• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكنوز العشرة الثمينة لكسب الأجور العظيمة (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    السؤال التعليمي في السنة النبوية: مفهومه وأهميته ...
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الرابع
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة (من قول المؤلف: ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف تحفظ القرآن بإتقان: دليل عملي مبني على تجارب ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحكام الغيبة في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    الضحك والبكاء في الكتاب والسنة
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    سياحة ثقافية في مدن سعودية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الهدايات المختصرة (PDF)
    د. محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله
  •  
    السرف والبطر.. فقد العلماء
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الصدق السياسي في الهدي النبوي: تجلّيات المنهج ...
    حسام وليد السامرائي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

عاشوراء صبر وشكر (خطبة)

عاشوراء صبر وشكر (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/7/2023 ميلادي - 13/1/1445 هجري

الزيارات: 6191

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عاشوراء صبر وشكر

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ، وَاصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ أَنتُمُ اليَومَ صَائِمُونَ، وَصَومُكُم هَذَا شُكرٌ مِنكُم للهِ، وَقَبلَكُم صَامَ إِمَامُ الشَّاكِرِينَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَمِن قَبلِهِ صَامَ مُوسَى عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، في يَومٍ مِن أَيَّامِ اللهِ العَظِيمَةِ، نَصَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ وَمَن مَعَهُ مِنَ المُؤمِنِينَ، وَأَهلَكَ فِرعَونَ وَمَن تَبِعَهُ مِنَ المُجرِمِينَ، فَكَانَ هَذَا اليَومُ آيَةً وَعِبرَةً، آيَةٌ لأَهلِ الإِيمَانِ وَالإِحسَانِ لِئَلا يَيأَسُوا وَلا يَقنَطُوا، وَعِبرَةٌ لأَهلِ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ لِئَلاَّ يَتَكَبَّرُوا وَيَطغَوا؛ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ: "مَا هَذَا اليَومُ الَّذِي تَصُومُونَ؟! "فَقَالُوا: هَذَا يَومٌ عَظِيمٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَومَهُ، وَأَغرَقَ فِرعَونَ وَقَومَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا فَنَحنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "نَحنُ أَحَقُّ وَأَولى بِمُوسَى مِنكُم"، فَصَامَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَ فِرعَونُ مَثَلًا لِلكُفرِ وَالظُّلمِ وَالبَغيِ، وَرَمزًا لِلطُّغيَانِ وَالفَسَادِ وَالإِفسَادِ، تَكَبَّرَ وَتَجَبَّرَ وَعَلا، وَأَعلَنَ لِلنَّاسِ كَذِبًا وَزُورًا أَنَّهُ رَبُّهُمُ الأَعلَى؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 21 - 24]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4]، وَلم يَكتَفِ المُجرِمُ الأَفَّاكُ بِذَلِكَ وَلم يَقِفْ عِندَهُ، بَل تَجَاوَزَ حَتى أَلزَمَ النَّاسَ بِمَا يَرَاهُ، وَأَرغَمَهُم عَلَى قَبُولِ ضَلالِهِ وَعَمَاهُ، فَقَالَ: ﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر: 29]، وَعِندَمَا أَرسَلَ اللهُ إِلَيهِ نَبِيَّهُ مُوسَى لِيَدُلَّهُ عَلَى اللهِ وَيُذَكِّرَهُ بِأَيَّامِهِ وَيَدعُوَهُ لِلإِسلامِ وَالإِيمَانِ، لم يَزِدْهُ ذَلِكَ إِلاَّ طُغيَانًا كَبِيرًا، وَسَامَ المُؤمِنِينَ سُوءَ العَذَابِ، قَالَ: ﴿ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾ [الأعراف: 127]، وَمِن حِكمَةِ اللهِ تَعَالى أَنَّهُ أَمهَلَهُ وَلم يُعَاجِلْهُ، وَأَرَاهُ مِنَ الآيَاتِ مَا عَلَى مِثلِهِ يُؤمِنُ كُلُّ مَن كَانَ لَهُ قَلبٌ وَسَمعٌ وَعَقلٌ.

 

نَعَم أَيُّهَا المُؤمِنُونَ، لَقَد أَمهَلَهُ تَعَالى لَكِنَّهُ لم يُهمِلْهُ، وَتَرَكَهُ وَلَكِنَّهُ لم يَنسَهُ، بَل أَجَّلَهُ لِحِكَمٍ يَعلَمُهَا سُبحَانَهُ، فَصَالَ وَجَالَ وَظَلَمَ، وَبَغَى وَسَيطَرَ وَتَحَكَّمَ، وَاعتَدَى وَقَتَلَ وَأَهلَكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ؛ لِيَأخُذَهُ اللهُ بَعدَ ذَلِكَ أَخذًا شَدِيدًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ لَيُملي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَم يُفلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَفي اللَّيلَةِ المَوعُودَةِ أَمَرَ اللهُ تَعَالى نَبِيَّهُ مُوسَى أَن يَسرِيَ بِقَومِهِ فِرَارًا بِدِينِهِم إِلى مَكَانٍ يَستَطِيعُونَ فِيهِ أَن يُظهِرُوهُ وَيَعبُدُوا رَبَّهُم، فَخَرَجَ بِهِم لَيلًا إِلى الأَرضِ المُقَدَّسَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ فِرعَونَ، أَبى لِكِبرِهِ وَطُغيَانِهِ أَن يَترُكَهُم وَشَأنَهُم، وَمَنَعَهُ اغتِرَارُهُ بِقُوَّتِهِ وَجَبَرُوتِهِ أَن يُخَلِّيَ بَينَهُم وَبَينَ عِبَادَةِ رَبِّهِم، وَعَزَمَ عَلَى أَن يَقضِيَ عَلَيهِم وَيُبِيدَهُم، وَقَالَ: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُون ﴾ [الشعراء: 54 - 56]، فَأَتبَعَ القَومَ بِجُنُودِهِ وَأَدرَكَهُم عِندَ شَاطِئِ البَحرِ، فَلَمَّا رَآهُ قَومُ مُوسَى بَلَغَ الخَوفُ بِهِم مَدَاهُ، إِذِ البَحرُ مِن أَمَامِهِم، وَفِرعَونُ وَقَومُهُ مِن وَرَائِهِم، فَأَيقَنُوا بِالهَلاكِ، وَقَالُوا لِمُوسَى إِنَّا لَمُدرَكُونَ، فَقَالَ نَبيُّ اللهِ مُوسَى قَولَةَ الوَاثِقِ بِرَبِّهِ وَنَصرِهِ وَتَأيِيدِهِ: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، وَلم تَتَأَخَّرِ الإِجَابَةُ كَثِيرًا، فَكَانَ الأَمرُ أَنِ ﴿ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْر ﴾ [الشعراء: 63]، وَمَاذَا يُغني ضَربُ رَجُلٍ لِلبَحرِ بِعَصَاهُ، لَكِنَّهُ الأَخذُ بِالسَّبَبِ، فَضَرَبَ مُوسَى البَحرَ فَانفَلَقَ، فَكَانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظِيمِ: ﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ﴾ [الشعراء: 64، 65].

 

أَنجَى اللهُ مُوسَى وَقَومَهُ، وَأَغرَقَ فِرعَونَ وَحِزبَهُ، وَقَالَ تَعَالى لِفِرعَونَ: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ [يونس: 92]، فَيَمُوتُ فِرعَونُ وَتَطفُو جُثَّتُهُ عَلَى المَاءِ؛ لِتَظَلَّ عِبرَةً لِكُلِّ مَن بَعدَهُ إِلى أَن يَشَاءَ اللهُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالى: ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 39، 40].

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهَا عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وَلِلكَافِرِينَ أَمثَالُهَا، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ؛ فَلَيسَ فِرعَونُ وَحدَهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَصِيرُهُ بِقَدرِ ظُلمِهِ، وَلَيسَ مُوسَى وَقَومُهُ هُمُ الوَحِيدِينَ الَّذِينَ يُمَكَّنُونَ بَعدَ طَردٍ وَتَشرِيدٍ، بَل إِنَّ مَعرَكَةَ الحَقِّ مَعَ البَاطِلِ مُستَمِرَّةٌ مُمتَدَّةٌ، وَمَا قِصَّةُ مُوسَى وَفِرعَونَ إِلاَّ مِثَالٌ لِهَذِهِ المَعرَكَةِ، وَمَوكِبُ الحَقِّ عَلَى امتِدَادِ الزَّمَانِ يُوَاجِهُ الضَّلالَ وَالطُّغيَانَ، وَيُجَابِهُ البَغيَ وَالتَّهدِيدَ وَالتَّشرِيدَ، وَالمُؤمِنُونَ وَإِن كَانُوا يَعِيشُونَ مضطَهَدِينَ في أَغلَبِ الأَحيَانِ وَفي أَكثَرِ البُلدَانِ، وَتَتَحَكَّمُ فِيهِم قُوَى الشَّرِّ وَيَتَكَالَبُ عَلَيهِم أَعدَاءُ للهِ وَأَعدَاءُ دِينِهِ وَيَسُومُونَهُم سُوءَ العَذَابِ، حَتى يَكُونَ حَالُهُم وَلِسَانُ مَقَالِهِم في أَكثَرِ الأَحيَانِ: ﴿ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 214]؟! إِلاَّ أَنَّهُم مَعَ هَذَا كُلِّهِ سَيُنصَرُونَ، وَسَيَمُنُّ اللهُ عَلَيهِم بِالتَّمكِينِ كَمَا مَنَّ عَلَى مُوسَى وَقَومِهِ وَمَكَّنَهُم في أَرضٍ استُعبِدُوا فِيهَا وأُهِينُوا وعُذِّبُوا: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5- 6].

 

وَمَا عَاشُورَاءَ إِلاَّ ذِكرَى بِأَنَّ نَصرَ اللهِ قَرِيبٌ، وَأَنَّهُ تَعَالى مَعَ المُؤمِنِينَ يَسمَعُ وَيَرَى، وَيَعلَمُ حَالَهُم سِرًّا وَجَهرًا، وَكَمَا كَانَ مَعَ مُوسَى وَقَومِهِ في زَمَانِ فِرعَونَ، فَهُوَ مَعَ المُؤمِنِينَ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، وَمَهمَا كَانَت قُوَّةُ الجَبَابِرَةِ، فَلا بُدَّ لِلحَقِّ أَن يَظهَرَ مَهمَا استُضعِفَ أَنصَارُهُ وَأُهِينُوا، وَلا بُدَّ لِلبَاطِلِ أَن يَزهَقَ مَهمَا بَلَغَت قُوَّتُهُ وَبَطشُهُ: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]، وَإِذَا زَهَقَ البَاطِلُ تَمَّت نِعمَةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَكَانَ وَاجِبًا عَلَيهِمُ الشُّكرُ للهِ عَلَى نِعمَتِهِ، وَحَمدُهُ عَلَى لُطفِهِ وَحِكمَتِهِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 45].

 

وَمِن هُنَا كَانَ صِيَامُ نَبيِّ اللهِ مُوسَى لِهَذَا اليَومِ شُكرًا للهِ عَلَى إِنجَائِهِ وَقَومِهِ وَإِهلاكِ فِرعَونَ وَقَومِهِ، فَلْنَحمَدِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ عَلَى تَوفِيقِهِ لِعِبَادِهِ بِصِيَامِ هَذَا اليَومِ شُكرًا، وَلْنَحذَرْ مِن أَن يُدَاخِلَنَا شَكٌّ في نَصرِ اللهِ لِعِبَادِهِ، ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران: 137].

 

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 26 - 28].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ الصَّائِمُونَ في هَذَا اليَومِ العَظِيمِ شُكرًا للهِ، هَنِيئًا لَكُم تَوفِيقُ اللهِ لَكُم لِشُكرِهِ وَذِكرِهِ، فَالشُّكرُ سَبَبٌ لِرِضَا اللهِ عَن عِبَادِهِ، وَأَمَانٌ لَهُم مِن عَذَابِهِ وَمَقتِهِ، وَسَبَبٌ لِزِيَادَةِ النِّعَمِ وَحُلُولِ البَرَكَةِ فِيهَا، وَهُوَ سَبِيلٌ لِنَيلِ الأَجرِ الجَزِيلِ في الآخِرَةِ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُم ﴾ [النساء: 147]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

 

وَأَخِيرًا فَإِنَّ الشُّكرَ عِندَ السَّرَّاءِ، وَالصَّبرَ عِندَ الضَّرَّاءِ، مِن صِفَاتِ النَّبِيِّينَ وَأَتبَاعِهِم مِنَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَامَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَصنَعُ هَذَا وَقَد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكِ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ: "أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا"، وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن صُهَيبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "عَجَبًا لأَمرِ المُؤمِنِ إِنَّ أَمرَهُ كُلَّهُ خَيرٌ، وَلَيسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلمُؤمِنِ، إِن أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِن أَصَابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ".

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عاشوراء رحلة من الألم إلى الأمل (خطبة)
  • عاشوراء ومخالفة اليهود والمبتدعة (خطبة)
  • عاشوراء.. ذكرى للمؤمنين
  • عاشوراء وعاقبة المتقين
  • عاشوراء وقصة موسى عليه السلام مع فرعون (خطبة)
  • وقفات مع شهر الله المحرم ويوم عاشوراء (خطبة)
  • خطبة: عاشوراء

مختارات من الشبكة

  • عاشوراء: فضل ودروس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان وانتصار التوحيد على الباطل الرعديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من وحي عاشوراء (الطغاة قواسم مشتركة، ومنهجية متطابقة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: وقفة شرعية (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • أنواع الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام عاشوراء وتعريفه(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/4/1447هـ - الساعة: 10:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب