غلاة الصوفية وعرقلة النهضة الإسلامية (WORD)

شاء الله لي أن أزور تركيا، وأثارت في هذه الزيارة، الرغبة في البحث عن حقيقة التصوف، بعدما لاحظت مدى انتشار الجماعات والأحزاب الإسلامية من جهة، والزوايا والطرق الصوفية من جهة أخرى بشكل كبير في هذه البلاد، وسيطرتها على المشهد الديني كله على طول البلاد وعرضها، دون أن تستطيع تحقيق أي تغيير يذكر، لصالح الإسلام والمسلمين، استنادا إلى الدين الحق.

بل على العكس تماما؛ فقد استطاعت هذه الطرق والزوايا أن تحرف الكثير من المعاني والعقائد والأحكام الإسلامية، وأن تخرج قطعانا من المريدين، لاتعرف من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه، تسيرها فآت سلطوية فاعلة من العلمانيين، وفي أحسن أحوالها يدفعها حماسها فتجري بغير هدى وراء كل ناعق.

ولقد استغربت من حجم الجماعات والجمعيات الإسلامية وانتشارها، مع عجزها عن إقامة سنة أو قمع بدعة، أو تصحيح فهم، أو ترجيح حكم، وانقطع استغرابي وتعجبي لما رحت أبحث في ظروف وتاريخ نشأة هذه الجماعات وعقائدها ومناهجها، فاكتشفت أصولها الصوفية وجذورها الطرقية، أو تتلمذ أقطابها وقادتها على المشايخ والمدارس الصوفية، أو تأثرها بالواقع الصوفي، بدءا ببديع الزمان مرورا بأربكان فانتهاء بأردوغان، ودفعني فضولي لمعرفة كل ما يتصل بالتصوف، وأثره على معتنقيه، فبدأت أقرأ كل ما يقع تحت يدي، فخرجت بهذا العمل المتواضع، الذي هو في الحقيقة عصارة كتب في الموضوع، لمست في نفسي القدرة على صياغة الكثير من أفكارها ومضامينها، وتقديم الفكرة والعقيدة الصوفية واضحة جلية، بشكل مبسط ومختصر، وبصياغة وترتيب مختلف، وقد سلكت في عملي الذي بين يديك، منهجا مفاده:

• أن أطرح الفكرة التي تدور حولها نصوصهم وأقوالهم واضحة صريحة، بعيدا عن أسلوب التقية والإشارة، قبل الاستدلال عليها بسرد تلك الأقوال، حتى لا يشرد القارئ ويتيه بين كلمات وجمل وأساليب، مفرطة ومغرقة في التعمية والتورية والتقية والالتواء والاختباء. هذا رغم أن كثيرا من نصوصهم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، يعترفون ويقرون بما يظنونه من الدين الحق، والحال أنه كفر وزندقة وضلال وانحراف وزيغ، كل ذلك في أسفارهم مسطور، وفي مجالسهم وأذكارهم وأورادهم مذكور.

• تحدثت عن تأثير ودور التصوف في واقعنا المعاصر، من خلال علاقة التصوف بالحركات الإسلامية، والاستغلال السياسي للطرق الصوفية، متجاوزا تلك المقاربة التي تجعل من التصوف مجرد عقائد فلسفية أو باطنية، أو مجرد طائفة ظهرت في حقبة معينة، لاعلاقة لها بواقعنا.

ولقد عنونت موضوعي بعنوان: "غلاة الصوفية و عرقلة النهضة الإسلامية"، وتطرقت فيه للمباحث التالية:

1- التصوف قبل الإسلام وعند غير المسلمين

2- أصل كلمة الصوفية

3- خدعة التصوف السني أو طريقة البرهان

4- كشف المستور

5- عقائد صوفية متفرقة

6- كشف العورة

7- لا صوفية دون محاربة العلم والشريعة

8- الصوفية دين آخر

9- علاقة الصوفية بملل الكفر ومساهمتها في انحراف كثير من الطوائف ذات الأصول الإسلامية

10- وقفات وتأملات شهادات وتزكيات

11- أثر الصوفية في إفساد الأمة وانهيارها

12- الطابور الخامس أو الاستغلال السياسي للطرق والزوايا الصوفية

13- جناية التصوف على الحركات الإسلامية.

ولا يفوتني في الأخير أن أتقدم بالشكر الجزيل، للدكتور محمد اوراضي، لما جاد به من وقته الثمين في مراجعة وتنقيح هذا الموضوع، ولما قدم إلي من نصائح وتوجيهات.