• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

غزوة بدر الكبرى (خطبة)

غزوة بدر الكبرى (خطبة)
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/4/2024 ميلادي - 17/10/1445 هجري

الزيارات: 11491

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى


الخُطْبَةُ الأُوْلَى

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى ».

 

- أَيُّهَا النَّاسُ - لَقَدْ كَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى أَوَّلَ مَعْرَكَةٍ خَاضَ غِمَارَهَا المُسْلِمُونَ بِقِيَادَةَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَبَقَتْهَا فِي الوَاقِعِ عِدَّةُ أَعْمَالٍ عَسْكَرِيَّةِ صَغِيْرَةٍ، كَانَ المَقْصُودُ مِنْهَا تَدْرِيْبِ الصَّحَابَةِ، وَجَسِّ النَّبْضِ فِي نَوَاحٍ مُتَفَرِّقَةٍ مِنَ الجِزِيْرَةِ العَرَبِيَّةِ، وَخَاصَّةً حَوَّلَ المَدِيْنَةِ غَيْرَ أَنَّ غَزْوَةَ بَدْرٍ كَانَتْ البِدَايَةَ الحَقِيْقِيَّةِ لِلجِهَادِ بِالسِّلَاحِ.

 

فَفي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلهِجْرَةِ - أَيُّهَا النَّاسُ - بَلَغَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عِيْرًا لِقُرَيْشٍ مُقْبِلَةً مِنْ الشَّامِ صُحْبَةَ أَبِي سُفْيَان، فَنَدَبَ النَّاسَ لِلْخُرُوجِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَ مَنِ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا[1].

 

وَكَانَ ذَلِكَ في رَمَضَانَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السِّيَرِ والجُمْهُورُ، أَنَّهَا كَانَتْ سَابِعَ عَشْرَةَ، وَقِيْلَ ثَانِي عَشْرَةَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الثَّانِي ابْتِدَاءُ الخُرُوجَ، وَالسَّابِعَ عَشَرَ يَوْمَ الوَاقِعَةِ »[2].

 

وَقَدْ خَرَجَ المُسْلِمُونَ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَهُمْ ثُلْثُمَائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَقَطْ، مِنْهُمْ مِائَةٌ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَبَقِيَّتُهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ[3]، ولَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنَ الخَيْلِ سِوَى فَرَسٍ لِلزُّبَيْرِ، وَفَرَسٍ لِلمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَمِنَ الإِبِلِ سَبْعُونَ يَعْتَقِبُ الرَّجُلَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ عَلَى البَعِيْرِ الوَاحِدِ.

 

فَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ»[4]، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ ثَلَاثَةٍ عَلَى بَعِيرٍ، كَانَ أَبُو لُبَابَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، زَمِيلَيْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَكَانَتْ عُقْبَةُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَقَالَا: نَحْنُ نَمْشِي عَنْكَ -لِيَظِلَّ رَاكِبًا-، فَقَالَ: « مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي، وَلَا أَنَا بِأَغْنَى عَنِ الْأَجْرِ مِنْكُمَا ».

 

وَيَا لِرَوْعَةِ هَذَا المَوْقِفِ عِنْدَمَا يَسْتَوِي القَائِدُ وَالجُنْدِيُّ تَحَمُّلِ الشَّدَائِدِ، وَقَدْ تَمَلَّكَهُمْ الصِّدْقُ وَالإِخْلَاصُ فِي التَّطَلُّعِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ وَثَوَابِهِ، وَكَيْفَ لاَ يَحْتَمِلُ الجُنْدُ المَشَاقَّ وَقَائِدُهُمْ يُسَابِقُهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَهُوَ شَيْخٌ فِي الخَامِسَةِ وَالخَمْسِيْنَ مِنْ عُمْرِهِ المُبَارَكُ، وَالمَسَافَةُ بَيْنَ المَدِيْنَةِ وَبَدْرٍ تَرْبُو عَلَى مِائَةَ وَسِتِّيْنَ كِيْلُو مِتْرًا، وَقَدْ أَمَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى المَدِيْنَةِ عِنْدَ خُرُوْجِهِ عَبْدَ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِلصَّلَاةِ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَعَادَ أَبَا لُبَابَةِ مِنَ الرَّوْحَاءِ وَهِيَ عَلَى أَرْبَعِيْنَ مِيْلًا مِنَ المَدِيْنَةِ، وَعَيَّنَهُ أَمِيْرًا عَلَى المَدِيْنَةِ، مِمَّا يُبَيِّنُ أَهَمِّيَّةُ وُجُودِ الأَمِيْرِ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَالسِّلْمِ وَالحَرْبِ [5].

 

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «زَادِ المِعَادِ»[6]: « وَأَمَّا أبو سفيان، فَإِنَّهُ بَلَغَهُ مَخْرَجَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَصْدَهُ إِيَّاهُ فَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَمَ بْنِ عَمْرُو الغفاري إِلَى مَكَّةَ مُسْتَصْرِخًا لِقُرَيْشٍ بِالنَّفِيْرِ إِلَى عِيْرِهِمْ لِيَمْنَعُوهُ مِنْ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، وَبَلَغَ الصَّرِيْخُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَنَهَضُوا مُسْرِعِينَ وَأَوْعَبُوا فِي الْخُرُوجِ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ أَحَدٌ سِوَى أبي لهب، فَإِنَّهُ عَوَّضَ عَنْهُ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَحَشَدُوا فِيمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ سِوَى بَنِي عَدِيٍّ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ كَمَا قَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -:﴿كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [الأنفال: 47].

 

وَأَقْبَلُوا «بِحَدِّهِمْ وَحَدِيدِهِمْ، تُحَادُّهُ وَتُحَادُّ رَسُولَهُ »، وَجَاءُوا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ، وَعَلَى حَمِيَّةٍ، وَغَضَبٍ، وَحَنَقٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، لِمَا يُرِيدُونَ مِنْ أَخْذِ عِيرِهِمْ، وَقَتْلِ مَنْ فِيهَا، وَقَدْ أَصَابُوا بِالْأَمْسِ عَمْرُو بْنِ الحَضْرَمِيِّ، وَالْعِيْرَ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ، فَجَمَعَهُمُ اللهُ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ كَمَا قَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -:﴿وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا﴾ [الأنفال: 42].

 

فَسَارَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ، وَخَفْضَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَصِقَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ قَدْ نَجَا، وَأَحْرَزَ الْعِيْرَ، كَتَبَ إِلَى قُرَيْشٍ أَنِ ارْجِعُوا فَإِنَّكُمْ إِنَّما خَرَجْتُمْ لِتُحْرِزُوا عِيْرَكُمْ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِالْجُحْفَةِ، فَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْدَمَ بَدْرًا فَنُقِيمَ بِهَا، وَنُطْعِمُ مَنْ حَضَرَنَا مِنَ العَرَبِ، وَتَخَافَنَا العَرَبُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَشَارَ الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْقٍ عَلَيْهِمْ بِالرُّجُوعِ فَعَصَوْهُ، فَرَجَعَ هُوَ وَبَنِي زُهْرَةَ، فَلَمْ بَدْرًا زُهِرِيٌّ، فَاغْتَبَطَتْ بَنُو زُهْرَةَ بَعْدَ بَرِأْيِ الْأَخْنَسُ، فَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمْ مُطَاعًا مُعَظَّمًا.

 

وَقَدْ وَصَفَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَيْفَ بَاتَ المُسْلِمُونَ لَيْلَةَ السَّابِعُ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ بِبَدْرٍ وَأَمَامَهُمْ مُعَسْكَرُ المُشْرِكِيْنَ، جَاءَ ذَلِكَ فِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ [7].

 

« لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا فِينَا إِنْسَانٌ إِلَّا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ …ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنَ مَطَرٍ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى تَحْتِ الشَّجَرِ والْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ. وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو رَبَّهُ: «اللهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْفِئَةَ لَا تُعْبَدْ»، فَلَمَّا أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ، نَادَى: «الصَّلَاةَ عِبَادَ اللهِ»، فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ والْحَجَفِ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَرَّضَ عَلَى الْقِتَالِ.

 

وَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[8]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي قُبَّةٍ: « اللهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ »، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَخَرَجَ وَهُوَ، يَقُولُ: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: 45، 46].

 

وَقَدْ بَدَأَ القِتَالُ - أَيُّهَا النَّاسُ - بِمُبَارَزَاتٍ فَرْدِيَّةٍ، فَفِي «سُنَنِ» أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «أَبِي دَاوُدَ» [9]، مِنْ حَدِيْثِ عَنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: تَقَدَّمَ - يَعْنِي عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ - وَتَبِعَهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ فَنَادَى مَنْ يُبَارِز؟ فَانْتَدَبَ لَهُ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكُمْ، إِنَّمَا أَرَدْنَا بَنِي عَمِّنَا.

 

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ». فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَى عُتْبَةَ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى شَيْبَةَ، وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ مِلْنَا عَلَى الْوَلِيدِ فَقَتَلْنَاهُ، وَاحْتَمَلْنَا عُبَيْدَةَ.

 

وَكَانَتْ مَلْحَمَةٌ، قُتِلَ فِيْهَا عَدَدٌ مِنْ زُعَمَاءِ المُشْرِكِيْنَ، مِنْهُمْ أَبُو جَهْلٍ، قَتَلَهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرُوٍ بْنِ الجَمُوحِ وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَهُمَا غُلَامَانِ لاَ يَعْرِفَانِهِ حَتَّى دَلَّهُمَا عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

 

فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[10]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ، حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ، قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا بْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا.

 

قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ: مِثْلَهَا، قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَرَيَانِ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ.

 

قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُ، فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَالرَّجُلَانِ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ ».

 

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: «ثُمَّ حَمِيَ الْوَطِيسُ، وَاسْتَدَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ، وَمُنَاشَدَةِ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ - حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الصِّدِّيقُ، وَقَالَ: ( بَعْضَ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ مُنْجِزٌ لَكَ مَا وَعَدَكَ ) [11].

 

وَجَاءَ النَّصْرُ، وَأَنْزَلَ اللهُ جُنْدَهُ، وَأَيَّدَ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَمَنَحَهُمْ أَكْتَافَ الْمُشْرِكِينَ أَسْرًا وَقَتْلًا، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ [12].

 

فَأَنْزَلَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مُمِّتَنًا عَلَى نَبِيِّهِ وَصَحَابَتِهِ بِنِعْمَةِ النَّصْرِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِهَا: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [آل عمران: 123].

 

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

مُشَارَكَةُ المَلائِكَةُ يَوْمَ بَدْرٍ


الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ « غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى »، مَعَ ذِكْرِ بَعْضِ الغَزَوَاتِ والبُعُوثِ، وَالَّتِي كَانَتْ أَشْبَهَ بِالدَّوْرِيَّاتِ الاسْتِطْلَاعِيَّةِ بَيْنَ يَدَيِ الحَرْبِ، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ « مُشَارَكَةِ المَلائِكَةِ يَوْمِ بَدْرٍ ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ لَقَدْ ثَبَتَ فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَمَّدَ المُسْلِمِيْنَ بِالملَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَذَلِكَ صَحَّ أَنَّهَا قَاتَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران: 123 - 126].

 

قَالَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الأنفال: 12].

 

وَفِي «صَحِيْحِ مُسْلِمٍ»[13]مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9]، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ» فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ.

 

وَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ أَبِي دَاوُدَ»[14]، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ أَسِيرًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّ هَذَا وَاللهِ مَا أَسَرَنِي، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ [15] مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ [16]، مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ لَهُ: «اسْكُتْ، لَقَدْ أَيَّدَكَ اللهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ».

 

وَفِي مَغَازِي الأَمَوِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ» [17]، عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَدْ خَفَقَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَفْقَةً وَهُوَ فِي الْعَرِيشِ ثُمّ انْتَبَهَ، فَقَالَ: « أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتَاك نَصْرُ اللهِ، هَذَا جِبْرِيلُ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ، آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، يَقُودُهُ عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ، يَقُولُ: أَتَاكَ نَصْرُ اللهِ إِذْ دَعَوْتَهُ».

 

وَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[18]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: « هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ».

 

وَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[19] مِنْ حَدِيْثِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ - قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أَنْ أُوَدِّعَّ مَقَامِي هَذَا أُحِبُّ أَنْ أُخْبِرَكُمْ عَنِ الحِكْمَةِ مِنْ نُزُولِ المَلاَئِكَةِ مَعَ أَنَّ جِبْرِيلَ وَحْدَهُ قَادِرٌ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ بِأَمْرِ اللهِ.

 

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «الفَتْحِ » - رَحِمَهُ اللهُ -: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ -: سُئِلْتُ عَنْ الْحِكْمَةِ فِي قِتَالِ الْمَلَائِكَةِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ جِبْرِيلَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْكُفَّارَ بِرِيشَةِ مِنْ جَنَاحِهِ؟ فَقُلْتُ: وَقَعَ ذَلِكَ لِإِرَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، وَتَكُونَ الْمَلَائِكَةُ مَدَدًا عَلَى عَادَةِ مَدَدِ الْجُيُوشِ رِعَايَةً لِصُورَةِ الْأَسْبَابِ وَسُنَّتِهَا الَّتِي أَجْرَاهَا اللهُ تَعَالَى فِي عِبَادَهِ، وَاللهُ تَعَالَى هُوَ فَاعِلُ الْجَمِيعِ وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

اللهُمَّ ارْزُقْنَا عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.

 

اللهُمَّ أحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.

 

سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ.

 

 



[1] « الفُصُولُ » (1/ 90).

[2] « التَّلْخِيْصُ الحَبِيْر » (4/ 89).

[3] البُخَارِيُّ ( 3956).

[4](حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (3901)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «فِقْهِ السِّيْـرَةِ» (234).

[5] «السِّيْـرَةُ النَّبَوِيَّة الصَّحِيْحَة» (2/ 356) بِتَصَـرُّفٍ.

[6] انْظُرْ: «زَادُ المِعَاد» (3/ 154) بِاخْتِصَارٍ.

[7](صَحِيْحٌ ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (21/ 30-36).

[8] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3953).

[9] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (2665)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ أَبُو دَاوُدَ» (2321).

[10] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3988 )، وَمُسْلِمٌ (1752).

[11] انْظُرْ: «زَادُ المِعَاد» (3/ 180-181) بِاخْتِصَارٍ.

[12] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 7/ 358) المَغَازِي.

[13] رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1763).

[14] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (1/ 117)، وَأَبُو دَاوُد (2665) وَقَالَ أَحَمَدُ شَاكِر: إِسْنَادهُ صَحِيْحِ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ أَبِي دَاوُد» (2331).

[15] الأَجْلَحُ: الَّذِي انْحَسَرَ شَعْرَهُ عَنْ جَانِبِيِّ رَأْسَهُ (النِّهَايَة 1/ 284).

[16] الأَبْلَقَ: الَّذِي ارْتَفَعَ التَحْجِيل إِلَـىٰٰ فَخْذِيْهِ.

[17] انْظُرْ:«البِدَايَةُ وَالنِّهَايَة»(3/ 284)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-فِي«فِقْهِ السِّيْـرَةِ» (243).

[18] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3995).

[19] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3992).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة بدر الكبرى
  • فاتحة الفتوحات، أو (غزوة بدر الكبرى)
  • غزوة بدر الكبرى
  • التحام الفريقين في غزوة بدر الكبرى
  • هزيمة الكفار في غزوة بدر الكبرى
  • غزوة بدر الكبرى
  • التوضيحات الكبرى من غزوة بدر الكبرى!
  • غزوة بدر الكبرى
  • غزوة بدر دروس وعبر
  • غزوة بدر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم على غزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة تأمل في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أساليب الصليبية للغزو الفكري ومناهجنا التعليمية(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • وصف البدر وأحواله في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أرجوزة ضوء البدر في نظم أسماء الصحابة من أهل بدر رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 0:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب