• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دراسة تحليلية حديثية في قول الشافعية (إذا صح ...
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    السيرة النبوية وتعزيز القيم والأخلاق في عصر ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الأول: مقدمة عن ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام تكبيرة الإحرام: دراسة فقهية مقارنة (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    منهج الشوكاني في توضيح مشكل القرآن بالسنة في فتح ...
    ريما بنت فهد بن سليمان اللزام
  •  
    أوراق متساقطة falling leaves - مترجم للغة ...
    حكم بن عادل زمو النويري العقيلي
  •  
    لقاء مفتوح (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الكنوز العشرة الثمينة لكسب الأجور العظيمة (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    السؤال التعليمي في السنة النبوية: مفهومه وأهميته ...
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الرابع
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة (من قول المؤلف: ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف تحفظ القرآن بإتقان: دليل عملي مبني على تجارب ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

خطبة التشويق إلى بيت الله الحرام

خطبة التشويق إلى بيت الله الحرام
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/7/2018 ميلادي - 29/10/1439 هجري

الزيارات: 52305

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خُطْبَةُ التَّشوِيقِ إلى حَجِّ بيتِ اللهِ الحَرَامِ

 

إنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ، ونَستَعِينُهُ، ونَستَغفِرُهُ، ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنَا، ومِنْ سَيِّئاتِ أَعمَالِنَا.

مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هادِيَ لَهُ، وأَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشهَدُ أنَّ محمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70].

 

أمَّا بعدُ:

أَمَرَ اللهُ الخَلِيلَ إبراهيمَ - عليهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ - بعدَ انتِهَائِهِ مِنْ بِنَاءِ البَيتِ أنْ يُؤَذِّنَ للنَّاسِ بالحَجِّ، فقالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج:27]، قالَ ابنُ كَثِيرٍ في تَفسِيرِهَا: «أَيْ نَادِ في النَّاسِ بالحَجِّ، دَاعِيًا لهمْ إلى الحَجِّ إلى البَيتِ الذي أَمَرْنَاكَ.

 

نَادِ وَعَلَيْنَا الْبَلَاغُ، فَقَامَ عَلَى مَقَامِهِ، وَقِيلَ عَلَى الْحَجَرِ، وَقِيلَ عَلَى الصَّفَا، وَقِيلَ عَلَى أبي قُبَيْسٍ - جَبَلٍ قَرِيبٍ مِنَ الكَعْبَةِ -، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ، فَيُقَالُ إِنَّ الْجِبَالَ تَوَاضَعَتْ حَتَّى بَلَغَ الصَّوْتُ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، وَأَسْمَعَ مَنْ فِي الْأَرْحَامِ وَالْأَصْلَابِ، وَأَجَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَهُ مِنْ حَجَرٍ وَمَدَرٍ وَشَجَرٍ، وَمَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

 

عِبَادَ اللهِ: يَقْتَرِبُ مِنَّا فِي هذهِ الأَيَّامِ مَوعِدُ فَرِيضَةِ الحَجِّ التي افتَرَضَهَا اللهُ - سُبحَانَهُ - عَلَى عِبَادِهِ، وَحَثَّ عَلَيهَا في كِتَابِهِ، كَمَا حَثَّ عَلَيهَا رَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-، ونَدَبَ إلَيهَا أُمَّتَهُ، والحَجُّ رُكْنٌ مِن أَركَانِ الإِسلَامِ ومَبَانِيهِ العِظَامِ، دَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ والإِجْمَاعُ، فَمَنْ جَحَدَهُ أَو أَبْغَضَهُ بَعْدَ البَيانِ كَفَرَ، فيُستَتَابُ فإنْ تَابَ وإِلَّا قُتِلَ، ومَن تَهَاوَنَ بِهِ فهو عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ.

 

والحَجُّ - يا عِبَادَ اللهِ - يَهدِمُ مَا قَبْلَهُ، والحَاجُّ يَعُودُ بَعْدَ حَجِّهِ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، والحَجُّ أفضلُ الأعمالِ بَعْدَ الإيمانِ والِجهَادِ، والحُجَّاجُ والعُمَّارُ وَفْدُ اللهِ إنْ سَأَلُوه أَعطَاهم، وإنْ دَعَوهُ أَجَابَهُم، وإنْ استَغفَرُوهُ غَفَرَ لهمْ، ونَفَقَتُهم في سَبيلِ اللهِ، مَخْلُوفَةٌ عَلِيهم، وهمْ مُعَانُونَ في أدَاءِ النُّسُكِ، ويُبَاهِي اللهُ بهمْ مَلَائِكَتَهُ في صَعِيدِ عَرَفَاتٍ، ويَتَجَلَّى لهمْ ويقولُ: انصَرِفُوا مَغْفُورًا لكمْ.

 

أيُّها المسلِمُونَ: ومعَ هذهِ الفَضَائِلِ وغيرِها نَجِدُ مِنْ أُمَّةِ الإسلَامِ مَن تَمْرُّ عليهِ السُّنُونَ وتَتَوَالَى عليهِ الأَعوامُ ولمْ يَحُجَّ مع قُدْرَتِهِ، وَكأنَّ الحَجَّ قدْ فُرِضَ عَلَى غيرهِ.

 

فبعضُهمْ تَجَاوَزَ العِشرينَ سَنَةً أوِ الثَّلَاثِينَ أوِ الأربعينَ، أو رُبَّمَا الخمسينَ، بلْ بعضُهمْ أكثرَ مِن ذلكَ بكثيرٍ ولمْ يخطرْ بِبَالِهِ أنْ يَحُجَّ بيتَ اللهِ الحَرَامَ، أو أنَّهُ نَوَى لَكِنَّهُ تَكَاسَلَ وأَخَّرَ وَسَوَّفَ، وقدْ تَكَرَّمَ اللهُ عليهِ بِصِحَّةٍ في الجِسمِ، وعَافِيَةٍ في البَدَنِ، وسَعَةٍ في المَالِ، وأَمْنٍ في الوَطَنِ، ثُمَّ هو يُسَافِرُ ويَتَنَزَّهُ إلى مَشَارِقِ الأرضِ ومَغَارِبِهَا، فإذا جَاءَ مَوسِمُ الحَجِّ حَضَرَتِ المُلْهِيَاتُ والمُثَبِّطَاتُ، وكأَنَّ الحَجَّ ليسَ رُكْنًا مِن أركانِ الإسلَامِ العِظَامِ، أو كأنَّه غيرَ مُكَلَّفٍ أو غيرَ مُخَاطَبٍ بهِ.

 

قالَ العَلَّامَةُ محمدُ بنُ عثيمين - رحمه الله -: «فالاستِطَاعَةُ بالمَالِ أنْ يَملِكَ الإنسانُ مَا يَكْفِي لِحَجِّهِ زَائِدًا عَلَى حَوَائِجِ بَيتِهِ، ومَا يَحتَاجُهُ مِن نَفَقَةٍ وكِسْوةٍ لَهُ ولِعِيالِهِ، وأُجْرَةِ سَكَنٍ، وقَضَاءِ دُيُونٍ حَالَّةٍ.

 

فمَنْ كانَ عِندَهُ مَالٌ يَحتَاجُهُ لِمَا ذُكِرَ لمْ يَجِبْ عليهِ الحَجُّ، ومَن كانَ عليهِ دَيْنٌ حَالٌّ لمْ يَجِبْ عليهِ الحَجُّ حتَّى يُوَفِّيَهُ.

والدَّينُ كلُّ مَا ثَبَتَ في ذِمَّةِ الإنسانِ مِن قَرْضٍ وثَمَنِ مَبِيعٍ وأُجْرَةٍ وغيرِها. فمَنْ كانَ في ذِمَّتِهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ حَالٌّ فهو مَدِينٌ، ولَا يَجِبُ عليهِ الحَجُّ حتَّى يَبرَأَ منهُ بِوَفَاءٍ أو إسْقَاطٍ؛ لأنَّ قضاءَ الدَّينِ مُهِمٌّ جِدًّا، حتَّى إنَّ الرَّجُلَ لوْ قُتِلَ في سَبِيلِ اللهِ شَهِيدًا فإنَّ الشَّهَادَةَ تُكَفِّرُ عنهُ كلَّ شيءٍ إلَّا الدَّينَ فإنَّها لَا تُكَفِّرُهُ، وحتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيَمُوتُ وعليهِ الدَّينُ فَتُعَلَّقُ نَفْسُهُ بِدَينِهِ حتَّى يُقضى عنهُ، كما رُوِيَ ذلكَ عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وحتَّى إنَّ الرَّجُلَ يُؤتَى بِهِ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِيُصَلِّيَ عليهِ، فيَسألُ هل عليهِ دَينٌ؟ فإذا قالوا: عليهِ دَينٌ لَا وَفَاءَ لَهُ تَأَخَّرَ ولمْ يُصلِّي عليهِ، وقال: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ".

 

والحَجُّ أيها الكرام وَاجِبٌ عَلَى الفَورِ عَلَى الصَّحيحِ مِن أَقوالِ أَهلِ العِلمِ، فمَتَى استَطَاعَ المُسلِمُ الحَجَّ وتَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ وُجُوبِهِ وَجَبَ أَنْ يُعَجِّلَ بأَدَاءِ فَرِيضَةِ اللهِ فيهِ، ولمْ يَجُزْ لَهُ تَأخِيرُه ولَا التَّهاونُ بِهِ.

 

قالَ سماحةُ الشَّيخِ عبدُ العزيزِ بنُ بازٍ - رحمه الله -:« مَن قَدَرَ عَلَى الحَجِّ ولمْ يَحُجَّ الفَرِيضَةَ وأَخَّرَهُ لغيرِ عُذْرٍ، فقدْ أَتَى مُنكَرًا عظيمًا ومَعصيةً كبيرةً، فالواجبُ عليهِ التَّوبةُ إلى اللهِ مِن ذلكَ والبِدَارُ بالحَجِّ؛ لقولِ اللهِ - سبحانه -: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].

 

ولقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتِ» مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ؛ ولقولهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا سألَهُ جَبْرَائيلُ - عليه السلامُ - عنِ الإسلامِ، قال: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا». اهـ

 

عبدَ اللهِ: حُجَّ إلى بيتِ اللهِ الحَرَامِ، وأَدِّ فَرْضَكَ قبلَ أنْ يَحُجَّ عنكَ أَقَارِبُك إنْ اخْتَرَمَكَ المَنُونُ قبلَ الحَجِّ الواجبِ، وأنْ تَحُجَّ بنَفْسِكَ خَيرٌ لكَ مِن أنْ يَتَصَدَّقَ عليكَ أحدُ أقارِبِكَ بالحَجِّ نِيَابَةً عَنكَ، واحْمَدْ رَبَّكَ أنْ مَنَحَكَ القُدْرَةَ البَدَنِيَّةَ والمَالِيَّةَ عَلَى ذلكَ، فكمْ مِن مُسلِمٍ حَبَسَهُ جَسَدُهُ المَرِيضُ أو جِرَاحَاتُهُ عنِ الحَجِّ، واضطُرَّ إلى استِنَابَةِ غَيرِهِ في هذهِ الفَريضَةِ العَظِيمَةِ.

 

أيُّها المسلِمُونَ: إنَّ المؤمِنَ إذا أَدَّى الَحجَّ والعُمْرَةَ بعدَ بُلُوغِهِ مَرَّةً واحِدَةً، فقدْ أَسقَطَ الفَرِيضَةَ عن نَفْسِهِ وأَكْمَلَ بذلكَ أركانَ إسلامِهِ، ولمْ يَجِبْ عليهِ بعدَ ذلكَ حَجٌّ ولاَ عُمْرَةٌ إلَّا أنْ يَتَطَوَّعَ أو أنْ يَنْذُرَ الحَجَّ أو العُمْرَةَ، فمَنْ نَذَرَهُمَا وَجَبَ عليهِ الوَفَاءُ بِمَا نَذَرَ؛ لقولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» رواه البخاري.

 

بلْ إنَّ مُدَاوَمَةَ الحَجِّ مِنَ العَمَلِ المُرَغَّبِ فيهِ، المُحبَّبِ إلى اللهِ -تعالى-، فَفِي الصَّحِيحَين أنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» مُتَّفَقٌ عَليهِ، وأخرَجَ ابنُ حِبَّانَ بسَنَدٍ صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «قَالَ اللَّهُ: إِنَّ عَبْدًا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ لَمَحْرُومٌ».

 

ومَنْ كانتْ نَفْسُهُ - يا عبادَ اللهِ - تَتُوقُ إلى الحَجِّ وتَتَلَهَّفُ إلى بَيتِهِ العَتِيقِ وأَدَاءِ هذا الرُّكْنِ العَظيمِ، فحَالَ دُونَ ذلكَ عَجْزٌ مَاليٌّ، أو ضَعْفٌ صِحِّيُّ، أو مَانِعٌ أَمْنيٌّ، فأَبْشِرْ بالخيرِ فإنَّ نِيَّتَكَ عندَ رَبِّكَ قدْ بَلَغَتْ مَا بَلَغَتْ.

 

نسألُ اللهَ -تعالى- أنْ يُعينَنَا عَلَى العَمَلِ الذي يُرْضِيهِ عَنَّا، وأنْ يُيَسِّرَ لِمَنْ أَرَادَ الحَجَّ حَجَّهُ ويُعِينَهُ عليهِ، إنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحبِهِ أجمعينَ.

 

الخُطبَةُ الثَّانيةُ

الحمدُ للهِ الذي جَعَلَ البيتَ الحَرَامَ مَثَابَةً للنَّاسِ وأَمْنًا، وجَعَلَ زِيَارَتَهُ والطَّوافَ بِهِ مَنْجَاةً مِنَ العَذَابِ وحِصْنًا، وجَعَلَ الحَجَّ مِن بينَ أركانِ الإسلامِ فَرِيضَةَ العُمْرِ، وأَكمَلَ -تعالى- بِهِ الدِّينَ، وأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أيُّها المُؤمِنُونَ: وممَّا يَنْبَغِي تَذْكِيرُهُ أنَّه لَا يَحِلُّ لِزَوْجٍ أَنْ يَمنَعَ زَوْجَتَهُ مِن أَدَاءَ فَرْضِهَا، فقدْ ذَهَبَ جمهورُ العلماءِ إلى أنَّه ليسَ للزَّوجِ أنْ يَمْنَعَ زوجتَه مِنْ حَجِّ الفَرْضِ، إذا وَجَدَتْ مَحْرَمًا.

 

يقولُ الشَّيخُ عبدُ اللهِ بنُ جِبرِينٍ - رحمه الله -: «يَحْرُمُ عَلَى الزَّوجِ مَنْعَ زَوجَتِهِ بدُونِ سَبَبٍ، ويَجُوزُ لَهَا - والحَالُ مَا ذُكِرَ - أنْ تَحُجَّ معَ أخِيهَا ولَوْ لمْ يُوافِقْ زوجُها لِتَعَيُّنِ الفَرْضِ كَتَعَيُّنِ الصَّلَاةِ والصِّيامِ؛ فَحَقُّ اللهِ أَوْلَى بالتَّقْدِيمِ، ولَا أَحَقِّيَّةَ لهذا الزَّوجِ الذي يمنعُ زوجتَه مِن أَدَاءَ فَرِيضَةِ الحَجِّ بِلَا مُبَرِّرٍ». اهـ

 

وكذلكَ يَنْبَغي تَرْغِيبُ الأَولَادِ في الحَجِّ مَتَى انْطَبَقَتْ عَلِيهِمُ الشُّرُوطُ، وَليسَ للِوَالِدٍ أَنْ يَمْنَعَ وَلَدَهُ مِنْ أَدَاءِ فَرْضِهِ؛ شُحًّا بِهِ، أَوْ خَوْفًا عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الشَّفَقَةَ الحَقِيقِيَّةَ هِيَ فِي الخَوْفِ عَلَى الأَوْلَادِ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ -تعالى- بِتَرْكِهِمْ فَرَائِضَهُ - سُبْحَانَهُ.

 

ومَنْ كانَ منكمْ - أَيُّها الإخوةُ - عِنْدَهُ أَحَدٌ مِن العُمَّالِ وهو لمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الفَرِيضَةِ، فإنَّهُ يَنْبَغي لَهُ أنْ يُسَهِّلَ لَهُ الأَمْرَ، وأنْ يُعينَهُ عَلَى ذَلِكَ، وأن لا يَمْنَعَهُ مِنَ الحَجِّ؛ لأَنَّهُ يُؤجَرُ عَلَى هذا، فإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا، فَقَدْ غَزَا». ولَا يَتَعَذَّرُ بِحِجَّةِ أنَّ العَمَلَ يَتَعَطَّلُ، أوْ أنَّ المكفولَ جَدِيدٌ ولَا بُدَّ أنْ يَمضِيَ عَدَدًا مِن السَّنَوَاتِ حتَّى يَأذَنَ لَهُ بالحَجِّ، فَلَرُبَّمَا سَافَرَ العَامِلُ وضَاعَتْ عَليهِ فُرْصَةُ الحَجِّ.

 

ويَنْبَغي كذلكَ إذا رَأَينَا شَخْصًا لمْ يُؤَدِّ الفَرِيضَةَ - وهو مُحتَاجٌ إلى المُسَاعَدَةِ - أن نسَاعِدَهُ بقَدْرِ مَا نَستَطِيعُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كانَ اللهُ في حَاجَتِهِ.

 

عِبَادَ اللهِ: عَلَى مَن نَوَى الحَجَّ أَنْ يَسْتَعِدَّ له مُبَكِّرًا بِاخْتِيَارِ حَمْلَتِهِ، وَاسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِهِ، وَتَعَلُّمِ أَحْكَامِهِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَفُوتُهُمْ قَضَاءُ فَرْضِهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ بِسَبَبِ تَأَخُّرِهِمْ فِي الاسْتِعْدَادِ لِلْحَجِّ، فَإِذَا أَغْلَقَتِ الحَمَلاَتُ تَسْجِيلَهَا، وَامْتَلَأَتْ بِحُجَّاجِهَا، تَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ حَمْلَةً يَحُجُّ مَعَهَا، وَهَذَا دَأْبُهُ فِي كُلِّ عَامٍ، وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا عَذْرٌ صَحِيحٌ.

وَالتَّفْرِيطُ مِنْهُ لاَ مِنْ غَيْرِهِ!

 

أيها الكرام:

هَا نَحنُ - أيها الأحبةُ - نَبدأُ بإذنِ اللهِ تعالى في إحدَى الأشهُرِ الحُرُمِ الأَربعةِ والتي قالَ اللهُ تعالى فيهَا: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ... ﴾ [التوبة: 36].

 

• فالأَشهُرُ الحُرمُ أَربعةٌ: رَجبٌ وذو القَعدةِ وذو الحِجةِ ومحرَّمٌ. وسَببُ تَحريمِ هذه الأَشهُرِ الأَربعةِ لأَجلِ التَّمكُّنِ مِن الحَجِّ والعُمرةِ، فحُرِّمَ شَهرُ ذَي الحِجَّةِ لوقُوعِ الحَجِّ فيهِ، وحُرِّمَ مَعهُ شَهرُ ذِي القعدةِ للسَّيرِ فيهِ إلى الحَجِّ، وشَهرُ المحرَّمِ للرجوعِ فيه مِنَ الحجِّ حتَّى يَأمنَ الحَاجُّ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيه، وَحُرِّمَ شَهْرُ رَجَبٍ لِلاِعْتِمَارِ فِيه فِي وَسَطِ السَّنَةِ، فَيَعْتَمِرُ فِيهِ مَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ.

 

وَهَذِهِ الأَشْهُرُ مِمَّا عَظَّمَهَا اللهُ سُبْحَانَه فِي كِتَابِهِ، فَيَجِبُ عَلَينَا أَنْ نُعَظِّمَ مَا عَظَّمَ اللهُ، فَإِنَّ تَعْظِيمَنَا يُعَدُّ عِبَادَةً قَلْبِيَّةً مِنْ أَجَلِّ الْعِبَادَاتِ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رحمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ أَيْ فِي هَذِهِ الأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لأَنَّهَا آكَدُ وَأَبْلَغُ فِي الإِثْمِ مِنْ غَيْرِهَا، كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِي فِي الْبَلَدِ الْحَرامِ تُضَاعَفُ؛ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25] اهـ.

 

أيها الإخوة: إِنَّ عَدَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ لاَ يَعْلَمُونَ هَذِهِ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَعَدَدًا آخَرَ قَدْ يَعْلَمُونَهَا وَلَكِنْ لَا يُعَظِّمُونَهَا كَمَا أَمَرَ اللهُ. وَالْعَرَبُ كَانُوا يُعْظِّمُونَهَا جداً حَتَّى لَوْ لَقِيَ الرَّجُلُ قَاتِلَ أَبِيهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. وَالسَّيِّئَةُ تُعْظَّمُ أَحيانًا بِسَبَبِ شَرَفِ الزَّمانِ أَوِ الْمَكَانِ أَوْ الْفَاعِلِ، فَالسَّيِّئَةُ أَعْظَمُ تَحْرِيمًا عِنْدَ اللَّهِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَفِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِشَرَفِهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَالْخَطِيئَةُ فِي الْحَرَمِ أَعْظَمُ لِشَرَفِ الْمَكَانِ؛ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "تُضَاعَفُ مَقَادِيرُ السَّيِّئَاتِ فِيهِ لا كَمِّيَّاتُهَا، فَإِنَّ السَّيِّئَةَ جَزَاؤُهَا سَيِّئَةٌ، لَكِنْ سَيِّئَةٌ كَبِيرَةٌ جَزَاؤُهَا مِثْلُهَا، وَصَغِيرَةٌ جَزَاؤُهَا مِثْلُهَا، فَالسَّيِّئَةُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَلَدِهِ وَعَلَى بِسَاطِهِ آكَدُ وَأَعْظَمُ مِنْهَا فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا لَيْسَ مَنْ عَصَى الْمَلِكَ عَلَى بِسَاطِ مُلْكِهِ كَمَنْ عَصَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ مِنْ دَارِهِ وَبِسَاطِهِ".

صَلَّوا وسلموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وداعا حجاج بيت الله الحرام
  • مقاصد وحكم وأحكام حج بيت الله الحرام (خطبة)
  • كازاخستان: المفتي يودع حجاج بيت الله الحرام
  • من توجيهات الإسلام لحجاج بيت الله الحرام
  • حج الأنبياء لبيت الله الحرام
  • شعيرة الصيام مقدمة لحج بيت الله الحرام
  • الرحلة إلى بيت الله الحرام
  • أشواق وحنين إلى بيت الله الحرام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة: معالم القدوة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كيف أعد نفسي للتربية الإسلامية؟(استشارة - الاستشارات)
  • صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم المسجد المفتوح ببلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/4/1447هـ - الساعة: 15:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب