• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج الشوكاني في توضيح مشكل القرآن بالسنة في فتح ...
    ريما بنت فهد بن سليمان اللزام
  •  
    أوراق متساقطة falling leaves - مترجم للغة ...
    حكم بن عادل زمو النويري العقيلي
  •  
    لقاء مفتوح (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الكنوز العشرة الثمينة لكسب الأجور العظيمة (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    السؤال التعليمي في السنة النبوية: مفهومه وأهميته ...
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الرابع
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة (من قول المؤلف: ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف تحفظ القرآن بإتقان: دليل عملي مبني على تجارب ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحكام الغيبة في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    الضحك والبكاء في الكتاب والسنة
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    سياحة ثقافية في مدن سعودية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

وهو معكم أين ما كنتم (خطبة)

وهو معكم أين ما كنتم (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2024 ميلادي - 27/4/1446 هجري

الزيارات: 12901

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ؛ أَنَارَ طَرِيقَ الْحَقِّ لِلْمُهْتَدِينَ، فَهُمْ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَحَجَبَ الْحَقَّ عَنِ الزَّائِغِينَ، فَكَانُوا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاصْطَفَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا مَنَحَنَا وَأَعْطَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ؛ بَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، وَدَلَّ عَلَى الدِّينِ الْقَوِيمِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوهُ فَلَا تَعْصُوهُ، فَإِنَّهُ خَبِيرٌ بِأَحْوَالِكُمْ، عَلِيمٌ بِأَعْمَالِكُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْكُمْ ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ أَنْ يَعْرِفَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَيَمْتَلِئَ قَلْبُهُ بِتَعْظِيمِهِ، وَيَلْهَجَ لِسَانُهُ بِذِكْرِهِ، وَتَنْصَبَ أَرْكَانُهُ فِي عِبَادَتِهِ.

 

وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْعُلْيَا صِفَةُ الْمَعِيَّةِ، وَمُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ بِعِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَالٍ بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ.

 

وَمَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلْقِهِ تَكُونُ مَعِيَّةً عَامَّةً، وَتَكُونُ مَعِيَّةً خَاصَّةً:

وَمَعْنَى الْمَعِيَّةِ الْعَامَّةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ كُلِّ خَلْقِهِ حَقِيقَةً بِعِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَرِزْقِهِ، مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ، إِنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ، عَاقِلِهِمْ وَبَهِيمِهِمْ، مُتَحَرِّكِهِمْ وَسَاكِنِهِمْ؛ فَهُوَ مُدَبِّرُهُمْ وَرَازِقُهُمْ، وَمُحِيطٌ بِهِمْ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمْ، وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ عِدَّةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الْحَدِيدِ: 4]، «أَيْ: رَقِيبٌ عَلَيْكُمْ، شَهِيدٌ عَلَى أَعْمَالِكُمْ حَيْثُ أَنْتُمْ، وَأَيْنَ كُنْتُمْ، مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فِي الْبُيُوتِ أَوِ الْقِفَارِ. الْجَمِيعُ فِي عِلْمِهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَتَحْتَ بَصَرِهِ وَسَمْعِهِ، فَيَسْمَعُ كَلَامَكُمْ، وَيَرَى مَكَانَكُمْ، وَيَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَنَجْوَاكُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [هُودٍ: 5]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾ [الرَّعْدِ: 10]، «فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ قَالَ لِجِبْرِيلَ لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الْإِحْسَانِ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ».

 

وَمِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي الْمَعِيَّةِ الْعَامَّةِ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 7]، «وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ مَعِيَّةُ الْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ بِمَا تَنَاجَوْا بِهِ وَأَسَرُّوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾» وَهَذِهِ الْآيَةُ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [التَّوْبَةِ: 78]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 80]؛ «وَلِهَذَا حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَعِيَّةُ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى».

 

وَأَمَّا الْمَعِيَّةُ الْخَاصَّةُ: فَهِيَ مَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَوْلِيَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِفْظِ وَالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 12].

 

وَمِنَ الْمَعِيَّةِ الْخَاصَّةِ: مَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي دَعْوَتِهِمَا لِفِرْعَوْنَ، فَخَاطَبَهُمَا سُبْحَانَهُ قَائِلًا: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 43-46]، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمَا بِإِحَاطَتِهِ وَحِفْظِهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَفِي تَفْسِيرِهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَسْمَعُ دُعَاءَكُمَا فَأُجِيبُهُ، وَأَرَى مَا يُرَادُ بِكُمَا فَأَمْنَعُهُ، لَسْتُ بِغَافِلٍ عَنْكُمَا، فَلَا تَهْتَمَّا».

 

وَمِنَ الْمَعِيَّةِ الْخَاصَّةِ: مَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ حِينَ اشْتَدَّ طَلَبُ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَالَ: مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا» فَكَانَ مِنْ آثَارِ هَذِهِ الْمَعِيَّةِ الرَّبَّانِيَّةِ ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 40].

 

وَمَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى الْخَاصَّةُ يَسْتَحِقُّهَا أَهْلُ الْإِيمَانِ بِإِيمَانِهِمْ وَأَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ، كَمَا خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 19]، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَنْ يَضُرَّهُمْ قُوَّةُ الْكَافِرِينَ، وَلَا نِفَاقُ الْمُنَافِقِينَ، وَلَا كَيْدُ الْكَائِدِينَ، وَلَا مَكْرُ الْمَاكِرِينَ.

 

وَيَسْتَحِقُّ مَعِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَّقُونَ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 194]، وَيَسْتَحِقُّهَا الْمُحْسِنُونَ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 69]، وَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ التَّقْوَى وَالْإِحْسَانِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 128]، وَيَسْتَحِقُّهَا الصَّابِرُونَ ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 46].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَحْبَابِهِ، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ أَعْدَائِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: حِينَ يَسْتَحْضِرُ الْمُؤْمِنُ مَعِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ، وَعِلْمَهُ الْمُحِيطَ بِهِمْ؛ يَزْدَادُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَعُبُودِيَّةً لَهُ؛ لِعِلْمِهِ بِشَيْءٍ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِخَلْقِهِ. وَحِينَ يَتَفَكَّرُ فِي عِلْمِ اللَّهِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ؛ يَتَمَلَّكُهُ خَوْفٌ شَدِيدٌ مِنْ رَبِّهِ الَّذِي لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، فَيُبَادِرُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَيُبَاعِدُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَقِيبٌ عَلَيْهِ.

 

وَحِينَ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِاسْتِحْقَاقِهِ مَعِيَّةً خَاصَّةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حِفْظِهِ وَتَأْيِيدِهِ وَإِعَانَتِهِ وَنَصْرِهِ؛ يَزْدَادُ قُرْبًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَثِقَةً بِهِ سُبْحَانَهُ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ كَمَا اسْتَحْضَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَشَدِّ سَاعَةٍ؛ وَذَلِكَ حِينَ حَاصَرَهُ فِرْعَوْنُ قُبَالَةَ الْبَحْرِ ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 61-68]. وَبِقَدْرِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ وَتَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى تَكُونُ مَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ عُبُودِيَّةً لِلَّهِ تَعَالَى وَيَقِينًا بِهِ سُبْحَانَهُ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ ازْدَادَتْ مَعِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ؛ حَتَّى لَوِ اجْتَمَعَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِضْرَارِ بِهِ لَمَا اسْتَطَاعُوا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِمَعِيَّتِهِ لَهُ يَرْعَاهُ وَيَحْفَظُهُ وَيُسَدِّدُهُ وَيُقَوِّيهِ وَيَنْصُرُهُ عَلَى أَعْدَائِهِ. قَالَ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «مَنْ يَتَّقِي اللَّهَ يَكُنْ مَعَهُ، وَمَنْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ فَمَعَهُ الْفِئَةُ الَّتِي لَا تُغْلَبُ، وَالْحَارِسُ الَّذِي لَا يَنَامُ، وَالْهَادِي الَّذِي لَا يَضِلُّ».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وهو معكم أينما كنتم

مختارات من الشبكة

  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وهو معكم أين ما كنتم ( بطاقة دعوية )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم النفاق الأكبر وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر وذكر بعض صوره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأوائل من الشمائل: وهو مختصر كتاب الشمائل المحمدية للترمذي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/4/1447هـ - الساعة: 15:52
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب