• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - الدرس الأول: مقدمة عن ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام تكبيرة الإحرام: دراسة فقهية مقارنة (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    منهج الشوكاني في توضيح مشكل القرآن بالسنة في فتح ...
    ريما بنت فهد بن سليمان اللزام
  •  
    أوراق متساقطة falling leaves - مترجم للغة ...
    حكم بن عادل زمو النويري العقيلي
  •  
    لقاء مفتوح (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الكنوز العشرة الثمينة لكسب الأجور العظيمة (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    السؤال التعليمي في السنة النبوية: مفهومه وأهميته ...
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    مجلة الموعظة الحسنة الجدارية... العدد الرابع
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة (من قول المؤلف: ودليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    كيف تحفظ القرآن بإتقان: دليل عملي مبني على تجارب ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    أحكام الغيبة في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الحج والأضحية
علامة باركود

خطبة عن العمل الصالح في عشر ذي الحجة

خطبة عن العمل الصالح في عشر ذي الحجة
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/8/2017 ميلادي - 27/11/1438 هجري

الزيارات: 50971

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن العمل الصالح في عشر ذي الحجة

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ، أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَهِي وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿ وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].


عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ عَدَمٍ، وَأَصْلَحَ لَهُمْ مَعَاشَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ، رَفَعَ فَوْقَهُمُ السَّمَاءَ، وَبَسَطَ لَهُمُ الْأَرْضَ، ثُمَّ أَقَامَ لَهُمْ سُوقَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِيَرَى أَيُّهُمْ يُحْسِنُ العَمَلَ وَأَيُّهُمْ يُسِيءُ؛ فَالْغَايَةُ وَالْحِكْمَةُ مِنْ خَلْقِهِمْ هُوَ الْعَمَلُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7].

وقَالَ سُبحانَهُ ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7].


وَلْنَعْلَمْ جَمِيعًا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِنَّا عَمَلًا صَالِحًا فَإنَّ الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ وَالْفَضْلَ وَالْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ للهِ جَلَّ وَعَلا، فَمَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ دِينِيَّةٍ أَو دُنْيَوِيَّةٍ فَهِيَ مِنَ اللهِ، فَاللهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَنَا، وَاللهُ هُوَ الَّذِي رَزَقَنَا، وَاللهُ هُوَ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَأَعْطَانَا الصِّحَّةَ وَالقُوَّةَ وَعَافَانَا، وَوَهَبَنَا المَالَ وَالوَلَدَ وَحَبَانَا، وهُوَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا، وجَعَلَنَا لَهُ نَرْكَعُ وَنَسْجُدُ وَنَسْعَى إِلَيْهِ وَنَحْفِدُ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، فَلْيَحْمَدِ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَلْيَقُلْ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43]، فَكَمْ مِنْ كَافِرٍ يَوَدُّ أَنْ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، وكَمْ مِنْ عَاصٍ يَتَمَنَّى أَنْ لَوْ كَانَ طَائِعًا ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 27].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... أَلَا وَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَينَا أَنْ نَعْلَمَ أَيْضًا أَنَّنَا فِي وَقْتِ الزَّرْعِ وَالْبَذْرِ، فَمَنْ زَرَعَ حَصَدَ، وَمَنْ جَدَّ وَجَدَ، يَنْبَغِي أَنْ نَجْتَهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَإِنَّنا لَا نَدْرِي مَاذَا يَعْرِضُ لَنَا؛ وَهَذَا أَمْرُ اللهِ لِعِبَادِهِ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ أَمَرَ بِالْمُسَارَعَةِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

ألَا وإِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ هُوَ كُلُّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ، ظاهِرَةٍ وَباطِنَةٍ، فَكُلُّ شَيْءٍ جَاءَ بِهِ حَبِيبُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَرِّبُنَا إِلَى اللهِ فَهُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ.


الْعَمَلُ الصَّالِحُ -أَيُّهَا الإِخِوْةُ- دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَأَعْلَاهُ وَأَحَبُّهُ إِلَى رَبِّنَا جَلَّ وَعَلا هُوَ تَوْحِيدُهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، ثُمَّ أَعْظَمُهُ شَأْنًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْعَبْدُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيهِ، فَفِي الْحَديثِ الْقُدْسِيِّ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

"إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَأَفْضَلُ قُرْبَةٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا الْعَبْدُ لِرَبِّهِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ هِيَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا فَتَحَ اللهُ لَهُ مِنَ النَّوَافِلِ، وَمَنْ فُتِحَ لَهُ بَابٌ فِي الْعِبَادَةِ فَلْيُحَافِظْ عَلَيهِ؛ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ.


أَيُّهَا الْإِخْوَةُ... إِنَّ أَهَمِّيَّةَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا تَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ؛ وَيَكْفِي بُرْهَانًا عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ أَنَّ الْإيمَانَ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِهِ، فَإيمَانٌ بَلَا عَمَلٍ كَبَدَنٍ بَلَا رُوحٍ، إيمَانٌ بَلَا عَمَلٍ دَعْوَى كَاذِبَةٌ، إيمَانٌ بَلَا عَمَلٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يَكُونُ، وَلَيْسَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنِ اقْتِرَانِ الْإيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي جَمِيعِ آيِ الْقُرْآنِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف: 107]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ﴾ [لقمان: 8] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ.


أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ... إِنَّ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإيمَانِ ثَمَرَاتٍ طَيِّبَةً، وَعَوَاقِبَ حَسَنَةً، وَأُجُورًا كَبِيرَةً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، فَأَوَّلُ ذَلِكَ وَأَكْبَرُهُ فِي الدُّنْيَا: وَعْدُ اللهِ بالاسْتِخْلاَفِ فِي الْأرْضِ، وَتَمْكِينِ الدِّينَ وَالْأَمْنِ بَعْدَ الْخَوْفِ، قَالَ تَعَالَى ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55] وَكَمْ تَشْتَاقُ أَفْئِدَةُ أهْلِ الْإِسْلامِ فِي هَذَا الْعَصْرِ إِلَى هَذَا النَّصْرِ وَالظَّفَرِ، وَهَذَا التَّمْكِينِ وَالْأمَانِ، فَجُلُّ بِلادِ الْإِسْلامِ مَنْكُوبَةٌ مُمَزَّقَةٌ.


وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: حُصُولُ الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْجَزَاءِ الْوَفِيرِ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97] وَكَمْ مِنْ نَفْسٍ مَكْلُومَةٍ تَهْفُو إِلى حَيَاةٍ طَيِّبَةِ كَهَذِهِ؟!.

وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: حُصُولُ الْهِدَايَةِ والتَّوْفِيقِ، ولُزُومُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ؛ قَالَ جَلَّ وعَلاَ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9] وَمَنْ مِنَّا لا يَرْغَبُ فِي الْهِدَايَةِ ولا يَخَافُ مِنَ الْغِوَايَةِ؟!


وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: تَكْفِيرُ السَيِّئَاتِ، وإصْلاَحُ الْبَالِ، واسْتِقْرَارُ النَّفْسِ، قَالَ أَصْدَقُ القَائِلِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 2].

وهَلْ خَلَوْنَا جِميعًا مِنَ الذُّنُوبِ والْمَعَاصِي حَتَّى لا نَعْمَلَ لأَجْلِ هذَا الثَّوَابِ؟!

وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: دُخُولُ الْجَنَّاتِ، والْفَوْزُ بِمَا فِيهَا مِنَ مَكْرُمَاتٍ، قَالَ رَبُّكُمْ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57] والْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ أُمْنِيَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ.


وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: حِفْظُ النَّفْسِ وَالْأهْلِ وَالذُّرِّيَّةِ؛ فَهُوَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى صَاحِبِهِ فَحَسْبُ، بَلْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ سُورَةَ الْكَهْفِ فِيهَا شَاهِدٌ وَاضِحٌ وَبُرْهَانٌ سَاطِعٌ عَلَى ذَلِكَ، فَبَعْدَ أَنِ اسْتَنْكَرَ مُوسَى هَدْمَ الْخَضِرِ جِدارَ الْغُلاَمَيْنِ أَجَابَهُ بِمَا ذَكَرَ رَبُّنَا فِي كِتَابِهِ ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 82] فَحَفِظَ اللهُ الأَوْلادَ بِصَلاحِ آبَائِهِمْ، وتِلْكَ واللهِ مَكْرُمَةٌ عَظِيمَةٌ.


وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ: إِجَابَةُ الدُّعَاءِ، والاسْتِزَادَةُ مِنَ الْخَيْرَاتِ، قَالَ تعَالَى: ﴿ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [الشورى: 26] وَمَنْ مِنَّا لاَ يُحِبُّ ذَلِكَ وَيَسْعَى إِلَيْهِ؟!

أَلاَ وَإِنَّ أَعْظَمَ الثَّمَرَاتِ وأَحْسَنَ الْمَكْرُمَاتِ: دُخُولُ الْجَنَّاتِ والتَّمَتُّعِ بالنَّظَرِ إِلى وَجْهِ رَبِّ الأَرْضِ والسَّمَاوَاتِ، وذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ ولَيْسَ بَعْدَهُ فَضْلٌ، وتِلْكَ الْمِنَّةُ ولَيْسَ بَعْدَهَا مِنَّةٌ؛ فعَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَصَدَقَ اللهُ حَيثُ قَالَ: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26].


نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنَا لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِهِ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.. اللهمَّ آمين.


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، جَلَّ شَأْنُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُهُ وَلَا إلَهَ غَيْرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّهُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُحْسِنَ اغْتِنَامَ الْمَوَاسِمِ الْفَاضِلَةِ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي أَنْوَاعِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَإِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفْحَاتٍ، وَالسَّعِيدُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا، وَاغْتِنَامُ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ هُوَ تَوْفِيقٌ مِنَ اللهِ لِلْعَبْدِ وَمِنَّةٌ عَلَيهِ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذِهِ الْمَوَاسِمَ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ نَفْسُهُ وَتَسْكُنَ جَوَارِحُهُ:

تَزَوَّدْ قَرِينًا مِنْ فِعَالِكَ إنَمَّا
قَرِينُ الْفَتَى فِي الْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُ
فَلَنْ يَصْحَبَ الْإِنْسَانَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ
إِلَى قَبْرِهِ إلاَّ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ

 

وَمِنْ تِلْكَ النَّفْحَاتِ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- مَا نَحْنُ مُقْبِلُونً عَلَيه مِنْ أيَّامٍ لَا تُسَاوِيهَا أيَّامٌ، هِي أفْضَلُ أيَّامِ السَّنَةِ، أَلَا وَهِي عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ؛ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟" قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: "وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ".


وَاعْلَمُوا -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ كَثِيرٌ، وَالْعُمُرَ قَصِيرٌ، فَلْنَحْرِصْ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ، لَا سِيَّمَا إِلَى حَجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرامِ فَهُوَ مِنْ أفْضَلِ الْأَعْمَالِ؛ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ آثِمٌ، فَسَارِعُوا وَبَادِرُوا إِلَيهِ، وَلْنَأْخُذْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا نَسْتَطِيعُ؛ فَلْنَأْخُذْ مِنَ الصِّيَامِ وَالْقيامِ وَقِرَاءةِ الْقُرْآنِ مَا اسْتَطَعْنَا، وَلْنَحْرِصْ عَلَى الْعَمَلِ الْمُتَعَدِّي وَالَّذِي يَصِلُ أثَرُهُ للآخَرِينَ وَيَبْقَى؛ فَلْنَحْرِصْ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالدُّعَاءِ لَهُمَا، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَزِيَارَةِ الْمَسَاكِينِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ. فَتِلْكُمْ - وَاللهِ - جَنَّةٌ لَا يَعْدِلُهَا شَيءٌ أَبَدًا، وَصَدَقَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذ يَقُولُ: (إِنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الْآخِرَةِ).


نَسْأَلُ اللهَ تعَالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا فِيهِ مَرْضَاتُهُ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ والسَّيْرِ علَى هَدْيِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.

اللهمَّ وَفِّقْ ولي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بناصيته لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.

اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي مَشَارِقِ الأَرضِ ومَغَارِبِهَا، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وأَنْتَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفضائل العشر لعشر ذي الحجة (خطبة)
  • الاستنصار بالدعاء وعشر ذي الحجة
  • عشر ذي الحجة: بيان الفضل وكرائم المثوبة
  • الأعمال الصالحة وعشر ذي الحجة
  • من فضائل عشر ذي الحجة
  • أمهات أعمالنا.. عشرة من عشرة
  • الحج وذو القعدة (خطبة)
  • فضل عشر ذي الحجة
  • الأسرة واستثمار عشر ذي الحجة
  • عشر ذي الحجة (خطبة)
  • فضل العمل الصالح (خطبة)
  • العمل الصالح وشروط القبول
  • خطبة: نيل قطوف الجنة بطاعات عشر ذي الحجة

مختارات من الشبكة

  • خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن أعمال ترفع الدرجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الكوثر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأعمار تفنى والآثار تبقى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/4/1447هـ - الساعة: 2:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب