• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   المكتبة الناطقة   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كلام ابن الصلاح على كتاب الصحاح
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    زاد المسلم في أذكار الصباح والمساء (PDF)
    منصة دار التوحيد
  •  
    ربحت الإسلام دينا ولم أخسر إيماني بالمسيح عليه ...
    محمد السيد محمد
  •  
    المدخل إلى علم السيرة النبوية (PDF)
    رضا أحمد السباعي
  •  
    هل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية طعنه في أمير ...
    محمد زياد التكلة
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان وقصة ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    مصادر الأخلاق الحسنة (2)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من أحكام المتهم في الفقه الإسلامي (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)
    منشورات مركز الأثر للبحث والتحقيق
  •  
    منحة المعبود في بيان حكم رفع اليدين في السجود ...
    أحمد بن سعيد شفان الأهجري
  •  
    شرح كتاب فضل الإسلام - باب فضل الإسلام: شرح حديث ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قصص القرآن والسنة دروس وعبر: نبي الله سليمان ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

اتحاد المسلمين مطلب

تعاون المسلمين وترابطهم
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/1/2017 ميلادي - 12/4/1438 هجري

الزيارات: 55486

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتحاد المسلمين مطلب


الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَهُمْ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ عَلَى مَرِّ السِّنِينَ، وَرَبَطَ بَيْنَ أَفْئِدَتِهِمْ بِالْمَوَدَّةِ والرَّأْفَةِ وَالْحَبْلِ الْمَتِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَقَائِدَنَا وَمُعَلِّمَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنْ فَهَذَا أَفْضَلُ عَمَلٍ، يَقُولُ رَبُّكُمْ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: عِنْدَمَا اسْتَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَةِ. وَاجَهَتْهُ مُشْكِلَةٌ كَبِيرَةٌ وَمُعْضِلَةٌ عَظِيمَةٌ. تِلْكَ هِي الْخِلاَفُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. الَّتِي ظَلَّتْ رَحَى الْحَرْبُ مُسْتَعِرَةٌ بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا، رَاحَ ضَحِيَّتُهُا الْآلاَفُ مِنْ خُلَّصِ الْقَوْمِ. وَقَدْ كَانَ لِلْيَهُودِ الدَّوْرُ الْمَشْهُودُ فِي اسْتِمْرَارِهَا. حَيْثُ كَانُوا يُوقِدُونَ نَارَ هَذِهِ الْعَدَاوَةِ وَيَنْفُخُونَ فِيهَا؛ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ. مَرًّ بِمَلأٍ مِنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَسَاءَهُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الاِتِّفَاقِ وَالْأُلْفَةِ، فَبَعَثَ رَجُلاً مَعَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَهُمْ، وَيَذْكُرَ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ حُرُوبِهِمْ يَوْمَ "بُعَاثَ" فَفَعَلَ وَاسْتَمَرَّ يَسْتَثِيرُهُمْ حَتَّى حَمِيَتْ نُفُوسُهُمْ، وَغَضِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَثَاوَرُوا، وَنَادَوْا بِشِعَارِهِمْ، وَطَلَبُوا أَسْلِحَتَهُمْ وَتَوَاعَدُوا بِـ"الْحَرَّةِ"، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُمْ، فَجَعَلَ يُسَكِّنُهُمْ، وَيَقُولُ: "أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ"، وَتَلَا عَلَيْهِمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103]، فَنَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَاصْطَلَحُوا وَتَعَانَقُوا وَأَلْقَوُا السِّلاَحَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

 

إِخْوَةَ الْإِسْلامِ... مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الْإِسْلامِ وَأَمْتَنِ قَوَاعِدِ الْإيمَانِ: الْحِرْصُ عَلَى تَحْقِيقِ الْإِخَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإفْشَاءِ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالتَّرَابُطِ بَيْنَهُمْ، يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] وَيَقُولُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ... إِنَّ قُوَّةَ أَيِّ مُجْتَمَعٍ وَسَلاَمَتَهُ. إِنَّمَا هِيَ فِي قُوَّةِ الْعَلاَقَةِ وَالتَّرَابُطِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ، فَإِذَا كَانَتْ عَلاَقَةُ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. عَلاَقَةُ حُبٍّ وَتَعَاونٍ عَلَى الْخَيْرِ. ازْدَهَرَتْ حَيَاةُ الْمُجْتَمَعِ وَاسْتَقَرَّتْ أُمُورُهُ، وَإِذَا كَانَتْ الْعَلاَقَةُ عَلاَقَةُ مَصَالِحٍ مَحْضَةٍ. وَعَلاَقَةُ أَنَانِيَةٍ. فَإِنَّ هَذَا يَعُودُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ بِالتَّفَرُّقِ وَالتَّشَرْذُمِ وَذَهَابِ الرِّيحِ، يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

عِبَادَ اللهِ... إِنَّ الْعُقَلاَءَ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ وَنِحْلَةٍ. فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ. اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوِحْدَةَ سَبِيلُ الْعِزَّةِ وَالنُّصْرَةِ، فَهَذَا مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ الَّذِي وَصَفَهُ الذَّهَبِيُّ بَقَوْلِهِ: "أَمِيْرُ العَرَبِ، أَحَدُ أَبْطَالِ الإِسْلاَمِ، وَعَيْنُ الأَجْوَادِ". يُوصِي أَبْنَاءَهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ بَقَوْلِهِ:

كُونُوا جَمِيعًا يَا بَنِيَّ إِذَا اعْتَرَى
خَطْبٌ وَلَا تَتَفَرَّقُوا آحَادَا
تَأْبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا
وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ أَفْرَادَا

 

وَلَيْسَ ثَمَّةَ شَيْءٌ يَجْمَعُ النَّاسَ - يا عِبَادَ اللَّهِ - مِثْلَ الْإِسْلامِ، فَالْإِسْلامُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ الْقُلُوبَ الْمُتَنَافِرَةَ، وَيُطْفِئُ الشَّرَارَةَ الْمُلْتَهِبَةَ، وَيُزِيلُ شَحْنَاءَ النُّفُوسِ، مَهْمَا كَانَ تَبَاعُدُ النَّاسِ فِي أَجْنَاسِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ وَلُغَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنفال: 63]. نَعَمْ.. لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلامُ فَهَذَّبَ النُّفُوسَ، وَأَزَالَ لَوْثَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ وَنَعَرَاتِهَا، وَأَصْبَحَ الْجَمِيعُ بِنِعْمَةِ الْإِسْلامِ إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ، وَكَذَا مِنْ أَسْرَارِ هَذِهِ الآيَةِ أَنْ نَجِدَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى بَدَأَ فِي الْآيَةِ مُمْتَنًّا عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّصْرِ وَرَبَطَ ذَلِكَ بِالتَّأْلِيفِ وَالتَّرَابُطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾ [الأنفال: 63]، وَلَعَلَّ فِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مِنْ أَهَمِّ خُطُوَاتِ النَّصْرِ وَالنَّجَاحِ وَالتَّوْفِيقِ. وَالْإِنْجَازِ وَالتَّرَقِّي فِي سُلَّمِ الْحَضَارَةِ وَالْمَجْدِ: التَّآلُفَ وَالتَّرَابُطَ وَالْأُخُوَّةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.

 

إِنَّ أَيَّ دَوْلَةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْهَضَ وَتَقُومَ إلاَّ عَلَى هَذَا الْأَسَاسِ، وَإِذَا مَا فُقِدَ فَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَصْرٌ وَلَا إِنْجَازٌ وَلَا حَضَارَةٌ؛ إِذْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ نَصْرٌ بَيْنَ أُنَاسٍ لَا رَابِطَ بَيْنَهُمْ. مُفَرَّقِينَ مُتَنَاحِرِينَ، كُلُّ وَاحِدٍ يَكِيدُ لِلْآخَرِ، وَيَتَتَبَّعُ زَلَّاتَهُ وَهَنَّاتَهُ، كُلٌّ مِنْهُمْ مَلِكًا لِأَنَانِيَّتِهِ وَأَثَرَتِهِ وَأَهْوَائِهِ، هَذَا عَلَى مُسْتَوى الدَّوْلَةِ، وأَمَّا عَلَى مُسْتَوى الدَّوَائِرِ الأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. فَلَكُمْ أَنْ تَتَصَوَّرُوا دَائِرَةً حُكُومِيَّةً أَوْ شَرِكَةً كَبِيرَةً. يَسُودُهَا الْخِلاَفُ وَالشِّقَاقُ والاحْتِرَابُ وَالشَّلَلِيَّةَ؛ كَيْفَ يَكُونُ إِنْتَاجُ ذَلِكَ الْمُوَظَّفِ وَمَدَى قُدْرَتِهِ عَلَى أَدَاءِ عَمَلِهِ. وَهُوَ فِي هَذَا الْجَوِّ الْمَشْحُونِ؟! وَأَمَّا عَلَى مُسْتَوَى الأَفْرَادِ والأُسَرِ. فَعِنْدَما يَكُونُ الْبَيْتُ الَّذِي يَسْكُنُ إِلَيْهِ. بَيْتًا مُتَصَدِّعًا مِنَ الْمَشَاكِلِ وَالْخِلاَفَاتِ -لَمْ يُحَالِفِ التَّوْفِيقُ الزَّوْجَ وَلَا الزَّوْجَةَ لِتَأْسِيسِ هَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَى التَّفَاهُمِ وَالْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ- فَبِاللهِ عَلَيْكُمْ كَيْفَ سَيَكُونُ قَرَارُ سَاكِنِيهِ. وَكَيْفَ سَيَكُونُ مُسْتَقْبَلُ أَبْنَائِهِمْ؟َ إِذَنْ فَاعْلَمُوا أَنَّ الْخِلاَفَ وَالشِّقَاقَ لَا خَيْرَ فِيهِ الْبَتَّةَ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ التَّارِيخَ يَشْهَدُ أَنَّ التَّفَرُّقَ وَالاخْتِلاَفَ. مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ سُقُوطِ الدُّوَلِ عَلَى اخْتِلاَفِ عَقَائِدِهَا وَمِلَلِهَا؛ فَقَدْ سَقَطَتِ الْخِلاَفَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ. بَعْدَ أَنْ تَفَرَّقَتِ الدُّوَلُ الإِسْلامِيَّةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَظَهَرَتْ الدَّوْلَةُ الْبُوَيْهِيَّةُ، وَدَوْلَةُ الْمَمَالِيكِ، وَدُوَيْلَاتٌ بِالشَّامِ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْخِلاَفَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ إلاَّ. بِلادٌ مُتَفَرِّقَةٌ مُتَنَاثِرَةٌ مِنَ الْعَالَمِ الْإِسْلامِيِّ، فَلَمَّا زَحَفَ الْمَغُولُ إِلَى بَغْدادَ أَعْمَلُوا فِيهُمُ الْقَتْلَ حَتَّى قَتَلُوا مَا يُقَارِبُ (الْمِلْيُونَ) نَفْسًا؛ وَسَقَطَتِ الدَّوْلَةُ الْإِسْلامِيَّةُ فِي الْأَنْدَلُسِ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ دُوَيْلَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ مُتَنَاحِرَةٌ، لَا هَمَّ لِأَحَدِهِمْ سِوَى التَّلَقُّبِ بِأَلْقَابِ الْمَلِكِ وَالسُّلْطَانِ. حَتَّى وَلَوْ كَانَ عَلَى بُقْعَةٍ لَا تُجَاوِزُ حَظِيرَةَ خِرَافٍ.

مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْضِ أَنْدَلُسٍ
أَسَمَاءُ مُعْتَضِدٍ فِيهَا وَمُعْتَمِدِ
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا
كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صَوْلَةَ الْأَسَدِ

 

وَلَمْ تَسْقُطِ الدَّوْلَةُ الْعُثْمَانِيَّةُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَمَزَّقَ جَسَدُهَا إِلَى أَشْلَاءَ مُتَنَاثِرَةٍ، وَبَعْدَ أَنْ أَغْرَى الصَّلِيبِيُّونَ الْجُدُدُ. بَعْضَ زُعَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِالانْفِصَالِ عَنْهَا، وَقَدْ أَحْسَنُوا إِتْقَانَ الْعَمَلِ بِقَاعِدَةِ: "فَرِّقْ تَسُدْ"، يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: "وَهَذَا الْأَصْلُ الْعَظِيمُ: وَهُوَ الِاعْتِصَامُ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ لَا يَتَفَرَّقَ. هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الْإِسْلَامِ. وَمِمَّا عَظُمَتْ وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ. وَمِمَّا عَظُمَ ذَمُّهُ لِمَنْ تَرَكَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ. وَمِمَّا عَظُمَتْ بِهِ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِن عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ. مِثْلَ قَوْلِهِ: "عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ" وَقَوْلِهِ: "فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ"...إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ رَحِمَهُ اللهُ.

 

وَتَأْكِيدًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْكُبْرَى هَيَّأَ الشَّرْعُ الْأَسْبَابَ الَّتِي تُقَوِّي بُنْيَانَ الائْتِلاَفِ، وَتَشُدُّ عَضُدَ الاجْتِمَاعِ؛ فَصَلاَةُ الْجَمَاعَةِ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الاجْتِمَاعُ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ. وَكَذَا التَّرَاصُّ فِي الصُّفُوفِ وَتَقَارُبِ الْأَجْسَامِ وَالْأَقْدَامِ وَالْمَنَاكِبِ. وَهَذَا الاجْتِمَاعُ الأُسْبُوعِيُّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَالاجْتِمَاعُ السَنَوِيٌّ فِي صَلاَةِ الْعِيدِ.

 

كَمَا شَرَعَ الزَّكَاةَ الَّتِي تُمَثِّلُ التَّكَافُلَ الاجْتِمَاعِيَّ، وَمَعَانِيَ التَّرَاحُمِ والتَّعَاطُفِ. وَأَمَرَ بِصِيَامِ رَمَضَانَ وَهُوَ الَّذِي يُوَحِّدُ الْأُمَّةَ بِأَعْمَالِهِ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ. وَرَغَبَّ فِي الْحَجِّ؛ إِذْ فِيهِ الْتِقَاءٌ سَنَوِيٌّ مِنْ شَتَّى الْبُلْدَانِ، وَكَافَّةَ الأَجْنَاسِ، فَيَلْقَى الْمُسْلِمُ أَخَاهُ مِنْ أَقْصَى الدُّنْيَا وَأَدْنَاهَا، فَيُبَادِرُهُ التَّحِيَّةَ وَيُبَادِلُهُ الشُّعُورَ وَيَعِيشُ مَعَهُ جَلاَلَ الْأُخُوَّةِ وَعَظِيمَ الْمَحَبَّةِ.

 

وَاعْلَمُوا -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أَنَّ التَّعَاوُنَ وَالتَّلاحُمَ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا الْمُجْتَمَعِ، كُلٌّ فِي مَجَالِ عَمَلِهِ وَاخْتِصَاصِهِ، فَالْعُلَمَاءُ وَالدُّعَاةُ وَأئِمَّةُ الْمَسَاجِدِ لَهُمْ رِسَالَةٌ، يَتَعَاوَنُونَ عَلَى غَرْسِ الْقِيَمِ الإِيمَانِيَّةِ والأَخْلَاقِيَّةِ، وَنَشْرِ مَنْهَجِ الْوَسَطِيَّةِ وَالاعْتِدَالِ، وَبَيَانِ أَحْكَامِ الدِّيْنِ بِيُسْرٍ وَسَمَاحَةٍ. وَالأُدَبَاءُ وَالْمُفَكِّرُونَ وَكُتَّابُ الصُّحُفِ مَطْلُوبٌ مِنْهُمْ كَذَلِكَ.

وَالْأَطِبَّاءُ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى عِلاَجِ الْمَرْضَى، وَتَحْقِيقِ الْأَمْنِ الصِّحِّيِّ لِمُجْتَمَعِهِمْ.

 

وَجَمِيعُ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ يَتَعَاوَنُونَ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَمْنِ هَذَا الْوَطَنِ وَاسْتِقْرَارِهِ وَصِيَانَةِ مُمْتَلَكَاتِهِ وَمُقَدَّرَاتِهِ، وَنَظَافَةِ بِيئَتِهِ وَشَوَارِعِهِ وَطُرُقِهِ.

 

وَقِيَامُ الْمُوَظَّفِينَ بِأَعْمَالِهِمْ وَأَدَاءِ وَاجِبِهِمْ الْوَظِيفِيِّ هُوَ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِحَاجَةٍ إِلَى خَدَمَاتِهِمْ وَخِبَرَاتِهِمْ، كُلٌّ فِي مَجَالِهِ: الْفَلاَّحُ فِي حَقْلِهِ، وَالْعَامِلُ فِي الْمَصْنَعِ، وَالتَّاجِرُ وَالْحِرَفِيُّ وَالشُّرْطِيُّ فِي مَخْفَرِهِ وَهَكَذَا.. فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُخْلِصٍ لِرَبِّهُ، مُتَّبِعٌ لِلسُّنَّةِ، نَاصِحٌ لِلْأُمَّةِ: أَنْ يَسْعَى فِي كُلِّ طَرِيقٍ صَحِيحٍ يَجْمَعُ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْ يَجْتَنِبَ كُلَّ طَرِيقٍ يُؤَدِّي إِلَى الشِّقَاقِ وَالْفُرْقَةِ وَالاخْتِلاَفِ... اللَّهُمَّ أَلِّفْ عَلَى الْخَيْرِ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاجْمَعْ مَا تَفَرَّقَ مِنْ أَمْرِنَا.. قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ....

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِهِ الْمُجْتَبَى، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَعْلاَمِ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... هَا هِي أَحْدَاثُ سُورِيَّا الْجَرِيحَةِ، قَدْ مَضَى عَلَى آلاَمِهَا أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَعْوَامٍ، والشَّعْبُ الْمُسْلِمُ الْمَظْلُومُ هُنَاكَ يُنَاضِلُ لِأَجْلِ دِينِهِ وَكَرَامَتِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَعِرْضِهِ، لَكِنَّ نِظَامَهُ الْمُجْرِمَ النُّصَيْرِيَّ قَابَلَ مَطَالِبَهُمْ بِالْحَدِيدِ وَالنَّارِ، وَرَمَاهُمْ بِأَقْسَى الْأَسْلِحَةِ وَالْعَتَادِ، وَشَرَّدَهُمْ (شَذَرَ مَذَرَ). وَسَارَعَتْ دُوَلُ الرَّافِضَةِ وَأحْزَابُهَا مِنَ الْعِرَاقِ وَلُبْنَانَ وَإِيْرَانَ، تَحْتَ غِطَاءٍ رُوسِيٍّ حَاقِدٍ، إِلَى دَعْمِهِ وَالْوُقُوفِ بِجَانِبِهِ، فِي وَجْهِ الشَّعْبِ الْمُطَالِبِ بِحُقُوقِهِ وَكَرَامَتِهِ. وَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْأُمَّةِ أَلَّا تَقِفَ مُتَفَرِّجَةً، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُمُ الْمُسَاعَدَةَ حَسْبَ اسْتِطَاعَتِهِ، وَإِنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ مُسَاعَدَتِهِمْ بِصَادِقِ دُعَائِهِ، وَتَخْفِيفِ مُصَابِهِمْ بِأَمْوَالِهِ.

 

وَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِ التَّرَابُطِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: الْحَمْلَةُ الشَّعْبِيَّةُ لِإِغَاثَةِ إِخْوَانِنَا الْمَنْكُوبِينَ فِي سُورِيَّا، وَهِي حَمْلَةٌ مُوَفَّقَةٌ مُبَارَكَةٌ -أَمَرَ بِهَا وَشَارَكَ فِيهَا خَادِمُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ- دَعَتْ إِلَى جَمْعِ التَّبَرُّعَاتِ لَهُمْ، وَوَضَعَتْ حِسَابَاتٍ لاسْتِقْبَالِ التَّبَرُّعَاتِ. فَبَادِرُوا -أَيُّهَا الْكُرَمَاءُ- إِلَى دَعْمِ إِخْوَانِكُمْ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُونَ، وَادْعُوا اللَّهَ لَهُمْ بِأَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمْ هَذَا الْبَلاءَ وَأَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمُ الْغُمَّةَ وَيُفَرِّجَ عَنْهُمْ مَا هُمْ فِيهِ... صَلُّوا وَسَلِّمُوا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التعاون العائلي في سبيل الآخرة والجنة
  • مطلب البشر

مختارات من الشبكة

  • سريلانكا: اتحاد علماء المسلمين يدعو سريلانكا لحماية المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إيطاليا: مطالب المسلمين في عقر دار حزب "اتحاد رابطة الشمال"(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: اليونسكو ترفض ضم اتحاد الرماية لتمييزه ضد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: مجلس اتحاد المسلمين يحصد نصف مليون صوت ومقعدين في مهراشترا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إيطاليا: اتحاد المسلمين الأوروبيين يعقد مؤتمره في روما(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: اتحادات إسلامية تدعو غير المسلمين إلى موائد الإفطار(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إسبانيا: اتحاد الجاليات الإسلامية ينظم مؤتمرا عن وحدة المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اتحاد علماء أفريقيا يحمل فرنسا مسؤولية قتل المسلمين في أفريقيا الوسطى(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفريقيا الوسطى: اتحاد علماء إفريقيا يحمل فرنسا مسؤولية قتل المسلمين في إفريقيا الوسطى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: اتحاد المسلمين الهنود الأمريكيين يستعد لعقد مؤتمر التعليم(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/6/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب