• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الجزاء من جنس العمل (خطبة)

الجزاء من جنس العمل (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2017 ميلادي - 12/4/1439 هجري

الزيارات: 85210

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجزاء من جنس العمل

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، للهِ تَعَالى في خَلقِهِ وَفي الكَونِ سُنَنٌ ثَابِتَةٌ، لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ، وَلا تَزُولُ وَلا تَحُولُ، وَمِن تِلكَ السُّنَنِ العَظِيمَةِ المُحكَمَةِ، أَنَّهُ - تَعَالى - قَد جَعَلَ لِكُلِّ بَذرَةٍ ثَمَرَةً، وَقَدَّرَ لِكُلِّ عَمَلٍ نَتِيجَةً، وَبِحَسَبِ مَا يَزرَعُ كُلُّ امرِئٍ يَحصُدُ وَلا بُدَّ، وَمِن جِنسِ مَا يَعمَلُ يَلقَى جَزَاءَهُ أَمَامَهُ. وَمِن تَمَامِ عَقلِ الإِنسَانِ وَعَمِيقِ فَهمِهِ، أَنَّهُ لا يَنتَظِرُ ثَمَرًا لِغَيرِ مَا بَذَرَ، وَلا يَتَوَقَّعُ أَن يَحصُدَ إِلاَّ مَا زَرَعَ، وَقَد وَرَدَت في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ وَأَحَادِيثُ وَاضِحَاتٌ، تَذكُرُ جَزَاءَ المُحسِنِينَ وَعَاقِبَةَ المُسِيئِينَ، حَيثُ يَرَى المُحسِنُونَ الجَزَاءَ طَيِّبًا مِن جِنسِ أَعمَالِهِمُ الطَّيِّبَةِ، وَيَجِدُ المُسِيئُونَ العَاقِبَةَ سَيِّئَةً بِحَسبِ مَا قَدَّمُوه مِن سُوءٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ المَولى - سُبحَانَهُ - تَرغِيبًا لِعِبَادِهِ في الأَعمَالِ الطَّيِّبَةِ الصَّالِحَةِ وَحَثًّا لَهُم عَلَيهَا، وَتَرهِيبًا لَهُم مِنَ الأَعمَالِ الخَبِيثَةِ السَّيِّئَةِ وَتَقبِيحًا لَهَا عِندَهُم، قَالَ تَعَالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -:﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124، 126] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ [النحل: 88] أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ النَّتَائِجَ الَّتي يَرَاهَا الإِنسَانُ وَيَجِدُهَا بَينَ يَدَيهِ حَتَّى في دُنيَاهُ قَبلَ أُخرَاهُ، إِنَّمَا هِيَ ثَمَرَةُ مَا عَمِلَ وَقَدَّمَ، فَمَن حَفِظَ اللهَ وَأَوفَى بِعَهدِهِ، حَفِظَهُ اللهُ وَأَوفَى لَهُ بِعَهدِهِ، وَمَن ضَيَّعَ ذَلِكَ ضَيَّعَهُ اللهُ جَزَاءً وِفَاقًا، وَمَن أَحسَنَ وَجَدَ جَزَاءَهُ حُسنًا، وَمَن أَسَاءَ عُوقِبَ بِسَيِّئَةٍ يَجِدُهَا وَيَرَاهَا ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46] قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ [البقرة: 40] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [الشورى: 23] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وَمِن رَحمَتِهِ تَعَالى بِعِبَادِهِ وَحُبِّهِ لأَن يَفعَلُوا الخَيرَ وَيُدِيمُوهُ، أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ أَحَدُهُم في الطَّاعَةِ ازدَادَ المَولَى مِنهُ قُربًا، وَكُلَّمَا أَكثَرَ مِن ذِكرِهِ سَوَاءً بِلِسَانِهِ أَو بِعَمَلِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالى يَذكُرُهُ وَهُوَ غَنيٌّ عَنهُ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ في الحَدِيثِ القُدُسيِّ: " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِن ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِن ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا، وَإِن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. بَل إِنَّهُ جَلَّ وَعَلا مِن تَمَامِ عَدلِهِ مَعَ عِبَادِهِ وَعَدَمِ ظُلمِهِ لأَحَدٍ وَلا هَضمِهِ مُحسِنًا مَا قَدَّمَهُ مِن إِحسَانٍ، فَإِنَّهُ يَجزِي الكَافِرَ بِالحَسَنَةِ حَسَنَةً في الدُّنيَا، وَأَمَّا الآخِرَةُ فَلا يَنَالُ مَا فِيهَا مِنَ الجَزَاءِ الطَّيِّبِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ إِلاَّ المُؤمِنُونَ المُخلِصُونَ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " إِنَّ الكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطعِمَ بِهَا طُعمَةً مِنَ الدُّنيَا، وَأَمَّا المُؤمِنُ فَإِنَّ اللهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَةِ، وَيُعقِبُهُ رِزقًا في الدُّنيَا عَلَى طَاعَتِهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَفي رِوَايَةٍ: " إِنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مُؤمِنًا حَسَنَةً يُعطَى بِهَا في الدُّنيَا وَيُجزَى بِهَا في الآخِرَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطعَمُ بِحَسَنَاتٍ مَا عَمِلَ بِهَا للهِ في الدُّنيَا، حَتَّى إِذَا أَفضَى إِلى الآخِرَةِ لم تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجزَى بِهَا ".

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمِن تَمَامِ هَذِهِ السُّنَّةِ الرَّبَّانِيَّةِ المُحكَمَةِ في أَنَّ الجَزَاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ، أَنَّهَا تَتَحَقَّقُ حَتَّى فِيمَا يَفعَلُهُ النَّاسُ بِبَعضِهِم وَمَا يَتَصَرَّفُ بِهِ كُلٌّ مِنهُم حِيَالَ الآخَرِ، رَوَى مُسلِمٌ في صَحِيحِهِ مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ - رضي اللهُ عنهما - أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَن كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ في حَاجَتِهِ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ " وَرَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ في مُسنَدِهِ مِن حَدِيثِ أَبي الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَن رَدَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ، رَدَّ اللهُ عَن وَجهِهِ النَّارَ يَومَ القِيَامَةِ " وَرَوَى مُسلِمٌ مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ مِن أَمرِ أُمَّتي شَيئًا فَشَقَّ عَلَيهِم فَاشقُقْ عَلَيهِ، وَمَن وَلِيَ مِن أَمرِ أُمَّتي شَيئًا فَرَفَقَ بِهِم فَارفُقْ بِهِ " وَرَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ مِن حَدِيثِ عَمرِو بنِ مُرَّةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِن إِمَامٍ يُغلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الحَاجَةِ وَالخَلَّةِ وَالمَسكَنَةِ، إِلاَّ أَغلَقَ اللهُ أَبوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسكَنَتِهِ " وَرَوَى مُسلِمٌ مِن حَدِيثِ هِشَامِ بنِ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنيَا " وَرَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: يَا ابنَ آدَمَ أَنفِقْ أُنفِقْ عَلَيكَ " وَفي الصَّحِيحَينِ أَيضًا مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِن يَومٍ يُصبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعطِ مُمسِكًا تَلَفًا " وَرَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ مِن حَدِيثِ أَبي بَرزَةَ الأَسلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَا مَعشَرَ مَن آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلم يَدخُلِ الإِيمَانُ قَلبَهُ، لا تَغتَابُوا المُسلِمِينَ، وَلا تَتَّبِعُوا عَورَاتِهِم؛ فَإِنَّهُ مَن يَتَّبِعْ عَورَاتِهِم يَتَّبِعِ اللهُ عَورَتَهُ، وَمَن يَتَّبِعِ اللهُ عَورَتَهُ يَفضَحْهُ في بَيتِهِ " قَالَ بَعضُ السَّلَفِ: أَدرَكتُ أَقوَامًا لم تَكُنْ لَهُم عُيُوبٌ، فَذَكَرُوا عُيُوبَ النَّاسِ، فَذَكَرَ النَّاسُ لَهُم عُيُوبًا، وَأَدرَكتُ أَقوَامًا كَانَت لَهُم عُيُوبٌ، فَكَفُّوا عَن عُيُوبِ النَّاسِ، فَنُسِيَت عُيُوبُهُم. وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الجَزَاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ، مَا بَشَّرَ بِهِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أُمَّ المُؤمِنِينَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا فَقَد رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَى جِبرِيلُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَد أَتَت، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَو طَعَامٌ أَو شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتكَ فَاقرَأْ عَلَيهَا السَّلامَ مِن رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ " وَالصَّخَبُ هو ارتِفَاعُ الأَصوَاتِ، وَالنَّصَبُ هُوَ التَّعَبُ، قَالَ الإِمَامُ السُّهَيلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: مُنَاسَبَةُ نَفيِ هَاتَينِ الصِّفَتَينِ، أَعني المُنَازَعَةَ وَالتَّعَبَ، أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا إِلى الإِسلامِ أَجَابَت خَدِيجَةُ طَوعًا، فَلَم تُحوِجْهُ إِلى رَفعِ صَوتٍ وَلا مُنَازَعَةٍ وَلا تَعَبٍ في ذَلِكَ، بَل أَزَالَت عَنهُ كُلَّ نَصَبٍ، وَآنَسَتهُ مِن كُلِّ وَحشَةٍ، وَهَوَّنَت عَلَيهِ كُلَّ عَسِيرٍ، فَنَاسَبَ أَن يَكُونَ مَنزِلُهَا الَّذِي بَشَّرَهَا بِهِ رَبُّهَا بِالصِّفَةِ المُقَابِلَةِ لِفِعلِهَا. انتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ. وَهَذَا جَعفَرُ بنُ أَبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لَمَّا قَاتَلَ في مَعرَكَةِ مُؤتَةَ وَقُطِعَت يَدَاهُ، عَوَّضَهُ اللهُ بِأَن جَعَلَهُ يَطِيرُ في الجَنَّةِ مَعَ المَلائِكَةِ، رَوَى الحَاكِمُ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رَأَيتُ جَعفَرَ بنَ أَبي طَالِبٍ يَطِيرُ مَعَ جِبرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَهُ جَنَاحَانِ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَاعمَلُوا صَالِحًا تَجِدُوُا غِبَّهُ في الدُّنيَا حَيَاةً طَيِّبَةً وَسَعَادَةً في قُلُوبِكُم، وَمَحَبَّةً مِنَ النَّاسِ وَثَنَاءً حَسَنًا وَدُعَاءً صَالِحًا، وَتَلقَوا ثَمَرَتَهُ في الآخِرَةِ ثَوَابًا جَزِيلاً وَأَجرًا عَظِيمًا، وَكَمَا تُحِبُّونَ أَن يَكُونَ اللهُ لَكُم فَكُونُوا، فَإِنَّ مَن أَقبَلَ عَلَى اللهِ بِكُلِّيَّتِهِ أَقبَلَ اللهُ عَلَيهِ جُملَةً، وَمَن أَعرَضَ عَنِ اللهِ بِكُلِّيَّتِهِ أَعرَضَ اللهُ عَنهُ جُملَةً، وَمَن كَانَ مَعَ اللهِ حِينًا وَحِينًا كَانَ اللهُ لَهُ كَذَلِكَ، وَمَن طَلَبَ لَذَّةَ العَيشِ وَطِيبَهُ بِمَا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيهِ، عَاقَبَهُ رَبُّهُ بِنَقِيضِ قَصدِهِ؛ فَإِنَّ مَا عِندَ اللهِ لا يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ، وَلم يَجعَلِ اللهُ تَعَالى مَعصِيَتَهُ سَبَبًا إِلى خَيرٍ قَطُّ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ ولا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الحَيَاةُ مَدرَسَةٌ كَبِيرَةٌ، يَتَلَقَّى الإِنسَانُ فِيهَا دُرُوسًا كَثِيرَةً، وَيَتَعَرَّضُ لامتِحَانَاتٍ عَدِيدَةٍ، وَيَدخُلُ في اختِبَارَاتٍ يَومًا بَعدَ يَومٍ وَمَوقِفًا بَعدَ مَوقِفٍ، وَالعَاقِلُ الفَطِنُ هُوَ مَن يَفعَلُ كَمَا يَفعَلُ الطَّالِبُ المُجتَهِدُ، حَيثُ يَستَفِيدُ مِن دَرَاسَتِهِ مَا يَتَجَاوَزُ بِهِ اختِبَارَاتِهِ، وَيُحَصِّلُ بِهِ الدَّرَجَاتِ العَالِيَةَ، وَأَمَّا المُبطِلُ أَوِ الجَاهِلُ، فَإِنَّهُ لا يَكَادُ يَستَفِيدُ مِمَّا في حَيَاتِهِ مِن دُرُوسٍ وَعِبَرٍ، بَل إِنَّ بَعضَ مَن حُرِمَ التَّوفِيقَ لا يَقتَصِرُ خِذلانُهُ عَلَى عَدَمِ الاستِفَادَةِ مِن تَجَارِبِ الحَيَاةِ وَمَوَاقِفِهَا وَمَا يَجرِي فِيهَا مِمَّا يَرَاهُ وَيُعَايِشُهُ، وَلَكِنَّهُ لا يَزدَادُ بِازدِيَادِ عُمُرِهِ وَنَقصِ أَجَلِهِ، إِلاَّ تَمَرُّدًا عَلَى القِيَمِ الجَمِيلَةِ، وَنِسيَانًا لِلأَخلاقِ الفَاضِلَةِ، ونقضًا لِلمَبَادِئِ الثَّابِتَةِ، فَيَظلِمُ وَيَبخَسُ، وَيَفجُرُ وَيَبغِي، وَيَشِحُّ وَيَبخَلُ، وَيَشتِمُ وَيَقذِفُ، وَيَكذِبُ في الشَّكَاوَى وَيُزَوِّرُ الدَّعَاوَى، وَقَد يَضرِبُ النَّاسَ وَيَعتَدِي عَلَيهِم، أَو يَسفِكُ دَمًا أَو يَهتِكُ عِرضًا، وَمَا عَلِمَ هَؤُلاءِ الجَاهِلُونَ أَنَّهُم إِنَّمَا يَجمَعُونَ عَلَى أَنفُسِهِم حَطَبًا يُحرِقُونَ بِهِ حَسَنَاتِهِم، وَيُوقِدُونَ بِهِ نِيرَانَ قُلُوبِهِم وَيُضَيِّقُونَ عَلَى أَنفُسِهِم، حَتَّى إِذَا لَقِيَ أَحَدُهُم رَبَّهُ لَقِيَهُ مُفلِسًا، جَزَاءَ تَبدِيدِهِ حَسَنَاتِهِ في أَيَّامِ حَيَاتِهِ. رَوَى مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَتَدرُونَ مَا المُفلِسُ؟! " قَالُوا: المُفلِسُ فِينَا مَن لا دِرهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ. فَقَالَ: " إِنَّ المُفلِسَ مِن أُمَّتي يَأتِي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأتِي قَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعطَى هَذَا مِن حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِن حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَت حَسَنَاتُهُ قَبلَ أَن يُقضَى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيهِ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنُحسِنْ إِلى أَنفُسِنَا بِالتَّزَوُّدِ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَإِلى النَّاسِ بِبَذلِ النَّدَى وَكَفِّ الأَذَى، لِنَنَالَ بِذَلِكَ الحُسنَى، فَقَد قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجزاء من جنس العمل
  • خطبة المسجد النبوي 5/2/1433 هـ - الجزاء من جنس العمل
  • الجزاء من جنس العمل في العقوبة
  • الجزاء من جنس العمل
  • خطبة في أن الجزاء من جنس العمل وأسباب شرح الصدر
  • الجزاء من جنس العمل
  • العمل شرف (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الجزاء من جنس العمل(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الجزاء من جنس العمل (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مراتب الفضل والرحمة في الجزاء الرباني على الحسنة والسيئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احترام العلماء وتوقيرهم: الجزاء من جنس العمل (أهل الحديث أنموذجا) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: الجزاء من جنس العمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجزاء من جنس العمل(مادة مرئية - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الجزاء من جنس العمل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جزاء العمل الصالح (3) الجزاء الأخروي(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ذلك جزاء المحسنين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب