ وحر الصدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كهف النور (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حين تربت الآيات على القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإرشاد في توضيح مسائل الزاد :حاشية على زاد المستقنع(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • درر مختصرة من أقوال السلف رحمهم الله (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزاد والعدة في زمان الغربة (٢)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلماء الذين ذكرهم زيني زاده ونقل عنهم في كتاب الفوائد الشافية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب