• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / رجالات الإسلام
علامة باركود

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (9) إسلام أم سلمة رضي الله عنها وهجرتها

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (9) إسلام أم سلمة رضي الله عنها وهجرتها
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/4/2025 ميلادي - 25/10/1446 هجري

الزيارات: 5647

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (9)

إسلام أم سلمة رضي الله عنها وهجرتها


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ خَلَقَ فَأَتْقَنَ خَلْقَهُ، وَشَرَعَ فَأَحْكَمَ شَرْعَهُ؛ ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النَّمْلِ: 88]، ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾ [الْبَقَرَةِ: 138]، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِلْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فَكَانَ عَمَلُهُمْ مَبْرُورًا، وَسَعْيُهُمْ مَشْكُورًا، وَجَزَاؤُهُمْ مَوْفُورًا، وَضَلَّ عَنْ هُدَاهُ أَهْلُ الشَّقَاءِ فَكَانُوا قَوْمًا بُورًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اصْطَفَاهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ وَاجْتَبَاهُ، وَاخْتَارَ لَهُ أَفَاضِلَ الْأُمَّةِ فَكَانُوا لَهُ أَصْحَابًا، وَخَيْرَ النِّسَاءِ فَكُنَّ لَهُ أَزْوَاجًا، وَكُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ أُمَّهَاتٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَالْزَمُوا هَدْيَ النَّبِيِّ وَالصَّحَابَةِ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا، وَأَحْسَنَهَا حَالًا، قَوْمًا اخْتَارَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ: أَلْصَقُ الصَّحَابَةِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَاتُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ؛ فَإِنَّهُنَّ الْمُلَازِمَاتُ لِبَيْتِهِ، الْمُطَّلِعَاتُ عَلَى أَسْرَارِ حَيَاتِهِ، الْعَالِمَاتُ بِهَدْيِهِ مَعَ أَهْلِهِ، الْقَانِعَاتُ بِقِلَّةِ زَادِهِ، الْمُخْتَارَاتُ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، الْمُضَحِّيَاتُ فِي سَبِيلِ دَعْوَتِهِ، الرَّاضِيَاتُ الْمَرْضِيَّاتُ عِنْدَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 33]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً».

 

وَمِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أُمُّ سَلَمَةَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّةُ الْقُرَشِيَّةُ، مِنْ بَيْتِ عِزٍّ وَشَرَفٍ وَنَسَبٍ وَكَرَمٍ؛ وَكَانَ أَبُوهَا أَبُو أُمَيَّةَ يُلَقَّبُ بِـ "زَادِ الرَّكْبِ"؛ لِأَنَّهُ إِذَا سَافَرَ مَعَهُ أَحَدٌ تَحَمَّلَ زَادَهُ، فَيُطْعِمُ كُلَّ مَنْ رَافَقَهُ فِي السَّفَرِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ وِجْهَتَهُ، كَثُرُوا أَوْ قَلُّوا، وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْكَرَمِ. وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ابْنُ عَمِّهَا، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أَخُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَزَوْجُهَا أَبُو سَلَمَةَ ابْنُ عَمِّهَا، وَهُوَ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ أَخًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَهُوَ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَجُرِحَ فِيهَا، وَثَارَ عَلَيْهِ جُرْحُهُ بَعْدَ قِيَادَتِهِ لِسَرِيَّةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِلْهِجْرَةِ. فَالشَّرَفُ يُحِيطُ بِهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا.

 

تَقَدَّمَ إِسْلَامُهَا هِيَ وَزَوْجُهَا أَبُو سَلَمَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ، وَيُذْكَرُ أَنَّ زَوْجَهَا أَسْلَمَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ أَسْلَمُوا قَبْلَهُ، وَلَمَّا اشْتَدَّ الْأَذَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَكَّةَ هَاجَرَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهِيَ الَّتِي رَوَتْ حَدِيثَ مُقَامِهِمْ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ، النَّجَاشِيَّ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ لَا نُؤْذَى، وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ...»، وَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّنَهُمْ، وَرَفَضَ تَسْلِيمَهُمْ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ.

 

وَلَمَّا سَمِعَ الزَّوْجَانِ بِبَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الْأُولَى رَجَعَا مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَاشْتَدَّ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمَا، وَعَزَمَا عَلَى الْهِجْرَةِ، وَأُصِيبَتْ هَذِهِ الْأُسْرَةُ الْمُؤْمِنَةُ بِمُصِيبَةٍ عَظِيمَةٍ؛ وَهِيَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَفْرَادِهَا عَامًا كَامِلًا، وَذَلِكَ مِنْ أَشَدِّ الْأَذَى الَّذِي لَحِقَهَا؛ حَتَّى تَيَسَّرَتِ الْهِجْرَةُ لِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَتَحْكِي أُمُّ سَلَمَةَ قِصَّةَ ذَلِكَ فَتَقُولُ: «لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَحَلَ لِي بَعِيرَهُ ثُمَّ حَمَلَنِي عَلَيْهِ، وَحَمَلَ مَعِي ابْنِي سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ فِي حِجْرِي، ثُمَّ خَرَجَ بِي يَقُودُ بِي بَعِيرَهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ قَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: هَذِهِ نَفْسُكَ غَلَبْتَنَا عَلَيْهَا، أَرَأَيْتَ صَاحِبَتَكَ هَذِهِ؟ عَلَامَ نَتْرُكُكَ تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ؟ قَالَتْ: فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذُونِي مِنْهُ. قَالَتْ: وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، رَهْطُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إِذْ نَزَعْتُمُوهَا مِنْ صَاحِبِنَا. قَالَتْ: فَتَجَاذَبُوا بُنَيَّ سَلِمَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى خَلَعُوا يَدَهُ، وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ، وَانْطَلَقَ زَوْجِي أَبُو سَلَمَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَتْ: فَفُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي وَبَيْنَ ابْنِي. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ بِالْأَبْطَحِ، فَمَا أَزَالُ أَبْكِي حَتَّى أُمْسِيَ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، حَتَّى مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّي، أَحَدُ بَنِي الْمُغِيرَةِ، فَرَأَى مَا بِي فَرَحِمَنِي فَقَالَ لِبَنِي الْمُغِيرَةِ: أَلَا تُخْرِجُونَ هَذِهِ الْمِسْكِينَةَ، فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا! قَالَتْ: فَقَالُوا لِي: الْحَقِي بِزَوْجِكِ إِنْ شِئْتِ. قَالَتْ: وَرَدَّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَيَّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي. قَالَتْ: فَارْتَحَلْتُ بَعِيرِي ثُمَّ أَخَذْتُ ابْنِي فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي، ثُمَّ خَرَجْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ. قَالَتْ: وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَتَبَلَّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتَّى أَقْدُمَ عَلَى زَوْجِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالتَّنْعِيمِ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَخَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ لِي: إِلَى أَيْنَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: أَوَمَا مَعَكِ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا اللَّهُ وَبُنَيَّ هَذَا. قَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ مِنْ مَتْرَكٍ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْبَعِيرِ، فَانْطَلَقَ مَعِي يَهْوِي بِي، فَوَاللَّهِ مَا صَحِبْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ قَطُّ أَرَى أَنَّهُ كَانَ أَكْرَمَ مِنْهُ، كَانَ إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا نَزَلْتُ اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي، فَحَطَّ عَنْهُ، ثُمَّ قَيَّدَهُ فِي الشَّجَرَةِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنِّي إِلَى شَجَرَةٍ، فَاضْطَجَعَ تَحْتَهَا، فَإِذَا دَنَا الرَّوَاحُ، قَامَ إِلَى بَعِيرِي فَقَدَّمَهُ فَرَحَلَهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي، وَقَالَ: ارْكَبِي. فَإِذَا رَكِبْتُ وَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ، فَقَادَهُ، حَتَّى يَنْزِلَ بِي. فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِي حَتَّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ، قَالَ: زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ -وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بِهَا نَازِلًا- فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ. فَكَانَتْ تَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ آلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَا رَأَيْتُ صَاحِبًا قَطُّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ».

 

وَاجْتَمَعَتِ الْأُسْرَةُ الْمُؤْمِنَةُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ أَلَمِ الْفِرَاقِ، وَلَرُبَّمَا أَحَسَّتْ هَذِهِ الْأُسْرَةُ الْمُؤْمِنَةُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ لَنْ يَدُومَ طَوِيلًا فَالدُّنْيَا دَارُ ابْتِلَاءٍ، وَيَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ حِوَارٌ جَرَى بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأَبِي سَلَمَةَ: «بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوتُ زَوْجُهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ لَمْ تَزَوَّجْ بَعْدَهُ إِلَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ. وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَبَقِيَ الرَّجُلُ بَعْدَهَا. فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلَّا تَزَوَّجَ بَعْدِي وَلَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَكَ. قَالَ: أَتُطِيعِينِي؟ قُلْتُ: مَا اسْتَأْمَرْتُكَ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيعَكَ. قَالَ: فَإِذَا مُتُّ فَتَزَوَّجِي. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلًا خَيْرًا مِنِّي لَا يُحْزِنُهَا وَلَا يُؤْذِيهَا. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَلَبِثْتُ مَا لَبِثْتُ ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَذَكَرَ الْخِطْبَةَ إِلَى ابْنِ أَخِيهَا، أَوْ إِلَى ابْنِهَا وَإِلَى وَلِيِّهَا. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَرُدُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَوْ أَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِعِيَالِي. قُلْتُ: ثُمَّ جَاءَ الْغَدَ فَذَكَرَ الْخِطْبَةَ فَقُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: إِنْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوِّجْ. فَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا».

 

فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَزَوْجِهَا وَأَرْضَاهُمَا، وَرَضِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ظَهَرَ فِي سِيرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَظِيمُ التَّضْحِيَةِ الَّتِي بَذَلَتْهَا فِي سَبِيلِ إِيمَانِهَا؛ إِذْ هَاجَرَتِ الْهِجْرَتَيْنِ، وَحِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَابْنِهَا، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى شَتَاتَهُمْ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمَا هِيَ إِلَّا بِضْعُ سَنَوَاتٍ حَتَّى أُصِيبَتْ فِي زَوْجِهَا، وَكَانَتْ تُحِبُّهُ وَيُحِبُّهَا، وَكَانَ نِعْمَ الرَّجُلُ حِينَ أَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَهُ، وَدَعَا لَهَا أَنْ تُرْزَقَ خَيْرًا مِنْهُ؛ لِتُرْزَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَكُونَ أُمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ. فَعَوَّضَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِصَبْرِهَا وَيَقِينِهَا وَثَبَاتِهَا عَلَى إِيمَانِهَا خَيْرًا مِمَّا كَانَتْ تَأْمُلُ وَتَرْجُو. وَمَنْ صَدَقَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ مَا يَرْجُو وَيَتَمَنَّى.

 

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ثَبَاتُ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى إِيمَانِهَا رَغْمَ الصِّعَابِ، وَصَبْرُهَا مَعَ عَظِيمِ الْمُصَابِ؛ مِثَالًا يُنْقَلُ لِلنِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ؛ لِيَعْلَمْنَ أَنَّ مِنْ أَسْلَافِهِنَّ عَظِيمَاتٍ صَبَرْنَ فَظَفِرْنَ، وَكُنَّ أَعْلَامًا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، تُتَنَاقَلُ سِيَرَهُنَّ الْأَجْيَالُ الْمُتَعَاقِبَةُ. وَيَنْبَغِي لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْمُرَبِّيَاتِ أَنْ يُرَبِّينَ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى سِيَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَسْتَقِينَ مِنْ حَيَاتِهِنَّ الْعِبَرَ وَالدُّرُوسَ، وَمَا أَكْثَرَهَا لِمَنْ قَرَأَهَا وَتَأَمَّلَهَا.

 

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (1) فضائلهن وخصائصهن
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (2) حياة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (3) مناقب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (4) عائشة رضي الله عنها في بيت النبوة
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (5) فضائل عائشة ومناقبها
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (6) علم عائشة وفقهها
  • حقوق أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (1)
  • حقوق أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (2)
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (7) سودة بنت زمعة رضي الله عنها
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (8): حفصة بنت عمر رضي الله عنها
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (10) أم سلمة رضي الله عنها في بيت النبوة

مختارات من الشبكة

  • أمنا أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التطبيق العملي للدعوة الإسلامية عند أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: محاضرات عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب