• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح المنهاج الجامع لأقوال أئمة الشافعية
    صلاح عواد
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

والعاقبة للمتقين

والعاقبة للمتقين
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/5/2012 ميلادي - 19/6/1433 هجري

الزيارات: 25914

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

والعاقبة للمتقين

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

في زَمَنٍ ادلَهَمَّتِ الخُطُوبُ فِيهِ وَاحتَدَمَتِ المِحَنُ، وَتَوَالَت عَلَى قُلُوبِ المُسلِمِينَ الشَّوَاغِلُ وَالفِتَنُ، وَتَدَاعَى الأَعدَاءُ عَلَيهِم تَدَاعِيَ الأَكَلَةِ عَلَى قَصعَتِهَا، في حِينِ قَلَّ النَّاصِرُ وَضَعُفَ المُعِينُ، وَوَهَنَتِ الأَسبَابُ الأَرضِيَّةُ وَتُخُلِّيَ عَن إِعدَادِ القُوَّةِ المَادِّيَّةِ، فَإِنَّهُ لا يَحسُنُ بِالمُسلِمِينَ وَلا يَجمُلُ بهم أَبَدًا، أَن يَجمَعُوا إِلى ذَلِكَ ضَعفًا في عِلاقَتِهِم بِرَبِّهِمُ الَّذِي بِيَدِهِ الخَلقُ وَالأَمرُ، ذَلِكُم أَنَّهُ - تَعَالى - وَعَدَ بِالنَّصرِ مَن يَنصُرُهُ، وَكَتَبَ التَّمكِينَ لِمَن يَعبُدُهُ وَلا يُشرِكُ بِهِ، وَجَعَلَ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ وَالهِدَايَةَ لِلمُجَاهِدِينَ، وَقَضَى بِالمَعِيَّةِ لِلمُحسِنِينَ وَالثَّبَاتَ لِلذَّاكِرِينَ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40، 41] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55] وَقَالَ - تَعَالى-: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]  وَقَالَ سُبحَانَهُ: " ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 45، 46].

 

أَيُّهَا المُؤمِنُونَ:

إِنَّ التَّفَرُّغَ لِلعِبَادَةِ وَلُزُومَ الطَّاعَةِ، وَالاستِقَامَةَ في طَرِيقِ الهُدَى وَالإِكثَارَ من ذِكرِ اللهِ، هِيَ زَادُ المُبتَلَى الصَّابِرِ وَحِليَةُ المَنصُورِ الظَّافِرِ، بها يُستَجلَبُ الخَيرُ وَيُستَدفَعُ الضُّرُّ، وَبِسَبَبِهَا تَطمَئِنُّ القُلُوبُ وَتَنشَرِحُ الصُّدُورُ، وَمَنِ استَوعَبَ عُمُرَهُ في عِبَادَةِ رَبِّهِ وَاشتَغَلَ بِذِكرِهِ، رَزَقَهُ اللهُ الصَّبرَ وَجَمَّلَهُ بِالرِّضَا، وَأَعَانَهُ وَحَفِظَهُ وَيَسَّرَ أَمرَهُ، وَمَلأَ قَلبَهُ غِنىً وَوَسَّعَ رِزقَهُ، قَالَ سُبحَانَهُ لِنَبِيِّهِ: " ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى * وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 130 - 132] وَقَالَ سُبحَانَهُ: " ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3]" وَقَالَ - تَعَالى -: " ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153] " وَقَالَ - تَعَالى - في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: " وَما تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشيءٍ أَحَبَّ إِليَّ مِمَّا افتَرضتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بها، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بها، وإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ استَعاذَني لأُعِيذَنَّهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَفي الحَدِيثِ الآخَرِ: " إِنَّ اللهَ - تَعَالى - يَقُولُ: " يَا بنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَملأْ صَدرَكَ غِنىً وَأَسُدَّ فَقرَكَ، وَإِن لا تَفعَلْ مَلأتُ يَدَيكَ شُغلاً وَلم أَسُدَّ فَقرَكَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَفي وَصِيَّتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لابنِ عَبَّاسٍ: " اِحفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، اِحفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيهِ في الرَّخَاءِ يَعرِفْكَ في الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلتَ فَاسأَلِ اللهَ، وَإِذَا استَعَنتَ فَاستَعِنْ بِاللهِ، قَد جَفَّ القَلَمُ بمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَو أَنَّ الخَلقَ كُلَّهُم جَمِيعًا أَرَادُوا أَن يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَن يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَاعلَمْ أنَّ في الصَّبرِ عَلَى مَا تَكرَهُ خَيرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّ التَّمَسُّكَ بِالحَقِّ وَاقتِفَاءَ السُّنَنِ وَالوُقُوفَ عِندَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَتَنوِيعَ القُرُبَاتِ وَالإِكثَارَ مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالحَاتِ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَهُوَ حِليَةُ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَزَادُ المُصلِحِينَ المُخلِصِينَ، وَإِنَّ أَمَامَ الأُمَّةِ غَايَاتٍ بَعِيدَةً، وَبَينَ أَيدِيهَا مَيَادِينُ طَوِيلَةٌ، لا يَفُوزُ فِيهَا وَلا يُهدَى إِلاَّ المُجَاهِدُونَ، وَإِنَّ ثَمَّةَ عَقَبَاتٍ صِعَابًا وَمُهِمَّاتٍ ثِقَالاً، وَأَزمِنَةَ فِتَنٍ وَمَلاحِمَ وَهَرجٍ وَمَرجٍ، لا يَتَجَاوَزُهَا وَيَحمِلُهَا إِلاَّ المُستَهلِكُونَ حَيَاتَهُم في عِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ، وَقَد قَالَ - تَعَالى - لِنَبِيِّهِ: " ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 5] " وَقَالَ لَهُ: "﴿ إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا عَلَيكَ القُرآنَ تَنزِيلاً * فَاصبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنهُم آثِمًا أَو كَفُورًا * وَاذكُرِ اسمَ رَبِّكَ بُكرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيلِ فَاسجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيلاً طَوِيلاً * إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُم يَومًا ثَقِيلاً ﴾ [الإنسان: 23 - 27] " وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مُمتَدِحًا العِبَادَةَ وَلا سِيَّمَا في مِثلِ هَذِهِ الأَزمِنَةِ: " العِبَادَةُ في الهَرجِ كَهِجرَةٍ إِليَّ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتُوبُوا إِلى رَبِّكُم وَعُودُوا إِلى رُشدِكُم، وَكُونُوا مَعَ اللهِ يَكُنْ مَعَكُم، طَهِّرُوا القُلُوبَ ممَّا اعتَرَاهَا، وَأَنقِذُوا النُّفُوسَ ممَّا اعتَلاهَا، حَقِّقُوا العُبُودِيَّةَ للهِ مَحَبَّةً لَهُ وَخَوفًا مِنهُ وَرَجَاءً، وَإِخلاصًا لَهُ وَتَوَكُّلاً عَلَيهِ، وَإِيَّاكُم وَالاستِهَانَةَ بِالمَعَاصِي كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثمِ وَبَاطِنَهُ، وَجَانِبُوا المُجَاهَرَةَ وَالزَمُوا الحَيَاءَ، تَنَاصَحُوا وَمُرُوا بِالمَعرُوفِ وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ، وَحَذَارِ مِن نِسيَانِ عَهدِ اللهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكُم دَيدَنُ مَن طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم مِنَ المُنَافِقِينَ، الَّذِينَ " نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم " ثم هُوَ قَاطِعٌ يَطُولُ بِهِ عَلَى الأُمَّةِ الطَّرِيقُ، وَتُمنَعُ بِسَبَبِهِ النَّصرَ وَالتَّمكِينَ وَالتَّوفِيقَ، فَاتَّقُوا اللهَ " وَلا تَشتَرُوا بِعَهدِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللهِ هُوَ خَيرٌ لَكُم إِنْ كُنتُم تَعلَمُونَ. مَا عِندَكُم يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ. مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ ".

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ إِيجَادَ جِيلٍ قَادِرٍ عَلَى حَملِ لِوَاءِ الحَقِّ وَالذَّبِّ عَنِ المَعرُوفِ، وَمُقَارَعَةِ البَاطِلِ وَمُحَارَبَةِ المُنكَرِ وَمُقَاوَمَةِ أَهلِهِ، لا يُمكِنُ أَن يَتِمَّ إِذَا قَلَّتِ في الأُمَّةِ القُدُوَاتُ الصَّالِحَةُ، وَرَأَى الصِّغَارُ الكِبَارَ مُتَسَاهِلِينَ في الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، غَافِلِينَ عَنِ الطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ، زَاهِدِينَ في البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، مُغرِقِينَ في المُبَاحَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، هَمُّهُمُ التَّنَازُعُ في حُطَامِ الدُّنيَا، وَدَيدَنُهُمُ التَّشَاحُّ عَلَى فُضُولِهَا، وَغَايَةُ قَصدِهِمُ التَّنَافُسُ عَلَى زَخَارِفِهَا.

 

إِنَّ أُمَّةً تَترُكُ الجِهَادَ وَيَقِلُّ فِيهَا العُبَّادُ، وَيُفقَدُ مِنهَا المُتَمَسِّكُونَ وَيَكثُرُ فِيهَا المُخَالِفُونَ، وَيَكُونُ هَمُّهَا الدُّنيَا لا تَغضَبُ إِلاَّ لِفَقدِهَا وَلا تَفرَحُ إِلاَّ بِتَحصِيلِهَا، إِنَّهَا لأُمَّةٌ حَرِيَّةٌ بِأَن تَبقَى في المُؤَخَّرَةِ ذَلِيلَةً فَقِيرَةً، إِنْ لم تَهلِكْ وَتَزُلْ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " بُعِثتُ بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيفِ حَتى يُعبَدَ اللهُ - تَعَالى - وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزقِي تَحتَ ظِلِّ رُمحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَن خَالَفَ أَمرِي " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَبشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُم، فَوَاللهِ مَا الفَقرَ أَخشَى عَلَيكُم، وَلَكِنْ أَخشَى أَن تُبسَطَ الدُّنيَا عَلَيكُم كَمَا بُسِطَت عَلَى مَن كَانَ قَبلَكُم فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهلِكَكُم كَمَا أَهلَكَتهُم " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ في قَلبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَملَهُ وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ وَفَرَّقَ عَلَيهِ شَملَهُ وَلم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَأَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ، وَلا يَغُرَّنَّكُم تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ، أَو مَا يَنَالُهُ البَاطِلُ وَأَهلُهُ مِن تَمَكُّنٍ أَو عُلُوٍّ، فَتَنجَرِفُوا لِطَلَبِ حُظُوظِكُم مِنَ الدُّنيَا وَتَنسَوُا الآخِرَةَ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فاطر: 5].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • والعاقبة للمتقين
  • والعاقبة للتقوى
  • والعاقبة للمتقين
  • والعاقبة للمتقين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه الإحسان (5) الإحسان إلى الخلق(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق العلماء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أهوال القيامة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين عام غابر، وعام زائر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدى للمتقين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 16:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب