الدرر القصار في بيان أحكام العمرة باختصار (PDF)

الدرر القصار

في بيان أحكام العمرة باختصار

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد:

فقد طلب مني بعض الأحبة الذين لا أستطيع أن أرد طلبهم أن أكتب له ولغيره نبذة مختصرة عن أحكام العمرة خلاصة لكلام أهل العلم المتقدمين والمتأخرين وخاصة سماحة الشيخ ابن باز وابن عثيمين، ومن ثم تكون تعليماً للمبتدي، وتذكيراً للمنتهي، فأجبته إلى سؤاله مبتغياً بذلك الأجر والثواب من الله الملك الوهاب، وقد تمثلت قول القائل:

سألني إياه من لابد لي من امتثال سؤله الممتثل

وقد رتبتها للقارئ الكريم في العناصر الآتية:

1- الإخلاص لله تبارك وتعالى ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء العمرة حتى تكون صحيحة ويرجى قبولها عند الله تبارك وتعالى.

2- الاغتسال والتنظف، والتطيب قبل لبس ثياب الإحرام وأما بعد الدخول في النسك فيحظر ذلك.

3- يلبس الرجل ملابس الإحرام وهي عبارة عن إزار ورداء ويستحب أن يكونا أبيضين ولا يلبس المخيط، وبالنسبة للمرأة فإنها ترتدي الملابس العادية التي ليس فيها زينة ولا شهرة، ولا يشترط اللون الأبيض في ملابسها التي تحرم بها.

4- يذهب إلى الميقات، ويصلي الفريضة إن كان في وقت فريضة من الفرائض، فإن لم يكن فإنه يصلي ركعتي سنة الوضوء، وبعد ذلك ينوي بقلبه الدخول في العمرة ويتلفظ بلسانه يقول: (لبيك عمرة) أو (اللهم لبيك عمرة).

5- وبعد نية الإحرام فإنه لا يغطي وجهه ولا رأسه بملاصق كالطاقية والغترة والعمامة ولا يقص أظافره، ويجتنب عقد النكاح والجماع وكذلك صيد البر، ويباح له لبس النظارة والتظلل بالشمسية ونحوها، وكذلك ربط إزاره بخيط أو بالحزام، وبالنسبة للمرأة فإنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين وإنما تغطي وجهها بالخمار أمام الرجال الأجانب عنها.

6- ويلبي بعد النية بالدخول في العمرة وحده ولا يلبي جماعة فإن ذلك بدعة، وصيغة التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) يرفع بها صوته، ويستحب للمرأة خفض صوتها بحيث تتكلم بمقدار أن تسمع من بجوارها فقط.

7- فإذا وصل المسجد الحرام فإنه يدخل برجله اليمنى ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من  الشيطان الرجيم، اللهم افتح  لي أبواب رحمتك.

8- وبعد الدخول في المسجد ورؤية الكعبة فإنه يقطع التلبية ويتوجه إلى الحجر الأسود ويستلمه باليد اليمنى ويقبله إن تيسر ذلك، فإن لم يتيسر فبالإشارة إليه ويقول: (بسم الله والله أكبر) يفعل ذلك في بداية كل شوط من أشواط الطواف السبعة، ولا ينبغي أن يزاحم على الحجر الأسود فيؤذي الناس بذلك، ولا يعتقد النفع والضر في الحجر الأسود. وكذلك يستلم بيده الركن اليماني ولكن لا يكبر ولا يقبله، فإن لم يتيسر له فلا يشير إليه ولا يقول شيئاً لأنه لم يثبت ذلك في السنة.

9- ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود وينتهي به؛ فيطوف بالبيت سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يساره، ويرمل الرجل في الثلاثة الأولى منها أي يسرع في المشي مع مقاربة الخُطا، وأما المرأة فتمشي مشيتها الطبيعية، وكلما كان بين الركنين -الركن اليماني والحجر الأسود- فإنه يقول: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]. ويستحب للرجل أن يضطبع في الطواف وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، فإذا انتهى من الطواف أعاده إلى حالته قبل الطواف، وليس في السنة دعاء مخصوص لكل شوط كما أحدثه بعض الناس اليوم وإنما يكثر من ذكر الله والدعاء بما شاء من الخير.

10- فإذا انتهى من الطواف فإنه يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم -عليه السلام- ويستحب أن يقرأ فيهما بسورة (الكافرون والإخلاص) وإذا قرأ بغيرهما فلا بأس، ويستحب له أن يشرب من ماء زمزم بعد ذلك.

11- ثم يتوجه للسعي بين الصفا والمروة سبع مرات، يخرج إلى الصفا فيرقاه أو يقف عنده والرقي أفضل ويقرأ عند الشوط الأول فقط ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 158] ويرتقي عليه حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويكبر ثلاثًا: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر). ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير). (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ويدعو بما تيسر له، يكرر ذلك ثلاث مرات. فإذا وصل منطقة العلمين الأخضرين فإنه يسرع وأما المرأة فلا، فإذا وصل المروة فعل مثل ذلك غير أنه لا يقرأ الآية السابقة ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ... ﴾ لأنها تقرأ عند الشوط الأول فقط على الصفا كما تقدم، يفعل ذلك سبع مرات، ذهابه شوط ورجوعه شوط آخر، ومن الخطأ اعتقاد البعض أن الصفا لها سبعة أشواط والمروة لها سبعة أخرى.

12- فإذا انتهى من السعي بين الصفا والمروة فإنه يحلق رأسه أو يقصر شعره على أن يعم التقصير كل الرأس، والحلق أفضل وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة واحدة، وأما المرأة فتجمع شعرها وتقص منه قدر أنملة أي بمقدار رأس الإصبع، فإذا فعل ذلك فإنه يكون قد انتهى من أداء العمرة.

وأخيراً: فليحرص المرء على الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي لما في ذلك من الأجر الكبير، إذ الصلاة في المسجد الحرام خير من مائة ألف صلاة فيما سواه والصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ويحرص على الصلاة في مسجد قباء ولو ركعتين كان له بذلك كأجر عمرة هكذا صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويحرص أيضاً على الاستفادة من حلقات العلم الشرعي لجملة من العلماء والشيوخ.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

وكتبه

أبو عبد الله

وائل بن على بن أحمد آل عبد الجليل الأثري

الثلاثاء: 1/ جمادى الآخر/ 1435هـ

1/ أبريل / 2014م

alsalafy1433@hotmail.com