• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الأول: مقدمة عن ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام تكبيرة الإحرام: دراسة فقهية مقارنة (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    منهج الشوكاني في توضيح مشكل القرآن بالسنة في فتح ...
    ريما بنت فهد بن سليمان اللزام
  •  
    أوراق متساقطة falling leaves - مترجم للغة ...
    حكم بن عادل زمو النويري العقيلي
  •  
    لقاء مفتوح (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الكنوز العشرة الثمينة لكسب الأجور العظيمة (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    السؤال التعليمي في السنة النبوية: مفهومه وأهميته ...
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الرابع
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة (من قول المؤلف: ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف تحفظ القرآن بإتقان: دليل عملي مبني على تجارب ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحكام الغيبة في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الصدقة (خطبة)

الصدقة (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2021 ميلادي - 21/4/1443 هجري

الزيارات: 9197

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة الصدقة


الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ...

عِبَادَ اللهِ، يَتَسَاهَلُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ فِي إِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَيَتَثَاقَلُونَ عَنْ إِخْرَاجِهَا، حَتَّى يُعَطِّلَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ هَذَا الرُّكْنَ الْعَظِيمَ،وَبَعْضُهُمْ مِنَ: الْمُصَلِّينَ،الصَّائِمِينَ، الْقَارِئِينَ لِلْقُرْآنِ، لَكِنَّهُ لَا يُؤْتِي الزَّكَاةَ،يَفْعَلُ النَّوَافِلَ، وَيَترُك الْفَرَائِضَ؛ واللهُ تَعَالَى جَعَلَ مَنْعَ الزَّكَاةِ مِنْ صِفَاتِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِنِعَمِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [فصلت: 6، 7]. إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَحْبِسُ الْبُخْلُ يَدَهُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَحْتَالُ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ لِيُسْقِطَهَا بِأَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ سَائِلِ مَالِهِ قَبْلَ حُلُولِ الزَّكَاةِ، بِشِرَاءِ عَقَارٍ وَنَحْوِهِ ظَنًا أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهُمُ الزَّكَاةُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا فِي قَلْبِهِ، وَمَنْ مَكَرَ لِيَمْنَعَ حَقَّ الْفُقَرَاءِ فِي مَالِهِ، فَجَدِيرٌ أَنْ يَمْكُرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ، فَيَخْسَرَ كُلَّ مَالِهِ.فَالْبُخْلَ أَهَمُّ أسْبَابِ مَنْعِ الزَّكَاةِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ الطَّائِلَةِ،حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى مِقْدَارِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ؛ فَيَجِدُهُ كَثِيرًا،وَالزَّكَاةُ لَيْسَتْ إِلَّا جُزْءًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ، وَيَسْتَحْضِرُ كَدَّهُ وَتَعَبَهُ فِي جَمْعِهِ، وَلَا يَسْتَحْضِرُ تَوْفِيقَ اللهِ تَعَالَى لَهُ فِي كَسْبِهِ، فَكَمْ كَدَّ غَيْرُهُ وَتَعِبَ، وَلَمْ يَرْبَحْ كَمَا رَبِحَ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ مَنْعِهَا: التَّسْوِيفُ فِي إِخْرَاجِهَا؛ وَبَعْضُ النَّاسِ لِكَثْرَةِ أَعْمَالِهِ وَمَشَارِيعِهِ، وَتَعَدُّدِ مَصَادِرِ أَمْوَالِهِ يَحْتَاجُ إِلَى وَقْتٍ لِيَحْسبَ زَكَاتَهُ، فَيُؤَجِّلُ وَيُسَوِّفُ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَالْحَوْلَانِ،وَالثَّلَاثَةُ،وَهُوَ لَمْ يُخْرِجْ زَكَاةَ أَمْوَالِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ حَرَصَ عَلَى دِينِهِ حِرْصَهُ عَلَى دُنْيَاهُ، وَاهْتَمَّ لِلزَّكَاةِ اهْتِمَامَهُ بِمَشَارِيعِهِ؛ لَخَصَّهَا بِمُوَظَّفِينَ؛ يَحْسُبُونَهَا وَيُخْرِجُونَهَا.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ، لَكِنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَمَنْ يُقِيمُهَا مَقَامَ النَّفَقَةِ، فَيُوَسِّعُ بِهَا عَلَى أَوْلَادِهِ الْمُتَزَوِّجِينَ؛ بِحُجَّةِ أَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ وَمُسْتَقِلُّونَ عَنْهُ فِي مَنَازِلِهِمْ، مَعَ أَنَّ زَكَاتَهُ لَا تَجُوزُ لَهُمْ.

 

وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ ذَا شَأْنٍ فِي قَوْمِهِ، فَيَبْنِي جَاهَهُ عِنْدَهُمْ بِزَكَاةِ مَالِهِ، وَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، يَظُنُّونَهَا هِبَةً مِنْهُ، وَهُوَ يَحْسِبُهَا مِنْ زَكَاتِهِ.

 

وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَادَ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ لِقَرَابَتِهِ الْفُقَرَاءِ، وَأَلِفُوا ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ أَغْنَاهُمُ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ الْفَقْرِ، فَيَسْتَحِي أَنْ يَقْطَعَ عَنْهُمْ عَادَتَهُمْ، وَيَشِحُّ أَنْ يَبْذُلَهَا لَهُمْ مِنْ مَالِهِ، وَيَجْتَرِئُ عَلَى حَقِّ اللهِ تَعَالَى فَيَجْعَلُهُ لَهُمْ، وَيَمْنَعُ مِنْهُ الْفُقَرَاءَ فَشَرُّ النَّاسَ مَنْ أَصلَحَ دُنْيَا غَيْرهُ وَأَفْسَدَ آخِرَتهُ.

 

عِبَادَ اللهِ، وَوَضْعُ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهَا؛ كَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ فَإِنَّ إِيتَاءَ الزَّكَاةِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا، الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ فِي الْآيَةِ، لَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى زَكَاةً.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

 

والْغَارِمُونَ: هم الْمَدِينُونَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُوفُوا مِنْهُ دُيُونَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ يُعْطَوْنَ مَا يُوفُونَ بِهِ دُيُونَهُمْ قَلِيلَةً كَانَتْ أَمْ كَثِيرَةً، فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ هُنَاكَ رَجُلًا لَهُ مَوْرِدٌ يَكْفِي لِقُوتِهِ وَقُوتِ عَائِلَتِهِ، إِلَّا أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا لَا يَسْتَطِيعُ وَفَاءَهُ، فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مَا يُوَفّيَ بِهِ دَيْنَهُ، إِنَّ فِي الزَّكَاةِ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْفُقَرَاءِ ؛وفِيهَا إِزَالَةً لِلْأَحْقَادِ وَالضَّغَائِنِ، الَّتِي تَكُونُ فِي صُدُورِ بعض الْفُقَرَاءِ وَالْمَعُوزِينَ، فَإِنَّ بَعْضَ الْفُقَرَاءَ إِذَا رَأُوا تَمَتُّعَ الْأَغْنِيَاءِ بِالْأَمْوَالِ، وَعَدَمِ انْتِفَاعِهِمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا، لَا بِقَلِيلٍ وَلَا بِكَثِيرٍ، فَرُبَّمَا يَحْمِلُونَ عَدَاوَةً وَحِقْدًا عَلَى الْأَغْنِيَاءِ؛ حَيْثُ لَمْ يُرَاعُوا لَهُمْ حُقُوقًا، وَلَمْ يَدْفَعُوا لَهُمْ حَقَهُم، فَإِذَا صَرَفَ الْأَغْنِياَءُ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ؛ زَالَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ، وَحَصَلَتْ الْمَوَدَّةُ وَالْوِئَامُ، إِنَّ فِي الزَّكَاةِ تَنْمِيَةً لِلْأَمْوَالِ وَتَكْثِيرًا لِبَرَكَتِهَا، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ " أَيْ: إِنْ نَقَّصَتْ الصَّدَقَةُ الْمَالَ عَدَدِيًا فَإِنَّهَا لَنْ تَنْقِّصْهُ بَرَكَةً وَزِيَادَةً فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بَلْ يُخْلِفُ اللهُ بَدَلَهَا، وَيُبَارِكُ لَهُ فِي مَالِهِ.

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ مِنْ تَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ أَنْ يَجْعَلَهُ مَلْجئًا لِلنَّاسِ، وَسَبَبًا لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ، يُفَرِّجُ هَمَّهُمْ، وَيُنَفِّسُ كَرْبَهُمْ، وَيَقْضِي دَيْنَهُمْ، وَيُغِيثُ مَلْهُوفَهُمْ، وَيَنْصُرُ مَظْلُومَهُمْ. كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْكَ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيْكَ». وَهَذَا الْمَعْنَى الْجَلِيلُ حِينَمَا اسْتَشْعَرَهُ الْأَوَّلُونَ كَانُوا يَتَنَافَسُونَ عَلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ، وَيَتَزَاحَمُونَ عَلَى تَفْرِيجِ الْكُرَبِ، حَتَّى لَوْ أَدَّى بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى الْإِشْقَاقِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَبَذْلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ لِغَيْرِهِمْ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ لَا أُكَافِئُهُمْ: رَجُلٌ بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ، وَرَجُلٌ وَسِّعَ لِي فِي الْمَجْلِسِ، وَرَجُلٌ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْمَشْيِ إِرَادَةَ التَّسْلِيمِ عَلَيَّ، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَا يُكَافِئُهُ عَنِّي إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، قِيلَ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: رَجُلٌ بَاتَ لَيْلَتَهُ يُفَكِّرُ بِمَنْ يُنْزِلُهُ حَاجَتَهُ ثَمَّ رَآنِي أَهْلًا لِحَاجَتِهِ فَأَنْزَلَهَا بِي».

 

كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «صَاحِبُ الْمَعْرُوفِ لَا يَقَعُ، فَإِنْ وَقَعَ وَجَدَ مُتَّكًَا». وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:

مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يُعْدَمْ جَوَازِيَهُ
لَا يَذْهَبُ الْعُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أمَّا بَعْدُ...

عِبَادَ الله َ: سُنَّةُ الاِبْتِلاَءِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَمْرٌ حَتْمِيٌّ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ عُرْضَةٌ لِكَثِيرٍ مِنْهُ فِي دِينِهِ، وَفِي مَالِهِ، وَصِحَّتِهِ، وَوَلَدِهِ، وَأَمْنِهِ، وَهَكَذَا هِيَ الدُّنْيَا؛ وَكَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

 

وَقَالَ جَلَّ وَعَلاَ: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

 

وَمِنَ الاِبْتِلاَءَاتِ فِي الدُّنْيَا: الاِبْتِلاَءُ بِالْفَقْرِ وَالْعِوَزِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32].

 

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ؛ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

 

وكان رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ» [رواه النسائي بِسَنَدٍ صَحِيْح].

 

وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لأَنَّ لِلْفَقْرِ شِدَّةً وَلأْوَاءَ، وَهُمُومًا وَفِتْنَةً وَعَنَاءً!

 

عبادالله: تَفَقَّدُوا الْفُقَرَاءَ والْمُنْكَسِرِينَ، وَالْمَسَاكِينَ والْمُعْوِزِينَ والْمُعْسِرِينَ؛ تَكُونُوا مِنَ الْفَائِزِينَ بِرِضَا رَبِّ الْعَالَمِينَ الْقَائِلِ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262].

 

عِبَادَ الله، هُنَاكَ مَواقِعُ وَجِهَاتٌ لَهَا دَورٌ تُسْهِمُ مِنْ خِلَالِهِ فِي سَدِادِ دُيُونِ الفُقَرَاءِ وَالْمُعْسِرِيْنَ؛ والَّذِيْنَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ السُّبُل؛ كمنَصَّةِ "إِحْسَانَ"، وَهِيَ جِهَةٌ مَوْثُوقَةٌ، والْقَائِمُونَ عَلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالاطْمِئْنَان؛ فَتَسْتَطِيْعُ مِنْ خِلَالِهَا سَدَادَ دُيُونِ الْمُعْسِرِيْن؛ كَذَلِكَ إِذَا وَصَلَتْكَ فَاتُورَةٌ لِسَدَادِ دَيْنِ مَديْنٍ؛ مِنَ الفَوَاتِيْرِ الصَّادِرَةِ مِنْ مَحَاكِمِ التَّنْفِيْذِ؛فَلَا تَتَرَدَّدْ بِسَدَادِ مَا تَسْتَطِيْعُ مِنْهَا طَالَمَا أَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنْ قِبَلِ جِهَاتٍ رَسْمِيَّةٍ مُوَثَّقَةٍ، وَتَأَكَّدْتَ مِنْهَا؛ فَلَا تَبْخَلْ وَلَا تَتَرَدَّدْ فِيْ دَفْعِ مَا تَجُودُ بِهِ نَفْسُكَ وَلَو بِالْيَسِيْرِ؛ فَقَلِيْلٌ مِنْكَ؛ وَمِنْ غَيْرِكَ يُسْهِمُ بِإِذْنِ اللهِ فِي تَفْرِيْجِ كُرْبَةٍ عَنْ أُسَرٍ؛ وَعَنْ عَوَائِلَ؛ وَعَنْ مُعْوِزِيْنَ؛ وَمِنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةْ؛ وَمَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ؛ نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ؛ وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَونِ أَخِيْه؛ وَتَفْرِيْجُ كُرْبَةِ مَكْلُوْمٍ فِيْهِ خَيْرٌ عَظِيْم.

 

أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُفَرِّجَ هَمَّ الْمَهْمُوْمِيْنَ وَأَنْ يَشْفِيَ مَرْضَانَا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِيْن.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الصدقة
  • الصدقة (3 / 2)
  • الصدقة (3 / 3)
  • حديث: أسبغ الوضوء، ولا تأكل الصدقة، ولا تنز الحمير على الخيل
  • تحقيق تخريج مسألة (الصدقة تدفع ميتة السوء)
  • تحقيق تخريج مسألة (لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق في الصدقة)
  • الصدقة وفضلها
  • خطبة: فضائل الصدقة والحث عليها في الشتاء
  • إخفاء الصدقة
  • أفضل الصدقة
  • الصدقة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليد العليا خير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألق بذر الكلمة؛ فربما أنبتت!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة الحديث: الأعمال التي يجري نفعها بعد الموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استجابة الله تعالى لأدعية النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسبيح والتحميد يملآن ما بين السماء والأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكرامة قبل العطاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مرتكزات منهج التيسير في الشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/4/1447هـ - الساعة: 15:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب