• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

لماذا نتبع النبي صلى الله عليه وسلم؟

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2017 ميلادي - 20/6/1438 هجري

الزيارات: 28078

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لماذا نتبع النبي صلى الله عليه وسلم؟

 

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا... أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - فَإِنَّهَا وَصِيَّةُ اللهِ لَكُمْ وَلِلأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ تَقْوَاهُ أَنْ يُطَاعَ فَلاَ يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلاَ يُنْسَى، ويُشْكَرَ فَلاَ يُكْفَرُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].


عِبَادَ اللَّهِ ... لَقَدْ اخْتَارَ اللهُ لِنَبِيِّهِ أَصْحَابًا يَحْمِلُونَ هَمَّ دَعْوَتِهِ وَيَسِيرُونَ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَيَسْلُكُونَ سَبِيلَهُ، أَصْحَابٌ تَرَكُوا الْغَالِيَ وَالنَّفِيسَ، وَهَجَرُوا الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ مِنْ أَجْلِ دَعْوَةِ الْحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى ضُرِبَ بِهِمُ الْمَثَلُ فِي الْاِتِّبَاعِ...

 

وَقَدْ أُمِرْنَا نَحْنُ أَنْ نَقْتَفِيَ آثَارَهُمْ وَأَنْ نَسِيرَ عَلَى دَرْبِهِمْ - وَهَذَا مَا تَحَدَّثْنَا عَنْهُ فِي الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ-، فَلِمَاذَا كَانَ هَذَا الاِتِّبَاعُ مِنَ الصَّحَابَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟؟ أَلِأَنَّهُ كَانَ قَرِيبُهُمْ؟؟ أَوْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِ حَتَّى صَارُوا أَغْنِيَاءَ، أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُمْ مَكَّةَ وَدُورَهَا، أَمْ أَنَّهُمْ عَاشُوا مَعَهُ فِي قُصُورٍ وَتَرَفٍ!! كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ؛ فَلَمْ يَكُونُوا أَقَارِبَهُ بَلْ كَانَ عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ هُوَ الَّذِي يَمْشِي وَرَاءَهُ وَيَقُولُ: "لَا تُصَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ".

 

وَلَمْ يَنْقِلْهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَقْرِ إِلَى الْغِنَى بَلْ كَانُوا يَأْكُلُونَ مَعَهُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ وَيَبِيتُ الوَاحِدُ مِنْهُمْ طَاوِيًا الْيَوْمَ والْيَوْمَيْنِ، يَقُولُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "لَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ -وَهُمَا مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ-، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ".

 

وَلَمْ يَحُوزُوا مِنْ وَرَاءِهِ الْقُصُورَ وَالدُّورَ بَلْ أُخْرِجُوا مِنْ مَكَّةَ تارِكِينَ دُورَهُمْ وَقَدْ رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ وَنَامُوا عَلَى الْحَصِيرِ وَالرِّمَالِ، حَتَّى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكَ؟" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَهَذَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ كَانَ أَعَزَّ فَتىً فِي مَكَّةَ وَأَغْنَاهُمْ وَأَحْسَنُهُمْ حَالاً، فَتَرَكَ مَالَهُ وَأَهْلَهُ وَأَرْضَهُ مُهَاجِرًا، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَجِدُوا مَا يَدْفِنُوهُ فِيهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَهُ بَكَى عَلَيْهِ وَقَالَ: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ".

 

إِنَّ الدَّافِعَ لَهُمْ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَ فِي دَعْوَتِهِ مَا يَجْعَلُ الْمَرْءَ يَتَّبِعُهُ حَقَّ الاتِّبَاعِ، بَلْ وَيَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، كَمَا قَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "يَا رَسُولَ اللهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي".

 

إِنَّ الدَّافِعَ لَهُمْ عَلَى اتِّبَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَنَّهُ كَانَ أَرْحَمَ الْخَلْقِ بِالنَّاسِ، وأَرْأَفَهُمْ بِهِمْ وَأَشَدَّهُمْ حِرْصًا عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ؛ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أَسْلِمْ" فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ".

 

إِنَّ الدَّافِعَ لَهُمْ عَلَى اتِّبَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَنَّهُ يَسْهَرُ اللَّيَالِيَ وَيقُومُ دَاعِيًا رَبَّهُ خَوْفًا عَلَى أُمَّتِهِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَرَأَ بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ، يَرْكَعُ بِهَا وَيَسْجُدُ بِهَا: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زِلْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى أَصْبَحْتَ، تَرْكَعُ بِهَا وَتَسْجُدُ بِهَا قَالَ: "إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي الشَّفَاعَةَ لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِيهَا، وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا". رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.

 

وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ [إبراهيم: 36]، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي"، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟" فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: "يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ". وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولُ: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

عِبَادَ اللهِ... إِنَّ الدَّافِعَ لأَصْحَابِهِ علَى اتِّبَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَنَّ اللهَ أَخْرَجَهُمْ بِهِ مِنْ ظُلُمَاتِ الشِّرْكِ وَرَدَاءَةِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى نُورِ الإِسْلَامِ؛ فَلَقَدْ عَاشَ النَّاسُ فِي ظُلُمَاتٍ ظَلْمَاءَ وَجَاهِلِيَّةٍ عَمْيَاءَ حَتَّى جَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..

 

واسْتَمِعُوا إِلَى وَاحِدٍ مِمَّنْ عَاشَ هَذِهِ الْجَاهِلِيَّةَ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهَا نُورَ الإِسْلاَمِ، يَقُولُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُخَاطِبًا النَّجَاشِيَّ: "أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ".

 

اللهُ أَكْبَرُ... أَيُّ دِينٍ -يَا عِبَادَ اللهِ- يَأْمُرُ بِهَذَا، وَأَيُّ مِلَّةٍ تَحُثُّ عَلَيْهِ، وَأَيُّ نِحْلَةٍ تَدْعُو لَهُ؟؟ إِنَّهُ الإِسْلامُ فَحَسْب!، هَذِهِ هِي الصِّفَاتُ وَالْمَكَارِمُ الَّتِي دَعَا إِلَيْهَا حَبِيبُكُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَفَلَا يَحِقُّ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَنْ يَتَّبِعُوهُ إِذَنْ؟ بَلَى وَاللهِ، فَإِنَّ فِي اتِّبَاعِهِ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَنَعِيمُ الْآخِرَةِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. لَقَدْ تَحَمَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَى وَالْمَتَاعِبَ، وَضُرِبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُصِيبَ فِي وَجْهِهِ الشَّرِيفِ، وَتَآمَرَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا لِيَقْتُلُوهُ أَوْ يَحْبِسُوهُ أَوْ يُخْرِجُوهُ، وَقَدْ أُخْرِجَ بِالْفِعْلِ مِنْ بَيْتِهِ وَأَرْضِهِ وَأَهْلِهِ وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِيَصِلَ إِلَيْنَا هَذَا الدِّينُ، فَحَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَعْرِفَ لَهُ حَقَّهُ وَفَضْلَهُ، وَأَنْ نَتَشَبَّثَ بِهَدْيِهِ، وَأَنْ نَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ أَجْدَادُنَا مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ حُسْنِ الاِتِّبَاعِ وَالْتِزَامِ السُّنَّةِ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الممتحنة: 6] أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

♦ ♦ ♦

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأَشْهَدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لاَ شريكَ لهُ ولِيُّ الصَّالِحِينَ، وأَشْهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرُ الْمُرْسَلِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُ وَتَفَيَّأَ ظِلَالَ هَدْيِهِ وَتَأَسَّى بِسُنَّتِهِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَعْقَلَ النَّاسِ وَأَحْسَنَهُمْ فَهْمًا، فَلَقَدْ اتَّبَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَازُوا شَرَفَ الدُّنْيَا، مُنْتَظِرِينَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ وَهُوَ وَاقِعٌ لَهُمْ لَا مَحَالَةَ.

 

لَقَدْ كَانَ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ اتِّبَاعِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِمَنِ اتَّبَعَهُ؛ فَالْمَحَبَّةُ فِي الدُّنْيَا وَغُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَرَحْمَةُ اللهِ تَغْشَى هَذَا الْمُتَّبِعَ.

 

لِمَ لَا يَتَّبِعُونَهُ وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ الْجَنَّةَ وَمَا فِيهَا لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَوَعَدَ بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ.. أَفَلَا نَنْتَبِهُ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- سَاعَةً مِنَ الزَّمَنِ نُحَاسِبُ فِيهَا أَنَفُسَنَا، أَفَلَا نَسْتَيْقِظُ بُرْهَةً مِنَ الْوَقْتِ نُرَاجِعُ فِيهَا أَعْمَالَنَا.

 

أَلَا تَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ كُلَّ يَوْمٍ خَالَفْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ، فَسَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ خَالَفْتَهُ آلاَفَ الْمَرَّاتِ، أَلَا تَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا مَنْ أَذْعَنَ وَاسْتَسْلَمَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا حُسْنَ طَاعَتِهِ، والسير على نهج نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وارْحَمْنَا، وعَلَى طَاعَتِكَ أَعِنَّا، وَمِنْ شُرُورِ خَلْقِكَ سَلِّمْنَا، وَإِلَى غَيْرِكَ لَا تَكِلْنَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ..اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُمْ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُمْ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُمْ وَجَازِهِمْ بِالْحَسَنَاتِ إِحْسَانًا وَبِالسَّيِّئَاتِ عَفْوًا وَغُفْرَانًا...اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا فَمَتِّعْهُ بِالصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ عَلَى طَاعَتِكْ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَقِّ فَتَوَلَّهُ بِرَحْمَتِكَ وَأَنْزِلْ عَلَيْهِ شَآبِيبَ رَحْمَتِكَ يا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ...

اللهم انصرْ إِخْوانَنَا المُرابطينَ عَلَى الْحَدِّ الْجَنُوبيِّ.. اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ.. اللَّهُمَّ قَوِّ عَزَائِمَهُمْ اللَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ مُعينًا وَنَصِيرًا.. اللَّهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُم وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَانْصُرهمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ..

اللهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا لِهُداكَ، وَاجْعلْ عَمَلَه في رِضَاكَ، وَوَفِّقْ جميعَ وُلاةِ أُمورِ المُسلمينَ لِلعَمَلِ بِكِتَابِكَ، وَتَحْكيمِ شَرْعِكَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ..

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
  • لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به
  • السعادة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
  • صفة كلام النبي صلى الله عليه وسلم
  • حياء النبي صلى الله عليه وسلم
  • التعريف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • الخلال النبوية (29) {يتبعون الرسول النبي الأمي}(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الرد على شبهات حول صيام عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا ضحك النبي صلى الله عليه وسلم عند دعاء الركوب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا لا أدري لكن لماذا؟(استشارة - الاستشارات)
  • الورع عن تتبع أخطاء الآخرين: دروس من قصة أبي زرعة الرازي رحمه الله (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تفسير قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لمـاذا؟!(مقالة - موقع الدكتور وليد قصاب)
  • محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • لماذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا نكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلتها؟(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب