آراء الكسائي النحوية في كتاب مغني اللبيب

ملخص الرسالة

آراء الكسائي النحوية في كتاب مغني اللبيب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الله سبحانه شرَّف هذه اللغة بأن جعلها لسان كتابه الكريم، فنالت بذلك مكانة وحفظًا من الله عز وجل بحفظه لكتابه الكريم.

وقد قيض الله لها علماء فضلاء نذروا أنفسهم في خدمة هذه اللغة والعناية بها، ومن أولئك الأعلام الإمام الكسائي، الذي يعد مؤسس المدرسة الكوفية في النحو، وقد تلقى العلماء آراءه وتناقلوها جيلًا بعد جيل. ومنهم الإمام ابن هشام أحد أعلام الأمة وأبرز نحاتها المتأخرين، والذي بلغ صيته ومؤلفاته الآفاق، ومن أعظم مؤلفاته وأشهرها كتابه (مغنى اللبيب).

وقد دفعتني رغبتي في الاستزادة من العلم إلى دخول مجال البحث العلمي، وسلوك سبيله. فقمت باستقراء آراء الكسائي في كتاب مغني اللبيب، فزادت على الثلاثين رأيًا عزاه ابن هشام إليه.

وآثرت أن يكون بحثي حول هذه الآراء في التثبت من صحة نسبتها إليه، وكيفية تناول ابن هشام لها، ومناقشة هذه الآراء في آراء العلماء الآخرين، وأثر هذه الآراء في الدراسات النحوية.

فربما بنيت آراء نحوية على آراء هذا العالم، وبعض هذه الآراء لم يثبت نسبتها إليه أو وجد ما يخالفها في مؤلفات تلاميذه الذين نقلوا عنه.

فأما الدوافع لاختيار هذا الموضوع فهي:

1) مكانة الإمام علي بن حمزة الكسائي الذي يعد مؤسس المدرسة الكوفية، وأحد أئمة القراءات، وعنه تلقى علماء الكوفة، فدراسة آرائه تعد دراسة لنحو المدرسة الكوفية.

2) مكانة الإمام ابن هشام، فهو يعد من كبار النحاة المتأخرين، وقد كان محققا بارعًا أجمع المتأخرون على إمامته في النحو.وأثنى عليه علماء عصره، حتى قال عنه ابن خلدون في مقدمته: ((مازلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه)).

3) مكانة كتاب المغني، فهو أشهر كتب ابن هشام، وقد أقبل عليه العلماء يشرحونه، أو يختصرونه، أو يضعون الحواشي عليه، أو يشرحون شواهده. وقد قال مؤلفه في مقدمته: « فدونك كتاب تشد الرحال فيما دونه، وتقف عنده فحول الرجال ولا يعدونه، إذ كان الوضع في هذا الزمن لم تسمع قريحة بمثله، ولم ينسج ناسج على منواله».

4) التحقق من نسبة هذه الآراء، وذلك بالعودة إلى مصادرها الأصلية، والتثبت منها.

5) معرفة رأي ابن هشام، وطريقة تناوله للمسائل، في موافقاته أو مخالفاته. ومقارنة ذلك بما ذهب إليه النحاة الآخرون.

6) معرفة أثر هذه الآراء في الدراسات النحوية.

7) الرغبة في ملازمة كتب العلماء، والتعرف على أساليبهم وآرائهم، والنهل من معين علمهم.

وقد رأيت بعد أن جمعت آراء الكسائي في كتاب مغني اللبيب، أن أتناولها في ثلاثة فصول، وأجعل قبل ذلك تمهيدًا وأختم البحث بخاتمة أذكر فيها أهم النتائج. وتفصيل ذلك على النحو التالي:

♦ المقدمة: وقد تناولت فيها دوافع البحث وخطته ومنهجي فيه.

♦ التمهيد: ويشمل مايأتي:

♦ ترجمة موجزة للكسائي: حياته وآثاره: وتحدثت فيه عن اسمه ونسبه ولقبه، ونشأته، وشيوخه، وتلاميذه، ومكانته العلمية، ومؤلفاته، ووفاته.

♦ ترجمة موجزة لابن هشام: حياته وآثاره: وتحدثت فيه عن اسمه ونسبه، ومولده، ونشأته، وشيوخه، وتلاميذه، ومكانته العلمية، ومؤلفاته، ووفاته.

الفصل الأول: آراء الكسائي في المفردات.

رتبت المسائل فيه ترتيبًا هجائيًا، وهي على النحو التالي:

- إن النافية إعمالها عمل ليس.

- (حيث) إضافتها إلى المفرد.

- (على) مجيئها بمعنى (عن).

- كلا بمعنى حقًا.

- (لام الابتداء) دخولها على الماضي المتصرف دون (قد).

- (لام الطلب) حذفها وإبقاء عملها.

- اللام تكون جوابًا للقسم.

- (لعل) إفادتها التعليل.

- (لن) أصلها.

- (ما) في قوله تعالى: (بما غفر لي ربي ).

- (مَن) مجيئها نكرة موصوفة.

- (مَن) تكون زائدة للتوكيد.

- زيادة (ن).

- زيادة (ن) في قوله تعالى: (ثم للننزعن من كل شيعة أيهم أشد ).

الفصل الثاني: آراء الكسائي في التراكيب.

- زيادة (ما) قبل حروف الجر.

- العطف على محل اسم إن وأخواتها قبل مجيء الخبر وبعده.

- العطف على معمولي عاملين مختلفين.

- نعت ضمير الغيبة.

- الفصل بين إذن والفعل المضارع بمعمول الفعل.

- حذف فاعل أول المتنازعين المعمل ثانيهما.

- المسألة الزنبورية.

الفصل الثالث: آراء الكسائي في الأعاريب:

- إعمال اسم الفاعل الماضي.

- إعمال اسم الفاعل مصغرًا.

- إعراب ضمير الفصل بحسب ما بعده.

- نصب جزأي الجملة بعد (ليت) و(لعل).

- رفع المضارع بعد حذف أن الناصبة والجار.

- التاء والكاف في أرأيتك نوعهما وإعرابهما.

- حذف العائد المجرور من الجملة الوصفية.

- حكم الاسم المرفوع بعد (منذ، مذ).

- الجزم في جواب النهي.

- فاعل نعم وبئس وما ألحق بهما في نحو (نعم رجلا زيد ).

- الرابط في قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن ).

- إعراب (مَن) في قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97].

- إعراب (رئمان) في قول الشاعر:

أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به *** رئمان أنف إذا ما ضن باللبن

- إعراب (ثلاث) في قول الشاعر: (فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث)، وأثره في المعنى.

الخاتمة: ذكرت فيها أهم نتائج البحث.

الخطوات المتبعة لدراسة مسائل البحث على النحو التالي:

1) التمهيد للمسألة موضع البحث، وتقديم خلاصة مركزة حول الفكرة التي تتضمنها، جاعلًا ذلك مدخلًا لمناقشتها.

2) اعتماد نص ابن هشام، حيث جعلته بمثابة المنطلق في مناقشة المسألة، موضحًا ما تضمنه كلامه من رأي معزو للكسائي.

3) توثيق الرأي الذي نسبه ابن هشام إلى الكسائي من كتب النحاة المتقدمين على ابن هشام والمتأخرين عنه.

4) التنبيه إلى الأقوال المختلفة المنسوبة إلى الكسائي في المسألة إن وجدت.

5) أعتمد المصادر الأقرب زمنًا إلى الكسائي إذا وقع اختلاف في النسبة.

6) بيان موقف ابن هشام من رأي الكسائي.

7) إيراد الأدلة النقلية والعقلية التي اعتمد عليها الكسائي.

8) مناقشة المسألة ببسط آراء النحاة، مبينًا أدلتهم في ذلك.

9) أرجح بعد ذلك من أقوال النحاة ما أراه راجحا، مدعما ما أقول بالدليل.

10) أرجعت الآيات القرآنية إلى مواضعها من القرآن الكريم، مع ذكر رقم الآية واسم السورة.

11) وثقت القراءات القرآنية من كتب القراءات أو التفاسير إن تعذر ذلك.

12) خرجت الأحاديث النبوية من كتب السنة المعتمدة.

13) تخريج الأبيات الشعرية، وذلك بنسبتها إلى قائليها، مع توضيح رواياتها إن وجدت، وأرجعتها إلى أهم مصادرها، مثل: الدواوين الشعرية، والكتب النحوية، والمجموعات الشعرية.

14) اعتمدت كتاب مغني اللبيب بتحقيق الدكتور عبداللطيف الخطيب، طبعة المجلس الوطني للثقافة والفنون في الكويت.

هذا، وقد عثرت في طريقي ببعض الصعوبات والعوائق التي منها:

١- أن تراث الإمام الكسائي قد فُِقد جلّه، ولم يصل إلينا إلا متفرقًا في كتب النحاة مما تطلب جهدًا كبيرًا للتوصل إلى تحديد رأيه بشكل دقيق في المسائل.

٢- قلة المصادر التي تناولت آراء الكسائي والنحو الكوفي بوجه عام.

ولقد كانت توجيهات شيخي الفاضل، المشرف على هذا البحث، خير عون لي على تذليل الصعوبات، وإخراج هذا العمل المتواضع فجزاه الله خير الجزاء.

وبعد: فإن هذا العمل من طالب مبتدئ، ولا يخلو من النقص والخطأ، فما كان من صواب فمن الله - سبحانه وتعالى - وما كان من خطأ فمن نفسي، وحسبي أنني قد بذلت من الجهد المتواصل، وبذلت كل مقدوري وطاقتي، ولم أدخر جهدًا أعلم أن فيه نفعًا، وإضافة لهذا البحث.

فأسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأسأله - سبحانه - العون، والتوفيق إنه على ما يشاء قدير.

وفي الختام: أتوجه بالشكر الجزيل - بعد شكر الله- لأستاذي المشرف على هذه الرسالة، سعادة الأستاذ الدكتور: عياد بن عيد الثبيتي، الذي حباني برعايته وعنايته، وأشكره على إشرافه الراقي المبني على الحوار والنقاش، وقبول الرأي الآخر، ولإذنه لي بالاستفادة من غيره، دون الرجوع إليه، وأسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناته إنه ولي ذلك والقادر عليه.

كما أتوجه بخالص شكري وتقديري، لأستاذي الكريم الذي كان معي خطوة بخطوة، منذ أن كان موضوع هذه الرسالة فكرة إلى أن استوى على سوقه، الأستاذ الدكتور: محمد أحمد خاطر، فله من الشكر أجزله، عرفانًا له بالفضل، وأحسبه من أهله، وأسأل الله أن يكتب له حياة طيبة في أولاه وأخراه.

والشكر موصول إلى جميع أساتذتي بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى الذين نهلت من علومهم وتوجيهاتهم وأدبهم، في مرحلتي البكالوريوس والماجستير.

والحمد لله أولًا وآخرًا، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الخاتمة وأهم النتائج:

يمكن أن أجمل أهم ما توصلت إليه من نتائج في ما يأتي:

1) يعد هذا البحث جمعًا لآراء عالم من أكبر علماء العربية قد فُقِد جل تراثه، وما وصل إلينا متفرقًا في كتب النحاة بحاجة إلى جمع لتسهيل الوصول إلى هذا التراث العظيم.

2) تجلية القول في مجموعة من مسائل النحو الكوفي، وذلك من خلال بيان آراء شيخهم الكسائي.

3) بيان بعض أصول المذهب الكوفي كاعتماد المثال الواحد أصلًا مقيسًا تبنى عليه المسألة.

4) بيان موقف الفراء وهو تلميذ الكسائي والرجل الثاني في المدرسة الكوفية في كثير من المسائل من رأي شيخه الكسائي.

5) أن ابن هشام كان واسع الاطلاع ملمًا بآراء العلماء.

6) كان ابن هشام أيضًا دقيقًا في نقل آراء النحاة، وتجلى ذلك واضحًا من خلال نقل آراء الكسائي بالعودة إلى المصادر وتتبع رأي الكسائي فيها.

7) كان أيضًا مستقلًا في آرائه، يبحث عن الحق، دون تحيز لآراء مدرسة على أخرى، ودون تقليد، وإنما يبحث عن الحق ويختار من آراء النحاة المتقدمين والمتأخرين ما يراه صوابًا.

8) بالإضافة لترجيحات توصل إليها الباحث بناء على استقراء آراء النحاة في مسائل البحث.

♦    ♦    ♦

فهرس المحتويات