• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الكتب السماوية والرسل
علامة باركود

اليهود في القرآن الكريم (5) أشد الناس عداوة للمؤمنين

اليهود في القرآن الكريم (5) أشد الناس عداوة للمؤمنين
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/12/2023 ميلادي - 8/6/1445 هجري

الزيارات: 11968

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اليهود في القرآن الكريم (5)

أشد الناس عداوة للمؤمنين


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ هَادِي الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلِيُّ الصَّالِحِينَ، لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَاهُ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَاهُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَفْضَلُ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامُ الْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَلَا تَعْصُوهُ؛ فَإِنَّ أَمَامَكُمْ مَوْتًا وَقَبْرًا وَبَعْثًا وَحِسَابًا وَجَزَاءً وَحَيَاةً خَالِدَةً أَبَدَ الْآبِدِينَ، فَاعْمَلُوا لَهَا مَا يُنَجِّيكُمْ فِيهَا؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ‌ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْبَشَرِ ضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورَاتِ وُجُودِهِمْ وَعِمَارَتِهِمْ لِلْأَرْضِ؛ فَفِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ إِرَادَةٌ وَأَثَرَةٌ وَحُبٌّ لِلْعُلُوِّ وَالتَّمَلُّكِ، وَالْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْبَشَرِ نَاتِجَةٌ عَنْ سُنَنِ الصِّرَاعِ وَالتَّدَافُعِ وَالتَّنَافُسِ؛ ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ‌لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:251]، وَأَسْبَابُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ مُتَعَدِّدَةٌ؛ فَمِنْهَا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ، وَمِنْهَا الْعَدَاوَةُ الْعِرْقِيَّةُ، وَمِنْهَا الْعَدَاوَةُ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمَادِّيَّةِ؛ وَلِذَا نَشِطَ الْعَقْلُ الْبَشَرِيُّ فِي صِنَاعَةِ أَعْتَى الْأَسْلِحَةِ الَّتِي تُهْلِكُ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَتُبِيدُ الْبَشَرَ وَالْحَيَوَانَ وَالنَّبَاتَ؛ لِأَجْلِ التَّفَوُّقِ وَالسِّيَادَةِ عَلَى الْخُصُومِ وَالْأَعْدَاءِ.

 

وَعَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ جَمَعَتْ أَنْوَاعَ الْعَدَاوَةِ الثَّلَاثَةَ؛ فَهِيَ عَدَاوَةٌ مَادِّيَّةٌ عِرْقِيَّةٌ دِينِيَّةٌ:

أَمَّا كَوْنُهَا عَدَاوَةً مَادِّيَّةً: فَإِنَّ الْعَلْمَانِيِّينَ مِنَ الصَّهَايِنَةِ لَهُمْ أَطْمَاعٌ فِي الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ وَثَرَوَاتِهَا؛ وَلَنْ يَتَخَلَّوْا عَنْ أَطْمَاعِهِمْ حَتَّى يَعْجِزُوا عَنْ تَحْقِيقِهَا؛ وَلِذَا فَهُمْ يَتَّكِئُونَ عَلَى أَحْلَامِ الْمُتَدَيِّنِينَ مِنْهُمْ فِي إِعَادَةِ مَمْلَكَةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِتَوْسِيعِ دَوْلَتِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا لَا يُؤْمِنُونَ بِمُعْتَقَدَاتِهِمْ.

 

وَأَمَّا كَوْنُهَا عَدَاوَةً عِرْقِيَّةً: فَإِنَّ الْيَهُودَ يَعْتَقِدُونَ بِنَقَاءِ عِرْقِهِمْ، وَأَنَّهُمْ شَعْبُ اللَّهِ الْمُخْتَارُ، وَأَنَّ الْبَشَرَ إِنَّمَا خُلِقُوا لِأَجْلِ خِدْمَتِهِمْ؛ وَلِذَا يَرَوْنَ غَيْرَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْأُخْرَى كَالْحَيَوَانَاتِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا.

 

أَمَّا كَوْنُهَا عَدَاوَةً دِينِيَّةً: فَمَنْبَعُهَا حَسَدُهُمْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا مُنِحُوا مِنْ خَتْمِ الدِّيَانَاتِ بِدِينِهِمْ، وَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ يَظُنُّونَ أَنَّ الدِّينَ يَبْقَى فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فُضِّلُوا بِالْعِلْمِ وَالْكِتَابِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَحَسَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النُّبُوَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَمْ ‌يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النِّسَاءِ:54]، قَالَ مُجَاهِدٌ: «وَهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ، الْيَهُوَدُ، حَسَدُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَحَسَدُوا أُمَّةَ الْإِسْلَامِ عَلَى بَعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَوَدُّونَ رِدَّتَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا ‌حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [الْبَقَرَةِ:109]؛ «أَيْ: يَتَمَنَّوْنَ ارْتِدَادَكُمْ حَسَدًا»، وَمِنْ شِدَّةِ حَسَدِهِمْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَدَمُ رِضَاهُمْ عَنْهُمْ حَتَّى يَتَّبِعُوهُمْ فِي أَدْيَانِهِمُ الْمُحَرَّفَةِ، أَوْ أَفْكَارِهِمُ الْمَادِّيَّةِ الْإِلْحَادِيَّةِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى ‌تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ:120]؛ وَلِذَا يَسْعَوْنَ بِكُلِّ مَا أُوتُوا مِنْ قُوَّةٍ لِنَشْرِ الِانْحِرَافِ الْفِكْرِيِّ، وَالْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا سِيَّمَا فِي أَوْسَاطِ الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ؛ حَسَدًا لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَنَبِيِّهِمْ.

 

وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْحَسَدَ فِي الْيَهُودِ مُتَأَصِّلٌ فِي قُلُوبِهِمْ؛ حَتَّى كَانَ مِنْ سَجَايَاهُمْ فَقَالَ: «إِنَّ ‌الْيَهُودَ ‌قَوْمٌ ‌حُسَّدٌ، وَهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى السَّلَامِ، وَعَلَى آمِينَ» صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «إِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي ‌هَدَانَا ‌اللَّهُ ‌لَهَا ‌وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي ‌هَدَانَا ‌اللَّهُ ‌لَهَا ‌وَضَلُّوا عَنْهَا...».

 

وَحَسَدُهُمْ وَكَرَاهِيَتُهُمْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ جَعَلَتْهُمْ أَشَدَّ أَعْدَائِهِمْ عَلَى مَرِّ الْأَزْمَانِ، وَهُوَ عَدَاءٌ أَعْلَنَهُ رُؤَسَاؤُهُمْ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ أَيْقَنُوا فِيهَا بِصِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَهُ نَبِيًّا وَرَسُولًا، فَأَعْلَنُوا عَدَاوَتَهُ حَسَدًا وَغَلًّا وَبَغْيًا؛ كَمَا رَوَى ابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ النّبَوِيَّةِ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ -وَأَبُوهَا كَانَ رَأْسَ يَهُودِ بَنِي النّضِيرِ- قَالَتْ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَنَزَلَ قُبَاءَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ غَدَا عَلَيْهِ أَبِي حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَعَمِّي أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ، مُغَلِّسَيْنِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَرْجِعَا حَتَّى كَانَا مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. قَالَتْ: فَأَتَيَا كَالَّيْنِ كَسْلَانَيْنِ سَاقِطَيْنِ يَمْشِيَانِ الْهُوَيْنَى، قَالَتْ: فَهَشِشْتُ إِلَيْهِمَا كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ، فَوَاللَّهِ مَا الْتَفَتَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، مَعَ مَا بِهِمَا مِنَ الْغَمِّ. قَالَتْ: وَسَمِعْتُ عَمِّي أَبَا يَاسِرٍ وَهُوَ يَقُولُ لِأَبِي: أَهُوَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، قَالَ: أَتَعْرِفُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فِي نَفْسِكَ مِنْهُ؟ قَالَ: ‌عَدَاوَتُهُ ‌وَاللَّهِ ‌مَا ‌بَقِيتُ»، وَظَلَّ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ يُعَادِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُؤَلِّبُ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ، وَيَحِيكُ الْمُؤَامَرَاتِ ضِدَّهُ، وَيُحَاوِلُ اغْتِيَالَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ لَعَلَّهُ يَظْفَرُ بِهِ، وَيَظْهَرُ عَلَيْهِ؛ حَتَّى قُبِضَ عَلَيْهِ فِي أَسْرَى بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئَ بِهِ لِلْقَتْلِ، فَلَمْ يَنْدَمْ عَلَى عَدَاوَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ بَقِيَ مُصِرًّا عَلَيْهَا إِلَى أَنْ قُتِلَ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ: «أَلَمْ يُمَكِّنِ اللَّهُ مِنْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؟ قَالَ حُيَيٌّ: بَلَى وَاللَّهِ، مَا لُمْتُ نَفْسِي فِي عَدَاوَتِكَ، وَلَقَدِ الْتَمَسْتُ الْعِزَّ فِي مَكَانِهِ وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُمَكِّنَكَ مِنِّي، وَلَقَدْ قَلْقَلْتُ كُلَّ مُقَلْقَلٍ، وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهُ يُخْذَلْ. ثُمّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا بَأْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ! قَدَرٌ وَكِتَابٌ، مَلْحَمَةٌ كُتِبَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ! ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَضُرِبَ عُنُقُهُ».

 

فَنَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ، وَمِنْ مُعَادَاةِ رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَنَسْأَلُهُ حُسْنَ الِانْقِيَادِ وَالِاتِّبَاعِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:223].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْعَدَاءُ الَّذِي سَبَبُهُ الْحَسَدُ لَا يَزُولُ مِنَ الْقَلْبِ حَتَّى يَزُولَ الْحَسَدُ؛ فَهُوَ مُتَأَصِّلٌ فِي الْقَلْبِ، مُتَمَكِّنٌ مِنَ النَّفْسِ، وَهُوَ حَسَدُ أَهْلِ الْكِتَابِ -وَخَاصَّةً الْيَهُودَ- لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ ‌لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [الْمَائِدَةِ:82]، فَأَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَاوَتَهُمْ بِلَامِ الْقَسَمِ، وَبِنُونِ التَّوْكِيدِ، وَبِاسْمِ التَّفْضِيلِ (أَشَدَّ)، وَقَدَّمَهُمْ فِي الْعَدَاوَةِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، مَعَ شِدَّةِ عَدَاوَةِ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَكُلُّ هَذِهِ مُؤَكِّدَاتٌ لِبَقَاءِ عَدَاوَتِهِمْ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، فَلَا تَزُولُ إِلَّا بِتَرْكِهِمْ لِدِينِهِمُ الْمُحَرَّفِ، وَأَفْكَارِهِمُ الَّتِي تَنْضَحُ بِالْعُلُوِّ عَلَى النَّاسِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُنَا بِشِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ لِلْحَذَرِ مِنْهُمْ، وَاتِّقَاءِ شَرِّهِمْ، وَعَدَمِ الثِّقَةِ بِهِمْ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَالِقُ الْبَشَرِ وَأَعْلَمُ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَدْرَى بِطَبَائِعِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ، ثُمَّ كَانَتْ حَوَادِثُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَحْدَاثُ التَّارِيخِ بَعْدَ ذَلِكَ دَالَّةً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ إِذْ خَانُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ، وَمَالَئُوا أَعْدَاءَهُمْ عَلَيْهِمْ.

 

وَفِيمَا عِشْنَا مِنْ سَنَوَاتٍ رَأَيْنَا فِي حُرُوبِ الْيَهُودِ مَعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ شِدَّةَ عَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ فَلَا يَرْحَمُونَ شَيْخًا كَبِيرًا، وَلَا طِفْلًا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً ضَعِيفَةً؛ بَلْ يُبِيدُونَ الْجَمِيعَ، وَيُحَرِّقُونَهُمْ، وَيَهْدِمُونَ دُورَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ دِينِهِمْ، دَلَّتْ عَلَيْهِ كُتُبُهُمْ، وَنَطَقَ بِهِ أَحْبَارُهُمْ؛ فَهُمْ يَتَعَبَّدُونَ بِشِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَبِعَدَمِ رَحْمَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ طِفْلًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ شَيْخًا هَرِمًا.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوهِنَ قُوَّتَهُمْ، وَأَنْ يُزِيلَ دَوْلَتَهُمْ، وَأَنْ يُدِيلَ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليهود في القرآن الكريم (1) كثرة ذكر اليهود في القرآن.. لماذا؟
  • اليهود في القرآن الكريم (2) عداوتهم لله تعالى ولأوليائه
  • اليهود في القرآن الكريم (3) الكفر والعصيان والاستكبار
  • اليهود في القرآن الكريم (4) نقض العهود والمواثيق
  • اليهود في القرآن الكريم (6) قسوة القلوب
  • اليهود في القرآن الكريم (7) {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}
  • اليهود في القرآن الكريم (8) شدة تفرقهم واختلافهم
  • اليهود في القرآن الكريم (9) كبرهم وعلوهم على غيرهم

مختارات من الشبكة

  • صفات اليهود في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليهود والعالم والمال(محاضرة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • شرح حديث: لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • لن تضيع القدس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطاب القرآن الكريم عن اليهود - دراسة نصية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • حق اليهود التاريخي في فلسطين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عداوة اليهود للإنسانية عامة وللمؤمنين خاصة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (3)(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 0:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب