• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: دعوة نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الحج المبرور ثوابه الجنة
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    أسلوبية التضاد الدلالي في أحاديث رياض الصالحين ...
    أ. م. د. مازن موفق صديق الخيرو
  •  
    فتح الرحيم في ضبط المتشابه في القرآن الكريم (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    جني الثمار شرح صحيح الأذكار - باللغة الإنجليزية ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    مخطوط فقده مؤلفه: الاستمساك بأوثق عروة في الأحكام ...
    د. أحمد عبدالباسط
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (3)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    غسل الحوبة بأربعين حديثا في التوبة (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    الذبح والنذر والركوع والسجود لغير الله تعالى، ...
    غادة صالح سليمان الدواس
  •  
    القول الأبلغ على القواعد الأربع - باللغة ...
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الاستسقاء: أصله.. وأنواعه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

رمضان غدا أو بعد غد (خطبة)

رمضان غدا أو بعد غد (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/4/2022 ميلادي - 29/8/1443 هجري

الزيارات: 12509

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رمضان غدًا أو بعدَ غدٍ


أَمَّا بَعدُ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ".

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ غَدًا أَو بَعدَ غَدٍ يَدخُلُ شَهرُ رَمَضَانَ، وَتَقُومُ لِلمُتَاجِرِينَ سُوقٌ عَظِيمَةٌ، يَغدُو إِلَيهَا النَّاسُ جَمِيعًا في فِئَتَينِ، فَمُعتِقٌ نَفسَهُ أَو مُوبِقُهَا، وَمُزَكِّيهَا أَو مُدَسِّيهَا، وَمُتَزَوِّدٌ بِالحَسَنَاتِ وَمُرتَكِسٌ في السَّيِّئَاتِ، وَصَاعِدٌ في أَعلَى الدَّرَجَاتِ وَمُنحَدِرٌ في الدَّرَكَاتِ، وَالفَرقُ بَينَ هَذَا وَذَاكَ بَعدَ تَوفِيقِ اللهِ، أَنَّ ثَمَّةَ قُلُوبًا حَيَّةً سَلِيمَةً، عَرَفَت أَنَّ الحَيَاةَ الدُّنيَا دَارُ مُرُورٍ وَمَرحَلَةُ عُبُورٍ، وَكُلُّ مَا فِيهَا إِنَّمَا هُوَ مَتَاعُ غُرُورٍ، وَقُلُوبٌ أُخرَى مَيِّتَة أَو سَقِيمَة، رَكَنَت إِلى دُنيَاهَا وَنَسِيَت أُخرَاهَا، وَعَاشَ أَصحَابُهَا في نَومِهِم وَغَفلَتِهِم، مُتَّبِعِينَ لِهَوَاهُم وَشَهوَتِهِم، مُفَرِّطِينَ في أَمرِ مَعَادِهِم وَآخِرَتِهِم.

 

أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد عَرَفَ أَصحَابُ القُلُوبِ الحَيَّةِ الغَايَةَ مِن خَلقِهِم، وَعَلِمُوا عِلمَ يَقِينٍ لِمَاذَا أُوجِدُوا في هَذِهِ الدُّنيَا، وَجَعَلُوا نُصبَ أَعيُنِهِم قَولَ اللهِ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وَمِن ثَمَّ تَوَجَّهُوا إِلى هَذَا الهَدَفِ العَظِيمِ، وَجَعَلُوا هَمَّهُم هُوَ تِلكَ الغَايَةَ الكُبرَى، وَلم يَشغَلْهُم عَن ذَلِكَ أَيُّ أَمرٍ مَهمَا كَانَت أَهَمِيَّتُهُ، وَلم يَكتَفُوا بِذَلِكَ حَتى سَمَت أَروَاحُهُم وَعَلَت هِمَمُهُم، فَجَعَلُوا لا يَتَطَلَّعُونِ إِلاَّ إِلى الدَّرَجَاتِ العُلا، وَحَرِصُوا عَلَى أَن يَفُوزُوا بِالفِردَوسِ الأَعلَى ؛ لِيَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، في "صَحِيحِ مُسلِمٍ" عَن رَبِيعَةَ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لي: " سَلْ " فَقُلتُ: أَسأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قَالَ: " أَوَغَيرَ ذَلِكَ؟ " قُلتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: " فَأَعِنِّي عَلَى نَفسِكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ ".

 

يَا لَهَا مِن نُفسٍ مَا أَزكَاهَا، وَيَا لَهَا مِن رَغبَةٍ مَا أَعلاهَا، وَيَا لَهُ مِن سُؤَالٍ مَا أَذكَاهُ!!! أَسأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ، نَعَم، لا يُرِيدُ الجَنَّةَ فَحَسبُ، بَل يُرِيدُ مُرَافَقَةَ الحَبِيبِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِيهَا!!!

 

وَإِنَّهُ مَا عَلَى وَجهِ الأَرضِ مِن مُسلِمٍ إِلاَّ وَهُوَ يُرِيدُ صُحبَةَ الحَبِيبِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ في الفِردَوسِ الأَعلَى، أَمَّا وَقَد بَيَّنَ هُوَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ السَّبِيلَ إِلى ذَلِكَ وَأَوصَى بِكَثرَةِ السُّجُودِ، فَلِمَاذَا المَلالُ وَالكَلَلُ؟ لِمَاذَا التَّرَاجُعُ وَالكَسَلُ؟ لِمَاذَا الخُمُولُ وَالتَّبَاطُؤُ في السَّيرِ إِلى اللهِ؟ مَا هَذَا الإِعرَاضُ وَالصُّدُودُ وَالتَّذُبذُبُ؟ إِنَّهُ وَاللهِ لا يُفلِحُ إِلاَّ المُجتَهِدُونَ، وَلا يُوَفَّى أُجُورَهُم إِلاَّ الصَّابِرُونَ المُصَابِرُونَ المُرَابِطُونَ؛ ﴿ يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا اصبرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ الجَنَّةُ لا يَدخُلُهَا إِلاَّ المُؤمِنُونَ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ﴾ [المائدة: 9]، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ نَفسٌ مُؤمِنَةٌ " غَيرَ أَنَّ الإِيمَانَ لَيسَ تَمَنِّيًّا وَلا ادِّعَاءً وَلا تَظَاهُرًا، وَلا هُوَ ثِيَابًا تُلبَسُ بِطَرِيقَةٍ خَاصَّةٍ، وَلا اسمًا لا مَعنى لَهُ وَلا حَقِيقَةَ، وَلَيسَ دُخُولُ الجَنَّةِ بِعَرَاقَةِ نَسَبٍ وَلا شَرَفِ قَبِيلَةٍ، وَلا بِكَثرَةِ مَالٍ وَلا عُلُوِّ جَاهٍ، وَلَكِنَّهُ بَعدَ رَحمَةِ اللهِ بِالإِيمَانِ، وَلا إِيمَانَ إِلاَّ بِعَمَلٍ صَالِحٍ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ﴾ [البقرة: 25]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 82]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدخِلُهُم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللهِ قِيلا ﴾ [النساء: 122]، وَلَمَّا ادَّعَى أَهلُ الكِتَابِ أَنَّهُم أَحَقُّ بِدُخُولِ الجَنَّةِ وَقَالُوا: ﴿ لَن يَدخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَو نَصَارَى ﴾ [البقرة: 111]، قَالَ تَعَالى مُكَذِّبًا دَعوَاهُم: ﴿ تِلكَ أَمَانِيُّهُم ﴾ وَهِيَ لا تَنفَعُهُم وَلا تُغني عَنهُم عِندَ اللهِ شَيئًا، مَا دَامُوا عَلَى كُفرِهِم وَعَمَلِهِمُ السَّيِّئِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالى في مَوضِعٍ آخَرَ: ﴿ لَيسَ بِأَمَانِيِّكُم وَلا أَمَانِيِّ أَهلِ الكِتَابِ مَن يَعمَلْ سُوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * وَمَن يَعمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَإِنَّنَا سَنَدخُلُ مَوسِمًا عَظِيمًا مِن مَوَاسِمِ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَسُوقًا مِن أَسوَاقِ التَّزَوُّدِ لِلآخِرَةِ، فَلْنَستَعِدَّ لِشَهرِنَا الكَرِيمِ بِكُلِّ مَا يَسَعُنَا، فَإِنَّمَا هُوَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ، ثم يَرحَلُ شَاهِدًا لَنَا أَو عَلَينَا، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ طَعَامُ مِسكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَهُوَ خَيرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ * شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَستَجِيبُوا لِي وَليُؤمِنُوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ ﴾ [البقرة: 183 – 186].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ وَلأَنَّنَا مُقبِلُونَ عَلَى رَمَضَانَ، فَهُنَا سُؤَالٌ يَجِبُ أَن يَسأَلَهُ كُلُّ مَن يُرِيدُ الجَنَّةَ وَكُلُّنَا نُرِيدُ الجَنَّةَ: كَيفَ أَستَثمِرُ مَوَاسِمَ الطَّاعَةِ لأَعمَلَ فِيهَا عَمَلًا صَالِحًا؟!


وَلِلجَوَابِ عَلَى ذَلِكَ يُقَالُ: مَن أَرَادَ الخَيرَ وَجَدَهُ وَعَرَفَ طَرِيقَهُ، فَصَحِّحْ نِيَّتَكَ، نَعَم، صَحِّحْ نِيَّتَكَ وَاصدُقْ مَعَ رَبِّكَ، وَاسأَلْهُ التَّوفِيقَ وَالسَّدَادَ وَالرَّشَادَ، وَابدَأْ بِدَايَةً جَادَّةً وَأَقبِلْ عَلَى مَا يَنفَعُكَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالى إِذَا رَأَى مِنكَ صِدقَ النِّيَّةِ، أَخَذَ بِيَدِكَ إِلى كُلِّ خَيرٍ وَسَدَّدَكَ، وَوَفَّقَكَ لِكُلِّ بِرٍّ وَأَرشَدَكَ، وَاعتَنى بِكَ وَدَبَّرَ لَكَ أُمُورَكَ، وَأَصلَحَ لَكَ حَالَكَ وَحَبَّبَ إِلَيكَ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قَلبِكَ، وَكَرَّهَ إِلَيكَ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ وَجَعَلَكَ مِنَ الرَّاشِدِينَ، وَنَجَاحُ المَرءِ في بِدَايَةِ أَمرِهِ، هُوَ نَجَاحُهُ في سَائِرِ عُمُرِهِ، وَتَسَاهُلُهُ وَانصِرَافُهُ عَنِ الخَيرِ كُلَّمَا عَرَضَت لَهُ فُرصَةٌ، هُوَ سَبَبُ الطَّمسِ عَلَى قَلبِهِ بَعدَ ذَلِكَ وَعَدَمِ تَوفِيقِهِ في سَائِرِ حَيَاتِهِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاستَغنَى * وَكَذَّبَ بِالحُسنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرَى ﴾ [الليل: 5 – 10]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ قُلْ مَن كَانَ في الضَّلالَةِ فَلْيَمدُدْ لَهُ الرَّحمَنُ مَدًّا ﴾... إِلى أَن قَالَ: ﴿ ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ﴾ [مريم: 75 - 76] فَكَمَا أَنَّهُ تَعَالى بِعَدلِهِ يُمِدُّ لِلظَّالِمِينَ في ضَلالَتِهِم، وَيَزِيدُهُم فِيهَا حُبًّا عُقُوبَةً لَهُم عَلَى اختِيَارِهَا وَتَفضِيلِهَا عَلَى الهُدَى، فَهُوَ بِفَضلِهِ وَرَحمَتِهِ يَزِيدُ المُهتَدِينَ هِدَايَةً، وَيَزِيدُ مَن سَلَكَ طَرِيقًا في العِلمِ وَالإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ مِنهُ وَيُسَهِّلُهُ عَلَيهِ وَيُيَسِّرُهُ لَهُ، وَيَهَبُ لَهُ أُمُورًا أُخرَى مِنَ الخَيرِ لا تَدخُلُ تَحتَ كَسبِهِ وَلم تَكُنْ في حِسبَانِهِ، فَمِن بَرَكَةِ الحَسَنَةِ أَنَّهَا تَدعُو لأُختِهَا، وَمِن شُؤمِ السَّيِّئَةِ أَنَّهَا تَجُرُّ إِلى السَّيِّئَةِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110]، وَقَالَ في المُهتَدِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]، وَفي "صَحِيحِ البُخَارِيِّ" قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " مَن أحبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِه لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ "، وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ: " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ بِشَبرٍ تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا، وَإِن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً ".

 

فَاللهَ اللهَ بِتَصحِيحِ النِّيَّةِ وَتَطهِيرِ القُلُوبِ، وَلْنَستَعِدَّ لِشَهرِنَا بِالبِدَايَةِ الجَادَّةِ، وَلْنُسَارِعْ وَلْنُسَابِقْ، وَلْنَحذَرِ الكَسَلَ وَالتَّبَاطُؤَ، فَاللهُ تَعَالى قَد دَعَانَا إِلى جَنَّتِهِ وَقَالَ: ﴿ وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرضُ أُعِدَّت للمُتَّقينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وَقَالَ: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21]، وَلَمَّا ذَكَرَ في سُورَةِ المُطَفِّفِينَ شَيئًا مِن نَعِيمِ الجَنَّةِ قَالَ بَعدَهُ: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حال السلف في رمضان
  • معًا في رمضان.. من الفجر إلى العشاء
  • عشر وقفات للنساء في رمضان
  • فلنجعل من رمضان هذه السنة شيئا مختلفًا
  • لماذا نخسر رمضان؟؟
  • استقبال شهر رمضان (خطبة)
  • رمضان شهر الانتصارات (خطبة)
  • استقبال رمضان (خطبة)
  • طلائع رمضان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أعمال العشر الأواخر من رمضان وأسرار الاعتكاف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • آداب حملة القرآن الكريم في رمضان وغيره (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: الغزو الفكري … كيف نواجهه؟ (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {قل من كان في الضلالة} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من صفات المنافقين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب