تأثير تدريس اللغة الإنجليزية في متعلمي اللغة العربية

ملخص الرسالة

تأثير تدريس اللغة الإنجليزية في متعلمي اللغة العربية

دراسة تطبيقية على تلاميذ الصف السادس

من المرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية بمدينة الرياض

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفصحِ العالمين، محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

فإن الناظر لواقع اللغة العربية وما مرَّت به إِبان عصر قوتها وحضارة ثقافتها، ثم ما آلَت إليه زمنًا بعد آخر، حتى وصلَت إلى العصر، لَيلحَظُ أن هناك اختلافًا في مستوى القوة والضعف، والانتشار والانحسار، وكثرة الناطقين وقلتهم.

وفي عصر التطور والثورة العلمية، وذوبان الحدود بين الدول والشعوب، قامت الحاجةُ لتعدد أدوات التواصل، وظهر الاهتمامُ باللغات، واتُّخذَت وسيلةً للمعرفة والاتصال.

ومن هنا بدأتِ اللغاتُ الأجنبية تأخذ حيزًا في الدول الناطقة باللغة العربية، وأخذت تزاحمها في شتى مناحِي استعمالها، ومن أهمها اللغة الإنجليزية التي اتُّخذَت وسيلةً للتفاهم، ولجأ الناطقون باللغة العربية إلى تعلُّمها وتعليمها، وكثرتِ البعثَاتُ إلى الدول الناطقة بالإنجليزية لتعلمها في بلدها؛ لتحقيق منافع متنوعة، وحرص كثيرٌ من أبناءِ العربيَّة على تعليم أبنائهم هذه اللغةَ منذ الصغر، تحقيقًا لتعلم ناجح.

وفي ظل هذا التروُّح اللغوي بدأت تتعاظمُ دعوات للمحافظة على اللغة، وانقسمت الآراءُ قسمين:

أ- قسمًا يرى تعليم اللغة الإنجليزية لجميع أفراد المجتمع، وبخاصة في مراحل التعليم.

ب- قسمًا يرى أن تدريس لغة أجنبية في التعليم، وبخاصة في المراحل الأساسية سيؤدي إلى تفتيت ثقافة العربية وهويتها.

وانطلاقًا من الدعوات لإدخال اللغة الإنجليزية في مدارس المملكة العربية السعودية في المرحلة الابتدائية، وما صاحب هذه الدعوات من جدلٍ واسعٍ بين فريقين، وما شكَّلَت هذه الرؤيةُ من تجاذبٍ بين طرفي نقيض، قامت فكرةٌ لدَى الباحث بالإسهام في دراسة هذا الموضوع من جانب: "التأثير في لغة المتعلمين"، وبخاصة أن تلك الحقبةَ الزمنية من النقاش، وافقتِ التحاقَه بمعهد تعليم اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي يهتم في إحدى مجالاتِه بتعليم اللغات وتدريسها وتأثير بعضها ببعض.

وعنوَن الباحثُ لهذه الدراسة بـ: "تأثير تدريس اللغة الإنجليزية في متعلمي اللغة العربية: دراسة تطبيقية على تلاميذ الصف السادس من المرحلة الابتدائية"، وهو يسعى في هذه الدراسة إلى تلمُّس جذور التأثير في اللغة الأم، والموقفِ اللغوي للتلميذ في المرحلة الابتدائية؛ رابطًا اكتساب اللغة الأم والثانية بالنظريات الحديثة في هذا المجال.

وفي الدراسة التطبيقية انطلق الباحثُ من ثلاثِ قواعد:

الأولى: التلميذ، بدراسة اتجاهه نحو اللغة العربية، وتحصيله فيها، ومدى تأثر مهارات اللغة العربية التي اكتسبها.

الثانية: معلِّم اللغة العربية وملحوظاته في إمكانية حصول تأثيرٍ في لغة تلميذه.

الثالثة: المتخصصون في تدريس اللغات، فهم أصحابُ الرأي في هذا المجال، ولخلفيَّتهم النظرية والتطبيقية في تدريس اللغات، وذلك بأخذ آرائهم في حصول الأثر في لغة المتعلمين.

وفي نهاية الدراسة حاول الباحثُ الرَّبط بين هذه الدراسة التطبيقية والخروج منها بنتائج، يستطيع تطبيقَها على مجتمع الدراسة؛ تلاميذ الصف السادس من المرحلة الابتدائية.

وقد واجه الباحثُ صعوباتٍ متنوعة؛ من أهمها:

١- أغلب الدراسات التي يجب أن يفيد منها الباحثُ، المبنية على تجارب تطبيقيَّة في دولٍ متعددةٍ سبقتنا في هذا المجال - كُتبَتْ بلُغةٍ أجنبية، مما وَقف حائلاً دون الإفادة من هذه الدراسات.

٢- التعامل مع التعليم العام بشتى مكوناته من معلمين وطلاب؛ حيث تطلبَت الدراسةُ الالتصاقَ بهاتين العينتين.

٣- التعامل مع التلاميذ في المدرسة من حيث إجراء المقابلات والاختبارات مع كلِّ تلميذ، تطلب جهدًا لإنجازه في كل مدرسة.

٤- وجد الباحثُ صعوبةً في التعامل مع معلِّمي اللغة العربية، والسأم من كثرة الاستبانات التي يقومون بتعبئتها، وكذلك تحاشي المشاركة في الدراسة.

٥- قلة عدد المتخصصين في تدريس اللغات، وصعوبة استجابة بعضهم لأداة الاستبانة.

٦- طبيعة الدراسة المتعلقة بثلاثة مجتمعات، مما تطلَّب وقتًا وجهدًا لإنجازه.

وقد قُسِّمت هذه الدراسة إلى:

١- التمهيد: وفيه: أهداف الدراسة، وأهميتها، وأسباب اختيار الموضوع، ومشكلة الدراسة، وأسئلتها، ومصطلحاتها.

٢- الفصل الأول: سياق التدريس في الصف السادس من المرحلة الابتدائية؛ وفيه مباحث:

المبحث الأول: أهداف تدريس اللغة العربية في الصف السادس.

المبحث الثاني: السمات النفسية واللغوية لتلميذ الصف السادس.

المبحث الثالث: تدريس اللغة الإنجليزية وخلفياته في مدارس المملكة العربية السعودية.

٣- الفصل الثاني: القسم النظري: قضايا لغوية تتعلق بالاكتساب والتعلم؛ وفيه مباحث:

المبحث الأول: الاكتساب والتعلُّم، والعوامل المؤثرة في الاكتساب، وأنواع التعلم، وموقف المتعلم منها.

المبحث الثاني: فرضية الاكتساب الحرجة وعلاقتها بالتلميذ في الصف السادس.

المبحث الثالث: التدخل اللغوي، وموقف المتعلم منه.

٤- الفصل الثالث: الدراسات السابقة، ونتائجها؛ وفيه مبحثان:

المبحث الأول: الدراسات النظرية.

المبحث الثاني: الدراسات التطبيقية.

٥- الفصل الرابع: إجراءات الدراسة؛ وفيه مباحث:

المبحث الأول: منهج الدراسة.

المبحث الثاني: مجتمع الدراسة.

المبحث الثالث: عيِّنة الدراسة.

المبحث الرابع: أدواتُ الدراسة.

المبحث الخامس: إجراءات جمع البيانات.

المبحث السادس: طرق تحليل البيانات.

٦- الفصل الخامس: نتائج الدراسة؛ وفيه مباحث:

أ- المبحث الأول: نتائج دراسة المتعلمين.

ب- المبحث الثاني: نتائج دراسة المعلِّمين.

ج- المبحث الثالث: نتائج دراسة المتخصِّصين.

٧- الخاتمة والتوصيات.

٨- المراجع.

خلاصة الدراسة

تهدف هذه الدراسة: "تأثير تدريس اللغة الإنجليزية في متعلمي اللغة العربية" إلى التعرف على مَدى تأثيرِ تدريس اللغة الإنجليزية في مهاراتِ اللغة العربية لدَى التلاميذ واتجاهاتهم نحوَها؛ وذلك مِن خِلال رَصد آراء معلِّمي اللغة العربية وملحوظاتهم على تلاميذهم، وكذلك آراء المتخصصين في تدريس اللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى رصد التأثير من خِلال التلاميذ أنفسهم وَفق أدواتِ الدراسة.

وقد شمل مجتمعُ الدراسة عددًا من العينات: "تلاميذ الصف السادس من المرحلة الابتدائية، معلمي اللغة العربية، المتخصِّصين في تدريس اللغات"، تحاول الدراسةُ الإجابةَ عن الأسئلة الآتية:

١- ما تأثيرُ تدريسِ اللغة الإنجليزية لتلاميذ الصفِّ السادس، في اتجاهاتهم نحو لغتهم العربية، وفي تحصيلهم في مهارات اللغة العربية، وفي مقررات اللغة العربية، قبلَ دراستهم اللغة الإنجليزية وبعده؟

٢- ما آراءُ مدرسي اللغة العربية وملحوظاتهم في وجود أثرٍ لتدريس اللغة الإنجليزية في مهارات اللغة العربية لتلاميذ الصف السادس، واتجاهاتهم نحوها؟

٣- ما آراءُ المتخصصين في تدريس اللغات في وجود أثرٍ لتدريس اللغةِ الإنجليزية في مهارات اللغة العربية، لتلاميذ الصف السادس، واتجاهاتهم نحوها؟ وهل لاختلاف التخصص أثرٌ ذو دلالةٍ إحصائية؟

اعتمد الباحثُ على المنهج الوصفيِّ التحليليِّ من خلال توظيف عددٍ من أدوات الدراسة؛ هي: "استبانة لقياس اتجاه التلاميذ، قبليَّة وبعدية"، وكذلك اختبار لغوي، في مهارات اللغة العربية، قبلي وبعدي"، وكذلك قياس درجاتِ التلاميذ في مقرَّرات اللغة العربية في الصفِّ الخامس والسادس، وكذلك استبانة لمعلمي اللغة العربية، بالإضافة إلى استبانة للمتخصصين في تدريس اللغات، وقد تم تطبيق الدراسة في العام الدراسي ١٤٢٦-١٤٢٧ هـ، بعد إقرار تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية في مدارس المملكة العربية السعودية.

توصلت الدراسةُ لعددٍ من النتائج والتوصيات؛ من أهمها: عدم وجود فروقٍ ذات دلالة إحصائية في المجموع الكلِّي لأدوات الدراسة المرتبطة بالتلاميذ تدل على حصول الأثر في لغةِ التلاميذ واتجاهاتِهم نحوها، واقتصر الأثرُ في بعض المهارات اللغوية وبعض بنود الاتجاه، بالإضافة لوقوف المعلِّمين في اتِّجاهٍ محايد حيالَ حدوث الأثر في لغة المتعلمين واتجاهاتهم نحو لغتهم الأم، وذلك في الدرجة الكلية لمحوري دراسة المعلمين؛ وإن كانوا يرون وجودَ تأثيرٍ يسيرٍ في بعض المهارات اللغوية، كذلك فإن المتخصصين في تدريس اللغاتِ لا يوافقون على حدوث الأثرِ في لغة المتعلمين وفي اتجاهاتهم نحو اللغةِ العربية، وقد بَرز بعضُ المتخصصين في تدريس اللغة العربية الأقرب في عدم الموافقة على تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، وكذلك فإن ١٩.٩ % من معلمي اللغة العربية وكذلك ٢٢.٧ % من المتخصِّصين في تدريس اللغات لا يوافقونَ على تدريسها في المرحلةِ الابتدائيَّة.

فهرس الدراسة