• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة (من قول المؤلف: ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف تحفظ القرآن بإتقان: دليل عملي مبني على تجارب ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحكام الغيبة في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    الضحك والبكاء في الكتاب والسنة
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    سياحة ثقافية في مدن سعودية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الهدايات المختصرة (PDF)
    د. محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله
  •  
    السرف والبطر.. فقد العلماء
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الصدق السياسي في الهدي النبوي: تجلّيات المنهج ...
    حسام وليد السامرائي
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية -آداب الجنائز ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من أساليب القرآن البلاغية (PDF)
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

خطبة: آداب الدخول المدرسي (2)

خطبة: آداب الدخول المدرسي (2)
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/9/2022 ميلادي - 1/3/1444 هجري

الزيارات: 21379

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخُطَبُ المُتَسَلسِلَةُ حَولَ الدُّخُولِ المَدرَسِيِّ

3- آدَابُ الدُّخُولِ اَلْمَدرَسِيِّ (2)

 

اَلْخُطْبَة اَلْأُولَى:

إنَّ الْحَمدَ لِلَّه، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونسْتَغفِرهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أنفسِنَا وَمَن سَيِّئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضلِلْ فلاَ هَاديَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نَحمَدُكَ رَبَّنَا عَلَى مَا أنعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمِكَ العَظيمَةِ، وآلائِكَ الجَسِيمَةِ؛ حَيثُ أرْسَلتَ إلَيْنَا أفضَلَ رُسُلِكَ، وأنزَلْتَ عَلينَا خَيرَ كُتبِكَ، وشَرَعْتَ لَنَا أفضَلَ شَرائِع دِينِكَ، فَاللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ حتَّى تَرْضَى، ولَكَ الْحَمْدُ إذَا رَضِيتَ، ولَكَ الحَمْدُ بَعدَ الرِّضَا؛ أَمَّا بَعدُ أيُّهَا الإخوَةُ المُؤمِنُونَ:

فقد سَبَقَ أَنْ تحدثنا فِي الْخُطْبَةِ الْمَاضِيَةِ عَنْ بَعْضِ آدَابِ اَلدِّرَاسَةِ وَاسْتِقْبَالِ اَلْعَامِ اَلدِّرَاسِيِّ اَلْجَدِيدِ، وَرَأَيْنَا أَدَبَينِ اِثْنَيْنِ لَهُمَا عَلَاقَةٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ فَأَمَّا اَلْأَدَبُ اَلْأَوَّلُ، فَهُوَ اَلْإِخْلَاصُ وَإِحْضَارُ اَلنِّيَّةِ، وَبِالنِّيَّةِ نَنْقُلُ اَلتَّدْرِيسَ وَالدِّرَاسَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُسْتَاذِ وَالتِّلْمِيذِ مِنْ اَلْعَادَةِ إِلَى اَلْعِبَادَةِ، وَأَمَّا اَلْأَدَبُ اَلثَّانِي، فَهُوَ تَقْوَى اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالتَّقْوَى أَمْرُهَا عَجِيبٌ فَالْأُسْتَاذُ إِذَا كَانَ يَشْتَكِي مِنْ شُحِّ اَلْأُجْرَةِ فَلِيُتَّقَ اَللَّه فِي تَدْرِيسِهِ يَرَى اَلْبَرَكَةَ وَالْعَجَبَ فِي رِزْقِهِ، وَإِذَا كُنْتَ تِلْمِيذًا فَاتَّقِ اَللَّهَ يَفْتَحْ عَلَيْكَ وَيَعْلِّمكَ، وَإِذَا كُنْتَ أَبًا فَاتَّقِ اَللَّهَ يَصْلِحْ لَكَ أَبْنَاءَكَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82]، فَحفظَ اَللَّهُ اَلْأَبْنَاءَ بِصَلَاحِ اَلْأَبِ.

 

وَنَخْتِمُ اَلْحَدِيثَ فِي هَذِهِ اَلْخُطْبَةِ بِمَا تَيَسَّرَ لَنَا ذِكْرُهُ مِنْ آدَابِ اَلدُّخُولِ اَلْمَدْرَسِيِّ:

اَلْأَدَبُ اَلثَّالِثُ: اَلدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ لِلَّهِ تَعَالَى: إِذَا كُنْتَ مُدَرِّسًا أَوْ تِلْمِيذًا أَوْ أَبًا تَحْتَاجُ إِلَى مَعُونَةِ اَللَّهِ، وَهَذِهِ اَلْمَعُونَةُ لَا تُسْتَمَدُّ إِلَّا بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ، لَكِن نَحْنُ لِلْأَسَفِ نَتَعَامَلُ مَعَ اَللَّهِ تَعَامُلَ اَلتُّجَّارِ، لَا نَعْرِفُ اَللَّهَ إِلَّا فِي وَقْتِ اَلشِّدَّةِ، غَالِبِيَّةً تَلَامِذَتِنَا لَا يَعْرِفُونَ عِبَادَةَ اَلدُّعَاءِ إِلَّا فِي أَيَّامِ اَلِامْتِحَانَاتِ، وَبَعْضُهُمْ يُهْرَعُ إِلَى اَلصَّلَاةِ كَيْ يُنَاجِيَ رَبَّهُ، كَمَا كَثِيرٌ مِنْ اَلنَّاسِ لَا يَعْرِفُ اَللَّهَ إِلَّا فِي حَالَةِ اَلْمَرَضِ، لِمَاذَا لَا نَتَعَرَّفُ إِلَى اَللَّهِ فِي وَقْتِ اَلرَّخَاءِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ))[1]، وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو اَللَّه وَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا))[2]، اَللَّهُمَّ اَنَفِعَنِي بِمَا عَلَّمتنِي، لِمَاذَا؟ لِأَنَّ هُنَاكَ مِنْ يَتَعَلَّمُ وَلَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ، بِأَنَّ كَانَ اَلْعِلْمُ غَيْرَ نَافِعٍ مِنْ أَسَاسِهِ، كَمَنَ يَتَعَلَّمُ عِلْمَ اَلسِّحْرِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾ [البقرة: 102]، أَوْ يَتَعَلَّم عِلْمًا نَافِعًا لَكِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ، كَمَنَ عَرَفَ اَلصَّلَاةَ لَكِنَّهُ لَا يُصَلِّي، أَوْ عَرَفَ اَلزَّكَاةَ لَكِنَّهُ لَا يُزَكِّي، أَوْ مَنْ عَرَفَتْ آدَابَ اَللِّبَاسِ فِي اَلْإِسْلَامِ لَكِنَّهَا لَا تَلْتَزِمُ بِهَا، وَطْلب اللَّه مِنْ نَبِيِّهِ طَلَبَ اَلِاسْتِزَادَةِ مِنَ اَلْعَلَمِ، فَأَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ؛ وَقَالَ لَهُ: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114].

 

وَمِنْ أَدْعِيَتِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ((وَاذْكُرْ، بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ، سَدَادَ السَّهْمِ))[3]، وَشَكَا لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ كَثْرَةَ اَلنِّسْيَانِ فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: ((قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي أسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أنْسَاهُ؟ قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ، فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ فَضَمَمْتُهُ، فَما نَسِيتُ شيئًا بَعْدَهُ))[4]، وَهَذَا مِنْ بِرْكَةِ دُعَاءِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، فَمَا عَلَيْنَا سِوَى أَنْ نَدعُوَ اَللَّهَ بِالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ.

 

الْأَدَبُ اَلرَّابِعُ: تَعْلِيمُ اَلْأَبْنَاءِ مَكَارِمَ اَلْأَخْلَاقِ: وَالْأَزْمَةُ اَلَّتِي تَعِيشُهَا اَلْأُمَّةُ اَلْيَوْمَ هِيَ أَزْمَةُ اَلْقِيَمِ وَالْأَخْلَاقِ، وَأَزْمَةُ اَلتَّرْبِيَةِ، نَدْرُسُ نَعَمَ؛ لَكِنَّ مَفْعُولَ اَلتَّدْرِيسِ غَائِبٌ لَدَى فِئَات وَاسِعَة مِنْ تَلَامِيذِنَا، اَلْأَبُ يُنْفِقُ نَعَمْ، وَلَكِنِ اَلتَّرْبِيَة غَابَتْ، وَلَسْتُ أُعَمِّمُ فِي هَذَا اَلْمَقَامِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مِنْ أَبْنَائِنَا مِنْ هُمْ قُدْوَةٌ وَشَامَةٌ فِي اَلْأَخْلَاقِ وَالسُّلُوكِ، وَهُنَاكَ مِنْ اَلْآبَاءِ مِنْ جَمَعَ بَيْنَ اَلْإِنْفَاقِ وَالتَّرْبِيَةِ؛ فَالْمَسْؤُولِيَّةُ - إِذًا - مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اَلْأُسْرَةِ وَالْمَدْرَسَةِ لِأَجَلِ اَلتَّعَاوُنِ فِي تَرْبِيَةِ اَلنَّشْءِ، فَيُنْظُرُ:

أَوَّلًا: فِي عَلَاقَةِ اَلْأَبْنَاءِ بِرَبِّهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ عَلَى اَلْعَقِيدَةِ اَلصَّحِيحَةِ، وَأَتَأَسَّفُ لَمِنْ يُثِيرُ مَعَ اَلتَّلَامِيذِ اَلصِّغَارِ شُبُهَاتٍ عَقَدِيَّةٍ، لَا تُدْرِكُهَا عُقُولُهُمْ، وَأَمْرُ اَلْعَقِيدَةَ سَهْلٌ مُيَسَّرٌ، عَقَّدَتْهُ اَلْجِدَالَاتُ اَلْفَارِغَةُ وَالْعَقِيمَةُ، وَاَللَّهُ عَز وجَلَّ يُنَبِّهُنَا بِقَوْلِهِ: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]، فَلَا تَكُنْ - أَخِي اَلْأُسْتَاذ - مِمَّنْ يَبْتَغِي اَلْفِتْنَةَ فِي أَبْنَائِنَا؛ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ))[5]، وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: "حَدِّثُوا النَّاسَ بما يَعْرِفُونَ، أتُحِبُّونَ أنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ ورَسُولُهُ"[6]، وَقَالَ عَبْدَاللهِ بنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: "ما أنْتَ بمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً"؛ وَلِذَلِكَ اَلنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي اَلْقُدْرَةِ وَالِاسْتِيعَابِ.

 

وثانيًا: تَرْبِيَتُهُمْ عَلَى اَلْعِبَادَاتِ مِنْ اَلصِّغَرِ، فَنَعْلِّمهُمُ اَلْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَتَرْبِيَة اَلْبَنَاتِ عَلَى اَلسَّتْرِ وَالْحِجَابِ، وَنَعْلِّمُهُمُ اَلتَّأَدُّبَ مَعَ اَلنَّاسِ وَمَعَ زُمَلَائِهِ، وَلَا يَفْتَخِرُ عَلَيْهِمْ بِمَالِهِ وَلَا جَمَالِهِ، وَلَا لُغَتِهِ وَلَا لَوْنِهِ، وَلَا مَكَانَةِ أَبِيهِ، فَكَمْ مِنْ تِلْمِيذٍ تَرْكَ مَقْعَدَ اَلدِّرَاسَةَ بِسَبَبِ سُخْرِيَةِ زُمَلَائِهِ، وَعَلِّمُوهُمُ اَلْأَدَبَ فِي دِرَاسَتِهِمْ بِالصَّبْرِ عَلَى اَلتَّحْصِيلِ فَمَنْ صَبَرَ وَصَلَ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ بِدَايَةٌ مُحْرِقَةٌ كَانَتْ لَهُ نِهَايَةً مُشْرِقَةٌ، وَنُعَلِّمُهُمْ اِحْتِرَامَ أَسَاتِذَتِهِمْ وَمُعَلِّمِيهِمْ، فَكَيْفَ تَنْتَظِرُ مِنْ تَلَامِيذَ أَنْ يَحْتَرِمُوا أَسَاتِذَتَهُمْ وَهُمْ يَسْمَعُونَ آبَاءَهُمْ يَنْتَقِصُونَ مِنْهُمْ؟ وَهَذَا لَا يَعْنِي تَبْرِئَةَ اَلْأَسَاتِذَة والْمُعَلِّمِينَ مِنْ اَلْأَخْطَاءِ؛ وَلَكِنْ اِجْعَلْ زَلَّتَهُم تَذُوبُ فِي بَحْرِ حَسَنَاتِهِم تُجَاهَ أَبْنَائِكَ، وَهَذَا اَلشَّافِعِيُّ يُقَدِّمُ لَنَا نَمُوذَجًا رَائِعًا فِي اِحْتِرَامِ أُسْتَاذِهِ فَقَالَ: "كُنْت أَصْفَحُ اَلْوَرَقَ بَيْنَ يَدَي مَالِك صَفْحًا رَقِيقًا هَيْبَةَ أَنْ يَسْمَعَ وَقْعَهُ"، أَمَّا اَلْيَوْمَ فهُنَاكَ مِنْ يَصْفَعُ أُسْتَاذَهُ، وَقَالَ اَلرَّبِيعُ اَلْمُرَادِيُّ: "مَا شَرِبَتُ اَلْمَاءَ قُدَّامَ شَيْخِي اَلشَّافِعِيِّ هَيْبَةً لَهُ"، أَمَّا اَلْيَوْمَ فهُنَاكَ مِنْ يَمْضُغُ اَلْعَلَكَ أَمَامَ أُسْتَاذِهِ، وَمَنْ يَحَوِّلُ اَلْقِسْمَ إِلَى مَطْعَمٍ، هَكَذَا كَانَ اَلْجِيلُ اَلْأَوَّلُ وَجِيلُ آبَائِنَا فِي احْتِرامِ مُعَلِّمِيهِم فِيمَا حَدَّثُونَا وَقِصَصُهُمْ فِي اَلْمَوْضُوعِ كَثِيرَةٌ.

 

فَاَللَّهُمَّ اِهْدِنَا لِأَحْسَنِ اَلْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، وَآخَرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَن اِقْتَفَى؛ أمَّا بَعْدُ:

فقد رَأَيْنَا فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى أَدَبَ اَلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَدَبَ تَعْلِيمِ اَلْأَبْنَاءِ مَكَارِمَ اَلْأَخْلَاقِ مِمَّا يَجِبُ الْحِرْصُ عَلَيْهِ فِي تَرْبِيَةِ أَبْنَائِنَا عَلَيْهَا فِي مَسِيرَتِهِمُ اَلدِّرَاسِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ.

 

اَلْأَدَبُ اَلْخَامِسُ: عُلُوَّ اَلْهِمَّةِ، وَالتَّعَلُّقُ بِمَعَالِيَ اَلْأُمُورِ لَا بِسَفَاسِفِهَا، اَلْأُسْتَاذُ وَالتِّلْمِيذُ وَالْأَبُ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ هِمَّةٌ عَالِيَةٌ سَيُبْدِعُونَ، سَيُبْدِعُ اَلْأُسْتَاذُ فِي كَيْفِيَّةِ اَلتَّدْرِيسِ، وَيُبْدِعَ اَلتِّلْمِيذُ فِي كَيْفِيَّةِ اَلتَّحْصِيلِ وَالِاجْتِهَادِ، وَيُبْدِعَ اَلْأَبُ فِي كَيْفِيَّةِ اَلتَّرْبِيَةِ مَعَ السَّخَاءِ فِي اَلْإِنْفَاقِ، لِأَنَّ مَنْ عَرَفَ مَا قَصَدَ هَانَ عَلَيْهِ مَا وَجَدَ، وَإِذَا كَانَ اَلْإِبْدَاعُ فَهُوَ طَرِيقٌ لِلتَّجْدِيدِ، وَإِذَا كَانَ اَلتَّجْدِيدُ فَهُوَ طَرِيقٌ لِعِزَّةِ اَلْأُمَّةِ وَأَخْذِ اَلرِّيَادَةِ مِنْ جَدِيدٍ، فَأَي أُمَّةٍ تَخَلَّفَتْ فِي تَعْلِيمِهَا لَنْ تَعْرِفَ طَرِيقًا لِلْمَجْدِ أَبَدًا.

 

فَابْحَثُوا فِي اَلْأُمَمِ التِي حَازَتِ الرِّيَادَةَ فِي التَّقَدُّم الْعِلمِيِّ، كَمْ مِنْ مَرَاكِزِ أَبْحَاثٍ يَمْلِكُونَ؟ وَكَمْ يُخَصَّصُونَ فِي مِيزَانِيَّاتِهِمْ لِلتَّعْلِيمِ وَالْبَحْثِ اَلْعِلْمِيِّ؟ كَيْ تَعَرِفُوا لِمَاذَا وَصَلُوا، وَلِمَاذَا تَأَخَّرْنَا نَحْنُ فِي هَذَا الْمَجَالِ.

 

قَالَ اِبْنُ اَلْجَوْزِي: "لَمَّا كَانَ اَلتَّعْلِيمُ أَفْضَلَ اَلْأَشْيَاءِ لَا يُنَالُ بِرَاحَةِ اَلْجَسَدِ، وَإِنَّمَا بِالسَّهَرِ وَالتَّكْرَارِ وَالتَّعَبِ"، وَمِنْ أَرَادَ اَلرَّاحَةَ، فَلَنْ يَنَالَ اَلْعِلَمَ وَلَنْ يَصِلَ لِلْمَجْدِ اَلْعِلْمِيِّ:

وَرَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَى اَلْقَائِلِ:

دَبَبْتُ لِلمَجدِ وَالسَّاعُونَ قَدْ بَلَغُوا
جَهْدَ النُّفُوسِ وألقَوا دُونَهُ الأُزُرَا
وَكَابدُوا الْمَجدَ حَتَّى مَلَّ أَكثَرُهُمْ
وَعَانَقَ الْمَجدَ مَنْ أَوفَى وَمَن صَبَرا
لاَ تَحسِبَ الْمَجدَ تَمَرًا أَنْتَ آكلُهُ
لَنْ تَبلُغَ الْمَجدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا

 

وَأَوَجِّهُ خِتَامًا إِخْوَانِي: أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ عَلَى اَلتَّلَامِيذِ اَلْيَتَامَى وَالضُّعَفَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، فَإِذَا كُنْتَ تِلْمِيذًا لَدَيْكَ مُقَرَّرَاتٌ قَدِيمَةٌ؛ فاعْلَمْ أَنَّ هُنَاكَ مِنْ زُمَلَائِكَ اَلْفُقَرَاءِ مِنْ يَحْتَاجُهَا فَقَدِّمْهَا لَهُ، فَقَدِيمُكَ يُصْبِحُ عِنْدَهُ جَدِيدًا يَفْرَحُ بِهِ، وَهُنَاكَ مَنْ يَتَبَادَلُ اَلْكُتُبَ اَلْقَدِيمَةَ وَأَنَّبَهُ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كُنْتُ مَيْسُورًا؛ بِأَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ تُهْدِيهَا وَتَشْتَرِيَ اَلْجَدِيدَ، وَأَنْتَ كَرَجُلٍ مَيْسُورٍ تُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِكَ؛ قَدَّمهَا لِأَبٍ فَقِيرٍ تُعِينُهُ عَلَى شِرَاءِ اَلْأَدَوَاتِ اَلْمَدْرَسِيَّةِ لِأَبْنَائِهِ وَخَاصَّةً مَنْ لَدَيْهِ أَبْنَاءٌ كُثُرٌ قَادِرٌ عَلَى كِفَايَةِ بَعْضِهمْ دُونَ اَلْبَعْضِ، فَتَجُوزُ فِيهِ زَكَاةُ مَالِكَ؛ لِأَنَّهُ مِسْكِينٌ، أَوْ اشْتَرِ كُتُبًا وَمَحَافِظَ أَوْ كُسْوَةً وَقَدَّمهَا لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ ضَعْ مَبْلَغًا مِنَ اَلْمَالِ عِنْد اَلْكَتُبِيِّ اَلَّذِي تَثِقُ فِيهِ يَنُوبُ عَنْكَ فِي فَكِّ ضَائِقَةِ مَنْ يَرَاهُ مُعْسِرًا مِنْ اَلْآبَاءِ، أَوْ أَنْفِقْ مَالَكَ عَلَى طَلَبَةِ اَلْعِلَمِ فِي اَلْجَامِعَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَالْكَتَاتِيبِ اَلْقُرْآنِيَّةِ؛ لِأَنَّ صِنْفَ طَلَبَةِ اَلْعِلَمِ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 60]، ضِمْنَ اَلْأَصْنَافِ اَلَّتِي تُعْطَى لَهَا اَلزَّكَاةُ، وَالْأَفْكَارُ فِي صَرْفِ مَالِ اَلزَّكَاةِ فِي هَذَا اَلِاتِّجَاهِ كَثِيرَةٌ، وَأَنْتَ عِنْدِكَ دُوْرٌ لِلْكِرَاءِ وَجَاءَكَ طَلَبَةُ عِلْمٍ فُقَرَاءَ فَرَخَّص لَهُمُ اَلْكِرَاءَ عَلَى اَلْأَقَلِّ، وَلَا تُكْرِيهِمْ بِثَمَنِ اَلسُّوقِ، اِبْتَغِ اَلْأَجْرَ عِنْدَ اَللَّهِ وَسَاعِدهُمْ فِي طَلَبِ اَلْعِلَمِ وَيَسِّرْ لَهُمْ سُبُلَ ذَلِكَ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ))[7].

 

فاللَّهُمَّ اجْعَلنَا مِمَّنْ يَنْفَعُونَ إِخْوَانَهُمْ، وَاجْعَلْنَا أُمَّةً مَرَحُوَمَةً مُتَعَاوِنَةً مُتَضَامِنَةً كَالْجَسَدِ اَلْوَاحِدِ إِذَا اِشْتَكَى مِنْهَا عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرِ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى، آمِينُ؛ (تَتِمَّة الدُّعَاءِ).



[1] رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم: 11560، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته، برقم: 2961.

[2] رواه ابن ماجه برقم:251، وضعف إسناده شعيب الأرنؤوط، برقم: 3834.

[3] رواه مسلم برقم: 2725.

[4] رواه البخاري برقم: 119.

[5 رواه مسلم برقم: 1599.

[6] رواه البخاري برقم: 127.

[7] رواه مسلم برقم: 2699.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: آداب الدخول المدرسي (1)

مختارات من الشبكة

  • آداب المساجد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب النعمة وواجبنا نحوها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب استعمال أجهزة الاتصالات الحديثة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: الضحك وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السماحة في التعاملات المالية في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الذب عن عرض أمنا عائشة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مهاجرو البحر لهم هجرتان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فيح الأزهار من كرم النبي المختار صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/4/1447هـ - الساعة: 10:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب