• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    محمد نور حكي علي
  •  
    النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بكثرة الصلاة عليه ...
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: اعلم أرشدك الله لطاعته ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    التطبيقات النحوية على متن الآجرومية (PDF)
    خلدون عبدالقادر حسين ربابعة
  •  
    البرهان في تجويد القرآن ومعه رسالة في فضل القرآن ...
    جابر بن عبدالسلام المصعبي
  •  
    فتح الأغلاق شرح قصيدة الأخلاق (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    تدبر سورة العصر (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
  •  
    الإيمان والأمن من خلال القرآن
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    خمسون حكمة في مواجهة الغلو (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    كيفية الصلاة على الميت: فضلها والأدعية المشروعة ...
    اللجنة العلمية بالقسم النسائي بأم الجود
  •  
    فتح الرحيم الغفار في جوامع الأدعية والأذكار (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    الملائكة تصلي على من يصلي على النبي صلى الله عليه ...
    جمعية مشكاة النبوة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الجزاء على السوء بالمثل (خطبة)

الجزاء على السوء بالمثل (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/7/2023 ميلادي - 9/1/1445 هجري

الزيارات: 15241

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجزاء على السوء بالمثل


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، الْقَوِيِّ الْجَبَّارِ؛ ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ*وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 14-15]، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَحِيمٌ رَحْمَانٌ، شَدِيدُ الْعِقَابِ، عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجَانِبُوا سُخْطَهُ فَلَا تَعْصُوهُ، وَابْذُلُوا الْمَعْرُوفَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْنَعُوهُ؛ ﴿ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الْحَجِّ: 77].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: كُلُّ إِنْسَانٍ مُرْتَهَنٍ بِعَمَلِهِ؛ فَمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا كَانَتْ لَهُ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالْفَوْزُ الْأَكْبَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَفَرَ وَعَمِلَ السُّوءَ ارْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ ﴿ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ﴾ [الرُّومِ: 44]، ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى*وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى*ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النَّجْمِ: 39-41].

 

وَبَعْضُ النَّاسِ يَعْمَلُ لِدُنْيَاهُ فَقَطْ؛ فَيُسِيءُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَيُسِيءُ مُعَامَلَةَ خَلْقِهِ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ يَنْجُو بِذَلِكَ. وَالنُّصُوصُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ يُجَازَى بِسُوءِ مَا عَمِلَ، وَقَدْ يَأْتِيهِ جَزَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ يُؤَخَّرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ؛ ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 123].

 

وَاللَّهُ تَعَالَى يُعَامِلُ الْمُنَافِقِينَ بِمِثْلِ مَا عَامَلُوا بِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّهُمْ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَأَبْطَنُوا الْكُفْرَ؛ خِدَاعًا لِلْمُؤْمِنِينَ، فَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْمُخَادَعَةَ مِنْهُمْ مُخَادَعَةً لَهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 142]، وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ خِدَاعَهُمْ يَرْتَدُّ عَلَيْهِمْ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُهُمْ مُخَادَعَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلِيمٌ بِحَقِيقَتِهِمْ، مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ؛ ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 8-10]، فَارْتَدَّ عَلَيْهِمْ خِدَاعُهُمْ، وَزَادَ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَهُمْ مَرَضًا إِلَى مَرَضِهَا بِالنِّفَاقِ. وَلَمَّا كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ جَازَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ؛ ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 14-15] «فَاللَّهُ تَعَالَى يَسْتَهْزِئُ بِهِمُ الِاسْتِهْزَاءَ الْأَبْلَغَ الَّذِي لَيْسَ اسْتِهْزَاؤُهُمْ إِلَيْهِ بِاسْتِهْزَاءٍ؛ لِمَا يَنْزِلُ بِهِمْ مِنَ النَّكَالِ وَالذُّلِّ وَالْهَوَانِ»، «وَمِنَ اسْتِهْزَائِهِ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَنَّهُ يُعْطِيهِمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ نُورًا ظَاهِرًا، فَإِذَا مَشَى الْمُؤْمِنُونَ بِنُورِهِمْ، طُفِئَ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، وَبَقُوا فِي الظُّلْمَةِ بَعْدَ النُّورِ مُتَحَيِّرِينَ». وَكُلُّ سُخْرِيَةٍ مِنْهُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا مُرْتَدَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 79].

 

وَالْمُنَافِقُونَ كَذَلِكَ ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 67]؛ أَيْ: تَرَكُوا أَمْرَهُ، وَأَغْفَلُوا ذِكْرَهُ، فَتَرَكَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ؛ وَلِذَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْمُنَافِقِينَ فِي إِهْمَالِ دِينِهِ، وَالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الْحَشْرِ: 19]، وَمَنْ أَنْسَاهُ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ ضَاعَتْ مَصَالِحُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

وَمَنْ مَكَرَ بِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى فَاتَّخَذَهُ وَسِيلَةً لِجَمْعِ الدُّنْيَا، وَمَكَرَ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ؛ ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ*فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النَّمْلِ: 50-51]، ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 54]، ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فَاطِرٍ: 10].

 

وَكُلُّ مَنْ زَاغَ عَنِ الْحَقِّ أَزَاغَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَنْ صَرَفَ قَلْبَهُ عَنْ آيَاتِهِ صَرَفَ اللَّهُ قَلْبَهُ عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى أَعْرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ؛ ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصَّفِّ: 5]، ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 127]، ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 115]؛ أَيْ: «مَنْ يُخَالِفِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِ مَا ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ، وَيَسْلُكْ طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، نَتْرُكْهُ وَمَا تُوَجَّهُ إِلَيْهِ، فَلَا نُوَفِّقُهُ لِلْخَيْرِ»، ﴿ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾. وَمَرَّ ثَلَاثَةٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَجَلَسَ اثْنَانِ وَأَعْرَضَ الثَّالِثُ فَفَارَقَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: «وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَيُجَازَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِعْرَاضِهِ بِالْعَمَى وَالْإِهْمَالِ؛ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124-126].

 

وَكُلُّ مَا يَعْمَلُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ عَمَلٍ قَبِيحٍ فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا دِينَهُ وَلَا أَوْلِيَاءَهُ شَيْئًا؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 111]، ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 120]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 105]. بَلْ إِنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْقَبِيحَ يَرْتَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَقَدْ يُصَابُ فِي الدُّنْيَا بِبَعْضِ ذُنُوبِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَذْكُورٌ بِكَثَافَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِيَعِيَهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ؛ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 123]، ﴿ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [يُونُسَ: 23]، وَمَكْرُهُمْ عَائِدٌ عَلَيْهِمْ لَا مَحَالَةَ؛ ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فَاطِرٍ: 43]. ﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [الْفَتْحِ: 10]؛ وَلِذَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْنَدَ كُلَّ مَا يُصِيبُ الْعِبَادَ مِنَ الْمَصَائِبِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ، بِسَبَبِ عِصْيَانِهِمْ؛ ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 165]، ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الرُّومِ: 41]، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشُّورَى: 30].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِلْحَقِّ، وَالثَّبَاتَ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ثَمَّةَ ذُنُوبٌ يُجَازَى الْعَبْدُ عَلَى ارْتِكَابِهَا فِي الدُّنْيَا بِحِرْمَانِهَا فِي الْآخِرَةِ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَلُبْسِ الْحَرِيرِ، وَلُبْسِ الذَّهَبِ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْآخِرَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي، فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي، فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَالْمُتَكَبِّرُ عَلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا يُعَامَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَيُجَازَى بِالذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَالْهَوَانِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ، طِينَةَ الْخَبَالِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

 

وَإِذَا وَضَعَ الْعَبْدُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ هَذِهِ النُّصُوصَ، وَأَيْقَنَ أَنَّ أَيَّ سُوءٍ يَفْعَلُهُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَرْتَدُّ عَلَيْهِ؛ فَيُصَابُ بِهِ فِي الدُّنْيَا أَوْ يُؤَجَّلُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَرَأَى ذَلِكَ رَأْيَ الْعَيْنِ فِي الْمُعْرِضِينَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، الصَّادِّينَ عَنْهُ، الْمُحَارِبِينَ لَهُ؛ زَادَهُ ذَلِكَ إِيمَانًا وَيَقِينًا وَتَمَسُّكًا بِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَافَ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ سُبْحَانَهُ، أَوِ الْوُقُوعِ فِي نَهْيِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَإِذَا زَلَّتْ بِهِ الْقَدَمُ فَوَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ بَادَرَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. كَمَا أَنَّ عِلْمَ الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ يُرِيحُ قَلْبَهُ، وَيَشْرَحُ صَدْرَهُ؛ لِيَقِينِهِ أَنَّ مَكْرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مُرْتَدٌّ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى: ﴿ أَسْرَعُ مَكْرًا ﴾ [يُونُسَ: 21]، ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 46].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: الجزاء من جنس العمل
  • الجزاء من جنس العمل
  • لفظ "الجزاء" في القرآن
  • الإيمان بالحساب والجزاء في الآخرة
  • الإيمان بالجزاء والعقاب يوم القيامة وأثره في بناء الإنسان: خاطرة عابرة

مختارات من الشبكة

  • صلة السنة بالكتاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجزاء في الدنيا ليس شاملا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاقة الجزاء بالمسؤولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احترام العلماء وتوقيرهم: الجزاء من جنس العمل (أهل الحديث أنموذجا) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الجزاء من جنس القول والعمل كما تدين تدان، وكما تزرع تحصد، والله لك كما تكون لخلقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في أن الجزاء من جنس العمل وأسباب شرح الصدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجزاء من جنس العمل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجزاء الدنيوي والأخروي في الشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجزاء المترتب على أداء السنن الرواتب(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الجزاء من جنس العمل(مادة مرئية - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/1/1447هـ - الساعة: 11:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب